شاهد آخر من مخلفات ميليس

12-10-2006

شاهد آخر من مخلفات ميليس

 شاهد آخر من مخلّفات القاضي الألماني ديتليف ميليس، أطلّ على التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس اللبناني رفيق الحريري، ليكرر ما قاله محمد زهير الصدّيق، هو الفلسطيني عبد الباسط بني عودة الذي سبق للمحكمة العسكرية الدائمة أن أصدرت حكمها عليه بالسجن عاماً ونصف العام بتهمة دخول لبنان خلسة، وسرد خلال مجريات المحاكمة العلنية، وقائع كثيرة عن ارتباطه بالمخابرات الإسرائيلية وبالمخابرات الفلسطينية، ولكنّ القضاء لم يتمكّن من محاكمته بتهمة التعامل مع العدوّ، كونه يحمل الجنسية الإسرائيلية ومن عرب ال48 في فلسطين المحتلة.
وعلمت من مصادر مطلّعة على سير التحقيق الدولي أنّ عبد الباسط أعطى إفادته للجنة التحقيق الدولية في عهد رئيسها السابق ميليس، وتحديداً في شهر تشرين الثاني ,2005 أي بعد سقوط روايات الصدّيق والشاهد الآخر هسام هسام، ولم يُعرف من أحضره للجنة أو كيف وصل اليها، ولكنّه روى خلال التحقيق أنّه كان يحضر الاجتماعات التي عقدها الضباط اللبنانيون الأربعة (اللواءان جميل السيد وعلي الحاج والعميدان مصطفى حمدان وريمون عازار) مع القيادة العسكرية السورية في فنادق مختلفة في دمشق، كما أنهّ حضر الاجتماع الذي تمّ في إحدى الشقق في محلّة معوّض في منطقة الضاحية الجنوبية، وهي ذات الرواية التي ساقتها جريدة السياسة الكويتية وعاد الشاهد الصدّيق وأوردها ضمن إفادته لكي تكون رسمية مما دفع القضاء اللبناني إلى الإدعاء عليه بتهمة إعطاء شهادة كاذبة وتضليل التحقيق، وقضى القاضي البلجيكي سيرج برامرتز عليها في تقريره الثالث الذي قدّمه للأمم المتحدّة في الشهر الفائت.
واللافت للنظر أنّ بني عودة حدّد موعداً لهذه الاجتماعات في العام 2003 وهو كان في هذا التاريخ لا يزال يقبع في سجن رومية المركزي إنفاذاً للحكم المبرم الصادر بحقّه بتاريخ 28 تشرين الثاني .2001
وتسلّم المحقّق العدلي القاضي الياس عيد، مؤخراً، من لجنة التحقيق الدولية، إفادة بني عودة بعدما قرّر القاضي البلجيكي سيرج برامرتز إهمالها. وقد سئل اللواء علي الحاج عن معرفته بهذا الشاهد في جلسة التحقيق معه يوم الاثنين الفائت، فنفى معرفته به أو أن يكون قد سمع به من قبل، واستغرب استحضاره، مذكّراً بأنّه كان في العام 2003 قائداً لمنطقة البقاع في قوى الأمن الداخلي وليس مديراً عاماً لها، وطلب من القاضي عيد أن يحقق مع كلّ شخص يضلّل التحقيق، لأنّ غايته معروفة وهي إخفاء الحقيقة والتستّر على القتلة الفارين.
ومثلما لم يتمكّن القاضي عيد من مشاهدة الصدّيق وسماع إفادته بل وجد نفسه أمام روايته المعطاة أمام لجنة التحقيق الدولية، وجد نفسه أيضاً أمام رواية شاهد آخر لم يستمع إليه ولم يتسنَّ له رؤيته والتحقيق معه.
أما مَن هو، فهو عبد الباسط بني عودة، فلا أحد يعرفه أكثر من هيئة المحكمة العسكرية الدائمة في عهد رئيسها العميد الركن ماهر صفي الدين والمستشار المدني القاضي عوني رمضان، ووكيله المحامي صليبا الحاج والصحافيين الذين حضروا محاكمته ويومها تردّدت أصداء الضحك من إفادته في القاعة لكثرة ما أطلق العنان لمخيّلته.
