سورية إقليم في دولة

16-03-2012

سورية إقليم في دولة

عام على الأزمة في سورية. خصوم النظام أخطأوا منذ البداية في تأكيدهم على حتمية سقوطه. أصدقاؤه أيضاً أساءوا التقدير في قدرته على الحسم. في كلا الحالتين، ضُربت مواعيد وآجال، خيبت آمال أصحابها وكشفت سعة الهوّة بين المواقف والوقائع. المراوحة الراهنة والمستديمة، ستدفع كل طرف إلى التمييز بين الممكن والمستحيل، وإلى التحصن خلف ما أُنجز، وتهميش ما لم يُنجز. النظام سيكرس صموده في وجه المؤامرة . فيما سيكتفي الخصوم بإدامة الأزمة واستنزاف النظام بديلاً من إسقاطه، ودليلا على منجز حققوه في عملية تصفية الحساب مع سورية..
في المدى القريب، قد يستطيع النظام تخفيف حدة الأزمة. لكنه لا يبدو قادراً، في المدى نفسه، على الحسم الأمني والعسكري. انتصاراته الأخيرة في إدلب وحمص، تعزز قدرته على البقاء، لكنها لا تعني بالضرورة قدرته على إنهاء جيوب المسلحين. الحسم هذا متعذر، ما دام هنالك دعم خارجي بالمال والسلاح والإعلام لـ«الثوار» والمعارضين. بالمقابل، التدخل العسكري الخارجي ضد سورية مستبعد أيضاً. أي تدخل من هذا القبيل سيوازي عدواناً على منشآت إيران النووية أو حرباً إسرائيلية على لبنان. سورية، في حسابات خصومها، إقليم في دولة وليست مجرد دولة في إقليم.
بعد عام على الأزمة، ينأى المشهد السوري بنفسه، أكثر من ذي قبل، عن الثورات العربية. في الثورات هذه، برزت وحدة المعارضات مقابل تصدعات الأنظمة. أما في الحالة السورية، فالنظام أكثر توحداً مقابل انقسامات المعارضات.. في معظم الثورات العربية لم يحل وقوف أميركا وحلفاؤها إلى جانب الأنظمة دون سقوطها. بينما في سورية شكّل وقوف هؤلاء مجتمعين ضد النظام عاملا إضافيا في صموده. العنف الدموي المتبادل في بلاد الشام أقرب إلى الحرب الأهلية اللبنانية منه إلى الربيع العربي. التوافق الداخلي السوري شرط لازم لحل الأزمة لكنه ليس كافياً من دون تسويات خارجية. وما زال هناك الكثير من المراحل قبل الوصول إلى «طائف» سوري ينتج سلطة شراكة بين النظام والمعارضة.
تعامَلَ النظامُ مع المعارضة السلمية بلغة الإصلاحات ومع المعارضة المسلحة بطريقة الحسم العسكري والأمني. لكن، نجاح الخصوم في إدراج الاثنتين ضمن صورة واحدة، أبقى الإصلاحات من دون الفعالية المطلوبة، وحوّل الحسم إلى سلاح ذي حدين. لقد اخفق النظام، إلى الآن، في تقديم صورة مغايرة تنطوي على الفصل والتفريق بين المعارضتين. نجاح النظام في احتواء الأزمة مرهون، قبل كل شيء، بقدرته على تحييد المدنيين و إخراجهم من دائرة النيران في حربه مع المسلحين.
بالمقابل، استنفد هؤلاء الخصوم كل المتاح لإسقاط النظام ولكن من دون جدوى. استعجلوا حرق أوراقهم وأخفقوا في إدارة المعركة.. وخلقوا مبررات جديدة تعيد تكريس نظرية المؤامرة التي كانت أول من يطل برأسه في شتى تدخلاتهم: إعلام للتضليل، دبلوماسية لتصفية الحساب، أموال لتأجيج الفتنة، حصار لإسقاط الدولة، ودفاع مزيف عن حقوق الإنسان...
العامُ الأول من الأزمة السورية، استقرت فيه توازنات الأزمة وتبلورت معه مؤشرات استمرارها. المشهد السوري الراهن محكوم للاءين،لا مجال للحسم العسكري ولا أفق للحوار السياسي..المشهد ذاته سيرخي بظلّه على الأزمة في مشهدها الآتي: عودة غربية إلى سياسة العقوبات، على قاعدة الكيد الذي لا يغني من جوع. عجز أممي عن التأثير بمسار الأزمة وتعويضه بما يشبه مبادرة كوفي أنان»الإنسانية» التي حملها إلى دمشق. صمت تركيّ بليغ، هو أقرب إلى اعتراف بالأخطاء السابقة في تقدير الموقف من أزمة سورية. تخبط عربي يراوح بين الدعوة إلى إسقاط النظام وتسليح المعارضة وعدم جدوى الحوار، وصولاً إلى ملاقاة الروسي في منتصف الطريق على غرار اتفاق «النقاط الخمس».
عام آخر من الأزمة السورية ما لم يكن هناك مفاجآت.

