ألعاب الأطفال في سورية ..أسعار مرتفعة وحاجة تربوية وغياب للرقابة

10-09-2008

ألعاب الأطفال في سورية ..أسعار مرتفعة وحاجة تربوية وغياب للرقابة

يبحث الأهل عن كافة الطرق والأساليب الكفيلة لإسعاد أطفالهم وإدخال البهجة إلى قلوبهم وقد يكون شراء لعبة ما إحدى الوسائل التي يستعينون بها, وكلما كبر الطفل تغيرت نوعية اللعبة التي تغريه أو تسعده, فهو والحالة هذه بحاجة دائمة إلى تجديد في الألعاب مع وجود بعض الألعاب التي قد تدوم فترة طويلة وترافقه حتى يقطع مرحلة لا بأس بها من طفولته.‏

ورغم كثرة المحال التجارية لبيع ألعاب الأطفال في مدينة حمص فإن جميعها مستورد من الصين أو هونغ كونغ أو الدول الأوروبية وهذه المحال تخضع لحركة السوق كغيرها من المحال الأخرى, حيث يزداد الإقبال على الشراء منها في بعض المناسبات /أعياد الميلاد, فترة الصيف/.‏‏

لكن الألعاب لا تخضع لعملية تصفية وليس هناك حسومات على أسعارها. ونلاحظ أن أسعارها متباينة بين محل وآخر والسبب في ذلك حسب رأي البائعين هو الاختلاف في الأسعار من بلد المنشأ بالإضافة إلى موقع المحل في مدينة حمص. فمحل في منطقة الدبلان يختلف عن محل في قلب السوق أو في منطقة الحمرا.‏‏

زرنا بعض المحال التي تبيع ألعاب أطفال فقط ووجهنا لأصحابها بعض الأسئلة فكانت الإجابات نفسها تقريباً, فالجميع أجمعوا على أن استيرادها من بعض الدول الأوروبية أصعب من استيرادها من الصين وهونغ كونغ بسبب غلاء الأسعار في الدول الأوروبية وعدم تناسبها مع مستوى دخل الفرد في بلدنا. وعن سبب الفرق في السعر بين محل وآخر قالوا: إن هذا يعود إلى الاختلاف من بلد المنشأ, زد على ذلك موقع المحل وما يترتب عليه من ضرائب وتكاليف (كهرباء - نظافة).‏‏

أما بخصوص الجهات الرقابية على محال بيع ألعاب الأطفال فهناك عناصر من مديرية التموين والتجارة الداخلية (دائرة حماية المستهلك) يزورون المحال ويأخذون عينات من الألعاب وكذلك هناك رقابة صحية.‏‏

وعن نوعية الألعاب المفضلة أكد صاحب أحد المحال انه يفضل الألعاب التعليمية لأنها جميلة وتحقق هدفي التسلية والتعليم منها. وهنا وكما رأينا خلال تواجدها في المحل يأتي الزبون وما عليه إلاّ أن يذكر عمر الطفل حتى يرشده صاحب المحل إلى اللعبة المناسبة ليشتريها.‏‏

- أكد بعض أصحاب المحال الذين التقيناهم خلال إعداد الموضوع أن ألعاب الأطفال هي في المحصلة سلعة كباقي السلع الاستهلاكية الأخرى المطروحة في السوق, بدليل أن أسعارها تخضع لعملية المنافسة التي تقوم بين تجار الجملة ما ينعكس سلباً على بائعي المفرق وإيجاباً على المستهلكين, فكلما زادت المنافسة انخفضت الأسعار وتباينت بين محل وآخر. وهناك بعض الألعاب التي يزداد الإقبال عليها دون غيرها في فترات معينة, كما يتم الإقبال على نوع من الأزياء, أي أن للألعاب موضة خاصة بها أيضاً. بالإضافة إلى تأثر الأطفال ببرامج أفلام كرتون على الشاشة الصغيرة فيطلبون مثلاً سوبرمان أو سبايدرمان , لكنَّ الألعاب لا تخضع للتنزيلات لا في نهاية موسم ولا في بدايته.‏‏

أخيراً, سمعنا الشكوى نفسها من كل الذين التقيناهم وهي عن الركود الذي يعاني منه سوق الألعاب وخاصة في الفترة الأخيرة بسبب موجة الغلاء التي طالت الحاجات الأساسية للمستهلك ما جعل القوة الشرائية ضعيفة جداً ما انعكس سلباً على حركة بيع وشراء الألعاب.‏‏

