سياسات المحافظين الجدد ستقضي على الولايات المتحدة وإسرائيل

07-08-2006

سياسات المحافظين الجدد ستقضي على الولايات المتحدة وإسرائيل

أجرى رئيس تحرير مجلة غلوبيل فيوبوينت ناتان غاردلز مقابلة مع مستشار الامن القومي الاسبق زبيغنيو بريجنسكي، في 31 تموز الماضي، في الاتي نصها:
غاردلز: هزمت إسرائيل الدول العربية الكبرى في أيام الحرب الستة، غير أنها لم تتمكن من هزم حزب الله بعد أكثر من عقد من الاحتلال، منذ ما قبل انسحابها في العام .2000 كما انها لم تتمكن من وقف الضربات الصاروخية بعد مرور ثلاثة أسابيع على القصف المدفعي والجوي المركّز، بالاضافة إلى العمليات الخاصة على الارض. هل يعني ذلك أن حزب الله قد انتصر من خلال صموده أمام إسرائيل، وعبر كسره صورة الرادع الاسرائيلي الذي لا يهزم؟
بريجنسكي: من المهم أن ندرك أن إسرائيل هزمت أعداءً رسميين تقودهم في معظم الحالات أنظمة غير كفوءة، وفي الغالب فاسدة. حزب الله يشن حرباً غير متناسقة ضد إسرائيل مبنية على الدعم الشعبي الأصولي وحتى الطائفي المتزايد. إذن، أجل، إسرائيل ستواجه المزيد من الصعوبات في معالجة هذه المسألة الثانية المتناقضة مع سابقتها.
غاردلز: عبر السنوات، جادل الاسرائيليون المتشددون كأرييل شارون وبنيامين نتنياهو حول أن إسرائيل تعيش في جوار خشن، حيث لا يستمع أعداؤها سوى لمنطق القوة. وجادل المحافظون الجدد الاميركيون بالمثل حول ان دخول العراق بشكل أحادي قد يؤثر على عظمة الولايات المتحدة، ما قد يخيف الجوار الخشن الذي يذعن للاهداف الاميركية. ألم ينقلب ذلك ليتضح أنه أمر خاطئ؟ ألا يؤدي التفوق العسكري كأداة حادة إلى عداء، وليس الى أمن، عالمي؟ إن جولة في الدمار الذي خلفه اجتياح شارون في قرى جنوب لبنان في العام ,1982 قد يدفع للتوقع أن شيئا كحزب الله، يكنّ البغض لإسرائيل، قد ينبثق في السنوات التالية.
بريجنسكي: إن قواعد المحافظين الجدد هذه، والتي أخذت إسرائيل منها مرادفاتها، ستقضي على أميركا، واستطراداً على اسرائيل. وسوف تقلب الغالبية العظمى من سكان الشرق الاوسط كلياً ضد الولايات المتحدة. إن دروس العراق تتحدث عن ذاتها. أخيراً، إذا استمرت سياسات المحافظين الجدد بإيجاد أتباع لها، فإن الولايات المتحدة سوف تُطرد من المنطقة وسيكون ذلك بداية نهاية إسرائيل.
غاردلز: ألا يبعث موت العديد من المدنيين الابرياء في قانا في جنوب لبنان كمذبحة الحديثة في العراق على يد الجنود الاميركيين رسالة إلى العرب والايرانيين بأن الشرق الاوسط الجديد القادم من الولايات المتحدة وإسرائيل سيوازي الاحتلال، المجازر وإراقة الدماء؟ حتى شيرين عبادي، المعارضة الايرانية التي فازت بجائزة نوبل للسلام، قالت لي مؤخراً إن الايرانيين يفضلون أن يعانوا حكم الملالي على التعرض للرعب الذي يرونه في العراق.
بريجنسكي: إن هذا بالضبط هو السبب في أن سياسات المحافظين الجدد هي متهورة وخطيرة على كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
