أيمن رضا: فوجئت بإفتقاد الوسط الفني للحب والروح الجماعية

02-12-2006

أيمن رضا: فوجئت بإفتقاد الوسط الفني للحب والروح الجماعية

النجم أيمن رضا فاجأ جمهوره هذا العام في دورين أقرب الى التراجيديا, وهو الذي أحببنا حضوره الكوميدي, واستحسنا أداءه التمثيلي المحترف, وعلى هامش «غدير» في «غزلان في غابة الذئاب», و«صابر» في «الانتظار», تابعناه أيضا في دور «مهدي» في «أسياد المال», والذي لا يبدو كفنان سعيدا به كثيرا, على عكس الدورين المذكورين, وقد جاهد ليمنح كل منهما بعده الخاص, كونهما يتشابهان في الملامح ويختلفان في البيئة.
من «صابر» الشخص البسيط العامل على جلاية بلاط, والقاطن في حي من أحياء السكن العشوائي, بدأنا حوارنا مع أيمن رضا, خريج المعهد العالي للفنون المسرحية العام 1984, والذي اصبح ارشيفه زاخرا بالعديد من الأدوار والأعمال اللافتة.

سألت المخرج الليث حجو عن حجم المغامرة في اختيارك لدور «صابر» في مسلسل «الانتظار», وقال انه يراك, كإنسان مشابها لصابر, الطيب من الداخل, والقاسي من الخارج؟
­ معه حق... هذه الطيبة ورثتها من البيئة التي عشت فيها... الحارة الشعبية التي لا تزال طازجة في داخلي, وما زلت أحافظ على 75€ من تربيتها. عادة, الفنانون يخرجون من هذه الحارات, فتجذبهم الأجواء الأخرى الفاخرة والمخملية, لكنني كنت مصرّا على الحفاظ عليها في داخلي, ولطالما أحببت أن نقل صورة حقيقية عن الحارات الشعبية, والعشوائيات, وشخوصها, وتصحيح الصورة المغلوطة عنها, فهذه المناطق تمثل نسبة كبيرة من دمشق, وبالطبع, ثمة اختلافات بين الحارات العشوائية, وتلك التي أضحت شعبية بعد تنظيمها, مع مرور السنين, فصار لها حضورها ومواقفها. أما القسوة الخارجية, فقد اكتسبتها من الوسط الفني, وهذا سر الخلاف بيني وبين الوسط, لأنني حاولت نقل محبة الحارة لتكون أساسا للعمل الجماعي, والفني, لكنني فوجئت بعدم وجود روح جماعية, والافتقاد للحب, والافتقاد لوجود قواعد ناظمة للفن كمهنة.
€ هل كان هناك مغامرة في تقديمك لشخصية «صابر» التراجيدية؟
­ ليس هناك مغامرة, فأنا ممثل, أقرا النص وأبحث عن تفاصيل الشخصية. فحين تكون كوميدية أقدمها كوميدية, وحين تكون تراجيدية, أظهرها تراجيكوميدي, لأنني لا أرى الحياة بلون واحد وأرى أن للشخوص دائما لحظات كوميدية, فأحاول إظهارها. في مسلسل «الانتظار» , «صابر» شخص لطيف يزرع ابتسامة ودمعة, وأنا أحب هذه الخلطة, أي أن تقبض على روح الشخصية لا أن تقدم كاركترا, أو شكلا خارجيا فقط, وفي السنوات الأخيرة بات همي أن أخلق شخصية من لحم ودم, وهذا صعب.
مقاطعاً قلت له:
€ وهذا ينطبق أيضا على «غدير» في مسلسل «غزلان في غابة الذئاب»؟
­ المغامرة كانت في تقديم دورين متشابهين قليلا. في «غزلان في غابة الذئاب», وفي «الانتظار», فإن الدور, كما البيئة, متشابهان, لكن الظروف مختلفة... بائع يانصيب, وجلى بلاط, وأعتقد أن التحدي, كان في تقديم الشخصيتين, وان المغامرة في إيجاد تمايز بينهما. عموما, المغامرة موجودة في كل دور.
€ كيف وجدت التمايز بينهما؟
­ لدى «غدير» حجم القهر والمصيبة أكبر وحجم العنف في بيئته أكبر, فيما «صابر» مهزوز قليلا, ولديه مجموعة متناقضات موجودة لدى الشخص العربي... كاركتير طريف مع إحساس جدي... أما «غدير» فجدي بالكامل. في التشابه, الاثنان ليس لديهما تحكم كامل ولديهما تقلبات سريعة, مساران. عموما كنت ابحث في كل تفصيل عن التمايز.
€ لكن الأمر يختلف في مسلسل «أسياد المال»؟
­ «مهدي» في «أسياد المال» شخصية «سادة»... أي بلون واحد.
€ «أسياد المال» لم ينل استحسان النقاد والصحافة, وأخذ عليه أنه شطح كثيرا في تقديم واقع غير حقيقي, وفي كثرة القضايا, وفي تقديم الطبقة المخملية كطبقة منحلة؟
