الدراما السورية 2009: تعادل سلبي يشبه الخسارة

19-09-2009

الدراما السورية 2009: تعادل سلبي يشبه الخسارة

بسبعة وعشرين عملا دراميا دخلت الدراما السورية السباق الدرامي الرمضاني، وبهذا العدد انخفض الإنتاج السوري الى نحو النصف وقد تعددت التفسيرات والأسباب التي رُد اليها الأمر هذا العام، إلا أن نسبة كبيرة من الآراء ذهبت إلى القول إنه ربما تكون ضارة (انخفاض الانتاج السوري هذا العام، نافعة على مستوى الفني للأعمال المنتجة، لكن هل كانت الصورة بعد انتهاء العرض كما تمنى الجميع، أم أن انخفاض الكم لم يأت لصالح تحسين النوعية)؟ من مسلسل «صبايا».
كشفت المؤشرات حالة اختلال في الانتاج الدرامي السوري عما كانت عليه الحال خلال السنوات السابقة، إذ اكتفى السوريون بعمل تاريخي ـ ديني واحد هو «صدق وعده» بانتاج عربي مشترك. جاء المسلسل بمستوى عادي من دون أن يحدث أي ضجة، بينما أعلن السوريون من خلاله انفصالهم عما كرسوه خلال السنوات السابقة من ريادة في هذا النوع من الدراما، باستثناء حضور الممثل السوري القوي الذي بدا الفارق الكبير لصالحه في الأداء مقارنة مع غيره، تضاف إلى ذلك رؤية جريئة ومبتكرة في المسلسل هذا تحديداً لمهندس الديكور ناصر جليلي الذي أعلن تمرده على الصورة المعمارية التي كرستها الاعمال الدرامية السابقة عن مكة وعن المدينة والحبشة.. دعمها جليلي بوثائق ومخططات ودراسات علمية.
في هذا الموسم تراجعت الكوميديا السورية هي الأخرى، فدخل السوريون السباق بعرض استعادي لـ «بقعة ضوء» ومسلسل سيتكوم هو «اذاعة فيتامين» الذي لم يحظ بفرصة عرض حقيقية كونه خالف الشرط الرمضاني فجاء بواحدة وعشرين حلقة فقط، وكان المأمول أن ينافس السوريون بمسلسل «مرسوم عائلي» للنجم أيمن زيدان إلا أن هذا الأخير فقد فرصته بالمنافسة مع قرار الجهة المنتجة بتأجيل عرضه الى ما بعد الشهر الفضيل. وإذا ما اعتبرنا مسلسل «صبايا» كوميدياً فيمكن القول إن الكوميديا السورية أصيب بنكسة.
بالنتيجة، لم يبق أمام السوريين في ساحة التنافس الدرامي سوى الدراما الاجتماعية التي ضربت رقما قياسيا هذا العام مع 23 مسلسلا من أصل المسلسلات السبعة والعشرين. لكن ورقة المنافسة هذه سرعان ما سقطت مع تتالي أيام العرض بعدما كشفت عن حالات تشابه وتكرار وصلت حد الاعتقاد أن حالة استنساخ غير مقصودة عصفت بالدراما السورية. فقد تقاطعت عدة مسلسلات وتشابهت في موضوعاتها لجهة حالات الحمل دون زواج، الخيانة الزوجية، الاستغلال العاطفي، عصابات سرقة وقتل..وتفاصيل أخرى للحياة في الأحياء المخالفة العشوائيات. وجاء تكرار الوجوه التمثيلية ليزيد الطين بلة حتى وصلت مشاركات بعض النجوم إلى سبعة أعمال هذا العام، لا بل نادراً ما وجدنا فناناً يشارك في عمل واحد فقط وهو الأمر الذي اقتصر على الفنانين تيم حسن، سلاف فواخرجي، أمل عرفة.
كان من شأن تكرار الوجوه التمثيلية ألا يحدث مشكلة إذا ما ترافق مع أدوات تعبير مختلفة، إلا أن المسألة تجاوزت مشكلة تشابه الوجوه التمثيلية لتصل حد تطابق الشخصيات الدرامية المتعددة التي يقدمها الممثل الواحد في أكثر من عمل وهو الأمر الذي شاهدناه يتكرر مع ريم علي، وخالد تاجا، ولينا حوارنة وغيرهم الكثير. وبعيداً عن دراما «القتامة» إن صح التعبير لم يفلح المخرج أنزور بالخروج بمسلسله «رجال الحسم» إلى دائرة العمل المتكامل فنياً، فقدم صورة إخراجية مبهرة يستحق أن يصنف من خلالها بالمخرج الهوليودي لكن النص ظل دون مستوى الإخراج، فكان عادياً يلزمه الكثير من الحرارة. وبشكل مواز، جاء مسلسل «سفر الحجارة» نافراً أكثر. وحدها مسلسلات «قاع المدينة» و»زمن العار» و»هدوء نسبي» و»عن الخوف والعزلة» و»سحابة صيف» سجلت حضوراً مقبولاً لكنه متفاوت بين الناس وقد بدا مسلسلا «قاع المدينة» و»زمن العار» الأوفر حظاً والأكثر مشاهدة بين المسلسلات الخمسة السابقة.
رغم ذلك، لم يقدم السوريون هذا العام العمل الذي يحقق إجماعاً جماهيرياً حوله، وهو الأمر الذي يجب أن يكون على طاولة النقاش هذا العام في سياق البحث عن خيارات أفضل لاستحقاقات الدراما السورية المقبلة.
بالمجمل حضرت الدراما السورية بقوة، ما أخذ عليها من نقاط ضعف على المستوى الفني كان في حده الأدنى إضافة إلى الملاحظات السابقة، وإذا ما قيس الأمر بحضور الدراما السورية كل عام فالسوريون هذا العام حققوا تعادلاً سلبياً، والتعادل بميزان الفرق القوية هو أشبه بالخسارة.

ماهر منصور

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...