سوري يكتشف طريقة لمعالجة سرطان الدم

10-05-2010

سوري يكتشف طريقة لمعالجة سرطان الدم

بعد بحث طويل ومتعدد الأطراف في جامعة تشرين استطعنا الوصول إلى عنوان الطبيب والباحث السوري غياث معروف الذي يتابع أبحاثه منذ ست سنوات في جامعة باريس الحادية عشرة في مجال أمراض المناعة السريرية ومن المتوقع عودته إلى كلية الطب بجامعة تشرين في نهاية العام الجاري.

وكان معروف قد توصل إلى نتائج جديدة خلال أبحاثه في معالجة أمراض المناعة الذاتية وأمراض التحسس واللقاحات إضافة لسرطانات الدم، وخصوصاً بعد نشر بحثه العلمي في إحدى المجلات العلمية العالمية التي تقوم بنشر أهم الاكتشافات الطبية والبحوث العلمية في مجال أمراض المناعة السريرية وأمراض الدم والسرطانات وذلك بعد اكتشافه طريقة جديدة في معالجة سرطانات الدم.
ونشر للباحث غياث معروف بحث طبي آخر في المجلة الدولية لأمراض المناعة حول طريقة جديدة في معالجة سرطانات الدم، وللاطلاع أكثر على أهمية هذا الاكتشاف الجديد الذي قام به معروف أجرت «الوطن» عبر الإنترنت وبالهاتف لقاءً معه قدم خلاله تعريفاً للجمهور بأنواع سرطانات الجهاز الدموي واللمفاوي وأسباب الإصابة بها، ومراحلها العلاجية وعن الطريقة العلاجية الجديدة التي اكتشفها بهذا الخصوص.
تحدث معروف في بداية اللقاء عن سرطانات الجهاز الدموي واللمفاوي التي تشمل كلاً من الابيضاضات واللمفومات ومكون نقي العظام ، وتكلم عن الجزء الأول وهو الابيضاضات وتعني الدم الأبيض بسبب تكاثر الكريات البيض بشكل ورمي.
وأشار معروف إلى أن النظام الدموي واللمفاوي يتميز بحيوته وتجدده الدائمين... حيث «تبدأ القصة من الخلية الجذعية الدموية في نقي العظم إذ تتمتع هذه الخلية بخاصية توالدها الذاتي والمستمر وقدرتها على التمايز بعدة اتجاهات (كريات حمراء أو كريات بيض أو صفيحات دموية)، ولكل من هذه المكونات عمره المحدد الذي يتراوح من ساعات وأيام إلى أسابيع وأشهر».
وتابع معروف: «إن روعة هذا النظام تكمن بتجدده المستمر حيث يؤمن يومياً 10000 مليار خلية دموية مختلفة فمثلاً في كل ثانية ينتج مليوني كرية حمراء ومليون صفيحة دموية و 500000 خلية متعددة النواة».
وتساهم هذه الخلايا في تأمين مكونات الدم من كريات حمر وصفيحات دموية من دون أن ننسى دورها المهم في تأمين مناعة الجسم (الكريات البيض). وأكد معروف أن أي خلل في هذه المكونات سيؤثر في وظيفتها وفي الوظائف الأخرى وهي بشكل عام (أخماج) عند نقص الكريات البيض، و(فقر دم) عند نقص الكريات الحمر، و(نزف) عند نقص الصفيحات الدموية، وتتمايز الخلايا الجذعية الدموية نحو خلايا مولدة لمفاوية أو خلايا مولدة نقوية.

أنواع سرطانات الدم وطرق معالجتها
في حديثه عن أنواع السرطانات التي تصيب الجهاز الدموي قال معروف: إنها تكون إما حادة وإما مزمنة ولذلك يمكننا تصنيفها بشكل مبسط إلى عدة أنواع: ابيضاضات حادة لمفاوية تصيب الأطفال بشكل خاص وتشكل 80% من سرطانات الدم عندهم، وابيضاضات حادة نقوية تصيب البالغين وخاصة الذكور مع ذروة في عمر العشرين وفي عمر الأربعين، وابيضاضات مزمنة لمفاوية وهو الابيضاض الأكثر شيوعاً في الغرب ويصيب الذكور أكثر من الإناث وذروة الإصابة به في الستينيات والسبعينيات من العمر. إضافةً إلى ابيضاضات مزمنة نقوية سببها طفرة تصيب إحدى الصبغيات ويسمى صبغي فيلادلفيا وتعتبر سرطاناً مكتسباً وليس وراثياً وهذا الابيضاض يصيب أيضاً الذكور أكثر من الإناث ونسبة حدوثه أقل. وقال معروف: إن عدة عوامل تساهم مجتمعة أو متفرقة في احتمال الإصابة بهذه الأورام ومن بين هذه العوامل الفيروسات والتعرض للأشعة أو الملوثات الكيماوية، وعوامل وراثية وصبغية.
ويتم العلاج على مرحلتين الأولى «معالجة كيماوية» هدفها إحداث هجوع كامل للمرض، والمرحلة الثانية تشمل إما إجراء معالجة كيماوية مكثفة هدفها الحفاظ على الهجوع الكامل الناجم عن المرحلة الأولى أو زرع نقي ذاتي أو من متبرع.
وأشار معروف إلى أن المعالجة الكيماوية تعتمد على الأدوية الكيماوية المضادة للسرطان التي تستخدم ضمن بروتوكولات مختلفة هدفها الحصول على الهجوع الكامل بأقل الأعراض الجانبية وهو علاج منهك للمريض.
وبخصوص زرع النقي قال معروف: إنه يقترح زرع النقي بشكل خاص في حال الابيضاض النقوي الحاد أو الابيضاض اللمفاوي الحاد مع خلل صبغي محدد الهوية، كما أن زرع النقي من متبرعين يتطلب توافقاً نسيجياً مناعياً وهذه المهمة تصبح أسهل سنة بعد سنة بفضل الربط الحاسوبي لملفات المتبرعين في كل من أوروبا وأمريكا.
ويعتمد زرع النقي الذاتي على عزل خلايا جذعية دموية سليمة في مرحلة الهجوع التام وهذا يحتاج إلى تقنية عالية ومراكز متخصصة، كما يمكن زرع النقي أيضاً بدءاً من الخلايا الجذعية الدموية التي تعزل من دم الحبل السري عند الولادة حيث يتم حفظها في درجات حرارة منخفضة جداً ليتم استخدامها في إعادة بناء النقي عند الحاجة.

