تأثير الحرب الجيورجية على الاقتصاد الروسي والعالمي

21-09-2008

تأثير الحرب الجيورجية على الاقتصاد الروسي والعالمي

الجمل: تزايدت التساؤلات حول مدى تأثير تداعيات الحرب الروسية – الجورجية على الاقتصاد الروسي، وحالياً ما تزال التوقعات القائلة باحتمالات مواجهة الاقتصاد الروسي للأزمة هي الأكثر احتملاً للتحقق.
* موسكو وسيناريو الحرب بالوسائل الاقتصادية:
أكدت معطيات خبرة الصراعات الماضية والجارية حالياً بأن الحرب بالوسائل العسكرية لا تمثل سوى الجزء الساخن الصغير من المواجهة الكلية التي تشمل قدراً هائلاً من الوسائط والوسائل وفي هذا الصدد تدخل الوسائل الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والاستخبارية والاجتماعية والمعلوماتية وهلمجراً.
خاضت موسكو الحرب ضد جورجيا وشهد العالم على شاشات التلفزة الدب الروسي وهو يهاجم السنجاب الجورجي، الذي حرضته أمريكا وإسرائيل لجهة القيام باستفزاز موسكو والتحرش بها.
والآن، وبعد فشل نظام الرئيس ساخاشفيلي الذي يحمل الجنسية الأمريكية بالإضافة إلى الجورجية، في توظيف القدرات الجورجية لجهة جعل جورجيا تقوم بدور "إسرائيل القوقاز" فإن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول جاهدة إقناع حلفائها الأوروبيين لجهة الدفع في تطبيق العقوبات الاقتصادية والتجارية ضد روسيا.
أبرز التساؤلات المطروحة حالياً يقول هل ستتأثر علاقات روسيا الاقتصادية والتجارية والمالية مع بلدان الاتحاد الأوروبي بسب الحرب الروسية – الجورجية أم أنها سوف لن تتأثر؟ وإذا نجحت واشنطن في دفع حلفائها في الاتحاد الأوروبي لمقاطعة موسكو فما هو خيار روسيا القادم؟ هل ستتراجع وتقبل بالشروط الأمريكية أم أنها ستفضل التمسك بموقعها الحالي أم أنها ستلجأ إلى سياسة الهروب إلى الأمام عن طريق تكبيد الولايات المتحدة وحلفائها المزيد من الخسائر عن طريق استهداف المزيد من حلفاء أمريكا بالموجودين في المناطق المجاورة لموسكو؟ ومن يا ترى سيكون الهدف التالي لموسكو هل هو أوكرانيا أم بولندا أم تشيكيا أو أذربيجان؟
* الاقتصاد الروسي ومدى الانكشاف في مواجهة خطر الأزمات:
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك الكتلة الشرقية الاشتراكية دخل الاقتصاد الروسي مرحلة تحول رأسمالي باتجاه الانتقال من اقتصاد القطاع العام إلى اقتصاد القطاع الخاص وبالفعل نجحت النخب السياسية في إنجاز هذا التحول وإن كان بوتائر بطيئة بعض الشيء.
التحول الاقتصادي الرأسمالي القائم على الخصخصة وحرية التجارة والملكية الخاصة، دفع إلى بناء الروابط الاقتصادية المالية بين موسكو والعواصم الأوروبية وبالتالي:
• أصبح النظام المصرفي الروسي يرتبط مع شبكة النظام المصرفي الرأسمالي العالمي.
• أصبحت التجارة الروسية ترتبط مع شبكات المبادلات التجارية العالمية.
• أصبحت تدفقات استثمارات رأس المال المباشر وغير المباشر ترتبط مع تدفقات استثمارات رأس المال العالمي.
• أصبح قطاع تجارة الخدمات الروسي أكثر ارتباطاً بشبكات تجارة الخدمات العالمية.
وتشير معطيات خبرة الاقتصاد الروسي المعاصر، تحديداً خلال فترة الانتقال من الاقتصاد الاشتراكي إلى اقتصاد السوق إلى صعود الأزمة المالية التي وجهت ضربة قوية لقطاع الخدمات المالية الروسي إبان ما عرف بالأزمة الاقتصادية الروسية والتي تبين أن السبب الرئيسي وراءها كان يتمثل في المضاربات الوحيدة الاتجاه التي قادتها بعض الكيانات المالية الغربية الكبرى بقيادة مضارب البورصات المالية العالمي جورج سوروس.
وتقول المعلومات والتسريبات بأن موسكو اضطرت إلى عقد صفقة مع واشنطن دفعت صندوق النقد الدولي باتجاه تقديم بضعة مليارات من الدولارات لموسكو مقابل أن تلتزم الصمت إزاء سيناريو ضرب يوغوسلافيا. وبالفعل وفي الفترة نفسها تواجد وفد صندوق النقد في موسكو لتوقيع الاتفاقيات النهائية حيث كانت طائرات إف 16 الأمريكية تنطلق من قواعد حلف الناتو في إيطاليا لجهة القيام بقصف يوغوسلافيا.
* خط موسكو – أوروبا في مواجهة خط واشنطن أوروبا؟
الآن أصبحت بلدان الاتحاد الأوروبي في مواجهة المنعطف الحرج لأن الخيارات المتاحة أمامها هي:
• الخيار الأول: المضي قدماً في مشروع واشنطن الهادف إلى عزل روسيا.
• الخيار الثاني: الإبقاء على العلاقات مع موسكو مع ضرورة إقناع واشنطن.
المفاضلة بين الخيارين تدخل ضمن إطار ما يعرف بتوازنات الخيار الاستراتيجي الأمثل وتشير المفاضلة إلى:
• في حالة اللجوء للخيار الأول فإن على واشنطن مساعدة الأوروبيين في العثور على مصادر للنفط والغاز بدلاً عن روسيا إضافةً إلى أن الأوروبيين سيكونون قد أدخلوا أنفسهم بشكل نهائي في نفق التبعية الأمريكية.
• في حالة اللجوء للخيار الثاني فإن إقناع واشنطن بالاستمرار في العلاقات والروابط مع موسكو سيترتب عليه نشوء المزيد من التوازنات في علاقات عبر الأطلنطي إضافةً إلى احتمالات لجوء واشنطن لمعاقبة الأوروبيين عن طريق شن حرب رفع أسعار الفائدة في البنوك الأمريكية على غرار ما حدث خلال فترة إدارة الرئيس ريغان وهو أمر سيترتب عليه حدوث انتقال رؤوس الأموال الأوروبية لأمريكا بما يؤدي إلى تجفيف البورصات والأسواق المالية الأوروبية من السيولة ورأس المال المالي وتفقد بذلك المؤسسات المصرفية والمالية الأوروبية مصادر التمويل والائتمان.
المشكلة الأكثر خطورة يمكن أن تتمثل في رد الفعل الروسي إزاء لجوء الأوروبيين إلى خيار العزل والعقوبات وذلك لأن إيقاف صادرات الغاز والنفط الروسي سيترتب عليه رفع أسعار النفط إلى معدلات خيالية فقد يصل البرميل الواحد إلى سعر 300 دولار وهو أمر لن يطيح بالحكومات الأوروبية الموالية لأمريكا فقط وإنما سيطيح بأمريكا نفسها وربما يمتد تأثيره إلى خلخلة الهياكل الاقتصادية الرأسمالية العالمية وذلك لأن أكبر الصناعات والأنشطة سوف تتوقف عن العمل بسبب الخسائر الفادحة التي ستتعرض لها نتيجة ارتفاع الأسعار.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...