توصيف الخريطة الجيوسياسية لدول المنطقة

13-04-2009

توصيف الخريطة الجيوسياسية لدول المنطقة

 الجمل: تشهد الساحة العالمية، العديد من النزاعات والصراعات، وتقول المعلومات، بأن حوالي 70 بلداً، تعاني حالياً من وطأة النزاعات، التي تتراوح بين نزاعات مرتفعة الشدة، ونزاعات منخفضة الشدة، هذا، وبرغم اتساع نطاق هذه النزاعات لجهة توزيعها الجهوي على قارات العالم الستة، فإن منطقة الشرق الأوسط، سوف تظل لفترة طويلة قادمة، تمثل منطقة البؤرة الرئيسية للنزاعات العالمية.
• الوضع الجزئي للنزاعات الشرق أوسطية:
تتفاوت التحديدات الجغرافية إزاء مفهوم منطقة الشرق الأوسط، والسبب الرئيسي وراء ذلك، يتمثل في حداثة مفهوم الشرق الأوسط، الذي برز إلى حيز الاستخدام خلال فترة الحرب العالمية الأولى، إضافة إلى اختلاف إدراك الأطراف الدولية لهذا المفهوم.
على أساس اعتبارات، المنظور الأكثر رواجاً واستخداماً، فإن ما هو متعارف عليه تضمن تحديداً لمنطقة الشرق الأوسط باعتبارها إقليماً تتضمن أربعة أقاليم فرعية، وهي: 
- منطقة شرق المتوسط: وتضم سوريا- الأردن- لبنان- إسرائيل- (العراق).
- منطقة شمال إفريقيا: وتضم مصر- ليبيا- تونس- الجزائر- المغرب- موريتانيا- (السودان).
- منطقة الخليج العربي: وتضم: السعودية- الكويت- البحرين- قطر- عمان- الإمارات المتحدة- اليمن- (العراق).
- منطقة القرن الإفريقي: وتضم: السودان- الصومال- اريتريا- جيبوتي- إثيوبيا- (اليمن).
بالنسبة لوضع اليمن والعراق والسودان، فتوجد بعض الاختلافات، وذلك بسبب الآتي:
- تقع اليمن جغرافياً، ضمن رقعة الجزيرة العربية، ولكنها على أساس الاعتبارات الجيوسياسية، فهي أكثر ارتباطاً بدول القرن الإفريقي، وذلك بسبب الروابط الشديدة بين اليمن وجيبوتي والصومال.
- يقع العراق في منطقة جغرافية انتقالية، بحيث يرتبط شمال العراق جيوسياسياً بمنطقة شرق المتوسط، ويرتبط جنوب العراق جيوسياسياً بمنطقة الخليج العربي.
- يقع السودان، في منطقة جغرافية انتقالية، بحيث يرتبط السودان، جيوسياسياً بشكل مباشر مع كل ما يحدث في منطقة شمال إفريقيا، ومنطقة القرن الإفريقي.
ولكن برغم ذلك، فقد أكدت التطورات الجارية بأن العراق أكثر ارتباطاً بمنطقة شرق المتوسط، واليمن أكثر ارتباطاً بمنطقة القرن الإفريقي، أما السودان، فمازالت بعض نزاعاته ترتبط بمنطقة شمال افريقية، وبعضها الأخر يرتبط بمنطقة القرن الإفريقي، إضافة إلى وجود نزاعين آخرين، أحدهما يرتبط بنزاعات وسط وغرب إفريقيا وهو نزاع دارفور، ونزاع الجنوب الذي يرتبط حصراً بنزاعات منطقة البحيرات العظمى الإفريقية:
• أولاً: منطقة شرق المتوسط: أبرز المؤشرات يتمثل في التطورات الآتية:
- سوريا: تحركات دبلوماسية أمريكية إزاء دمشق- افتتاح سفارة لبنانية في دمشق.
- لبنان: إعلان الرئيس اللبناني الجديد في باريس عن رفضه لإجراء أي محادثات مباشرة مع إسرائيل- اغتيال أحد كبار زعماء حركة فتح في لبنان- افتتاح سفارة سورية في لبنان- بدء حملة الانتخابات البرلمانية القادمة- إعلان بريطانيا عن استعدادها للتعامل مع حزب الله.
