المكتبات في اللاذقية تتحول إلى محلات لبيع الألبسة والأحذية

21-10-2015

المكتبات في اللاذقية تتحول إلى محلات لبيع الألبسة والأحذية

اشتهرت المدن السورية منذ القدم بمكتباتها الضخمة، وحضورها في المشهد الثقافي بشكل واضح، إلا أن الأزمة التي تعاني منها سوريا تركت ندوبا واضحة على جميع مرافق الحياة العامة في جميع المدن السورية، وكانت المكتبات من بينها .

ولم تصب الأزمة آثارها على عدد المكتبات فقط وإنما على عدد الزوار والمقبلين على القراءة في سوريا، حيث أنه خلال سنوات الأزمة انخفض عدد المكتبات في دمشق وحلب واللاذقية وتحول العديد منها إلى محلات طعام أو ألبسة أو مقاهي للتسلية .

و من أبرز المكتبات في اللاذقية التي تحولت منذ أربع سنوات إلى محلات لبيع الألبسة والأحذية هي المكتبة الكردية التي أسسها يوسف الكردي منذ العام 1950 والتي عرفت بعراقتها في مجال بيع كافة أنواع الكتب الثقافية والأدبية والاجتماعية والسياسية .

وفي حديث  مع صاحب المكتبة أنس الكردي أحد أبناء يوسف الكردي قال" إن الإقبال على شراء الكتب انخفض بشكل كبير وتغيرت ظروف طباعة ونشر وبيع الكتب بعد سنوات الأزمة في سوريا، و أصبح الكتاب من كماليات الحياة التي تأتي بالدرجة الرابعة أو الخامسة، حتى أن زوار المكتبة انخفض إلى النصف تقريبا ما دفع بنا إلى إغلاق المكتبة وتحويلها إلى محلات ألبسة أحذية تماشيا مع ظروف الحياة وتكاليفها المرتفعة" .

وتابع الكردي "في مطلع السبعينيات والثمانينات كان مرتادو المكتبات يصطفون أحياناً لاختيار ما يرغبون من الكتب، وكانوا من مختلف الفئات العمرية، وبقيت المكتبة الكردية مستمرة في تقديم جميع أنواع الكتب إلا أن انتشار وسائل الاتصال الحديثة خفف الطلب على الكتاب وأصبح اقتناء الكتاب أمرا ثانويا ويمكن الحصول عليه عن طريق الانترنت".

وأضاف الكردي "لا يمكن القول أن الشعب لا يحب القراءة إلا أن ضعف القدرة الشرائية ومتطلبات الحياة اليومية وانتشار وسائل الاتصال كانت سبابا أيضا، على الرغم من أن مقارنة ارتفاع أسعار الكتاب مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والألبسة و الأحذية يعتبر بسيطا إلا أن أغلب الناس تجد صعوبة في دفع 1000 ليرة ثمن كتاب".

ومن المكتبات التي اشتهرت في اللاذقية بإعارة الكتب مكتبة " نينار " التي أغلقت منذ أكثر من 7 سنوات وتحولت لمتجر لبيع "المكياج" و"الاكسسوارات " ومكتبة "فكر وفن" التي حولها صاحبها الشاعر منذر المصري إلى دكان للأحذية.

وحافظت مدينة اللاذقية على 7 مكتبات فقط متوزعة في حارات المدينة ولا تزال مستمرة في بيع الكتب ومنها مكتبة الحقيقة ومكتبة الجاحظ ومكتبة الشاطئ ومكتبة بالميرا ومكتبة الامام الصادق، و مكتبتان في المركز الثقافي في اللاذقية .

وقالت الطالبة لمى من كلية الآداب " ظروف الحياة اليومية وانشغال الناس بعملها جعلت القراءة أمرا مملا ويمكن لأي أحد الحصول على أي كتاب عن طريق الانترنت مجانا، وقراءته في البيت دون الحاجة للذهاب إلى المكتبة وتحمل تكاليف شراء الكتاب".

وتابعت لمى" إن وسائل الاتصال الحديثة حلت بشكل ما مكان الكتاب ويمكن الحصول على الخبر أو المعلومة مباشرة بضغط زر، وهي تفضل الكتب الروائية التي تتحدث عن قصة مشوقة أكثر من الكتب السياسية أو التراثية التي تجدها مملة".

وقال أيهم وهو طالب هندسة يواظب على قراءة الكتب " إن نوعية الكتب الموجودة غير مشوقة، هناك أكثر من 7 عناوين لأسماء كتب أريد قراءتها لكنها غير متوفرة في المكتبات".

بدوره، رأى صاحب إحدى المكتبات أن السبب الرئيسي لقلة الإقبال على شراء الكتب هو "أن هذا الكتاب المتوفر لا يعالج قضايا الناس ، وأغلب الكتب الموجودة في المكتبات تؤدي الولاء للأنظمة العربية وليس الأداء، ونوعية الكتب المتوفرة كانت سببا أساسيا لابتعاد الشباب عن القراءة" .

واضاف " الأزمة التي تمر بها سوريا وارتفاع أسعار الكتب الذي ترافق مع اغلاق العديد من المكتبات ودور النشر كان سببا في ضعف الإقبال على شراء الكتب، ولكي نستطيع النهوض بسوريا الجديدة علينا إعادة إنتاج أنفسنا وتوعية الشباب بأهمية الكتاب والسماح لهم بممارسة حقهم الطبيعي وهو معرفة التاريخ دون الخوف من مقص الرقابة الذي ينتظر أي كتاب لا يؤدي الولاء للأنظمة العربية ".

وأشار إلى أنه من خلال العمل في المكتبة تبين أن نسبة الفتيات القارئات مرتفعة مقارنة مع الذكور وتصل لأكثر من 70 % وهذا ما يدعو للتفاؤل بمستقبل أفضل لشباب سوريا المتعلم والمتنور والطموح .

يذكر أن انخفاض عدد المكتبات وإغلاق معظمها نتيجة انخفاض عميلة البيع، ترافق مع ازدياد كبير لمحلات الألبسة والأحذية والمقاهي والمطاعم التي تتوفر فيها شبكة الانترنت مجانا الأمر الذي يشكل بديلا عن القراءة.

سهى كامل - تلفزيون الخبر

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...