على عكس الدراما التلفزيون لا يصنع أمجاد مخرجيه

16-02-2010

على عكس الدراما التلفزيون لا يصنع أمجاد مخرجيه

لا تصعب ملاحظة ان المادة التلفزيونية السورية غالباً ما ترتبط في ذهن المشاهد بمقدميها وأحياناً قليلة بمعديها، على خلاف الدراما السورية المعروفة بمخرجيها. الشخص الجالس أمام الكاميرا لا خلفها يبدو سيد اللعبة في التلفزيون، وعند العلي سفرحديث عن برنامج في التلفزيون السوري يأتي الحديث غالباً منفرداً عن المقدم والمعدّ، فيقال إن المقدمة مثلاً «لم تتفاعل مع الأسئلة المعدة» أو إن «المعدّ وفق في صياغة أسئلة تلائم الضيف» وغيرها من الملاحظات.
يحس العديد من المخرجين التلفزيونيين بالظلم أمام هذا الواقع، وهو ما يؤكده ناجي طعمي المخرج التلفزيوني والدرامي. يقول «يبدو المخرج في معظم البرامج في التلفزيون السوري كأنه تحصيل حاصل، مع أن المخرج المبدع يشدّ المشاهد لبرنامجه أكثر من الدراما أحياناً». يخالف المخرج طعمي الرأي القائل إن الدراما تعطي مجالاً للمخرج أكثر لإبراز رؤيته: «ليس صحيحاً بأن المخرج له بصمة في الدراما أكثر من البرامج التلفزيونية، لقد سبق وأخرجت برنامجاً تلفزيونياً «مسرحي ومسرحية» وكان بنظري أفضل من أي عمل درامي قمت به».
عندما يتم ذكر برامج لبنانية شهيرة مثل «ستديو الفن 1996» و«هزي يا نواعم» لا يغفل اسم المخرج سيمون أسمر، وعندما نتحدث عن برامج بث مباشر مثل «ستار أكاديمي» وغيرها يبرز أكثر من اسم مثل المخرج طوني قهوجي. هنا، يبدو ان الوصفة التي نجحت في لبنان لم تنفذ بعد في سوريا لجهة إبراز عمل المخرجين، ما يدفع إلى تساؤلات عديدة تصب في منحى واحد وهو: هل الإخراج التلفزيوني في لبنان يختلف عنه في سوريا؟ وهل يعود الفضل إلى الإمكانيات المادية فقط أم ان هناك عوامل أخرى لا يتم التلفت إليها؟ في هذا السياق يرى المخرج التلفزيوني عقبة الناعم، بأن السر في إخراج برامج منوعة ذات نوعية عالية وان المنوعات «تترك دائماً للمخرج بصمة لكونها لا تكون محصورة بمضمون واحد فقط». بينما يعتبر علي سفر مخرج البرنامج السوري الشهير «خبرني يا طير» أن السبب يعود إلى «أن برامج المنوعات لم تتطور لدينا أبداً، لا يوجد سخاء إنتاجي يخدم هذا النوع من البرامج» على حد تعبيره.
نادراً ما يتناقل الناس والنقاد اسم مخرج تلفزيوني سوري، لا بل يعتبر البعض انه «ينفذ المطلوب منه فقط». يرفض بعض المخرجين هذه الفكرة مشددين على نجومية كبيرة لهم بين الناس مع أن الوقائع تشير إلى عكس ذلك. في هذا الإطار يعتبر المخرج جوان بجوي من المركز التلفزيوني في مدينة حلب السورية ان: «المخرج المبدع والأكاديمي يترك بصمته في أي موضوع يشرف عليه ويخرجه. بالطبع ليس صحيحاً انه ينفذ ما يطلب منه، بل يتدخل في كل أمر يراه لمصلحة العمل مع أخذ آراء الآخرين بعين الاعتبار إذا كانت تصب لمصلحة المادة».
في المقابل، يرى بعض المشاهدين السوريين أن بعض المواد التلفزيونية لا تصلح للمتابعة وإنما هي» لتعبئة مساحة من البث « كما يقول مثلاً رامح العمري، الطالب في كلية الإعلام. ويعتبر العمري ان ما يجعل المخرج التلفزيوني غير معني في فشل هذه المادة أو تلك، هو انشداه الجماهير بمن يجلس أمام الكاميرا واعتبارها أن نجاح البرنامج مرهون بالمقدمة والمعد، على خلاف البرامج التلفزيونية المنوعة الفضائية الأخرى والمسلسلات الدرامية التي تلقي اللوم عند فشلها على رؤية المخرج».
هناك من يعتبر أن طبيعة البرامج خصوصاً الحوارية والخدماتية والاجتماعية في التلفزيون السوري تعزز تغييب دور المخرج وتجعله شبه مغيب. وبعكس وجهة النظر هذه، هناك من يدافع عن التلفزيون السوري وصيغة برامجه، على قاعدة ان هناك برامج شهيرة لا يعرف مخرجوها على الرغم انها تقدم على شاشات شهيرة، مثل «الاتجاه المعاكس» على «الجـــزيرة» مروراً بـ«بانوراما» على «العربية» وغـيرها.
مهما تعدّد تشخيص واقع المخرجين التلفزيونيين السوريين وأسباب بقائهم في الظل، تبقى الحاجة ملحة إلى جملة تغييرات تبدأ من سخاء إنتاجي في برامج المنوعات تحديداً، ولا تنتهي عند مرونة في إدارة التلفزيون السوري تسمح بظهور إبداعات المخرجين وأفكارهم.

عفراء محمد

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...