إسرائيل و«المسمار الأخير» في نعش القرار ١٧٠١!

09-08-2008

إسرائيل و«المسمار الأخير» في نعش القرار ١٧٠١!

وصف وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك المداولات التي أجراها المجلس الوزاري المصغر حول خطر »حزب الله« في لبنان، بأنها »المسمار الأخير في نعش القرار ١٧٠١« الصادر عن مجلس الأمن الدولي العام .٢٠٠٦ وأشارت صحيفة »هآرتس« إلى أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر أقر، في اجتماعه يوم الأربعاء الماضي، سياسة جديدة ترى في »حزب الله« والحكومة اللبنانية »شيئا واحدا«، وهو ما ستنفذه في أي حرب مقبلة.
وذكرت »هآرتس« أن وصف باراك هذا للمداولات الأمنية حول لبنان، لم يصدر بشكل علني بل قاله في أحاديث مغلقة. والواقع أن موقف باراك من القرار الدولي هذا، الذي أنهى حرب لبنان الثانية، معروف بخطوطه العامة ولا يبتعد هذا التوصيف عنه. ومن المؤكد أن ذلك لا ينبع من »الهدوء« الذي يتفاخر رئيس الحكومة إيهود أولمرت بسريانه على الحدود، بل ما يجري تحت »الهدوء الذي يسبق العاصفة«.
فقد عقد المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة، اجتماعين لمناقشة الموضوع اللبناني. وبرغم الاستخفاف الذي يتعاطى به البعض مع التهديدات والإنذارات الإسرائيلية بسبب »المعركة الانتخابية« التي تجري هناك، فإن هذه التهديدات تستند كذلك إلى معطيات موضوعية. فإسرائيل تنظر بخطورة إلى تراجع قدرتها الردعية واضطرارها للتباهي بـ»جنونها« كقوة رادعة. كما أنها تلحظ تراجع الاندفاع الأميركي في المنطقة، والنجاحات التي حققتها بعض قوى الممانعة الإقليمية وخصوصا إيران وسوريا. ولا يقل أهمية عن ذلك، أن إسرائيل ترى أن التطورات الأخيرة في لبنان لم تكن وفق ما تشتهي.
فقد توافق اللبنانيون حول »اتفاق الدوحة« وتشكلت حكومة نال فيها »حزب الله« وحلفاؤه الثلث الضامن أو »حق النقض«، وانتخب رئيس برر في خطاب القسم المقاومة وأيدها، وأخيرا جاء البيان الوزاري الذي كرس حق المقاومة في العمل لتحرير مزارع شبعا. وإلى جانب ذلك، ترى إسرائيل أن »حزب الله« نجح ليس فقط في ترميم قدراته العسكرية، بل إنه عاظمها وأفلح في إزالة الألغام الداخلية التي كانت تعترض طريقه. كما أن القوات الدولية »اليونيفيل« التي أرادتها إسرائيل أداة لتجريد »حزب الله« من ســلاحه، باتـت في نظرها غطاء يمنعـها من التحرك المباشر.
وفي هذا السياق، ثمة أهمية لانتهاء الولاية الدورية لـ»اليونيفيل« في نهاية الشهر الحالي، والحاجة لتجديدها. وتحاول إسرائيل، عبر رفع الصوت ضد كل من »حزب الله« وسوريا، أن »تفعّل« القوات الدولية عبر بوابة تهريب الأسلحة من سوريا ومنع ترسيخ قدرة »حزب الله« جنوبي الليطاني وشماله.
وبرغم الإيحاء بأن هذه الأخطار جديدة، فمن الجائز أن بوسع أي مراقب إدراك أن هذا الحديث عن تهريب الأسلحة من سوريا لم ينقطع، لا أثناء حرب لبنان الثانية ولا بعدها للحظة واحدة. وخلال شهور قليلة، أطلق القادة الإسرائيليون مرارا تحذيرات من أن »حزب الله« ضاعف قدرته الصاروخية وحسّن من مداها وقدرتها التدميرية. بل كثيرا
ما تحدث الإسرائيليون عن استفادة »حزب الله« من دروس الحرب وعِبَرها وإعادة بناء هيكلـيته ونظــريته القتالية وفق هذه الدروس.
بل يمكن القول إنه أثناء حرب لبنان وبالتأكيد عند انتهائها، قررت الحكومة الإســرائيلية أنها غيــرت قواعــد اللعب مع »حزب الله« وباتت ترى في لبنان الرســمي وحكــومته عنوانا لأي اتهامات. ولكن التجاوب المحــدود خلال الحرب وبعــدها للمــوقف الإسرائيلي هذا، من جانب الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي ومحور الاعتدال العربي، دفع إسرائيل إلى عدم إظهاره بشكــل كبير. ومع ذلك فإن إحدى ذرائع الجــيش الإســرائيلي لانعدام قدرته على حســم الحرب، تمثلت في الحــديث عن تقــييد الحكومة له في ضرب منشــآت عامة تابــعة للحــكومة اللبنانية.
ويبدو أن إسرائيل تحــاول، بعد التــوافق اللبنــاني، الــعودة إلى ســيرتها الأولى، من خلال اعتبار أن التماثل بين »حزب الله« والحكومة يلغــي الــقيد الدولي الذي كان يفرض التمييز بينهما. وهكذا توحي إسرائيل، وفق صحــيفة »هآرتس«، بأن »حزب الله و(رئيس الــوزراء اللــبناني فؤاد) السنيورة شيء واحد«. ويعتبر المســؤولون الأمنيــون ذلك »نقــطة ضوء« في الصــورة الكلية القاتمة في لبنان، »ففي الحــرب المقبلة لا يمكن للولايات المتحدة أن تحظر على إسرائيل قصف مطار بيــروت أو محطات توليد الطاقة. وبمعنى ما، ابلغ ممثلو المؤسسة الأمنية وزراء المجلس المصغر بأن الوضع الجديد في لبنان قاد إلى تعزيز الردع الإسرائيلي«.
وبالعموم، كتب المراسل السياسي للصحيفة باراك رابيد، أن المجلس الوزاري الأمني المصغر بلور »سياسة جديدة« إزاء لبنان، »ترى إسرائيل بموجبها في حكومة السنيورة الجهة المسؤولة عن كل حدث يقع على أراضيها، أو عن حدث تتحمل مسؤوليته جهات لبنانية«. وشدد على أن إسرائيل ستشرع في الأسابيع المقبلة، بنقل هذه الرسالة الى الأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا وأوروبا والأهم لسوريا و»حزب الله«. وأضاف »وبحسب السياسة التي أقرها المجلس الأمني المصغر يوم الأربعاء، فإذا هاجم حزب الله إسرائيل من الأراضي اللبنانية، أو أطلق النار على طائرات سلاح الجو أو نفذ عمليات في الخارج انتقاما لاغتيال عماد مغنية، فستحمّل إسرائيل لبنان المسؤولية السياسية وستتصرف وفق ذلك«.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...