الاستخبارات الإسرائيلية توصي بتسريع السلام مع سوريا

24-11-2008

الاستخبارات الإسرائيلية توصي بتسريع السلام مع سوريا

حثت الاستخبارات الإسرائيلية حكومتها على إبرام السلام بشكل عاجل مع دمشق، معتبرة أن السلام مع سوريا سيقود إلى سلام مع لبنان، ويضعف المحور الذي تقوده إيران. وأوصت بأن تدعم إسرائيل المعسكر المعتدل في لبنان قبيل الانتخابات البرلمانية، ولكن ليس على حساب مصالح الدولة العبرية، وان تعمل على تعزيز الردع حيال حزب الله والعمل »من دون ضجيج« ضد تهريب وسائل القتال، وان تضع سيناريو للتصدي عسكريا لإيران نووية.
وحذرت الاستخبارات من احتمال »غياب« الرئيس الفلسطيني محمود عباس سياسيا، داعية إلى »منع الانتخابات في السلطة الفلسطينية حتى إذا أدى ذلك إلى خلاف مع واشنطن والمجتمع الدولي« خوفا من فوز حركة حماس. واعتبرت أن إسرائيل تقف اليوم وحدها تقريبا حيال تهديدات خطر إيران الاستراتيجي والصواريخ البالستية ومختلف صواريخ بلدان المنطقة.
ويمكن فهم التقويم الاستخباراتي الإسرائيلي السنوي الذي سيعرض على الحكومة قريبا، في سياق تحذير تقرير استخباراتي أميركي، بعنوان »الميول العالمية ٢٠٢٥«، من الضعف الاقتصادي والعسكري وبالتالي السياسي للولايات المتحدة في العقد المقبل، وهو ما يمكن ان يضعف من الوضع الاستراتيجي الاسرائيلي.
ونقلت صحيفة »هآرتس«، أمس، عن التقرير تقديره بأن إسرائيل قد تجد نفسها وحيدة في مواجهة إيران النووية بعد انهيار السلطة الفلسطينية وتراجع فكرة دولتين لشعبين. ويوحي التقرير بأن التقارب بين أميركا والدول العربية وإيران سيقلص من تفوق إسرائيل السياسي والعسكري، ولهذا فإنه يوصي بالاستعداد سرا لمهاجمة إيران والتسريع بإبرام تسوية مع سوريا، ومنع إجراء انتخابات في مناطق السلطة الفلسطينية حتى لو أدى ذلك إلى خلاف مع الإدارة الأميركية.
وأشارت »هآرتس« إلى أن مجلس الأمن القومي سيقدم هذا التقرير السنوي إلى الحكومة الإسرائيلية بعد حوالى شهر. وبحسب وثيقة قدمتها المؤسسة الأمنية لمجلس الأمن القومي، في إطار إعداد التقرير النهائي، فإن إيران تقف على رأس قائمة التهديدات وتوصف بأنها »تهديد وجودي«. ويصف التقرير الصواريخ والقاذفات الصاروخية البعيدة المدى، التي تمتلكها بعض دول المنطقة، وضربها الجبهة الداخلية بأنها »تهديد استراتيجي«.
وتعتبر الوثيقة أن »إسرائيل تقف اليوم وحدها تقريبا حيال هذه التهديدات«، وعليه فان »هناك حاجة لربط الأسرة الدولية، وانتهاز فرصة تشكيل الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة«.
وتقول الوثيقة في الموضوع النووي الإيراني إن »نافذة الفرص للعمل محدودة، قبل أن ينجح المعسكر المتطرف برئاسة إيران في امتلاك سلاح نووي وهيمنة إقليمية«. وترى المؤسسة الأمنية أن »على إسرائيل أن تبني خيارا عسكريا حيال إيران في حالة بقائها وحيدة في المعركة، وكذا استعدادا للحاجة للتصدي لإيران في المستقبل«. والى جانب ذلك، توصي الوثيقة القيادة السياسية »بالعمل بسرية على (وضع) سيناريو للتصدي لإيران نووية«.
أما على الصعيد الفلسطيني، فإن المؤسسة الأمنية تحذر من إمكانية »غياب« رئيس السلطة محمود عباس عن الخريطة السياسية، اثر انتهاء ولايته في ٩ كانون الثاني المقبل. في مثل هذه الحالة، تقول الوثيقة، سيتسارع تفتت السلطة الفلسطينية ومعها سيزداد خطر شطب حل الدولتين عن جدول الأعمال.
وبسبب الوضع السياسي المعقد في السلطة يوصي جهاز الأمن »بمنع الانتخابات في السلطة الفلسطينية حتى بثمن المواجهة مع الولايات المتحدة والأسرة الدولية«، وذلك خوفا من فوز حركة حماس. وتوصي المؤسسة أيضا بوجوب مواصلة الضغط على حماس لعزلها وإضعافها، وبالمقابل تعزيز البدائل للحركة، في ظل الاستعداد لأخذ مخاطر كبيرة، تتعلق بالتهدئة في غزة وتقضي بأنها ستنهار »وعلى إسرائيل أن تعمل من أجل إسقاط حكم حماس«.
