الجعفري: ما يقلق سورية هو سوء نوايا بعض دول مجلس الأمن إزاءها

15-04-2012

الجعفري: ما يقلق سورية هو سوء نوايا بعض دول مجلس الأمن إزاءها

أكد الدكتور بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى المتحدة أن سورية اتخذت خطوات جدية باتجاه تنفيذ ما هو مطلوب منها بموجب خطة كوفي أنان مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية وأعلنت التزامها بوقف مهام القوات المسلحة اعتبارا من صباح يوم الخميس الماضي بعد المهام الناجحة في مكافحة الأعمال الإجرامية للمجموعات الإرهابية المسلحة وبسط سلطة الدولة على أراضيها وهي نفذت ذلك فعلا.

وقال الجعفري في كلمة له أمام مجلس الأمن الدولي.. "إن سورية رحبت كما يعرف الجميع منذ البداية بمهمة أنان وتعاملت بإيجابية بما فيه الكفاية معه وأكدت أنها لن تألو جهدا لإنجاح مهمته في إطار الإحساس الوطني المسؤول الذي يحفزنا جميعا لوضع حد للأزمة المؤلمة التي تمر بها سورية باعتبار أن هذه الأزمة تستهدف استقرار وسلامة الجمهورية العربية السورية كلها دولة وشعباً".

وأضاف الجعفري.. "إن الحكومة السورية تقوم بتزويد أنان بشكل خطي ومنتظم بالإجراءات المتخذة بخصوص تنفيذ خطة النقاط الست كما أنها وافقت أيضا على مبدأ وجود آلية مراقبة للأمم المتحدة تعمل في إطار وحدود السيادة السورية التي يعتبرها الشعب السوري خطاً أحمر لا يمكن تخطيه تحت أي مسمى كان ويتم حاليا التفاوض مع المبعوث الخاص وفريقه الفني في دمشق حول صياغة البروتوكول الخاص الناظم لتوزيع فريق المراقبين".

وأوضح الجعفري أنه مقابل الانفتاح والتعاون والالتزام السوري بخطة أنان تصاعدت الأعمال الإرهابية من اعتداءات وأعمال قتل بحق القوات الحكومية والمدنيين وتخريب وتدمير البنية التحتية وتهجير السكان الآمنين بالقوة إلى مخيمات معدة مسبقا في دول مجاورة تمهيدا لخلق أزمة لاجئين يتم استغلالها سياسيا والبناء عليها لاحقا لإقامة ما يسمى مناطق عازلة بغية تبرير استدعاء التدخل العسكري الخارجي.

وأشار الجعفري إلى أن ما يقلق سورية في هذا السياق هو سوء نوايا بعض دول المجلس إزاءها من حيث تعمد عدم مساءلة المجموعات المسلحة عن جرائمها واعتداءاتها على أفراد الشعب السوري من مدنيين وعسكريين.

وقال الجعفري.. "إننا من جهتنا زودنا أنان بمعلومات موثقة عن الانتهاكات التي ارتكبتها المجموعات المسلحة بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يوم الخميس الماضي وهي انتهاكات وصل عددها إلى خمسين انتهاكا تتعلق بقتل العشرات من المدنيين وأفراد الجيش وقوات حفظ النظام وتدمير العديد من المنشآت العامة والخاصة".

وأكد الجعفري إن ما يثير استغراب سورية هو أن بعض من يدعون حرصهم على حقوق الإنسان لم يلتفتوا حتى إلى المعلومات التي قدمتها جهات دولية عديدة من غير الحكومة السورية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها المجموعات المسلحة في سورية من عمليات اختطاف واحتجاز لرهائن وطلب دفع الفدية وتعذيب وعمليات إعدام بحق عناصر من قوات الأمن والجيش وأشخاص مدنيين ينظر إليهم على أنهم مؤيدون للحكومة وقيام المجموعات المسلحة بتجنيد الأطفال في القتال واستخدام المدنيين كدروع بشرية إضافة إلى العديد من التحقيقات الميدانية التي نشرتها كبريات وسائل الإعلام العالمية التي أكدت قيام المجموعات المسلحة في سورية بأعمال إجرامية غير مسبوقة.


وقال الجعفري.. "أشير في هذا الصدد إلى المقال الهام الذي نشرته مجلة ديرشبيغل الألمانية عن لقاء جرى بين مراسلتها واثنين من المجرمين في أحد مشافي طرابلس بلبنان وقد اعترفا في هذه المقابلة بأنهما ذبحا 150 شخصا بالسكين بناء على تعليمات صدرت لهما من قادتهم في المجموعات المسلحة".

