الاستثمارات النفطية العربية في ظل المتغيرات السياسية

06-03-2011

الاستثمارات النفطية العربية في ظل المتغيرات السياسية

تصدر «الشركة العربية للاستثمارات البترولية» (أبيكورب)، بحثاً سنوياً قيماً حول منحى استثمارات الطاقة العربية في المستقبل المنظور. والمسؤول عن إعداد الدراسة، المستشار في «أبيكورب»، علي عيساوي، من كبار خبراء اقتصاد الطاقة العرب. ويُذكَر أن «أبيكورب» بادرت إلى تحديث الدراسة التي صدرت أوائل السنة، كي تأخذ في الحسبان التطورات السياسية المهمة في المنطقة العربية. وهنا مراجعة للنقاط البارزة في التقرير.

يذكر التقرير أن معدل نمو الدول العربية بلغ نحو 4.2 في المئة عام 2010، أي السنة التي تلت واحدة من أهم الأزمات المالية العالمية. واستطاع معظم الدول العربية تجنب آثار الانكماش الاقتصادي العالمي، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى استثمارات متزايدة. لكن الاضطرابات الاجتماعية والسياسية في بعض دول المنطقة لا تشجع على تحقيق نمو عال. وستعتمد قدرة العالم العربي على تسجيل معدلات نمو تساوي مستوياتها ما قبل الأزمات السياسية الأخيرة، على قدرة دول عربية على تحقيق استقرار سياسي واجتماعي.

وسيشكل هذا العامل تحدياً كبيراً، كما سيعتمد على قدرة الحكومات المعنية على تبني السياسات الإصلاحية اللازمة للتعامل مع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها وتنفيذها. ومن أهم التحديات التي تواجه الحكومات العربية حل مشكلة البطالة في مجتمعات يتزايد أعداد سكانها في صورة كبيرة، ومعالجة خطر التضخم.

ويشيــــر التقــــرير إلى حقيقة مهمة، مفادهـــــا أن سعــــر النفط الخام، على رغم تحـــسن الاقتصاد العالمـــي، استقر في النطاق المرغـــوب (70 - 90 دولاراً للبرميل). لكــــن النمو السريع في الـــدول الناشئة رفع مستوى الأسعار إلى معدلات عالية، تفوق مئة دولار للبرميل.

ويُذكر أن وكالة الطاقة الدولية أكدت أن الطلب على النفط ارتفع بمعدل 2.8 مليون برميل يومــــياً عام 2010، وهو أعلــــى معدل زيادة سنوية للطلب على النفط منذ عام 2004، ما يعني، بحسب التـــقرير، ضـــرورة تحمل كل من الدول الصناعية والمنتجة مسؤولياتها، أي أن على دوائر الرقابة في الدول المستهلكة تقليص حدود المضاربات في أسواقها، كما يعني أنه يجب على دول «أوبك» موازنة كمية الإمدادات مع الطلب المتزايد.

وبناء على المعطيات أعلاه، يمكن تقدير قيمة الاستثمارات العربية في الطاقة في المستقبل المنظور. وهذه المعطيات هي زيادة الطلب على النفط الخام، مع الافتراض أن أسعار النفط الخام ستتراجع إلى نطاقها المرغوب (70 - 90 دولاراً للبرميل). ويعني مؤشر زيادة الطلب أن الدول النفطية العربية ستستثمر مرة أخرى في مشاريعها المؤجلة على ضوء الجو الخانق الذي صاحب الأزمة المالية العالمية، بالإضافة إلى انطلاقها للاستثمار في مشاريع جديدة مخطط لها مسبقاً.

لذلك يتوقع التقرير أن تزداد كمية مشاريع الطاقة الجديدة، وترتفع معها قيمة رأس المال التي ستحتاجها هذه المشاريع للفترة ما بين 2011 و2015، لتصل إلى نحو 430 بليون دولار. ويرجح أن تتوزع هذه الاستثمارات بحسب حجم البترول في الدول المعنية. ويتوقع أن تتركز الاستثمارات في دول خمس، هي السعودية والإمارات وقطر والجزائر ومصر. ويرجح أن تستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي على ثلثي هذه الاستثمارات، مع الأخذ في الحسبان أن تكون الاستثمارات في الإمارات أعلى من تلك التي فـــي قطر. وستكون حصة السعودية من هذه الاستثمــارات نحو 130 بليون دولار، بينما تُقدر قيمة مجمل الاستثمارات في الإمارات بنحو 74 بليون دولار، وفي قطر بنحو 70 بليون دولار. أما في الجزائر، فيُرجَّح أن تبدأ شركة «سوناطراك» في تنفيذ مشاريع جديدة، بعدما مرت في فترة خمول استثمارية واضحة عام 2010. وتُقدَّر قيمة الاستثمارات الجديدة بنحو 57 بليون دولار. وفي مصر، تبلغ قيمة الاستثمارات المتوقعة نحو 42 بليون دولار، ويُرجَّح تنفيذها على رغم الاضطرابات السياسية في البلاد.

وخصص التقرير قسماً خاصاً للاستثمار في قطاع الكهرباء، مشيراً إلى «أن الزيادة الكبيرة في عدد السكان وتوسع القطاع الحضري والصناعي، جعلت الدول العربية تحاول في جهد كبير تأمين الطاقة الكهربائية اللازمة نتيجة لازدياد الطلب. لكن وفي الوقت ذاته، تشير المعطيات إلى احتمــــال أن يتقلص نمو الطلب على الكهرباء نتيجة للانكـــمــاش الاقتصادي، بالإضافة إلى التقليص التدريجي للدعم الحكومي لأسعار الكهرباء».

ويتـــوقع التقرير أن تزداد كمية توليد الكهرباء بنحو 7.7 في المئة خلال الفترة ما بين 2011 و2015، ما سينتج زيادة في الطاقة الكهربائية بمقدار 80.4 غيغاوات خلال الفترة المذكورة. ويعني هذا استثماراً مقداره 92.9 بليون دولار، سيُستثمَر 60 في المئة منها في دول مجلس التعاون الخليجي المتوقع أن تتوسع فيها الطاقة الكهربائية أكثر من أي منطقة عربية أخرى.

ويخلص التقرير إلى الآتي: «على رغم الاضطرابات السياسية في بعض الدول العربية، فتوقعاتنا هي أن النمو الاقتصادي العالمي، وما يصاحبه من زيادة في الطلب على النفط والغاز، يزيد من معدل الاستثمارات في قطاع الطاقة. وستتركز معظم الاستثمارات في دول مجلس التعاون الخليجي».

وليد خدوري

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...