أين ذهبت دراسات المرائب الطابقية ؟

21-02-2010

أين ذهبت دراسات المرائب الطابقية ؟

يعتبر مرآب السيارات بنظر العامة هو مكان مخصص لوقوف السيارات، مكشوفاً كان أم مسقوفاً، متصلاً أم غير متصل، واقعاً بمستوى الأرض أو تحتها أو فوقها، ويسهل دخول السيارات وخروجها منه وسيرها داخله. أما في نظر الحكومة والجهات المعنية فإن المرآب هو صورة مرسومة على الورق، أو مخطط في دراسات كبيرة وكثيرة، لكنها موضوعة في الأدراج!.. ما يؤكد هذا الكلام هو الأموال الطائلة التي صرفت على تلك الدراسات المخصصة لإقامة مرائب طابقية في مدينة دمشق في ظل الازدياد المضطرد لأعداد المركبات التي تولد يومياً فيها، واضعة المرائب الطابقية المتواجدة في مدينة دمشق، والتي لا يزيد عددها عن عدد أصابع اليد الواحدة، في العناية المشددة، لا سيما وأن الدراسات نفسها انتهت منذ عدة سنوات، ومحافظة دمشق صرحت عن ذلك في أكثر من مناسبة. وهنا السؤال المهم: أين تلك الدراسات، ومن المستفيد من طيّها ووضعها في الأدراج، ومن أوقف الشركات الماليزية التي أعلنت عن بناء مرائب طابقية في دمشق تحت الحدائق العامة في العام 2004 ، ولماذا مضت كل تلك السنوات دون أن يحرك أحد ساكناً في هذا الاتجاه؟
 بالصيغة نفسها
 منذ أيام أعادت محافظة دمشق ما طرحته منذ عام 2004 عندما أعلنت عن الدراسات المتعلقة بالمرائب، حيث أعلنت أن الشركة العامة للدراسات والاستشارات قدمت دراسة حول المرحلة الأولى لمشروع التخطيط الإقليمي، والذي يهدف إلى التوصل لمحورين تنمويين لحماية وحفاظ الإرث التاريخي  والثقافي لمحافظتي دمشق وريفها، وتقديم الحلول اللازمة لمشاكل المرور لتحقيق النتيجة المستدامة. وأعلنت أيضاً أن مدينة دمشق ومحيطها الحيوي يحتاج الى مصور عام جديد لتحديد استراتيجيات التطور المطلوبة، واستخدامها في إعداد الدراسات التفصيلية لأي مشروعات ودراسات مستقبلية حتى عام 2030 ، لذلك يجب التنسيق ما بين دمشق وريفها من أجل تطوير المخططات العامة فيها.
 هذا الكلام يعيدنا بالذاكرة- كما قلنا- إلى عام 2004 عندما طرحت نفس التصورات والدراسات، فهل تستمر بمناقشة هذا التصور والمخطط حتى عام 2030 ، ثم تعيد طرحه بصيغة جديدة وتصور جديد يلبي طموحات الجهات المعنية بعيداً عن هموم الشارع؟!.
 ففي العام 2004 أعلنت المحافظة عن دراسات لإقامة مرائب طابقية تحت الحدائق العامة منها المدفع والسبكي والطيارة والمزة وعرنوس وغيرها، وأوضحت في بياناتها أنه في العام القادم 2005 ستتم المباشرة بالتنفيذ من قبل شركات ماليزية وسيتم الانتهاء بعد نحو سنتين من بدء التنفيذ وكان أحد الشروط الذي لاقى استحساناً لدى العامة أنه سيتم الحفاظ على النسيج العام لتلك الحدائق، لكن الوقت مرّ بسرعة والدراسات بقيت دراسات والحدائق بقيت كما هي، حافظت على نسيجها لوحدها..! لكن الذي لم يحافظ على وضعه هو الشوارع التي اكتظت بالسيارات التي أتت من كل حدب وصوب والتي جعلت من تلك الشوارع- كما قال البعض عنها- خزاناً لمواقف المركبات وعلى جانبي الطريق... والآن نحن على مشارف الربع الأول من عام 2010 ولم يتغير أي شيء للوضع المروري في دمشق، بل ازداد سوءاً. فهل مطلوب من الجهات المعنية أن تبقي الوضع على ما هو عليه أم أن هناك اعتبارات أخرى تطرح من وراء الكواليس، خاصة في ظل الإعلان القريب الذي تطرحه محافظة دمشق لشركات خاصة لتخصيص مواقف جديدة في شوارع المدينة كالتي تستثمرها شركة سيريا باركنك؟.
