الراعي في دمشق يلاقي اليازجي وهواجس المسيحيين

11-02-2013

الراعي في دمشق يلاقي اليازجي وهواجس المسيحيين

تركزت الأضواء خلال الساعات الماضية على زيارة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الى دمشق للمشاركة في مراسم تنصيب البطريرك يوحنا العاشر اليازجي على كرسي أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس في كنيسة الصليب المقدس، حتى قيل إن المناسبة أرثوذكسية والحدث ماروني.
وإذا كانت أصداء مبادرة الراعي ستظل تتردد طويلاً في الأودية اللبنانية، فإن جانباً من الاهتمام سيتوزع هذا الاسبوع على اجتماعات «لجنة التواصل النيابي» التي دخلت في «أسبوع الآلام» مع وصول مهمتها الى الأمتار الأخيرة من السباق مع الوقت، وعلى جلسة مجلس الوزراء بعد غد الاربعاء، حيث توقع أكثر من وزير ان يكون مناخها ساخنا بفعل البند الخلافي الذي ستناقشه، والمتصل بمسألة تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات، فيما يبقى ملف استهداف الجيش في عرسال مفتوحاً مع عدم تسليم مطلقي النار على العسكريين حتى الآن. الراعي يلقي كلمته أثناء مراسم تنصيب اليازجي (إلى اليمين) بطريركاً لأنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس في كنيسة الصليب المقدس في دمشق أمس (أ ب أ)
الراعي في دمشق
وبرغم الطابع الكنسي والديني المعلن لزيارة البطريرك الراعي الى دمشق، إلا أن دلالاتها السياسية كانت واضحة، سواء في توقيتها المتزامن مع احتدام المواجهة في سوريا وصولاً الى تخوم العاصمة، أو في المواقف التي أطلقها الراعي وبلغت حد التأكيد أن الإصلاحات وحقوق الإنسان لا تساوي نقطة دم تسيل من مواطن بريء، أو في مواكبة النظام قلباً وقالباً للضيف الاستثنائي من الحدود الى العاصمة السورية.
وبمعزل عن التأويلات والاجتهادات في قراءة الزيارة، إلا أنه يسجل للبطريرك الراعي شجاعته، ليس فقط في تجاوز الحدود الجغرافية بين لبنان وسوريا، وإنما أيضاً في كسر الحدود النفسية التي كانت تفصل البطريركية المارونية عن دمشق، في إشارة بليغة الى رغبة الكنيسة في تنقية الذاكرة وتجديد التواصل مع المسيحيين السوريين، وإعادة ترتيب الأولويات على قاعدة أن الهمّ الاساسي في هذه المرحلة هو لحماية المسيحيين في لبنان وسوريا والمنطقة من خطر المد
التكفيري، من دون التأثر بأصوات الاعتراض والاحتجاج التي انطلقت من بعض حناجر شخصيات فريق «14 آذار».
وبدا جلياً أن زيارة الراعي تحظى بـ«حصانة» الفاتيكان وشرعيته الكنسية، وهذا ما تبدّى من حيث الشكل عبر حضور ممثل الفاتيكان الذي كان يجلس الى جانب البطريرك في الكنيسة، أما أبعد من ذلك فإنه لا يمكن فصل خطوة البطريرك عن «فلسفة» انتخابه أصلاً، برعاية ضمنية من الفاتيكان.
وقد أقيمت مراسم تنصيب البطريرك يوحنا اليازجي في كنيسة الصليب المقدّس في حي القصّاع، بحضور وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية السورية منصور عزام ممثلا الرئيس الأسد، رئيس مجلس الشعب السوري جهاد اللحام وعدد من الوزراء والنواب السوريين، بالإضافة الى نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد. أما أبرز الغائبين فكان متروبوليت بيروت المطران الياس عودة.
وفيما أحيطت مراسم الاحتفال بإجراءات أمنية مشددة، أكد اليازجي في كلمته أن سوريا حكومة وشعباً ستجد باب الخلاص في الحوار السلمي لكي تعود سوريا الى الاستقرار والسلام كما كانت دوماً. وتوجه الى المسلمين بالقول: أيها الأحباء المسلمون نحن لسنا فقط شركاء في الأرض والمصير، نحن بنينا معاً حضارة هذه البلاد، ومشتركون في الثقافة والتاريخ، ولذلك علينا جميعاً أن نحفظ هذه التركة الغالية التي لدينا في سوريا.
وقال الراعي: كلنا أخوة وأخوات مدعوون لنعلن الكرامة لكل إنسان، وما يسمى إصلاحات وحقوق إنسان وديموقراطيات، هذه كلها لا تساوي دم إنسان بريء يراق.
وكان الراعي قد ترأس قداساً في كنيسة مار مارون في دمشق، حضره وزير الدولة لشؤون الهلال الأحمر جوزيف سويد ممثلاً الرئيس السوري. وألقى الراعي عظة دعا فيها الى وقف العنف والمآسي في سوريا. وأضاف: يقولون من أجل الإصلاحات، الإصلاحات لازمة في كل مكان، في كل دولة، في كل وطن، كما هي لازمة في كل إنسان. لكن الإصلاحات لا تفرض فرضاً من الخارج بل تنبع من الداخل حسب حاجات كل بلد. ولا أحد أدرى بشؤون البيت مثل أهله. الإصلاحات تتم بالحوار، بالتفاهم والتعاون.
«14 آذار» غاضبة
وفي ردود الفعل، قال مصدر حزبي في فريق «14 آذار» إنه «كيفما قُلّبت الزيارة لا يمكن هضمها»، معتبراً أن البطريرك ذهب كالمتسلل الى سوريا بعدما رفض البطاركة الموارنة دعوات احتفالية «ملكية» لزيارتها، لأنهم كانوا يعرفون أطماع النظام السوري بلبنان .
وتساءل المصدر: إذا افترضنا حسن النيات عند البطريرك الراعي، ألا يعرف سوء نيات النظام وكيف سيسوق زيارته؟ ألا يخاف من اعتبار الأصوليين زيارته الداعمة للنظام ضمناً، استفزازاً وتحدياً لهم؟
الكنيسة غير آبهة
في المقابل، امتنعت مصادر كنسية معنية عن التعليق على الانتقادات التي طالت الراعي، مكتفية بالإشارة الى «كلام رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي ظلل بشجاعة سياسية موقف البطريرك الماروني».
ونفت المصادر الكنسية في كلامها أن يكون الكرسي الرسولي في روما هو من ضغط على البطريرك للقيام بالزيارة، مؤكدة أن روما «لم تحث على الزيارة ولم تنزعج منها. إذ أن للبطريرك حرية التقدير والعمل بما يرتأيه ضميرياً، فهو إن زار سوريا إنما يزور رعيته وأبناءه، وإن لم يفعل فلأسباب وجيهة يحسن وحده تقديرها».
وشددت المصادر على أن الفاتيكان «حريص أن يبقى حضوره في سوريا حاضناً لمسيحييها ومصدر اطمئنان لهم».


السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...