عدرا العمالية: «امتحانات» دينيّة للسكان

17-01-2014

عدرا العمالية: «امتحانات» دينيّة للسكان

لا تطعم الاتهامات المتبادلة الجائعين المحاصرين، ولا تحرّر من أسرهم مقاتلو المعارضة للتفاوض مع الدولة. هذا ما ينقله المدنيون الهاربون من عدرا العمالية (شمال شرق دمشق)، منتحلين شخصيات أبناء طوائف لتجنّب الموت الآتي على حدّ سيف حاملي لواء تطبيق الشريعة. لا يعرف الأسرى المدنيون لدى المعارضة تهمتهم لكي يُستبقوا لمبادلتهم بمسلحين ألقى الجيش القبض عليهم خلال المعارك الضارية في الغوطة الشرقية.

لا ناقة للمدنيين ولا جمل في سقوط البلدة المفاجئ، رغم تعزيزها بستة من أكبر حواجز الجيش و«اللجان الشعبية». يدفع أهالي عدرا العمالية ثمن انتماءاتهم، بينما يلتزم العسكريون السوريون التكتّم الشديد حيال تقدّم الجيش في عدرا العمالية. «نحن نتقدّم». بهذا الاقتضاب يجيب أحد الضباط عن التساؤلات عن سير المعارك في المنطقة المنكوبة. جلّ إنجازات الجيش المعروفة تقتصر على بعض الضربات العسكرية الخاطفة جنوب غرب الضاحية، إحداها وقعت قرب شعبة الهلال الأحمر وسط المدينة، بحسب ما نقلت وكالة «سانا» الرسمية. فيما تورد المعلومات الشحيحة الواردة من داخل المدينة قيام عناصر من «جيش الإسلام» و«جبهة النصرة» بإعدامات ميدانية لبعض المدنيين المحتجزين لديهم. أما التقدم العسكري، فهو، بحسب العسكريين على أطراف البلدة، شبه معدوم، في حين لا يتوقف القصف والاشتباكات على المحور الغربي.

«السجن توبة وتأهيل»

من بين المدنيين الذين استطاعوا الخروج من البلدة، يروي علاء أن «مرتدي الجلباب كثيرون بين المسلحين» الذين احتلوا مدينته. يقاطعه زياد الذي سار نحو 10 كلم للهرب من «الجحيم»، ليروي كيف حاكم مسلّحون يرتدون اللباس الإسلامي جاره بتهمة التدخين: «محكمة التوبة تكفّلت بعقاب المسلمين الذي يجاهرون بالمعصية». ويتحدث قريبه أحمد عن «دخول المسلحين إلى البيوت وإخضاع السكان لاختبارات دينية حول عدد ركعات الصلاة وتفاصيل عن أركان الإسلام». ينقم المسلحون على سكان الضاحية من جميع الطوائف، بسبب عدم مشاركتهم في «الثورة» والانتقام للحصار المفروض على الغوطة الشرقية، ويمنعونهم من النزوح عن البلدة بحجّة حمايتهم من الضلال تحت راية «النظام الكافر» في المناطق «غير المحررة». ما زال من يحتفظ بهم المسلحون داخل السجن من الأهالي المسالمين يعانون ظلام الأقبية والجوع والعطش، بانتظار فرصة للنجاة. وبحسب زياد، «يتناول الأسرى المتبقون في سجون المسلحين وجبة واحدة فقط خلال اليوم للإبقاء على حياتهم حتى المبادلة التي يسعون إليها، وهي القليل من الأرز المسلوق لكل شخص».

جحيم عدرا العمالية

جلّ ما أراده مسلّحو «جيش الإسلام» وشركاؤهم من المجازر الأخيرة، هو السيطرة على صوامع القمح في عدرا وإيصالها إلى الغوطة الشرقية لتخفيف حصار الجيش المفروض على مسلحيها. ويشرح أهل المنطقة أنّ دوما هي المركز ومنطلق كافة العمليات التي تستهدف الجيش. وفي المقابل يتّهم المعارضون الجيش السوري باحتجاز بعض أهالي المسلحين في مدرسة تعلّم القيادة ومصنع الاسمنت. يؤكد العسكريون أنّ الجيش سمح لجميع المدنيين بالعبور نحو الضمير المجاورة لعدرا، من دون اعتماد مبدأ الأخذ بالثأر الذي يشيعه المسلحون وأنصارهم. وتتباين الروايات عن محاولات الوصول إلى مدرسة تعلم القيادة، والتي تجعل من المدنيين عرضة لمحاولات القنص، حيث يصرّ مؤيّدو مسلحي المعارضة على أنّ الجيش يحاول إطلاق الرصاص عليهم حتى الوصول إلى المدرسة. كلام ينتقده مناصرو الجيش السوري من النازحين، إذ يؤكدون أنّ «جنود الجيش حاولوا حماية عدد كبير من المدنيين الهاربين من قنص المسلّحين الذي حاولوا الانتقام من المواطنين العائدين إلى المناطق المسيطر عليها من قبل الدولة».
معاناة الإقامة في عدرا العمالية مستمرة، ولم يكن آخرها تفخيخ مبنى يقطنه مدنيون، ما أدى إلى استشهاد 12 شخصاً. لم تنتهِ محاولات المسلحين استكمال العقوبات بحق «المفسدين من مؤيدي النظام» بعد رغم اشتداد المعارك. وبحسب الناجين أخيراً من الضاحية، فإن عملية البحث عن مؤيدي النظام مستمرة، إضافة إلى البحث عن فلسطينيين موالين أيضاً، بحجة «قيامهم بأعمال فساد» منذ ما قبل الاجتياح، بالاشتراك مع عناصر اللجان الشعبية.

مرح ماشي

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...