كذلك الحال في محافظة ريف دمشق فإن معظم التعاميم التي تصدرها المحافظة بخصوص إقامة المرائب الطابقية أو تخصيص الطابق الأرضي في التجمعات السكنية للسيارات تذهب أدراج الرياح، لأن المتابعة معدومة بعد التنفيذ، وإن تمت فإن مبدأ غض النظر هو المنبع في معظم الأحيان خاصة في ظل ارتفاع أسعار العقارات، لذلك يلجأ أصحاب المقاسم السكنية لاستخدام المكان المخصص للمرآب محلات تجارية وغير ذلك، إضافة إلى ذلك فإن المنشآت التجارية والصناعية تخصص ساحات كبيرة لوقوف السيارات بجانب البناء، وتعمل على استغلال الطوابق المخصصة للمرآب بأمور أخرى متناسية بأنه يمكن الاستفادة من تلك الساحات كمساحات خضراء أو غير ذلك.
فإلى متى نبقى نطرح مشاريع هامة ولا نستطيع تنفيذها؟ وماذا عن تلك الدراسات والتعاميم المتعلقة بالمرائب الطابقية تحت الحدائق العامة بمدينة دمشق، وهل هناك من يتدخل لمنع الشركات الماليزية من الدخول إلى السوق السورية لإقامة المرائب التي تحدّ من التكدس العشوائي للسيارات، والتي خلفت نوعاً من الفوضى في شوارع دمشق وريفها؟ لنتابع:
بانتظار المخطط الإقليمي
الدكتور شاكر التونسي نائب محافظ ريف دمشق قال: حتى الآن لا توجد في المحافظة مرائب طابقية كالتي موجودة في دمشق، لكن هذا مطروح كمشروع استثماري في المستقبل على القانون رقم 10، خاصة أن هناك تريثاً بالبناء خارج المخططات التنظيمية في المحافظة.  وفي حال المشاريع الهامة تطرح على لجنة وزارية للموافقة عليها، وهذا الأمر مستمر لحين انتهاء المخطط الإقليمي نهاية هذا العام.
وأشار إلى أن هناك تعاميم لإمكانية لحظ طابق خاص تحت الطابق الأرضي لأية منشأة تجارية أو صناعية أو أبنية سكنية يخصص كمرآب للسيارات، وذلك وفق أحكام المرسوم التشريعي رقم 5 لعام 1982، والمعدل بالقانون 41 لعام 2002، موضحاً أنه يفترض وجود مرائب للسيارات في جميع المقاسم السكنية والتجارية التي تزيد مساحتها عن 500 م2 شرط أن لا يقل الارتفاع الصافي للمرآب عن 2.2 م.
وقال التونسي: نحن سمحنا ضمن تنظيم المدخل الجنوبي للمحافظة بإقامة المرائب الطابقية للسيارات لأن المشاريع التي ستقام في المنطقة تجارية وسياحية وخدمية، وهذه تتطلب عدداً كبيراً من المرائب، وذلك بدءاً من نهر عيشة - الدحاديل وحتى جسر الكسوة على جانبي الطريق.
ورداً على سؤال: لماذا لا تتم متابعة إنشاء الأبنية السكنية بعد إتمامها، لاسيما وأن معظمها لا يخصص الطابق الأرضي للمرائب، علماً أن ذلك من صميم الدراسات والإنشاء؟ قال: نحن ندقق على جميع المقاسم السكنية والتجارية، ونؤكد على لحظ مرائب للسيارات لتخديم سكان وروّاد هذه الأماكن.
أما عن تأخر المحافظة بإعداد الدراسات الكافية لإقامة مرائب طابقية في المناطق المكتظة بالسكان أو التي تنمو بسرعة، وذلك قبل أن تصبح كمدينة دمشق عاجزة عن تأمين الوقوف الآمن للسيارات أوضح التونسي أن المحافظة تتابع بدقة التعاميم التي تصدرها بهذا الخصوص، وتؤكد على بناء المرائب في المخططات التنظيمية الجديدة، وستقوم بلحظ المرائب مع نهاية هذا العام في التجمعات السكانية المكتظة، مشيراً أن المحافظة بصدد الدراسات المتعلقة بذلك.