دخل الفلسطيني عبد الباسط أحمد بني عودة (والدته نجيّة راشد، مواليد طمّون في العام 1967) لبنان بطريقة غير شرعية قادماً من فلسطين المحتلة، وذلك في شهر آب من العام ,2001 بعدما دفع للمسؤول الأمني في ميليشيا أنطوان لحد، المدعو فؤاد عليّان، مبلغاً من المال مقداره خمسة آلاف دولار أميركي مقابل تهريبه إلى لبنان، فنقله الأخير، إلى قرية الغجر الواقعة على الحدود اللبنانية الفلسطينية، فقطع الأسلاك الشائكة بمقصّ حديدي، ودخل الأراضي اللبنانية حيث تمّ توقيفه والتحقيق معه قبل أن تدّعي النيابة العامة العسكرية عليه بتاريخ 15 أيلول 2001 بجرمي التعامل مع العدوّ الإسرائيلي والدخول خلسة، أي سنداً للمادتين 278 من قانون العقوبات و32 من قانون الأجانب.
وخلال محاكمته أمام المحكمة العسكرية، أعطى بني عودة إفادة لم تخرج عن إطار المبالغة والتضخيم انطلاقاً من تعريفه بعائلته فنحن معروفون بالشرق الأوسط ونملك وكالة المرسيدس في الشرق كلّه ومصنعاً في تركيا ، وقال إنّ إشكالاً حصل بينه وبين دورية إسرائيلية حضرت إلى مطعمه في تل أبيب في العام 1990 للتحقّق من قانونية عمل موظفيه وتمّ توقيفه في سجن جنين لمدّة ثمانية أشهر، حيث تعرّف إلى مسؤول السجن الضابط عوفر الذي أغراه بتخفيض مدّة محكوميته إذا تعامل معه بانتزاع الحقيقة من الموقوفين، وما كان منه إلا أن لبّى رغبته وتلقى تدريباً على يد اللبنانيين فريد.ن ورمزي.ت اللذين يعملان عميلي زنزانة.
وأضاف عبد الباسط أنه بناء للخطة الموضوعة تعرّف إلى فنانة لبنانية تُدعى ندى جرجس رزق إبنة قائد سلاح فوج المدفعية في ميليشيا العميل لحد، على أساس أنّه إبن داني ياتوم مدير عام الأمن العام الإسرائيلي سابقاً ومستشار رئيس الوزراء إيهودا باراك فقرّبه جرجس منه وقرّرت زوجته مريم عطاالله تزويجه من ابنتها ندى التي التقاها في فندق زادا في مدينة اسطنبول التركية، حيث تزوجا مدنياً على الرغم من أنّه متزوّج سابقاً من امرأة دنماركية، ولديه ابنة منها مولودة في العام ,1988 وأخبرها بأنّه خدم في الجيش الإسرائيلي بصفة ضابط، فيما أخبرته هي أنّها كانت في عداد ميليشيا لحد، وخدمت في جهاز التنصّت تحت إمرة النقيب الإسرائيلي موسى.
وظلّ عبد الباسط على علاقة بزوجته ندى إلى أن كشفت لجهاز الموساد ارتباطه بالمخابرات الفلسطينية حيث كان مكلّفاً، بحسب قوله، بمهّمة رسمية من قبل توفيق طيراوي وجبريل رجوب بالتعرّف من خلال جرجس رزق على مدى وجود ارتباط وتلازم بين الفلسطينيين الذين عادوا من لبنان إلى الضفة الغربية وقطاع غزّة وجهاز الموساد وجهاز أمن ميليشيا لحد. وإزاء هذا الأمر انفصلت ندى عنه على الرغم من طلبه من نقولا حداد صديق والدها، التدخّل لحلّ المشكلة، ولكن من دون جدوى، فقرّر الهرب إلى لبنان حيث ألقي القبض عليه في شهر آب ,2001 وحكم عليه بالسجن عاماً ونصف العام، وردّت محكمة التمييز العسكرية طلب نقض الحكم ليمضي محكوميته كاملة خلف القضبان في رومية .

علي الموسوي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...