- العراق: بدأت الخلافات تطل برأسها بين الفصائل والقوى السياسية العراقية، وما هو جدير بالملاحظة أن القوى الدينية السنية والشيعية قد بدأت تعاني من بعض عوامل الضعف، بينما بدأت القوى الوطنية ذات التوجهات العلمانية صعوداً سياسياً يتضمن قدراً أكبرمن الحيوية، وتشير المعلومات إلى أن الانتخابات المحلية العراقية الأخيرة قد أظهرت وكشفت عن تحول الرأي العام العراقي إلى تأيد الحركات السياسة ذات الطابع الوطني العراقي بدلاً عن الحركات الدينية الطائفية.
- الأردن: تزايد الضغوط على النظام الملكي بسبب تداعيات السياسة الخارجية الإفريقية خلال فترة الإدارة الأمريكية السابقة- تزايد تحركات دبلوماسية عمان من أجل البحث عن دور جديد في المنطقة، خاصة وأن القيام بدور في الملف الفلسطيني أصبح ينطوي على قدر كبير من المخاطر التي يمكن أن تهدد استقرار النظام الملكي.
- إسرائيل: صعود تحالف اليمين- اليمين الديني، إلى الكنيست ومجلس الوزراء الإسرائيلي، إضافة إلى تولي الزعيم الليكودي بنيامين نتاياهو رسمياً منصب رئاسة الوزراء- تحول حكومة نتاياهو تفادي الصدام المحتمل مع إدارة أوباما. وعلى وجه الخصوص في المسائل المتعلقة، بأجندة مؤتمر سلام أنابوليس- وعملية سلام الشرق الأوسط- وحل إقامة الدولتين.
- الأراضي الفلسطينية: ما تزال حالة الانقسام مسيطرة، بحيث تهيمن حركة حماس على قطاع غزة، وتهيمن حركة فتح على الضفة الغربية ومؤسسات السلطة الفلسطينية، وهناك مؤشرات تفيد لجهة أن هيمنة حركة فتح على الضفة والمؤسسات الفلسطينية، تواجه حالياً شبح صعود حماس، أو ربما شبح اندلاع الصراع الفلسطيني- الفلسطيني في الضفة الغربية.
• ثانياً: منطقة شمال إفريقيا: أبرز المؤشرات يتمثل في التطورات الجارية الآتية:
- مصر: تزايدت المعارضة للنظام بسبب الأزمة الاقتصادية، وتداعيات أزمة غزة، تدور وساطة مصرية للوفاق بين حركة حماس وحركة فتح، إضافة إلى وساطة مصرية بين إسرائيل وحركة حماس.
- الجزائر: تدور الخلافات السياسية حول جدولة الانتخابات الرئاسية، إضافة إلى قيام الجماعات المسلحة الإسلامية بشن بعض الهجمات والعمليات المسلحة.
- المغرب: أعلنت المغرب قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، بينما تحاول الحركات الإسلامية شن المزيد من العمليات المسلحة.
- تونس: تصاعد الخلافات السياسية بين المعارضة والحكومة، مع احتمالات ظهور جديد لعمليات الحركات الإسلامية المسلحة.
- موريتانيا: تزايد الخلافات بين القوى السياسية والمجلس العسكري الحاكم، إضافة إلى إعلان رئيس المجلس العسكري الحاكم عن ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية القادمة.
- ليبيا: تزايد الخلافات بين أجنحة حركة لجان الثورة، إضافة إلى احتمالات تصاعد الخلافات بين أجنحة المعارضة الليبية الداخلية والخارجية.
- الصحراء الغربية: تتزايد الخلافات بين حركة البوليساريو وحكومة المغرب، وأيضاً بين البوليساريو والأمم المتحدة.
• ثالثاً: منطقة الخليج العربي: أبرز المؤشرات يتمثل في التطورات الجارية الآتية:
- البحرين: تزايد الخلافات السنية الشيعية، إضافة إلى بعض الخلافات الفئوية بين السكان والسلطات البحرينية بسبب مساعي الحكومة البحرينية لحظر استخدام الصيادين للشواطئ البحرينية التي أصبحت مقراً لقطع الأسطول البحري الخامس الأمريكي.
