«حكاية شجرة» في حدائق دمشق

02-08-2016

«حكاية شجرة» في حدائق دمشق

بدأت الأشجار في العاصمة السورية دمشق تروي حكايا التاريخ الحضاري السوري، وتعكس ثقافته العريقة. ففي المشروع الأول من نوعه في سوريا، تشرف مجموعة من النحاتين على إنجاز عمل فني ضخم بعنوان «حكاية شجرة» على شجرتي كينا يتجاوز ارتفاع الواحدة منهما عشرين متراً في حديقة «المنشية». تعتبر الحديقة من الأقدم في دمشق وتضم أشجاراً يزيد عمرها عن مئة وخمسين عاماً.يكسر الفنّانون المشاركون في «حكاية شجرة» يوميّات الحرب والدمار في سوريا
بدأت فكرة المشروع مع قرار من محافظة دمشق بقطع شجرتين معمرتين، فاقترح الفنان التشكيلي موفق مخول إبقاءهما لتقديم الفن السوري من خلالهما، فلاقى الأمر القبول والتشجيع. يقول مخول: «للفن في سوريا الآن دور فعال أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى الأمل والإبتسامة في هذه الظروف، والهدف من المشروع أن نقدم الثقافة الفنية التشكيلية للشارع وننجز العمل أمام العامة وحتى الأطفال»، مشيرًا إلى أن موقع الحديقة «استراتيجي شعبياً»، لأنه يقع في وسط العاصمة ويطلّ على المتحف الوطني وعند ملتقى الفنادق وبالقرب من الجامعات، مما يسهم في إيصاله إلى أكبر عدد من الناس. «أهمّ محورٍ لحماية ثقافتنا هو الشارع، فغالباً ما نطالب الناس بالثقافة ولا نقدم لهم شيئاً، لذلك أردنا أن نقدم الفن في الطرق والحدائق العامة».
يشير الفنّان السوري إلى أن الشجرتين تحملان ذاكرة وطن. «احتراماً لحكاية الشجرة حافظنا عليها وعلى مكوناتها الطبيعية، وأبقينا على قشورها أيضاً بطريقة جمالية، بمساعدة فريق العمل الذي يتكون من النحاتين هشام المليح وصفاء ورجاء وبي ومساعدة علي مصطفى».
من جهته يصف هشام المليح المشروع بالإنساني لأنه صلة الوصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، متابعاً: «الفن ليس حكراً على فئة معينة ، لذلك نحاول ترجمته إلى روح عامّة تدافع عن قضية جوهرية هي قضية الفكر والوعي، فالحضارات كانت تقاس بنحتها ونقوشها وفنها». لإنجاز العمل عاد المليح إلى مراجع متخصصة تتعلّق بالأسطورة والهوية والتاريخ، واستلهام الرموز والوجوه والأسماك والمنحوتات الآشورية والكتابة المسمارية. «لا نقدم عملنا لتراه النخبة، بل نقدم عملاً فكرياً وتاريخياً وتربوياً بحضانة شعبية، لنرفع من ذائقة المجتمع، ولإحياء الروح السورية كما أعدنا إحياء الأشجار الميتة».
العمل في ظل الاجواء الطبيعية يتطلب جهداً مضاعفاً، هذا ما لفتت إليه رجاء وبي . «بدأ العمل منذ أواخر كانون الأول في ظل الأجواء الطبيعية القاسية، وأدواتنا الحادة كالإزميل، والمطرقة، والصاروخ تحتاج إلى الجهد والحذر». وعلى الرغم من صعوبة العمل، تشير وبي إلى أن فكرة المشروع قد تشمل حدائق أخرى في دمشق وغيرها من المحافظات.
ترى الفنانة التشكيلية صفاء وبي أن أهمية العمل في نحت الأشجار اليابسة في ظل الظروف التي تمر بها سوريا هي تعبيرٌ عن الصمود. «إن الإنسان السوري صامد دوماً وهو كالشجرة وإن ماتت تبقى واقفة، نحن كفنانين ندافع عن الهوية الثقافية السورية بالفن والفكر». تشرح وبي أن المنحوتات ستحمل رموزاً سورية قديمة تحكي عن الأسطورة السورية والتاريخ القديم من العصور الآرامية الفينيقية إلى العصور الحديثة، عبر إدخال اللغة الآرامية والآشورية ورموزهما ودمشق القديمة، بالإضافة إلى وجوه تدمرية. «سيرى الزوّار مزيجًا من التاريخ الحضاري السوري، فالفن السوري قديم ونعتز به لكن من واجبنا التأكيد على استمراريته في كل مرحلة زمنية، لا التغنّي بالزمن القديم».
كسر الفنّانون المشاركون في «حكاية شجرة» يوميّات الحرب والدمار من خلال عملٍ فنيّ يعكس الثقافة السورية قدموه للجميع بروح شبابية وأمل بغد أفضل.


حسانة سقباني

المصدر: السفير  

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...