صاحب محل آخر قال: أفضل أن يكون محلي كأغلب المحال الموجودة في السوق والتي تناسب دخل الفرد, أي لا أحب أن يُصنف محلي ضمن المحال الغالية.‏‏

- يشكو أصحاب محال بيع الألعاب أن إبراز الفاتورة لعناصر حماية المستهلك قد يكون أمراً متعذراً وهي قضية تربكهم, فالفاتورة قد لا تكون بحوزتهم وهي إن وجدت تكون بلغة البلد المصدِّر (صينية- إنكليزية)...!‏‏

* السيد عبد الحفيظ نبهان رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التموين والتجارة الداخلية بحمص قال:‏‏

هناك ما يسمى بتسوية وضع أو بطاقة وضع بيان باللغة العربية, والألعاب المستوردة تبقى في الحرم الجمركي حتى تتم تسوية وضعها ثم تدخل البلد, وعن آلية عمل الدائرة وكيفية تعاملها مع محال بيع الألعاب قال: نحن نعامل محال بيع الألعاب مثل المحال الأخرى, حيث يتم التدقيق على الألعاب من الناحية الصحية فيتم أخذ عينات وإذا ساورنا الشك بوجود شيء ما نرسلها إلى مركز الاختبارات الصناعية في مدينة دمشق, فإن كانت مخالفة للمواصفة القياسية السورية رقم /1504/ لعام 1995 اتخذنا الإجراءات اللازمة وهي سحب المادة من السوق وملاحقة الحائز ثم المستورد. وهناك مخالفة بقيمة /10/ آلاف ليرة سورية في حال عدم إبراز الفاتورة النظامية.‏‏

من المؤكد أن كلام السيد نبهان يصب في مصلحة حماية الطفل كمستهلك لمادة لا غنى عنها, وهي الألعاب بكل أشكالها وأحجامها وأسعارها. لكن كنا نتمنى أن نجد لدى دائرة حماية المستهلك شيئاً خاصاً بحماية الأطفال كمستهلكين, كتشديد الرقابة أو تخصيص برنامج معين للتغلب على أي خلل يعتري سوق بيع الألعاب..!!‏‏

- زوج وزوجة لديهما طفلتان قالا عندما عرفا أن الموضوع يخص ألعاب الأطفال: إن الاسعار مرتفعة ومواصفات الألعاب الموجودة في السوق رديئة لكن لا بد أن نشتري بين الفينة والأخرى حتى ولو كان على حساب أشياء أخرى. فكيف سنسلي أطفالنا؟ والسؤال الذي نود طرحه هنا: لماذا لا يتم تصنيع بعض الألعاب في السوق المحلية لتطرح وتباع بسعر معقول يناسب دخل المواطن السوري, هل هي قضية صعبة جداً..؟‏‏

* سيدة أخرى لديها ثلاثة أطفال قالت: الأسعار مرتفعة بعض الشيء لكن هناك محال تناسب دخل الفرد, فليس من الضروري أن أذهب إلى محل أعرف مسبقاً أن أسعاره مرتفعة, هناك محال كثيرة وما عليَّ إلاّ أن أختار ما يناسبني ويرضي أطفالي في الوقت ذاته وهذه قد تكون معادلة صعبة التحقيق لكني أسعى جاهدة لتحقيقها..‏‏

* أب لطفلين قال: ألعاب الأطفال غالية الثمن بشكل عام, إضافة إلى أن بعض المحطات الفضائية المخصصة لبث برامج الأطفال تبث دعايات عن وجود ألعاب في محال بيع الأطفال وتحمل الاسم نفسه سبيستون وهي غالية الثمن, لكن الأطفال الذين يشاهدونها يطلبون من أهلهم وبإلحاح شديد شراء تلك الألعاب وهذا يسبب إرهاقاً مادياً ولا يتناسب مع دخل الفرد في بلدنا. فلماذا لا يسعى التلفزيون السوري لمنافسة تلك المحطات؟ ولماذا لا يفكر المعنيون بالتوجه إلى أطفال بلدنا من خلال التلفزيون بعد إيجاد شخصيات كرتونية عربية تناسب بيئتنا ودخلنا في الوقت ذاته في حال طرحت للبيع في السوق..؟؟!‏‏