- الكويت: تتزايد الخلافات السياسية داخل البرلمان الكويتي، إضافة إلى تزايد الخلافات بين الحكومة والشرائح الاجتماعية بسبب الروابط الأمريكية-الكويتية وتأثيراتها السلبية على الموقف الكويتي الرسمي إزاء قضايا الصراع العربي- الإسرائيلي.
- قطر: تزايد الخلافات السنية- الشيعية، إضافة إلى تزايد انتقادات الرأي العام القطري للوجود الأمريكي في قطر.
- الإمارات المتحدة: تتزايد انتقادات الرأي العام للسلطة بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد الوطني، إضافة إلى تزايد السخط بسبب الغلاء مع بروز خفيف للخلافات السنية- الشيعية.
- سلطنة عمان: تزايد الخلافات السنية- الشيعية، وتزايد الانتقادات في أوساط الرأي العام للروابط العمانية- الأمريكية وتزايد الوجود العسكري الأمريكي والبريطاني في السلطنة.
- السعودية: تزايد الانتقادات بسبب الروابط السعودية- الأمريكية المتزايدة، والوجود العسكري الأمريكي المكثف، إضافة إلى تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد السعودي، وهناك خلافات سنية- شيعية متزايدة في مناطق شرق السعودية، إضافة إلى تزايد شعبية تنظيم القاعدة، وزعيمها أسامة بن لادن في أوساط أبناء القبائل السعودية الريفية وسائر غرب وجنوب السعودية.
- اليمن: وصلت الأزمة السياسية اليمنية إلى نقطة أكثر انغلاقاً وتشير الوقائع إلى أن الرأي العام اليمني أصبح أكثر انتقاداً لتوجهات الرئيس عبد الله صالح الساعية للتعاون وبناء الروابط مع أمريكا، وإضافة لذلك، فمن المحتمل أن يتزايد نطاق الصراع المسلح الداخلي، بحيث لا تقتصر المواجهة على القتال بين القوات اليمنية وميليشيات أتباع الحوثي، وإنما على مواجهة جديدة بين أنصار تنظيم القاعدة الذين تزايد عددهم والقوات اليمنية.
• رابعاً: منطقة القرن الأفريقي:
- الصومال: يدور صراع بين الحكومة الجديدة والحركات المسلحة الإسلامية، إضافة إلى تعزيز مناطق شمال الصومال إلى موقفهما الانقسامي من الدولة المركزية، وتوجد احتمالات أكبر لتدخل دولي، إضافة إلى احتمالات أن تلقي ظاهرة القرصنة البحرية تداعياتها على الأوضاع الأمنية.
- جيبوتي: تزايد السخط الشيعي بسبب الخلافات القبلية، إضافة لتزايد احتمالات أن تقوم جيبوتي باستضافة المزيد من القوات الأمريكية، وعلى وجه الخصوص بعض القطع التابعة للبحرية الأمريكية وقوات حلف الناتو.
- اريتريا: تزايدت الانتقادات الداخلية للنظام بسبب الأزمة الاقتصادية، إضافة إلى تزايد الآراء المطالبة بإدماج اريتريا ضمن بيئتها العربية، بعد فشل سياسة النظام التي كانت تهدف إلى تعزيز روابطها مع أمريكا وإسرائيل، واللتان تخلتا عن النظام وتحولتا لدعم إثيوبيا.
- إثيوبيا: تزايدت الانتقادات الداخلية بسبب تداعيات تورط القوات الإثيوبية في الصومال، إضافة إلى احتمالات تصاعد نشاط الحركات الانفصالية في مناطق جنوب وشرق إثيوبيا.. بما يمكن أن يجعل النظام الإثيوبي يسعى لتحويل انتباه الرأي العام إزاء حرب إقليمية جديدة، إما العودة مرة أخرى للمسرح الصومالي أو خوض صراع عسكري للحسم النهائي مع إريتريا.