­ ما بين نص هاني السعدي وإخراج يوسف رزق, صار هناك تيمة عمل محددة, خلطة من كل الحوادث والحالات, فالناس وجدت إيقاع العمل مشابها لما سبقه... أنا لا أحب أن أتحدث عن هذا العمل لأنني عملت فيه خلال ظروف خاصة. أنا كنت محاصرا, وكان يجب أن أعمل, فالموضة لدينا أن المخرجين حين يرونك تعمل يطلبونك وحين لا تعمل يتجاهلونك!! وكما قلت لك, كنت في ظرف ليس جيدا, ولا أخفيك أنني صورت ثمانين مشهدا من مجموع مئة وعشرين مشهدا, ولم أكن قد قرأت كلمة واحدة من النص. كنت سائحا بلا دليل وفقط, كنت أبدل في الملابس والأطقم.
€ لكن هذا يؤخذ عليك؟
­ بالطبع يؤخذ عليّ... ربما راهنت على قدرتي على التصوير من دون قراءة النص... وبالمناسبة, تقاضيت عن هذا العمل أقل أجر تقاضيته, وصرفت على العمل في الملابس أكثر مما صرفت على اي عمل آخر... ربما أردت أن أتعرف الى هذا النوع من الأعمال.
€ هذا العام ابتعدت عن الكوميديا تماما.. هل هو طلاق؟
­ لا, ليس كذلك... أحببت أن أقدم نفسي كممثل غير كوميدي للجمهور, وليس للمخرجين الذين لا يريدون أن يصدقوا ذلك, وتصادف أن طلبت لهذه الأعمال. عموما, الكوميديا ليست بأفضل حالاتها هذا العام, فهي ليست مناسبة الآن بالنسبة الى الظرف العربي العام, ولذلك كان الاتجاه للأعمال الاجتماعية والشخصيات المكسورة, وبين أكثر من أربعين عملا, هناك عملان أو ثلاثة كوميديا, وليس فيها ما يضحك, الكوميديا أصبحت قليلة... بالنسبة الي, لم يعد يستهويني سوى شيء مثل «بقعة ضوء»... لوحات سريعة مكثفة. أما المسلسل الطويل فيحتاج الى كاتب فذ, ولإخراج مختلف ولمشهدية متقدمة.
€ ما رأيك بالدراما السورية هذا العام؟
­ الدراما متراجعة هذا العام ونسبة الضعيف أكبر من العام الماضي, والسبب قلة الكتاب والأفكار الجديدة, فالفن يبنى على فكرة, والمشروع كذلك. هذا العام, كان هناك ابتعاد عن التاريخي والفانتازيا, فجاءت الأعمال جميعها «اجتماعي», ولذلك حدثت تشابهات, خاصة مع تكرار الممثلين في أكثر من عمل, كما لعبت السياسة الاقليمية دورا أيضا, فبسبب الموقف السوري من ايران لم تشتر دول الخليج الأعمال السورية, ولم يبع سوى ثلاثة أو أربعة أعمال, والباقي عرض على التلفزيون السوري, هناك تراجع, وهناك تأثيرات خارجية.
€ لاحظنا هذا العام حضورا لمخرجين شباب يقدمون أعمالهم الأولى, هل نقول ان الشباب قادمون؟
­ الشباب قادمون لأن آلية تفكير القدامى تحمل صيغة «نسوق على المعرفة والعلاقات والسيئ والجيد يباع من دون فرق»! لكن هذا غير صحيح, «أهل الغرام» و«شاء الهوى», وكلاهما لمخرجين شباب بيعا بسعر جيد... المشكلة في آليات التفكير, فبعض مديري الشركات, وخصوصا من الممثلين, يتعاملون مع سماسرة, ويدفعون عمولات كثيرة, وهذا يخفض ربحهم, فيعكسون ذلك على الممثل... على الأجر وفي اختيار الممثل الجيد, وبحيث يعتقد بعض هؤلاء أنهم يعوضون وجود النجم بممثل ضعيف وعدد من الكومبارس, وهذا خطأ.
€ أحد أعمال الشباب كان مسلسل «مشاريع صغيرة» للمخرج المثني صبح, وقد عرضت عليك المشاركة في العمل واعتذرت... لماذا؟
­ أنا لم اعتذر, والعمل عرض عليّ وعلى الزميل فارس الحلو. أنا قلت للشركة سأعمل, لكن النص سيئ وبحاجة الى تعديل... وقدمنا ملاحظات, لكن لاحقاً جاء ممثل آخر, فاتصلوا وسألونني: تريد أن تعمل؟ فطلبت مبلغا, عمل الممثل الآخر بنصفه, أنا أعرف المخرج المثني صبح الذي تتلمذ على يد مخرج مهم هو حاتم علي وبقي معه لسنوات, وهذا دليل أنه مهم والتعديلات على النص دائما تحدث, وقد قلنا لهم ان النص ليس جيدا لفتح مساحة حوار, وكنت سأعمل مع المثنى صبح, لكنهم استبعدونا, أنا والفنان الحلو, ربما خافوا أن نقف عند التفاصيل.


حوار: صبحي حليمة
المصدر: الكفاح العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...