طريقة العلاج المناعية المكتشفة
قال معروف: «إن التقدم المذهل في فهم الجهاز المناعي أتاح للباحثين مجالاً واسعاً لفهم آلية معظم الأمراض مثل السرطانات وأمراض المناعة الذاتية، إضافة إلى معالجة أمراض التحسس، وبشكل مبسط إن لكل نوع من الخلايا هوية تميزها عن غيرها وتتوضع على سطحها كما أن هذه الخلايا تتحاور مع غيرها عن طريق إفراز جزيئات غاية في الصغر تسمى الإنترلوكينات التي لها وظائف مختلفة من تثبيط أو تفعيل»، وتابع: «يمكن استخدام أضداد ضد الخلايا الورمية والتي لها الهوية نفسها ما يمكن من تعطيل الخلايا السرطانية دون الإضرار بجميع الخلايا».

علاج الابيضاض اللمفاوي
وأردف بالقول: «إن فريقنا للبحث الطبي تمكن من اكتشاف طريقة جديدة في علاج الابيضاض اللمفاوي المزمن وتم نشرها في المجلة الأمريكية للمناعة».
وأردف معروف: إن خلايا الابيضاض اللمفاوي المزمن تتميز بتراكمها المستمر وذلك بسبب مقاومتها للموت الخلوي الطبيعي وهذا التراكم للخلايا المريضة يقضي على الخلايا اللمفاوية الطبيعية ما يؤثر في مناعة الجسم. وتم اكتشاف «الإنترلوكين 24» من قبل فريق بحث أمريكي منذ أكثر من عقد من الزمن لكن لم يتوصلوا لمعرفة وظيفته.
وأكد معروف بالقول: «تمكنا من فكك لغز هذه الجزيئة واكتشاف أنها لا تميت الخلايا الورمية إذا تمت إضافتها إلى هذه الخلايا بشكل مباشر لذلك قمنا بتفعيل هذه الخلايا عبر مادة منشطة للخلايا الورمية ومن ثم قمنا بإضافة «الإنترلوكين 24» الذي قام بقتل هذه الخلايا الورمية بطريقة مذهلة. ولتبسيط العملية يمكن تشبيه «الإنترلوكين 24» بالماء وتشبيه الورم بزجاجة المصباح، فإذا وضعنا الماء على الزجاجة لا يحدث شيء.
وبالمقابل إذا قمنا بتسخين الزجاجة ثم وضعنا عليها الماء فإنها تنفجر لذلك طريقتنا تعتمد على تفعيل الخلايا الورمية بحقن مادة منشطة ثم حقن «الإنترلوكين 24» الذي يقوم بقتلها.
ويصف معروف هذه الطريقة بالأسلوب الجديد في معالجة أنواع معينة من سرطان الدم (الابيضاض اللمفاوي المزمن) الذي يعتبر الأكثر شيوعاً في الغرب.
وتحدث معروف عن هذه الطريقة وقال: «إن هذه الطريقة واعدة جداً»، لكنه يحتاج للمزيد من الوقت لإرجاء التجارب السريرية عليها لمعرفة آثارها الجانبية ونتائجها على المدى البعيد، إضافة إلى ضرورة اختبارها على الأنواع الورمية الأخرى، لكنها تبقى خطوة مهمة وحجر أساس في المعالجة المناعية وسوف يبنى عليها أبحاث مستقبلية وسيكون لها تطبيقات سريرية واعدة.
وقال معروف: «إن البحث الأخير الذي أجريته مع فريقنا والذي تم نشره في مجلة «بلود» الأمريكية للأمراض يكشف وظيفة مناعية مهمة أخرى لهذه الجزئية وهي تثبط الخلايا البلاسمية وزيادة الخلايا البائية ذات الذاكرة التي لها دور مهم في التصدي للأجسام الغريبة من بكتيريا وفيروسات وغيرها، وهذا سيساهم في تطوير اللقاحات وفهم أشمل لأمراض المناعة الذاتية وأمراض التحسس». في الختام يساهم هذان البحثان في فهم أوسع للجهاز المناعي الذي يثبت يوماً بعد يوم دوره المحوري في كل الأمراض من أخماج والتهابات إلى أورام وسرطانات مروراً بالأمراض التحسسية ووصولاً لأمراض القلب وغيرها من الأمراض، وهذا الفهم يفتح الأبواب مشرعة للمعالجة المناعية الواعدة.


حسان هاشم

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...