إنه ريف دمشق أيها الغبي

01-11-2006

إنه ريف دمشق أيها الغبي

من نصح سعد الحريري بأن يحيل كل أمر يحصل في لبنان إلى (ريف دمشق), ومن هو هذا العبقري العالم بخفايا التاريخ الذي صفقت له زوجته مثنية على وفير علمه فأحال مشكلات لبنان إلى هذه المحافظة السورية?!

لقد أحب سعد الحريري التعبير فكرره في حفلات الإفطار الرمضانية وكأنه اكتشاف يعادل اكتشاف باولو ماتييه لمدينة إيبلا, وكرره في تصريحاته, كما أغلبية قادة ثورة الأرز (أنكل بنز), ويبدو أن كلمة ريف هي التي لفتت نظرهم, لأنها تعبّر عن القرى والمزارع,في منطوق استعلائي,حيث اتهموا كل تجمع في الشارع به,وكأن هؤلاء بنوا حدائق بابل المعلقة.‏

سياسياً..إذا كان لسعد الحريري ومن ينصحه ثأر سياسي, وأعتقد أن لبنان يدار الآن بالثارات والأحقاد, فعليه أن يتجه إليه مباشرة,أعني ان يسمي الأمور بأسمائها, أن يكون شجاعاً ويذهب إلى الموضوع مباشرة, فإذا كان يعني فرعاً أمنياً ليدخل في صلب الموضوع, أما تناول واحدة من كبريات المحافظات السورية بهذا الشكل فهو خفة وولدنة واستعداء لا يقبل كثير من اللبنانيين به.‏

لمعلومات السيد سعد ومن يخترع له التعابير فيطرب لها ويكررها دونما تمحيص,أن مساحة محافظة ريف دمشق تبلغ 18.018 كم,2 أي ما يقارب ضعف مساحة لبنان, وعدد سكانها 2.162 مليون نسمة, ونسبة الأمية فيها 8.6% فقط.. والمعلومات ليست من بيت أبي بل من بيت (غوغل).‏

لكن ما دفعني إلى الكتابة حول الموضوع هو غيظي من عدم تنطح أحد للكتابة عن هذه المنطقة الهائلة الجمال والغنى والتنوع, خاصة أنني تعرفت عليها خلال تصوير مجموعة الأفلام الوثائقية (أعمدة النور) وفيها انصهار للمسيحية والإسلام عز نظيره, ففي ريف دمشق دير سيدة صيدنايا الذي بني في عهد الامبراطور البيزنطي يوستنيانوس, ويقصده اللبنانيون كمحجة, وفي سنوات الحرب الأهلية لجأ إليه الكثيرون, حيث أيقونة السيدة العذراء التي رسمها لوقا البشير.‏

وفي ريف دمشق معلولا التي ما زال أهلها يتكلمون الآرامية, لغة السيد المسيح, وفيها كنيسة مار تقلا وكنيسة سركيس وباخوس التي تضم أقدم مذبح في تاريخ المسيحية. في جبال سنير تلك عاش بنو كلب, أحد أكبر قبائل العرب, الذين تزوج منهم معاوية بن أبي سفيان .‏

وفي ريف دمشق دير عطية والنبك وقارة, حيث دير مار يعقوب المقطّع, وقربهما دير مار موسى الحبشي, من أوائل أديرة المسيحية في الشرق, وفي هذه المنطقة عاش خلفاء بني أمية,الذين قال عنهم سعيد عقل (ألحقوا الدنيا ببستان هشام).‏

وفي ريف دمشق نزل يسوع على بولس الرسول, وفيها داريا وقطنا, وعلى تخومها وقف أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد, وفيها ضريح خولة بنت الأزور وأخيها ضرار خارج باب توما.‏

وفي ريف دمشق قبر السيدة زينب الصغرى بنت علي, في قرية راوية المعروفة حالياً ب(الست) الذي يتقاطر إليه الزوار من كل حدب وصوب.‏

ومنذ أسبوعين عثرت البعثة الأثرية الفرنسية - السورية في موقع تل أسود في غوطة دمشق, أي في ريف دمشق, على قرية نموذجية تعود للألف السابع قبل الميلاد...‏

هل يكفي هذا, مع أنه يسير جداً أيها السيد سعد..كفى استعداء, ودع فطاحل التاريخ حولك يخبرونك عن الجغرافيا..على الأقل.‏

غسان الشامي

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...