حبيب فياض

المصدر: السفير

التعليقات

هل نستطيع التحدث بصراحة بدون مجاملات وبدون تلطيف للواقع , بعد سنة على الأضطرابات في سورية أنا أرى الوضع على الشكل التالي : أعداد من المخالفين للنظام وليس المعارضين له ( فالمعارضين الوطنيين الشرفاء هم الجماهير التي ملأت الساحات أكثر من مرة هاتفة علناً بأسم الرئيس وناقدة ضمناً لسوء الإدارة والفساد اللذان يحاربهما زعيم المعارضة ب.أ)هؤلاء المخالفين تم دفعهم والدفع لهم من جهات لم تكن يوماً تريد الخير لسورية فتشكل منهم جناحين الأول يقاتل عسكرياً والثاني يقاتل سياسياً أما المقاتل عسكرياً فأمره مكشوف وعلاجه معروف وأما المقاتل سباسياً فهم قسمان المخالف ( المعارض ) الخارجي وهو مكشوف ومفضوح والمخالف الداخلي وهو بيت القصيد فخلال سنه من عمر المؤامرة أنكشفت الأوراق ونزعت الأقنعة و ظهر للكبير والصغير و للمتعلم والفقير المشهد واضحاً إلا للمعارضة الداخليه ( المجبرين أن ندعوها الوطنية ) فهي لازالت لا ترى مؤامرة ولا زالت تريد تعددية حزبية ( حتى بعد إقرار الدستور الجديد) ولا زالت تتكئ على المسلحين والأرهابيين والمعارضة الخارجية العميلة وتضغط بهم على الدولة عسى أن تحصل بهذا الضغط على بعض المكاسب وذلك بدل أن تدين السابقين أجمعين وتعلن تنصلها منهم ومن أفعالهم, بعد أن ذاق منهم الشعب السوري الذي تدافع عنه وعن حقوقه معارضة الداخل ذاق الأمرين ووصلت الأمور بعد رقبته إلى لقمة عيشه ,ولكن المعارضة الداخلية ( الوطنية ) لازالت متمسكة بكل إباء بلاآتها وأيضاً بعماها وبصممها وبحمقها اللذين يمنعونها عن رؤية مصالح الناس ومصالحها وحجمها فبعض المعارضة الداخلية لا تستطيع أن تحشد من المؤيدين إلا شخصين :السفير الأمريكي والسفير الفرنسي وللأسف فقد سافرا وهكذا فقدت المعارضة قاعدتها الشعبية.وبعضها الآخر يعتمد على وزنه الثقافي لا على عمقه الشعبي ويا فجيعتنا بهكذا مثقفين فهم أولاً لم يستطيعوا تعديل شكل معارضتهم لكي تلامس فعلاً حاجات الناس الذين تعبوا بعد سنة من المشاكل والضغوط وأصبح بطلهم هو من يستطسع الوصول إلى حل وسط يريحهم ويعيد أمنهم وروتين حياتهم ثم يناضل لتحسين ظروفهم ولتطوير مجتمعهم. وثانياً أثبت هؤلاء المثقفون أنهم ليسوا أكثر من كتاب زوايا في جرائد هامشية تنطعوا لأستغلال ظرف هو أكبر منهم ومن ملكاتهم العقلية المحدودة, وهكذا لم تستطع المعارضة الشعبوية ولا المعارضة المثقفة النخبوية من أختراع طريقة تحل المشكلة سوى العند على لا للحوار - أي أن نظريتهم للحل هي أستمرار قتل وتجويع السوريين حتى لايبقى إلا المؤيدين للا للحوار وهكذا بيعيشوا مع بعض كل المحبين للا للحوار بثبات ونبات - أما من كان منهم- أي المثقفين - متسيداً لهرم الثقافة فلم يتجرأ على إعلان موقف سوى خوفه وجبنه اللذان أظهرهماإما بمياعة مواقفه التي لم تلتزم لا بجهة ولا بإتجاه ( إنتظاراً لمعرفة المنتصر ليقف معة ) أو إعلان مواقف ليس لها تفسير كأن يصبح المتحمس دائماً لنقد الإله والدفاع عن أبليس أخونجياً مخلصاً ( وأعني صادق العظم )لعله يمشي على خطى الشيوعي المؤمن بالإلحاد دينا الذي أصبح نصير الأخونجية وأعني غليون. بينما لم بستطع أمبراطور الثقافة السورية علي أسبر( أدونيس ) من تسجيل أي موقف ذو نكهة يمكن أن يتذوقها العوام مثلنا فبقيت مواقفه عن الأزمة في بلده سورية مشابهة لمواقفه عن زلزال تاهيتي فهو حزين لما حصل وكفى الله المثقفين مشقة تشغيل العقل . بعد سنة من الأزمة في سورية أكتشفنا أن أسوأ ما في أزمة سورية هي المعارضة الفرحانة لأنها صارت تطلع على التلفزيون و المنتشية بحب البعثات الدبلوماسية لها , ولا يهمها إن مات كل الشعب السوري ذبحاً أو جوعاً فالمهم الآن المحافظة على الطلة التلفزيونية وعلى رضا السفارات حتى لو كانت مغلقة والأسوأ هم المثقفين الذين يعتبرون عادة ذخر أي شعب خلال الأزمات فإذا بهم كالشجرة اليابسة لا ثمر ولا ظل . ولم يبق في هذه المحنة إلا الكتلة الأكبر من الشعب التي برهنت رغم بساطتها وتهميشها أنهاالأوعى والأذكى والأكثر معرفة بمجريات الأمور والأكثر معرفة بمصلحة الوطن ومصلحتها وكيف تستطيع تحقيق المصلحتين , عاشت سورية وستعيش حرة أبية لأن شعبها يستطيع فطرياً فرز الغث من الثمين وقد فعل .

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...