- الدكتورة منال صبري مرسي مدرسة في كلية التربية بجامعة البعث ومختصة بمادة تربية الطفل قالت: تشكل الألعاب حاجة ضرورية للأطفال لا تقل أهمية عن حاجتهم للطعام والشراب فهي حاجة نفسية وتربوية في الوقت نفسه. وهنا لا بد أن نذكر الألعاب القديمة التي كان يصنعها الطفل بنفسه وهي جميلة ومفيدة, بالإضافة إلى أنها تنمي مدارك الطفل وتكشف عن مكامن الإبداع لديه, وعندما نقول إن الألعاب حاجة تربوية أي إن الأطفال يتعلمون عن طريقها فنحن لا نستطيع أن نضع لهم قواعد ونظماً ونُملي عليهم مبادىء التربية والتعليم, لكننا نستطيع إيصال ما نشاء إلى أذهانهم عن طريق الألعاب, والمعلومات التي تصل بهذا الأسلوب تبقى راسخة, لكن هنا تصادفنا مشكلة كبيرة وهي أن الألعاب المطروحة في السوق ليست كلها مناسبة للطفل ولا تلبي الحاجات المطلوبة.‏‏

لذلك يجب توعية الأهل أولاً ليعرفوا اختيار الأنسب والأفضل لأطفالهم, كما أن الأطفال يتأثرون بما يشاهدون على الشاشة الصغيرة من مسلسلات الكبار كالضرب والشجار لذلك يطلبون شراء (السيوف- الرماح- المسدسات) وهي للأسف موجودة في السوق. لذلك أؤكد على توعية الأهل أولاً. ,نحن هنا في كلية التربية ندرس مادة اسمها: (طريقة التدريس عن طريق الألعاب), كما أننا بصدد إدخال ثلاث مواد في اللائحة الداخلية في كلية التربية وهي:‏‏

- ملاحظة: د. منال مصرية الجنسية ومتزوجة في سورية أضافت في نهاية لقائنا بها: أذكر أن فانوس رمضان كان يصنع من قبل الأطفال في مصر الآن مع الأسف الشديد- يأتينا من الصين...!! فأين الصناعة العربية المحلية...؟؟ ومن الملاحظ أن الصين وغيرها من الدول التي تصدر ألعاب أطفال إلى أسواقنا يعرفون ما يناسبنا بدليل أنها تطرح ألعاباً معينة في مواسم محددة /شهر رمضان- أعياد الميلاد/ .‏‏

- قامت مصلحة الحدائق التابعة لبلدية حمص بوضع بعض الألعاب للأطفال في حديقة الثامن من آذار المقابلة لمساكن الشرطة وهي عبارة عن بطات صغيرة يركب عليها الطفل, مراجيح أرضية...) والدخول إليها مجاناً, لكن ورغم أهمية هذه الخطوة تبقى خجولة وقاصرة فالمساحة التي تم اختيارها صغيرة والألعاب الموجودة لا تكفي. وما علينا إلاّ أن نلقي نظرة عند حلول المساء لنرى الازدحام الشديد في ذلك المكان.‏‏

ومع أن موضوعنا لم يتناول هذا الجانب (الألعاب في الحدائق العامة) فإن الخطوات المتخذة في هذا المجال تبقى خطوات خجولة وقاصرة. يبقى أن نقول فيما يخص ألعاب الأطفال إن المعنيين في بلدنا مقصرون جداً تجاه الأطفال مع أنهم يشكلون شريحة كبيرة ومهمة ويجب الاهتمام بها أكثر. والسؤال المطروح هنا: لماذا لا يتم تخصيص فروع تابعة للمؤسسات الاستهلاكية تقوم ببيع الألعاب ويوظف فيها خريجون من كلية التربية يقومون بإرشاد الأهل لشراء الألعاب المناسبة وبأسعار معقولة لأن ذلك يعود بالفائدة على الأطفال ويؤمن فرص عمل للكثير من خريجي التربية. ونعتقد أن هذه القضية ليست مستحيلة التحقيق إذا عرفنا كيفية التخطيط لها وتعاملنا مع الموضوع بجدية...!!‏‏

سهيلة علي اسماعيل

المصدر: الثورة

التعليقات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...