صورة سورية في التخمين الاستخباري الدوري للكونغرس الأمريكي

07-05-2008

صورة سورية في التخمين الاستخباري الدوري للكونغرس الأمريكي

الجمل: رفع مدير المخابرات الوطنية الأمريكية ميشيل ماكونيل تقرير التخمين الاستخباري الدوري لمجلس الشيوخ الأمريكي وهو التقرير الذي تشترك في إعداده كل أجهزة المخابرات الأمريكية.
* أهمية التقرير:
يتعلق مضمون هذا التقرير بتخمين التهديد والمخاطر التي تواجه الأمن القومي الأمريكي في الوقت الحالي. هذا، ويلعب هذا التخمين دوراً أساسياً في صناعة القرار داخل الكونغرس والإدارة الأمريكية التي تتكون من البيت الأبيض والأجهزة التنفيذية التابعة له.
التقرير السابق الذي صدر في شهر كانون الأول 2007 الماضي كان تركيزه منصباً على تخمين القدرات النووية الإيرانية، وبالنسبة لهذا التقرير فقد تعرض إلى تخمين التهديدات والمخاطر المهددة للأمن القومي الأمريكي في العديد من مناطق العالم وبالذات في منطقة الشرق الأوسط.
وإضافةً إلى التأثير في عملية صنع القرار فإن هذا التقرير تلعب معطياته دوراً كبيراً في السجال والصراع السياسي الدائر حالياً في الساحة الأمريكية بين معسكر الرافضين للحرب ضد الإرهاب ومعسكر المؤيدين للحرب ضد الإرهاب.
* إشكالية التقرير:
ركز التخمين الاستخباري الجديد على إشكالية التهديدات والمخاطر وفقاً للفرضيات الآتية:
• أفرزت عملية العولمة العديد من التداعيات السلبية على الأمن القومي الأمريكي بدليل أن أعداء أمريكا وخصومها يستغلون الإنترنيت وشبكات الاتصالات في استهداف المصالح الأمريكية.
• عدم قدرة أمريكا على فرض الرقابة على الإنترنيت وشبكات الاتصالات أدى إلى انكشاف قدرة أمريكا في الدفاع عن أمنها القومي.
• الإدراك الأمريكي للتهديدات والمخاطر مازال إدراكاً قاصراً وضعيفاً وحتى الآن لم تستطع عمليات الجمع الاستخباري للمعلومات ولا التحليلات الاستخبارية القيام بالتغطية الفاعلة والدقيقة للمخاطر والتهديدات، وقد أدى ذك إلى انكشاف قدرة الأمن القومي الأمريكي ولتغطية هذه الفجوة بين الإدراك والواقع لا بد من التوسع في أنشطة الجمع الاستخباري للمعلومات ورفع كفاءة وفعالية التحليلات الاستخبارية.
* القضايا التي ركز عليها التقرير:
غطى التقرير النقاط الآتية باعتبارها القضايا الرئيسية التي شكلت محفزات وقواعد التخمين الاستخباري وهي:
• استمرار خطر الإرهاب العالمي ولكن في نفس الوقت مع تزايد معاناة تدهور شبكات المتطرفين.
• المكاسب والنجاحات البارزة في أمن العراق، والتي ترافقت معها عملية زخم سياسي عراقي، ومع ذلك فما تزال توجد الكثير من التحديات الاقتصادية والسياسية الماثلة في العراق.
• استمرار التحديات والمخاطر والتهديد للمصالح الأمريكية في باكستان وأفغانستان.
• استمرار تهديد ومخاطر أسلحة الدمار الشامل وحالياً:
* برغم التعثر في جهود نزع التسلح فإن كوريا الشمالية ما تزال تهتم بالسعي من أجل الحصول على الأسلحة النووية.
* برغم التعثر في مواجهة موضوع البرنامج النووي الإيراني، فإن إيران ما تزال تواصل تطوير قدراتها النووية وبرامجها الصاروخية.
• انكشاف البنيات المعلوماتية الأمريكية أمام استهداف العناصر الإجرامية والحكومات الأجنبية والأطراف غير الحكومية.
• دخول الأطراف الأخرى في تكنولوجيا استخدامات الفضاء الخارجي بما يهدد تفوق أمريكا في احتكار تكنولوجيا الفضاء ويعرّض إستراتيجيتها العسكرية والأمنية الفضائية لخطر الانكشاف أمام الأطراف الجديدة.
• مشاكل عدم الاستقرار السياسي والصراعات الوطنية والإقليمية في أوروبا، القرن الإفريقي، أوراسيا، والشرق الأوسط.
• المشاكل الإنسانية المتزايدة في البلدان الفقيرة من جراء ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.
• الاهتمام بالقدرات المالية والاقتصادية المتزايدة في روسيا والصين وبلدان الأوبك –بما فيها البلدان النفطية العربية- واحتمالات أن تلجأ هذه الأطراف لاستخدام قدراتها المالية والاقتصادية كوسيلة ضغط لتحقيق الأغراض السياسية.
* رصد التقرير للأطراف الحكومية وغير الحكومية:
تطرق التقرير إلى التخمينات الاستخبارية المتعلقة بنوعين من الأطراف:
• الحكومات والدول: وهي سوريا، إيران، كوريا الشمالية، تركيا، باكستان، السعودية، الأراضي الفلسطينية، روسيا وأوراسيا، البلقان الصين، أمريكا اللاتينية، فنزويلا، كوبا، كولومبيا، المكسيك، نيجيريا، إثيوبيا، الصومال، السودان، الكونغو، مالي، أريتيريا، زمبابوي، النيجر.
• القوى الحركات السياسية: حزب الله اللبناني، حركة حماس الفلسطينية، تنظيم القاعدة، حركات التمرد العراقية، حركات المعارضة الكولومبية، حركة طالبان... وغيرها.
• القضايا النوعية: أزمة الطاقة، أزمة الغذاء، أزمة الأمراض.
* التخمين الاستخباري الأمريكي: مكانة "العامل السوري":
تعرض تقرير التخمين الاستخباري الأمريكي لسوريا في الصفحة 24 والصفحة 25، ويمكن الإشارة إلى النقاط الآتية التي وردت حول سوريا في هاتين الصفحتين:
• اتهام سوريا بالاستمرار في عملية تقويض سيادة وأمن لبنان عن طريق وكلائها.
• اتهام سوريا بدعم الإرهابيين والمنظمات الإرهابية المعارضة لإحراز التقدم في محادثات السلام.
• اتهام سوريا بالسماح للإرهابيين والمجرمين بعبور حدودها إلى داخل العراق (أشار التخمين إلى انخفاض هذه العملية).
• اتهام سوريا بتقصد قوى 14 آذار ن أجل تغير التوازن داخل مجلس النواب اللبناني.
• اتهام سوريا باستخدام حزب الله لعرقلة جهود العدالة الدولية وعرقلة جهود نزع أسلحة المليشيات اللبنانية التي تشكل تحدياً لأمن وسلامة لبنان.
• اتهام سوريا وحلفائها بعرقلة أداء المؤسسات السياسية الدستورية اللبنانية.
• اتهام سوريا بدعم جهود إعادة تسليح حزب الله.
• اتهام سوريا بدعم الفصائل الفلسطينية الرافضة لعملية السلام والمتمثلة في حركة حماس، الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة.
ونلاحظ أن التخمين الاستخباري الأمريكي، وضع فقرة لبنان بعد الفقرة الخاصة بسوريا مباشرة، ومن ثم تطرق إلى مشاكل أمن واستقرار لبنان وفقاً لمنهجية تربط بين مشاكل لبنان الأمنية ودور سوريا في تصعيدها، ويمكن الإشارة إلى النقاط المتعلقة بلبنان كما أوردها التخمين على النحو الآتي:
• لم يتم انتخاب رئيس لبناني جديد بسبب قيام سوريا باستخدام وكلائها اللبنانيين وعرقلة الموضوع.
• الزعم بأن مخاوف اللبنانيين إزاء مستقبل استقلالهم السياسي والاقتصادي سببها سوريا ووكلاءها اللبنانيون.
• اتهام سوريا وحلفائها في لبنان بالعمل على عرقلة تطبيق وتنفيذ القرارات الدولية.
• اتهام حزب الله الحليف لسوريا بالمسؤولية عن القيام بمهاجمة القوات الدولية الموجودة في لبنان.
عموماً، نلاحظ اختلاف التخمين الاستخباري الحالي عن التخمين الاستخباري السابق لجهتين:
• تركيز التخمين السابق على نفي مزاعم أن إيران تسعى من أجل الحصول على الأسلحة النووية.
• تركيز التخمين الحالي على استعراض المهددات والمخاطر الأمنية ضمن إطار جيوسياسي عسكري – أمني – سياسي.
وبالمعايرة بين التقريرين نلاحظ أن التخمين السابق قد ردع طموحات إسرائيل وإدارة بوش عن القيام بضرب إيران وقد ترتب على ذلك الكثير من الخلافات بين الإسرائيليين والأمريكيين، إضافة إلى أنه عزز الخلافات بين الأمريكيين وعمق الانقسام بين أنصار العمل العسكري وأنصار العمل الدبلوماسي، بما أدى إلى تعزيز وتدعيم موقف أنصار العمل الدبلوماسي (محور وزيرة الخارجية رايس – وزير الدفاع غيتز) في مواجهة أنصار العمل العسكري (نائب الرئيس الأمريكي تشيني – جماعة المحافظين الجدد – صقور اليمين) إضافة إلى ذلك أدى التخمين إلى إحداث حالة من الهستيريا والحمى في أوساط زعماء إسرائيل بما ترتب عليه سعيهم بكافة الطرق إلى نزع مصداقية التخمين وإلى قيام جماعة المحافظين الجدد بحملة قاسية استهدفت القضاء على مصداقية التخمين وأجهزة المخابرات الأمريكية.
أما التقرير الحالي، فهو يصب في مصلحة مشروع حرب الإدارة الأمريكية ضد الإرهاب، وعلى ما يبدو فقد تم إعداده بعناية بما يتماشى مع لهجة جماعة المحافظين الجدد وصقور الإدارة الأمريكية ضد الدول والحكومات التي تصنفها الإدارة الأمريكية بأنها راعية الإرهاب أو تنتمي إلى محور الشر، وتسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل وقد أفرد التخمين الاستخباري جزءاً كبيراً لإبراز خطر تنظيم القاعدة.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...