غاردلز: إلى أين ستتجه دبلوماسية الولايات المتحدة من هنا، ما بعد نزاع حزب الله وإسرائيل؟
بريجنسكي: إن العامل الجديد اليوم يكمن في ازدياد صعوبة الفصل، ما بين كل من النزاع الفلسطيني الاسرائيلي ومشكلة العراق وإيران. إن أياً من الولايات المتحدة أو إسرائيل لا تملك القدرة على فرض حلّ أحاديّ في الشرق الاوسط. قد يكون هناك أشخاص يخدعون أنفسهم بتصديق ذلك. إن الحل لا يمكن أن يأتي سوى من القضية الاسرائيلية الفلسطينية إذا كان هناك ضلوع دولي جدي يدعم المعتدلين من الطرفين سواء أكان هؤلاء قلائل أم كثراً لكن يخلق أيضاً وضعية تجعل المصلحة العليا للاطراف المتنازعة تكمن في التكيّف بدلا من المقاومة، بفضل المحفزات وقدرة التدخل الخارجي على فرض الثمن.
حين انتقد رئيس الوزراء العراقي (جواد) المالكي بقسوة مؤخراً، إسرائيل في النزاع مع لبنان، كان هذا إشارة على أمور ستقع. إن مقولة ان الولايات المتحدة سوف تحصل على عراق ليّن، ديموقراطي، مستقر، مؤيد لاميركا ومحبّ لاسرائيل هي خرافة سريعة التآكل.
لهذا السبب تحتاج الولايات المتحدة لبدء المحادثات مع العراقيين حول يوم فكاكنا عنهم. لا يجب أن نغادر بتهور. لقد قال لي السفير الاميركي في العراق (زلماي) خليل زاد، إن الشهور الاربع قد تكون متهورة. أوافقه. لكن يجب أن نوافق على أن الولايات المتحدة سوف تنفصل (عن العراق) في فترة ما بعد ذلك.
وطالما أن إيران معنية بالامر، فقد قدمنا للايرانيين عرضاً معقولاً. لا أعلم إذا كان لديهم الفطنة للرد إيجاباً، أو على الاقل ليس سلباً. أميل إلى فكرة أنهم سوف لن يردوا على الارجح سلباً ولا إيجاباً، وسوف يحاولون تعطيل العملية (المفاوضات). لكن هذا ليس بهذا السوء، طالما أنهم لن يرفضوا العرض.
وفي وقت تعد فيه المشكلة الايرانية النووية خطيرة، وفي حين ان الايرانيين هم متورطون هامشياً في لبنان، فإن واقع الحال أن هذا التحدي الذي يطرحونه ليس وشيكاً. ولأنه ليس وشيكاً، فهناك وقت للتعامل معه.
يكمن أفضل جزء من الحكمة في السياسات الدولية، أحياناً، في إرجاء المخاطر بدلاً من محاولة إزالتها جميعاً وفوراً. ويترتب على ذلك وجود مكافحة قوية لردات الفعل المدمرة. لدينا الوقت للتعامل مع إيران، طالما ان العملية منطلقة، التعامل مع مشكلة الطاقة النووية التي يمكن توسيعها لاحقاً لتشمل أيضاً محادثات الامن في المنطقة.
إن إيران، في التحليلات الاخيرة، هي دولة جدية؛ إنها ليست العراق. سوف تكون هناك. سوف تكون لاعباً. وفي المدى التاريخي البعيد، فإنها تملك كل الشروط المسبقة لتطور داخلي بناء إذا قمت بقياس ذلك بنسب المعرفة والتعليم العالي، ودور النساء في المجتمع. إن الملالي هم جزء من الماضي في إيران، وليس من مستقبلها. غير أن التغيير في إيران سوف يأتي من خلال الالتزام، وليس المواجهة.
إذا لاحقنا هذه السياسات، قد يكون في وسعنا ربما تفادي الاسوأ. لكن إذا لم نفعل، أخشى ان المنطقة سوف تنفجر. وفي المدى البعيد، ستكون إسرائيل في خطر محدق.

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...