وفي الموضوع السوري، فإن الرسالة واضحة: »يجب حث التسوية مع سوريا، رغم الثمن الباهظ الذي ستدفعه إسرائيل، في ظل استغلال تبدل الإدارة في الولايات المتحدة بغرض تجنيد التأييد للمسيرة«. وتعتقد المؤسسة الأمنية أن إخراج دمشق من دائرة المواجهة سيؤدي أيضا إلى تسوية مع لبنان، الأمر الذي يضعف جدا المحور المتطرف إيران ـ سوريا ـ حزب الله ـ حماس.
بالإضافة إلى ذلك، توصي الوثيقة بان تدعم إسرائيل المعسكر المعتدل في لبنان قبيل الانتخابات البرلمانية التي ستجرى خلال الأشهر المقبلة، ولكن ليس على حساب المصالح الإسرائيلية. وبالتوازي، يجب العمل على تعزيز الردع حيال حزب الله والعمل »من دون ضجيج« ضد تهريب وسائل القتال وتعاظم المنظمة.
سلسلة التوصيات تتعلق بتعزيز العلاقة مع المعسكر المعتدل في العالم العربي السني، مع التشديد على السعودية. كما توصي الوثيقة بأنه »يجب فحص السبل لتوسيع الحوار مع السعودية حول مصالح مشتركة مختلفة«، وبالمقابل، على إسرائيل أن تعمل لتعطيل المخاطر التي من شأنها أن تظهر في السعودية مثل تطوير قدرة نووية، وشراء صواريخ أرض ـ أرض وإغلاق الفجوة النوعية مع الجيش الإسرائيلي.
أما الأردن، فتشدد الوثيقة على أن هذا البلد يعيش ضائقة متصاعدة وأزمة سياسية واقتصادية حادة. وجاء في الوثيقة أن »الأردن يشعر بنفسه مهجورا في التصدي الإقليمي، ويواصل النظر إلى إسرائيل والغرب كسند استراتيجي«. وكانت التوصية الأساس »تعزيز العلاقات مع الأردن، واستقراره حيوي لأمن إسرائيل. يجب تعميق التعاون وتوسيع العلاقات الاقتصادية«. 
تتطرق الوثيقة أيضا إلى العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، وتشير إلى سلسلة خلافات من شأنها أن تظهر مع تسلم إدارة الرئيس المنتخب باراك اوباما، مشيرة إلى أن جهاز الأمن يعتقد بان »الولايات المتحدة معنية بإقامة منظومة إقليمية ودولية ضد إيران، وإسرائيل هي التي من شأنها أن تدفع الثمن:
ـ إيران: من المتوقع نشوء حوار بين إيران والولايات المتحدة، وعلى إسرائيل أن »تعمل لمنع ترتيب إشكالي من ناحيتها«.
ـ سوريا: إدارة بوش عارضت المحادثات مع سوريا، ويجب إقناع الإدارة الجديدة بتأييد المفاوضات والمشاركة فيها.
ـ الفلسطينيون: على إسرائيل أن تتأكد من أن نتائج العمل التي أعدها في السنة الأخيرة الجنرالات الأميركيون الذين ينسقون بين إسرائيل والفلسطينيين في مواضيع الأمن، والتي ستعرض على الإدارة الجديدة، تتلاءم مع المصالح الإسرائيلية.
ـ لبنان: الولايات المتحدة ستطلب من إسرائيل مساعدة لتعزيز المعسكر المعتدل من خلال حلول وسط في مزارع شبعا وقرية الغجر.
ـ مساعدات عسكرية: جهاز الأمن يحذر من أن الولايات المتحدة تسلح دول المعسكر المعتدل، مع التشديد على مصر والسعودية، »بشكل يقلص التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي، ولا سيما في المجال الجوي«.
في الوثيقة، تتناول المؤسسة الأمنية بشكل عام سياسة الرد العسكري الذي ينبغي لإسرائيل أن تتخذه في حالة استفزازات من جانب حماس أو حزب الله، مشددة على أن الرسالة الأساس هي أن على إسرائيل أن تمتنع عن حرب استنزاف. وحسب التوصية يجب في البداية تجربة تكتيك »الاحتواء«، ولكن إذا استمر التصعيد، فان على إسرائيل »أن تفكر بالدخول في مواجهة واسعة لضرب الخصم بشكل شديد وإنهاء المواجهة في غضون وقت قصير، ومع نتائج واضحة قدر الإمكان«.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...