وأوضح الجعفري أن سورية أعربت عن أملها أن يتعامل أنان مع الأزمة بشكل شمولي وأكدت على أنه في مقابل الالتزام الرسمي السوري بإنجاح مهمته فمن الضروري لأنان أن يقوم بالاتصالات المطلوبة مع مختلف الأطراف العربية والإقليمية والدولية ذات العلاقة بالمجموعات المسلحة لضمان التزامها بوقف العنف.

وأضاف الجعفري.. "إن مهمة أنان لا يمكن أن يكتب لها النجاح في ظل التأييد السوري الحكومي لها فقط بل لابد من أن تلتزم تلك الدول قولا وفعلا بوقف تمويل وتسليح وتدريب المجموعات المسلحة والامتناع عن تشجيعها على المضي في أعمالها الإرهابية وعن توفير الملاذات الآمنة لأعضائها وكذلك التوقف عن تحريض المعارضة السورية على رفض أي مبادرة للحوار الوطني الشامل الرامي إلى بلوغ حل سياسي سلمي للأزمة في سورية".

وقال الجعفري.. "إن المفارقة هنا أنه وفي الوقت الذي كان فيه أنان منخرطا في محادثاته مع المحاورين السوريين كان البعض يعقد مؤتمرات موازية لخطة أنان في اسطنبول في محاولة واضحة للالتفاف على مهمته وعلى دور الأمم المتحدة وتقويض حظوظ نجاح مهمته ودوره في مساعدة سورية على الخروج من الأزمة".

وتابع الجعفري.. "إن هؤلاء أقروا آلية تمويل تمكن دول الخليج من تمويل المجموعات المسلحة من خلال تقديم رواتب لأفراد هذه المجموعات علاوةً على تعهد المؤتمرين بتقديم 100 مليون دولار لتسعير نيران الأزمة بدلا من إطفائها إضافة إلى الدعوات التي سمعها الجميع في مجلس الأمن بالذات من وزير خارجية قطر للتدخل العسكري في سورية وإقامة ما يسمى مناطق آمنة على الأراضي السورية وكذلك تصريح وزير خارجية السعودية بأن تسليح المعارضة السورية واجب".

وأشار الجعفري إلى أن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة هو ما معنى أن تصرح بعض الدول بأنها تدعم مهمة أنان في الوقت الذي تقوم فيه بتحركات موازية تهدف إلى تأمين التمويل اللازم للمجموعات الإرهابية المسلحة والعسكرة وفرض العقوبات على الشعب السوري والدعوة إلى التدخل العسكري المباشر في سورية وهي كلها أمور تخالف تماما هدف ومنطوق خطة أنان.

وأكد الجعفري أن استمرار الدعم للمجموعات المسلحة سيشكل الخطر الحقيقي على خطة أنان وستتحمل الأطراف التي تقوم بهذا الدور مسؤولية سفك دماء السوريين ونشر الارهاب في سورية.

ولفت الجعفري إلى أن الدول التي فرضت العقوبات الاقتصادية الظالمة على الشعب السوري شريكة في الأزمة ولا يمكن لها أن تتباكى على الصعوبات التي يواجهها المواطن السوري في عيشه اليومي في حين أنها هي المسؤولة إلى حد كبير عن هذه الصعوبات.

وتساءل الجعفري ما الهدف من التلاعب الخارجي بسوق صرف الليرة السورية ومنع المغتربين السوريين من تحويل أموالهم إلى عوائلهم في سورية وما الهدف من الإضرار بقطاع الطاقة السوري فهل الهدف من وراء ذلك تحقيق رفاه المواطن السوري وتلبية مطالبه بالإصلاح وهل فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على وزير الكهرباء السوري يساعد على إيصال الكهرباء إلى المواطن السوري مضيفا.. "إن كل ذلك هو أمر يشكل مسألة غير أخلاقية ينبغي التوقف عندها".

وأوضح الجعفري أن ما يجري في سورية من أزمة إنما يترجم صراعا على الجغرافيا السياسية والأدوار الإقليمية وتسوية لحسابات قديمة لدى البعض وجديدة لدى البعض الآخر ويبدو أن السلاح الرئيسي لذلك يقوم أساسا على ضرب فكر العروبة السياسية بالإسلام السياسي المتطرف بحيث يتم نشر مظاهر التطرف التي ستغذي الحروب المقبلة في المنطقة على شكل فتن طائفية ودينية وإثنية لتفتيتها وكل ذلك بهدف إنهاء آخر موقع من مواقع التعايش والتآخي والتنوع في المنطقة وتكريس منطق الصدام والمواجهة بين الأديان والثقافات والحضارات فيها.