ثلاثة بالخدمة حالياً
المهندس عبد الله عبود مدير هندسة النقل والمرور في محافظة دمشق قال: إن عدد المرائب الطابقية في مدينة دمشق الموجودة في الخدمة حالياً هي ثلاثة: مرآب النعنع، والمرآب المتواجد مقابل وزارة المواصلات، ومرآب الفردوس، وسعتها من السيارات مجتمعة لا تتجاوز 800 سيارة.
وعن النسبة التي تغطيها هذه المرائب مقارنة بعدد المركبات المتواجدة في المدينة أكد أن المواقف المتوفرة للمرائب السابقة مع المرائب السطحية العائدة لمحافظة دمشق لا تتجاوز 2000 سيارة مجتمعة وهي نسبة لا تتناسب نهائياً مع عدد السيارات المحلية بالمدينة.
أما عن الدراسات التي أعدت لإنشاء نحو ستة مرائب طابقية تحت سطح الحدائق العامة في دمشق، ومتى ستتم المباشرة بها؟ ولماذا التأخير طالما تولد في دمشق مئات السيارات يومياً؟ أشار هنا إلى أن الجهة الدارسة هي نفسها الجهة المنفذة، أما الحدائق التي ستقام تحتها المرائب هي حديقة السبكي - الصوفانية /الطيارة/ - ابن عساكر - المزة /طلائع البعث/ - المدفع - عرنوس.
أما بالنسبة للمواقف المأجورة في الشوارع ماذا عنها ولمن تعود وإلى من تذهب الأموال التي تجبى من المواقف، قال عبود: هناك شركة وحيدة تعمل في هذا الخصوص هي /سيريا باركنك/ وخصص لها 1000 موقف فقط وحالياً يتم الإعلان عن مواقف جديدة، وسيتم استدراج عروض والموضوع قيد الدراسة من قبل المحافظة، أما عن عوائد المشروع لمواقف مأجورة تعود لمحافظة دمشق.
ورداً على سؤال لماذا لا تعملون في المحافظة على منع هذه المواقف، وبالتالي منع السيارات من الوقوف في الشوارع العامة، وإجبار أصحابها على الركوب في باصات النقل العام قال سيتم ذلك عند اكتمال تنفيذ منظومة نقل جماعي متكاملة من الباصات والمترو وغيره. وأوضح أن المواقف المأجورة والمخصصة لشركة سيريا باركنك هي مجاناً من التاسعة مساءً، وحتى التاسعة صباحاً، ومجاناً أيضاً في عيدي الفطر والأضحى، وأيام الجمعة والعطل الرسمية وذلك طوال الوقت ليلاً ونهاراً. أما عن تسعيرة هذه المواقف الغالية وهي 50 ليرة سورية في الساعة الواحدة هل هناك نية لتخفيضها؟ أشار إلى أن هذه التسعيرة معتمدة حالياً لحين انتهاء مدة العقد والبالغة خمس سنوات مضت منها سنة ونصف حيث يمكن النظر بالعقود القادمة لاسيما فيما يخص التسعيرة.
رغم أن الإجابات التي حصلنا عليها كانت دبلوماسية بعض الشيء إلا أنها ستضع النقاط على الحروف لاسيما في الوقت الذي بدأ فيه المعنيون بتلمس جوانب القضية المرورية بأنفسهم، وباتوا محرجين من الوضع المروري الذي وصلت إليه مدينة دمشق، خاصة فيما يتعلق بمواقف السيارات... فهل سيجد أصحاب القرار فيما نكتب نقطة بداية للتحرك في تنفيذ الدراسات التي كلفت أموالاً طائلة وعلى حساب المواطن، أم أنهم يعتبرون أن ذلك سيبقى حبراً على ورق، ويتم الاكتفاء برد دبلوماسي طنان يتضمن الإيذان بنعي تلك الدراسات وإلى الأبد؟!

 

أحمد زينة

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...