• الوضع الكلي:
تشير معطيات خبرة النزاعات والصراعات الجارية حالياً في منطقة الشرق الأوسط بشقيها العسكري والسياسي، بأن كل المؤشرات تتجه نحو الآتي:
- تزايد عمليات الجماعات الإسلامية المسلحة.
- تزايد الانتقادات والمعارضة لحكومات المنطقة المرتبطة بواشنطن.
- حدوث تغيرات في خارطة القوى السياسي الحاكمة، وعلى وجه الخصوص في لبنان، وموريتانيا.
- تزايد الصراع المسلح في اليمين.
- انخفاض حدة التوتر السني- الشيعي إذا قللت الإدارة الأمريكية من لهجتها ومخططات استهداف إيران، مع احتمالات تزايد حدة التوتر السني الشيعي في البلدان العربية الساعية لاستهداف إيران.
- تزايد ارتباط النظامين المصري والأردني مع إسرائيل، مع احتمالات تورطهما في عمليات سرية لجهة التنسيق مع إسرائيل في محاولة استهداف حزب الله اللبناني عن طريق العمل على تفكيك روابطه مع حركات المقاومة الفلسطينية.
أما بالنسبة للأطراف الخارجية، فمن المتوقع أن يتميز أداءها السلوكي إزاء الشرق الأوسط على النحو الآتي:
- الولايات المتحدة: سوف تسعى باتجاه الاهتمام أكثر فأكثر بالتصدي للملف الإيراني، وتقليل تحركاتها في عملية سلام الشرق الأوسط.
- روسيا والصين: سوف تقللان من معارضتهما لتوجهات الولايات المتحدة، طالما أن إدارة أوباما تسعى إلى التفاهم مع روسيا حول مناطق الجوار الروسي، ومع الصين حول ملف العلاقات التجارية والاقتصادية.
- تركيا: سوف يكون وضعها حرجاً، وذلك لأن واشنطن سوف تسعى لتوريط تركيا في ملف أفغانستان، إضافة إلى دفعها للوساطة في أزمة الملف النووي الإيراني، وملف المفاوضات السورية- الإسرائيلية، ويتميز كل واحد من هذين الملفين بالصعوبات المتزايدة بسبب المواقف الإسرائيلية المتشددة، إضافة إلى عدم قدرة الإدارة الأمريكية الجديدة على القيام بفرض الضغوط على إسرائيل بالشكل المطلوب لتغيير مواقفها.
أما بالنسبة للعراق، فسوف تظل العمليات العسكرية ضد القوات الأمريكية طالما أن الإدارة الأمريكية قد أقرت سحب قواتها من العراق، ولكن في الوقت نفسه فإن بوادر تصاعد الخلافات العراقية الداخلية، سوف تؤدي بالضرورة إلى إعادة إشعال فتيل الصراع الداخلي المسلح، وما من سبيل لتفادي ذلك سوى التزام نوري المالكي وحكومته بإجراء انتخابات برلمانية تتيح للعراقيين اختيار القوى السياسية التي يريدونها، أما إذا سعى المالكي إلى تطبيق غير ذلك فإن الحرب الأهلية العراقية سوف تأتي لا محالة.
سوف تشهد الجامعة العربية، انحساراً كبيراً في دورها الإقليمي خلال العام القادم، وذلك لأن أسلوب الجامعة العربية وأداءها السلوكي خلال الفترة الماضية ظل مثار انتقاد ورفض العديد من الأطراف العربية الفاعلة، وعلى وجه الخصوص أداء الجامعة العربية إزاء أزمة غزة، وموقف أمينها العام عمرو موسى إزاء الخلافات الإسرائيلية التركية الأخيرة.. وإضافة لذلك فمن المكن أن يؤدي تورط النظام المصري في بناء علاقاته مع تل أبيب خلال الفترة القادمة إلى ارتفاع بعض الأصوات العربية التي قد تطالب بإعادة صيغة توازن القوى داخل الجامعة العربية، بحيث يمكن أن تظل مصر دولة المقر للجامعة العربية، ولكن بشرط أن يكون أمينها العام غير مصرياً!!

 

الجمل قسم الترجمة والدراسات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...