عناوين وأسماء شوارع دمشق تضعف نظام الإبلاغ القضائي وُتفشل الخدمات

04-12-2010

عناوين وأسماء شوارع دمشق تضعف نظام الإبلاغ القضائي وُتفشل الخدمات

تبدو شوارع دمشق، مجرد متاهة فهي ما زالت مكبلة بالعديد من المشاكل والعوائق التي تحول دون ارتقائها إلى مصاف نظيراتها من العواصم العالمية وبعض العربية، فرغم ما تشهده هذه المدينة من توسع عمراني متواصل، أفضى إلى توسع رقعتها وزيادة عدد سكانها، إلا أنها مدينة بلا عناوين فدمشق - يمكن القول - هي العاصمة الوحيدة في العالم التي يعجز سكانها عن تحديد عناوين سكنهم أو مقار أعمالهم بدقة، أو حتى تحديد أسماء الشوارع والأحياء بوضوح، وهو الأمر الذي أدى إلى ضعف الكثير من الخدمات المهمة بدءاً بنظام البلاغ القضائي وخدمة البريد، وتوصيل الرسائل واشتراكات الصحف أو الطلبات إلى المنازل.

متاهة العنوان
وإذا كنت من سكان العاصمة دمشق، فلا بد أن ينتابك الخجل عندما تعجز عن وصف عنوان منزلك لصديق أو لضيف زائر، فمهما كنت مبدعاًَ وموهوباً في ابتكار أساليب الوصف والاستعانة بالرسوم التوضيحية، يظل من الصعب جداً الاستدلال على الشوارع الرئيسية للعاصمة، ناهيك عن الشوارع الفرعية في الحارات والأحياء الشعبية. وهو أمر لم تغفله الدراما السورية وقد عبر عنه الفنان الكوميدي ياسر العظمة في إحدى لوحات سلسلته التلفزيونية الشهيرة مرايا قبل سنوات. وفيها أعطى شاب دمشقي عنوان منزله لصديقه الأوروبي كي يراسله عليه، فذهل الصديق الأوروبي من طول العنوان بينما ذهل الدمشقي من قصر العنوان لصديقة الأوروبي الذي اقتصر على اسم الشارع ورقم البناء ورقم الشقة. على عكس عنوان أي منا الذي تجد نفسك عند ذكره ملزما بتسمية السمان والبقال والصيدلاني والطبيب إضافة إلى أي مؤسسة حكومية أو خاصة، تصلح أن تكون نقطة علام يستدل بها أي زائر تود إرشاده إلى مكان سكنك.
ازدواجية التسمية
إضافة إلى ذلك، ورغم أن بعض الشوارع والساحات جرى تغيير أسمائها منذ أكثر من 10 أعوام، إلا أنها لا تزال تعرف بأسمائها القديمة، فشارع الجلاء مثلاً، الذي سُمي بذلك منذ عام 1952، لا يزال يعرف باسم (شارع أبو رمانة)، و(شارع شكري القوتلي) لا يزال يعرف باسم (شارع بيروت) أو طريق المعرض، و(ساحة حطين)، التي سميت بذلك منذ عام 1997، لا تزال تعرف باسم (ساحة الميسات)، و(ساحة التجريدة المغربية)، المسماة بذلك منذ عام 1952، من النادر أن تعثر على شخصٍ يسميها بغير ساحة (السبع بحرات). وهو الأمر الذي يوقع المواطنين والزائرين للعاصمة في معاناة البحث عن عنوان معين، حتى وإن كان في مكان بارز، فعندما تسأل شخصاً ما عن اسم شارع معين تجده لا يعرفه إلا باسمه الآخر، اسم لا تعرف من أطلقه، وإذا سألت فلن تجد إجابة محددة عن سبب إطلاقه، لكنه رغم ذلك يبقى الاسم الأعم والأشهر لدى الأغلبية، فإذا سألت احدهم أين تسكن فلن يقول لك إن بيته يقع قرب ساحة حطين، بل سيؤكد لك أنه يسكن في ساحة الميسات.
وللطرفة موقعها
وما سبق ليس الأمر الوحيد في دمشق بل هناك تسميات نادرة مثل عين الكرش التي تتوسط مدينة دمشق وتربط بين شارع بغداد والثورة و29 أيار وفيكتوريا ومنطقة ساروجة القديمة. هناك أيضاً زقاق الجن «شارع عثمان بن مضعون» كذلك حارة الزلط التي سميت «جادة الإصلاح»، والممتدة من الباب الصغير حتى شارع الأمين أما زقاق القملة الذي يقع في الجزماتية بالميدان فقد سمي (جادة الأمل)، وحارة «القرد» التي يطلق عليها البعض تسمية «مطرح ما ضيع القرد ابنه».
ضوء في آخر النفق
التسمية والترقيم، جزء من شخصية المدن العريقة التي تعتز بأصالتها وتحفظ عناصر ومكونات تاريخها الذي غالبا ما تكون حتى لوحات التسمية والترقيم جزءاً عزيزاً تحافظ عليه فما بدأ في دمشق قبل سنوات فقط ربما تعد عند بعض عواصم العالم بمئات السنين، ودمشق أقدم عاصمة مأهولة بالسكان لم تحظ بهذا المكون من شخصيتها إلا مؤخراً، لذا فإن ما نأمله هو أن تأخذ العملية طريقها الصحيح نحو ذاكرة الناس بعد أن يكون كل من وزارة الإدارة المحلية ومحافظة دمشق قد قاما بدورهما.


عبد المنعم مسعود

المصدر: الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...