وقال الجعفري.. "إن الهدف الرئيس لكل ذلك هو الرغبة المكنونة لدى البعض بدفن القضية الفلسطينية إعلاميا وسياسيا وتغييبها عن الساحة الدولية لصالح مواضيع أخرى مفتعلة تصب في مصلحة إسرائيل واستمرار احتلالها للأراضي العربية وحملات الاستيطان والتهويد والقتل والاضطهاد غير المسبوقة فيها ما دفع بالتحدي الإسرائيلي للشرعية الدولية إلى حدود أصبحت تحرج حماة إسرائيل وداعميها".

وأضاف الجعفري.. "إنني كنت قد أثرت أمام المجلس في الجلسة التي انعقدت بتاريخ الخامس من تشرين الأول الماضي حادثا مؤلما جرى آنذاك في نفس اليوم بمدينة حلب شمال سورية حيث قامت عصابات مسلحة باغتيال سارية حسون ابن المفتي العام للجمهورية العربية السورية ومعه أحد أساتذة الجامعة في حلب وتشاء الصدفة اليوم وأنا أتحدث إليكم باسم بلادي حكومةً وشعباً أن أنقل إليكم أن السلطات الرسمية في سورية ألقت القبض مساء الجمعة على شابين قاما باغتيال سارية آنذاك وقد اعترف هذان الشابان وهما سوريان بجريمتهما وقالا إن كلاً منهما على حدة قبض مبلغا يعادل 800 دولار لقاء كل جريمة.

وتابع الجعفري.. "كان هناك تشكيك آنذاك في خطابي السابق لدى البعض بوجود عصابات مسلحة في بلادي أما اليوم ولحسن الحظ فقد استمعنا إلى الكثير من أعضاء المجلس وهم يحثون تلك المجموعات المسلحة على الاقتداء والانضباط والتقيد بخطة أنان".

وأكد الجعفري أن سورية تكرر التزامها بخطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة وهي جاهزة لمواصلة التعاون معه لإنهاء الأزمة في سورية آملة منه ألا يسمح لأحد من الأطراف الأخرى بالقفز فوق خطته وتجاوز مضمونها.

ولفت الجعفري إلى أن القرار الذي اعتمده مجلس الأمن يستوجب الإخلاص من الدول التي دفعت به وتبنته والتي دأبت على دعم المجموعات المسلحة في سورية.

وقال الجعفري.. "في الوقت الذي نشعر فيه أن هذا القرار لم يأت متوازنا إلا أن سورية تؤكد أن من مصلحتها رؤية عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد وتأمل من الدول التي تلتزم بهذا القرار أن تطبق ذلك عمليا وألا ترسل مساعدات قاتلة أو غير قاتلة إلى الإرهابيين والمجموعات المسلحة فالأموال والمعدات التي ترسلها تستخدم لقتل أبناء الشعب السوري بما في ذلك الاطفال والشيوخ والنساء".

وأضاف الجعفري.. "إن آلام وآمال وطموحات الشعب السوري أسمى من أن تكون سلعة تتقاذفها أيدي المضاربين في سوق المصالح والتجارة السياسية فالشعب السوري ليس بحاجة إلى بضعة ملايين من الدولارات لشراء ستر واقية للرصاص بل هو بحاجة لمساعدته على العيش بأمن وسلام وحرية واستقرار بعيدا عن تحريض بعضه ضد بعضه الآخر كما أنه بحاجة إلى رفع العقوبات الجائرة المفروضة عليه والتي تكلفه خسائر بمليارات الدولارات وبهذه الطريقة فقط يساعد متبنو القرار الشعب السوري بدلا من تزويد إسرائيل بست غواصات قادرة على حمل السلاح النووي ودفع الأجواء في المنطقة نحو مزيد من العدوان والحرب يكون وقودها شعوب المنطقة كلها عربا وغير عرب.

وفي ختام كلمته رد الجعفري على جيرار آرو مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة الذي توجه بالقول إلى الشعب السوري.. "إن زمن العنف قد ولى" وقال الجعفري.. "إنني متفق معه كل الاتفاق ولكني أذكره فقط بأن زمن الوصاية قد ولى أيضا وإن كلمته التي وجهها غير مناسبة الآن لأن الشعب السوري سيحتفل في السابع عشر من نيسان بعيد الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي".

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...