باراك سيحدد مصير ملف السلام السوري - الإسرائيلي

25-09-2008

باراك سيحدد مصير ملف السلام السوري - الإسرائيلي

الجمل: بدأ تأثير العامل السوري يفرض حضوراً متزايداً داخل الساحة السياسية الإسرائيلية وذلك بحيث لم يعد تأثير دمشق ينحصر في تداعيات الملفات الأمنية والدبلوماسية الإسرائيلية وإنما أصبحت أكثر تغلغلاً في تفاعلات العملية السياسية الإسرائيلية وتحديداً لجهة التأثير في سيناريو تشكيل الائتلاف السياسي الذي سيقود الحكومة الجديدة.
* ماذا تقول السردية؟
أشارت التسريبات التي أوردتها صحيفة هاآرتس الإسرائيلية وصحيفة أورشليم بوست بأن زعيم حزب العمل ووزير الدفاع الحالي الجنرال إيهود باراك قد تفاهم مع زعيمة حزب كاديما والمرشحة لمنصب رئيس الوزراء تسيبي ليفني، مقيداً موافقة حزب العمل على الاستمرار في التحالف مع كاديما على استجابة ليفني للعديد من الشروط ومن بينها:
• إعطاء باراك المسؤولية عن ملف المحادثات مع سوريا.
• إعطاء باراك المسؤولية في ملف المفاوضات مع الفلسطينيين.
وتقول التسريبات بأن باراك سيقدم شروطه في اجتماع حزب العمل المقرر عقده صباح اليوم الخميس المخصص لمناقشة واعتماد شروط حزب العمل النهائية لاستمرار الائتلاف مع كاديما والمشاركة في الحكومة الجديدة التي ستقودها ليفني.
* الجنرال باراك ومنظور التركيز على الملف السوري:
تقول التسريبات أن باراك يرى بأن ملف المحادثات مع سوريا قد تم التعامل معه بواسطة حكومة أولمرت بطريقة غير صحيحة ويرى باراك الآتي:
• تعيين أولمرت لكل من يورام توربوفيتش المسؤول البارز بمكتب أولمرت، وشالوم تورغيمان المستشار بمكتب أولمرت للقيام بتمثيل الجانب الإسرائيلي في المفاوضات غير المباشرة مع سوريا كان غير موفقاً لجهة عدم تمتع كل منهما بالأهلية المناسبة للقيام بإنجاز هذه المهمة.
• ملف المحادثات مع سوريا يرتبط بشكل وثيق بملف الأمن الإسرائيلي وبالتالي يجب أن يكون للمؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية الدور الأكبر فيه.
ويبرر الجنرال باراك موقفه على أساس اعتبارات أن معطيات خبرة المفاوضات مع سوريا تشير إلى الآتي:
• خلال فترة رئيس الوزراء السابق اسحق رابين لم تكن حتى لوزارة الخارجية اليد الطولى في المفاوضات مع سوريا.
• عندما كان باراك رئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع كان يشرف شخصياً على ملف سوريا برغم وجود ديفيد ليفي في منصب وزير الخارجية.
الانطباع السائد هو أن الجنرال باراك ما زال أكثر تشدداً إزاء ضرورة تقليص دور وزارة الخارجية في ملف سوريا، وإعطاء الجزء الأكبر من هذا الملف للمؤسستين العسكرية  والأمنية، وتقول التسريبات بأن توجهات باراك تجد الدعم من القادة العسكريين والأمنيين.
* ملف سوريا: هل من عودة لخطة باراك الماضية؟
تشير معطيات الخبرة إلى أن الجنرال باراك ما زال أكثر ولعاً بتغليب الجوانب التكتيكية على الجوانب الاستراتيجية وفي كثير من الأحيان إن لم يكن جميعها كان باراك يقلل من دور ما هو استراتيجي لصالح ما هو تكتيكي، وعلى هذه الخلفية جاء دور باراك إزاء جولات المفاوضات السابقة مع السوريين والفلسطينيين وعلى وجه الخصوص عندما كان في منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي، هذا، وتشير المعطيات السابقة إلى أن استراتيجية باراك قد ركزت على التعامل مع ملفات المفاوضات على النحو الآتي:
• استخدام نموذج تصميم المسارات وفصل المسار السوري عن المسار الفلسطيني والقيام آنذاك بمحاولة فصل المسار اللبناني.
• استخدام معطيات كل مسار في الضغط على المسار الآخر.
وتوضيحاً لذلك فقد كان باراك يطرح موقفاً متشدداً في مفاوضات المسار الفلسطيني وعندما يواجه بالرفض وتعثر المفاوضات فإنه يلجأ إلى فتح المسار السوري وتجميد المسار الفلسطيني ويكرر نفس اللعبة، بحيث أنه في كل مرة يطرح على طاولة التفاوض المزيد من المواقف الإسرائيلية المتشددة.
وإضافةً لذلك، فقد كان باراك يلعب ميدانياً لعبة أخرى مع الفلسطينيين كانت تتمثل في عدم الرد على حركة حماس عندما تقوم بإطلاق الصواريخ ضد إسرائيل وبدلاً من ذلك يلجأ إلى إلقاء اللوم على ياسر عرفات وتحميل السلطة الفلسطينية المسؤولية عن هجمات حماس المعارضة أصلاً للسلطة الفلسطينية وما هو جدير بالملاحظة يتمثل في أن باراك كان يستخدم هجمات حماس ضد الإسرائيليين كذريعة للضغط على ياسر عرفات في مفاوضات المسار الفلسطيني.
وعموماً، يمكن التوقع بأن باراك من المحتمل أن تكون مطالبته بالإشراف على الملف السوري تهدف إما إلى صنع سلام حقيقي مع سوريا، وهو احتمال بعيد المنال، في ظل المواقف الإسرائيلية الحالية أو إلى تحويل ملف المحادثات مع سوريا إلى مجرد لعبة سياسية تنطوي على قدر كبير من المناورات ومحاولات الإرباك لجهة النوايا الإسرائيلية التي أصبحت تتحدث بوضوح عن ضرورة تغيير سوريا لسياساتها الخارجية مع إيران وحزب الله وحركة حماس. وربما لن يتورع الإسرائيليون في الضغط لجهة تحويل رعاية المحادثات لتكون في يد فرنسا بدلاُ عن تركيا وبعد ذلك يطالبون بضرورة أن تبتعد سوريا عن تركيا وتجدر الإشارة إلى أن الحسابات الاستراتيجية الأمريكية – الإسرائيلية الحالية إزاء منطقة شرق المتوسط أصبحت تتضمن مثل هذا المطلب ولم يعد خافياً على أحد أن الإدارة الأمريكية قد سبق وأعلنت مراراً وتكراراً عن عدم رضاها عن ملف دبلوماسية دمشق – أنقرة وهو الملف الذي قد يسبب تطوره المزيد من الإرباكات والمشاكل في مواجهة أجندة محور واشنطن – تل أبيب الراهنة إزاء المنطقة.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...