تداعيات الغارة الأمريكية الأخيرة ضد سورية على ملف السلام في المنطقة

04-11-2008

تداعيات الغارة الأمريكية الأخيرة ضد سورية على ملف السلام في المنطقة

الجمل: ما تزال خلفيات الغارة الأمريكية الأخيرة ضد سوريا تطرح الكثير من التساؤلات وعلى وجه الخصوص لجهة محاولة الربط بين الغارة وبين المحادثات السورية – الإسرائيلية غير المباشرة الجارية بوساطة تركية.
* لغز التساؤل المتقاطع:
يقول التساؤل المتقاطع، ما هي طبيعة التأثير المزدوج بين دور الغارة الأمريكية في التأثير على جهود المحادثات وبين تأثير المحادثات على توجهات واشنطن ويرتبط ذلك بتساؤلات أخرى، هل هدفت الغارة إلى إضعاف الموقف السور ي في المحادثات بما يؤدي إلى تقديم دمشق للتنازلات؟ أم أنها هدفت إلى إضعاف الموقف الإسرائيلي بما يؤدي بتل أبيب إلى الانسحاب من المحادثات؟ ولماذا سعت واشنطن لتنفيذ الغارة في هذا الوقت وهل للأمر علاقة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية لجهة تعزيز أجندة الأمن القومي الأمريكي بما يؤدي إلى تعزيز موقف المرشح الجمهوري جون ماكين ويضعف موقف أوباما الذي بات أكثر تفوقاً في التأثير على توجهات الناخبين؟ وهل للأمر علاقة بتركيا بحيث تحاول الإدارة الأمريكية قطع الطريق على أنقرة بما يؤدي إلى حرمانها من القيام بدور الفاعل الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط خاصة وأن واشنطن أصبحت أكثر انزعاجاً من توجهات أنقرة الإقليمية الأخيرة إزاء ملف الحرب الجورجية – الروسية وأزمة ملف إقليم كردستان العراقي وأزمة ملف الصراع النفطي الأمريكي – الروسي في القوقاز وبحر قزوين وآسيا الوسطى؟ وهل للأمر علاقة بملف الأزمة الإيرانية أم بملف الأزمة اللبنانية أم بملف الأزمة العراقية نفسها؟
كثيرة هي التساؤلات المتقاطعة، وأيضاً كثيرة هي الإجابات المتقاطعة، وبرغم أن الأسباب التي دفعت لتنفيذ الغارة ستظل فترة طويلة حبيسة أدراج البنتاغون والبيت الأبيض ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية والخارجية الأمريكية، فإن الاحتمال الأغلب هو أن تكون الأسباب تجمع بين الكثير من التقاطعات المحتملة المشار إليها.
* الغارة والتأثير على الجانب الإسرائيلي:
لم يخف رئيس الوزراء الإسرائيلي توجهاته الرامية إلى استمرار المحادثات غير المباشرة مع سوريا وأضافت المعلومات أن أولمرت قد باشر ترتيبات إيفاد فريق المحادثات من أجل إنجاز جولة المحادثات الخامسة، على أمل أن يؤدي نجاحها إلى الانتقال إلى المحادثات المباشرة، ولكن تحركات أولمرت السياسية أربكت خصومه السياسيين:
• زعيم حزب العمل الجنرال إيهود باراك يريد قطع الطريق على جهود أولمرت إلى حين صعوده وإمساكه بملف المفاوضات مع سوريا.
• زعيمة حزب كاديما تسيبي ليفني لا تريد السماح لأولمرت في المضي في ملف المحادثات إلى حين صعودها لمنصب رئاسة الوزراء وإدارة ملف المحادثات في الاتجاه الذي تريد.
• زعيم حزب الليكود بنيامين نتينياهو يريد القضاء على كل جهود السلام في المنطقة والعمل من أجل فرض ما يعرف بمفهوم السلام الإسرائيلي القائم على صيغة السلام مقابل السلام، وليس الأرض مقابل السلام.
من المعروف، أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الإدارة الأمريكية ومجلس الأمن القومي الأمريكية من جهة وبين نتينياهو زعيم الليكود من جهة أخرى، وهو السبب الرئيسي الذي جعل توجهات الإدارة الأمريكية منذ البداية تأخذ المنحى الرافض لإجراء المحادثات، وليس من المستبعد أن يكون هدف الغارة هو القضاء على مسار المحادثات طالما أن الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية قادمة، وعلى خلفية صعود شعبية نتينياهو فمن الأفضل عرقلة التوصل إلى توافق أو تفاهم يترتب عليه إدخال إسرائيل في أي التزامات جديدة يمكن أن تؤدي إلى تقييد حرية نتينياهو لاحقاً.
* الغارة والتأثير على الجانب السوري:
أعلنت سوريا التزامها الواضح بالمضي قدماً في مسار إحلال السلام العادل في المنطقة، وخلال الفترة الممتدة من بدء المحادثات غير المباشرة وحتى الآن، غضت سوريا النظر عن كل الوقائع والأحداث التي هدفت –من بين ما هدفت إليه- إلى التأثير سلباً على جهود إحلال السلام التي كان من أبرزها الغارة الإسرائيلية ضد سوريا وتشديد العقوبات الأمريكية وحوادث التفجيرات والاغتيالات.
وتقول التقارير بأن سوريا طالبت إسرائيل بالإجابة المحددة على مجموعة من التساؤلات وبناء على إجابات تل أبيب من المفترض بأن تتحدد طبيعة الخطوة القادمة. وعلى هذه الخلفية جاء ت الغارة الأمريكية الخيرة ضمن جهود واشنطن في إرباك الدبلوماسية السورية وفرض المزيد من تكتيكات شد الأطراف على تماسك القوام السوري.
هذا، وعموماً، على أساس اعتبارات التأثيرات المتقاطعة للغارة الأمريكية فإن واشنطن قد سعت على ما يبدو باتجاه إرباك الأطراف الثلاثة المنخرطة في المحادثات السورية – الإسرائيلية، فالمطلوب أولاً زعزعة استقرار موقف دمشق، وثانياً التعجيل برحيل أولمرت وإفشال جهود تسيبي ليفني بما يؤدي إلى صعود نتينياهو أو في أسوا الأحوال الجنرال شاؤول موفاز، وثالثاً حرمان أنقرة من النجاح في القيام بأي دور إقليمي فاعل لجهة الإبقاء عليها ضمن دور القاعدة الأمريكية والمحمية الأمريكية المحنطة ضمن أجندة مجلس المن القومي الأمريكي.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...