موسم حصاد المدارس امتحان للأسر أم اختبار للطلاب

13-05-2010

موسم حصاد المدارس امتحان للأسر أم اختبار للطلاب

بدأ العد التنازلي للامتحانات المدرسية بدءاً من الصف الأول الابتدائي حتى الثانوية العامة، وبدأ العد التصاعدي للاستنفار الأسري في المنازل.. لماذا يحدث ذلك؟! ‏

باختصار لأن نظام الامتحانات في بلدنا أصبح اختباراً لصبر الأسر واحتمالها أكثر من تلقي المعلومات للطلاب، ولعلنا لا نحتاج إلى شواهد كثيرة لتأكيد ما يجري ومع ذلك سنسير في رحلة قصيرة مع بعض الأسر لنرصد عن كثب واقع ما يحدث. ‏

- مع اقتراب موعد الامتحانات تتصاعد وتيرة القلق، الأمر الذي ينعكس على المنزل والأبناء، حيث تعد السيدة إلهام الخليل فترة الامتحانات بمنزلة موسم الحصاد، وتتابع قائلة: يتحول المنزل إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر أمام أبسط الضغوط، وكأنني في حرب نفسية حقيقية، وكوني امرأة عاملة فإن الجزء الأكبر من المسؤولية يقع على عاتقي، بما في ذلك مصاريف المدرسين الذين أصبحوا ضيوف منزلي بشكل دائم ويومي كونهم على معرفة ودراية بأسلوب الامتحان والأسئلة المتوقعة التي غالباً ما تصيب، ما يسبب لي ضغطاً عصبياً ونفسياً يصعب احتماله. ‏

ويتساءل السيد إبراهيم محمد (مدرس متقاعد) إن كان القلق ناجماً عن خلل في النظام التعليمي أم بسبب تدني مستوى الكفاءة لدى أبنائنا الذين يعانون من صعوبة المنهاج، ويؤكد من خلال خبرته في سلك التدريس أن الحرص المبالغ فيه تجاه الأبناء غالباً ما تكون له نتائج سلبية واضحة، ونوه إلى ضرورة سعي الطلاب في الحصول على المعلومة أينما كانت لأن ذلك يمكنهم من امتلاكها، ويعود ليتساءل: هل من المنطق أن يكون لطالب في المرحلة الابتدائية مدرس خاص لكل مادة، وهل من قدسية المهنة أن يكون المعلم غير جاد في إيصال المعلومة لطلابه في الصف، لأنه يدخرها لمن يدفع أكثر؟!! الأمر الذي يشكل للمعلم مع الأيام مورد رزق إضافي قد يرضي غروره ويشبع رغبته كون راتبه لا يفي باحتياجاته ومطالب عائلته. ‏

- من جانبه يرى السيد محمد العامر أن تعاون الأب والأم شرط أساسي لنجاح الأبناء في تحصيلهم العلمي نظراً لأهمية دورهم في توفير المناخ الهادئ والمناسب للنجاح وشدد على تكامل العملية التربوية بين كل من الأسرة والمدرسة وتهيئة الجو المريح للطالب من خلال تشجيعه وعدم نعته بالفاشل، وتابع: إذا قصر الطالب في إحدى المواد فلا بأس من الدروس الخصوصية، والأفضل من ذلك إلحاقه بمجموعات تقوية داخل المدرسة، وعلى الطالب ألا يعتمد على الملخصات لأنها غير مضمونة بل يجب اعتماد الكتاب المدرس أولاً وقبل كل شيء. ‏

- وفي خضم الامتحانات وأجوائها المشحونة بالتوتر المرضي لدى البعض، والهدوء النسبي الذي يشوبه الخوف عند آخرين ينقلنا المهندس خالد الأحمد إلى منزله ليقدم لنا صورة أخرى عن واقع يعيشه حيث يقول: تسود المنزل حالة من التوتر تبدأ بسلسلة من الفرمانات ويجب على كل فرد منا الالتزام بها فالزيارات ممنوعة، والسهر لساعات طويلة أمام التلفاز محرم، أما ممارسة أي نشاط آخر خارج نطاق الدراسة فيعد من المستحيلات. بينما لا نجد هذه الحالة عند السيد أيمن الأحمد (مهندس) لديه ثلاثة أبناء في كلية الطب البشري يقول: تسير أمور المنزل في أيام الامتحان بشكل عادي وعلى العكس تماماً أحاول جاهداً أن أغير جو الامتحان، ونظام المنزل يسير كما اعتادت أسرتي مع التقليل من الزيارات واستقبال الضيوف ويضيف: أتعامل مع أبنائي كأنهم أصدقائي، أثق كثيراً بقدراتهم وباعتقادي أنه من المعيب أن أطلب من أحدهم القيام بواجبه. ‏ وتصف سارة اللحام (طالبة في الثانوية العامة) أجواء الامتحان بالمشحونة حيث تقول: تشكل هذه الفترة بالنسبة لي وللكثيرين هاجساً مرعباً أعيش خلاله ضغطاً نفسياً لا أحسد عليه خاصة أن الجميع يترقب ما سأحصل عليه من نتائج أخاف ألا تكون كما أرغب. ‏

- دعت السيدة (ريم كرمنشاه) اختصاصية تربية وعلم اجتماع إلى ضرورة توعية الأبناء إلى أن النجاح الدراسي ليس إلا شكلاً من أشكال النجاح في الحياة، وأضافت: إن القلق خاصة في مثل هذه الظروف حالة طبيعية جداً، يعيشها الأب والأم على حد سواء وما ينبغي فعله هو التعامل مع هذه المرحلة الحرجة بشكل واقعي والصبر على أبنائنا، وتفهم احتياجاتهم النفسية منها بشكل خاص، ومن ثم زرع الطمأنينة في نفوسهم والابتعاد عن توبيخهم في حال تقصيرهم، وبدلاً من ذلك الأخذ بيدهم لمعرفة الطريقة الصحيحة للدراسة. وتابعت: إن التحضير للامتحان لا يعني بالضرورة الانعزال عن العالم المحيط، وكذلك الخارجي بل تنظيم الوقت وتوزيعه بطريقة تمنح بها كل عمل ما يحتاجه من الوقت، وتوفير متطلبات الدراسة لأبنائنا من مناخ هادئ وأجواء أسرية مفعمة بالحب والتفاهم. ‏

وفي نهاية المطاف يبقى النجاح لوحة رائعة لا تكتمل إلا بريشة صانعها، يضفي عليها التفوق رونقاً خاصاً، ويبقى على الجميع أن يكونوا أكثر مرونة في التعاطي مع الواقع لمساعدة أبنائنا في رسم صورة مستقبلهم كما يرون والتي نأمل أن تكون مشرقة وجميلة مثلهم. ‏

إيمان الذنون

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...