حجابي على رؤس الآخرين

07-11-2007

حجابي على رؤس الآخرين

أخبرت الجميع بأني أريد أن أخلع حجابي فبدأت المعركة.
لا أحد يريد التواطؤ معي. يهربون ويهرولون مسرعين كأنني كائن من الفضاء الخارجي أحمل فيروساً مسمّاً. وجهّزوا العدة لمواجهتي وتسلحوا بأسلحة من العيار الثقيل. ورافقت الحملة بروباغندا عنوانها: مجنونة أنت الآن! بعد ثلاثة عشر عاماً تريدين أن تخلعي الحجاب!
يضحكونني بذلك، وكأنني وقتها كنت صاحبة الخيار! أذكر كيف أجلسوني وسألوني: هل تريدين أن تكوني مع الشيطان؟
أمي لمياء كانت هادئة، وعلى الرغم من أنها لم تذهب إلى الجامعة يوماً لكنها كانت أرقى من كثيرين تعلموا. قالت لي: قد أحترم رأيك وقد يكون منطقياً بعض الشيء، ولكن يا عزيزتي لا أستطيع أن أقول نعم، لأنه المجتمع ولأنني لا أستطيع أن أراك بلا حجاب (أحترمك يا أمي).
خالي عاطف (كان يؤدي دور المرجع) قال: لا أستطيع أن أساعدك وكيف لي أن اقبل بما يخالف للدين والشرع! وسكت.
أضحكني خالي جداً. فلقد نسي الشرع عند حدود تنورة زوجته وفساتين بناته المكشوفة الصدر.
إخوتي، لم أبلغهم بعد. منهم من كبر ومنهم ما زال صغيراً.
صديقتي ندى لن تكلمني إن خلعت الحجاب، لقد هددتني بشكل مباشر. وأردفت قائلة: هذا شيطان يوسوس لك! وهذه نزوة.
أفزعتني. لم أتوقع يوماً أن في داخلي ينمو شيطان!
والدي مصطفى لم يعلم بعد. ترى، ماذا سيفعل لاحقاً؟ أنا واثقة من أنه لن يضربني بالعصا. لم يستعملها يوماً وأعتقد بأنه لن يستعملها الآن. والدي حنون، يحبني جداً، لم يقهرني يوماً، لكن بالطبع، وبحكم الدين، تزول الإمبراطوريات.
أختي هدى مسافرة منذ زمن بعيد، وقد قالت: هذا أمر يعود لك اتخاذ القرار فيه، وعلى الجميع تقبل قرارك.
معذورة، فهي لم تترعرع في مجتمع عربي.
فرحت أخريات بالخبر، وكنّ من دين آخر. وقد يكنّ معاديات للحجاب.
ولقد سألوني باكتراث: ألا تخافي من المجهول وما يخبئه الغد لك؟
من منّا يعلم نتيجة خياراته مسبقاً؟
واحد لا يحمل إسماً، فهو أوسع من الأسماء، وعدني بأن يعطيني مقالاً كتبه عن الحجاب كي يساعدني في بلورة أفكار أستعملها للدفاع عن نفسي. لكنه حتى اللحظة لم يفعل ذلك. أنا أعلم أنه مشغول. لكنه فعل شيئاً أهم إذ علّمني منذ زمن بعيد أن أكون مؤمنة بلا مذهب. علمني قول الإمام علي، حفظته: إلهي ما عبدتك طمعاً في جنتك ولا خوفاً من نارك إنما عبدتك لأنك أهل للعبادة.
لا تزال المعركة دائرة. قد تدميني وتثقلني بالجراح وأنهزم.
لكن المسألة أبعد من مجرد حجاب. إنها مسألة تتعلق بهوية في داخلي لا أريد أن أقمعها.
لا أريد أن أعيش حياتي كلها في تخاذل وغش.
لا أريد أن أموت ونفسي مسجونة رهينة الخوف من التغيير.
رهينة شجاعة القول وليس الفعل.
وأنا لست ضد الحجاب. لكنها ولادتي الجديدة.
أحاول أن أنتقي لنفسي نمط حياة جديداً بكامل صور الحياة.
اسم جديد وأفكار جديدة وخطوات جديدة.
والحجاب هو خطوتي الأولى.

زينب عواضة

المصدر: السفير

إلى الندوة

التعليقات

لا أعرف لما أثارت الكاتبة كل هذه الضجة حول حجابها.. إذا كانت تريد أن تخلع حجابها فلتفعل والأمر بينها وبين ربها.. أعتقد أن تساؤلاتها هذه تدلّ على ضعف في اتخاذ القرار. وإذا كانت فعلاً - حروناً - إلى الدرجة التي صوّرتها فلن تثير كل هذا الجدل والغبار. أما عن "الولادة الجديدة" فكل منّا يرى ولادته الجديد بقرار يغير مجرى حياته تجاه ما يعتبره هو " الأفضل " .. وقد تعتقد امرأة ما اتخذت قراراً بارتداء الحجاب في عائلة لا تؤمن به " ولادة جديدة " لها..وليس قرار الكاتبة هذا كقرار ناسا إرسال رجل إلى القمر..!!

انا مع اتخاذ اي قرار يكون صاحبه مقتنع به وضمن ان اثاره عليه وقادر على تحمل مسؤلياته انا لست محجبة لكني احترم الحجاب كجزء من قناعات من ترتديه وتاكدي اني احترم اي فكرة تجول في راسك وانت قادرة حتى البوح فيها في مجتمع كل شئ فيه مسموح شرط عدم المجاهرة به

في البداية ...كل الشكر للقائمين على هذا الموقع... اما بالنسبة للموضوع....فهي رسالة لكل مسلم...وعبرة لكل شخص..والموضوع ليس قطعة قماش...او مبدأ...وهناك اقلام دابت ..وحناجر صاحت... فالحجاب يبدأ من الداخل..من قلب الانسان...وما هي الولادة الجديدةالتي اصابها ..الاجهاض من اللحظة الاولى... ما علاقة الحجاب بالتقدم الحضاري والتكنولوجي؟هل الحجاب هو السبب في عجزنا عن صناعة السيارات والطائرات والدبابات والمصانع هـل من شروط الحضارة والمدنية أن تكون المرأة جسداً بلا روح ولا حياء ولا ضمير؟! وهـل وصلت إلى ما وصلت إليه الدولُ المتقدمة من قوة ورقيّ؟! لان المراة بدون حجاب..وهل يمنع المرأة من الإبداع والرقي.....الجواب واضح لا يحتاج إلى تفصيل... والكلام لا ينتهي هنا...والموضوع اكبر من قصة...او قرار...

خلعت الحجاب بعد 15 سنة من ارتدائه لأنني مللت أن أكون كما يريدني الآخرون. كنت لا أزال صغيرةً يومها عندما بدأ الجميع في تخويفي و ترهيبي من الله الذي يحرق و يعذب من لا تغطي شعرها. لكني كبرت لأدرك أنهم نسوا أو تناسوا كل الذنوب التي يقترفونها يومياً و جعلوا من تغطية الشعر قضيتهم الأولى. مللت أن يقرر الجميع ( ما عداي) ما الذي يصح أن أفعله و ما الذي لا يصح! هي معركة دخلتها و خرجت منها منتصرة لأن القضية لم تكن قضية حجاب فقط.. بل كانت قضية الدفاع عن حقي في أن أبني أفكاري بنفسي و أن أعيش حياتي كما أريد أنا و ليس كما يريدون هم.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...