غاليري «أيام» معبر الفن التشكيلي السوري إلى العالمية

02-02-2009

غاليري «أيام» معبر الفن التشكيلي السوري إلى العالمية

«كنت أعرف ما يعنيه الفن المعاصر في الخارج، و لكن ماذا يعني الفن المعاصر في سورية؟». يسأل خالد سماوي، مالك غاليري «أيام» صاحب أكبر مؤسسة فنية ترعى الفن التشكيلي في سورية، ضمن معايير عالمية أوصلت من ترعاهم إلى خارج حدود بلادهم، وجعلت كثيرا منهم يشعرون بقيمة الفن الذي يبدعونه في زمن ومحيط عام يقتلان الإبداع، إذا لم نقل: إنه يبخسه الثمن. غاليري «أيام » في دبي

يضيف السماوي: «أي معادلة صعبة تلك التي يبحث عنها المرء حين يفكر في لوحة تضرب جذرها في ثلاثة آلاف عام مضت،وتبدو في الوقت ذاته ابنة اللحظة، حية، طازجة، وتشبه أناسا من هذا الزمان؟».

خالد سماوي، مالك غاليري «أيام»، هو أحد محبي الفن التشكيلي، عمل في المصارف في سويسرا، وكان يقتني اللوحات لفنانين أجانب من هناك، وبعد أن تقاعد، قرر العودة مع عائلته إلى بلده الأم سورية، عاد وبدأ بمتابعة الفن هناك وشراء اللوحات لفنانين سوريين، ولاحظ أن هناك كثيرا من المواهب الجيدة والمميزة في سورية، فقرر أن يفتتح له مكتبا في سورية ويعرض اللوحات التي يقتنيها، ومن ثم تبلورت فكرة افتتاح غاليري «أيام»، وبدأ المعرض الأول للغاليري بخمسة فنانين سوريين: «فادي يازجي، صفوان داحول، منذر كم نقش، عبدالله مراد، يوسف عبدلكي».

افتتحت أيام غاليري في نوفمبر2006 أبوابها في دمشق في منطقة «المزة». وقد كان هدفها الرئيسي الترويج لأفضل إبداعات الفن السوري الحديث والمعاصر في العالم، من خلال تمثيل بعض أكبر الفنانين السوريين المعروفين والناشئين. وفي أقل من عامين، تحوّلت الغاليري التي ابتدأها السيد سماوي هواية لتصبح سريعاً واحدة من أهم الصالات الفنية في الشرق الأوسط. ومع وجود 25 فنانا سوريا تعرض أعمالهم في الغاليري، أثارت «أيام» انتباه المشهد الفني.

تقول ميريام جاكيش، مديرة صالة «أيام» غاليري: «كانت الفكرة في البداية العمل مع السوق المحلية وبيع اللوحات هنا في سورية، ومن ثم بدأنا بمراسلة صحف  وشركات عربية وأجنبية، وبدأنا بالتعامل مع أناس أجانب، وتوسع عملنا فيما بعد فذهبنا إلى دبي وفرنسا والصين».

ويضيف السماوي: «منذ انطلاقة «أيام غاليري» كان يشغلني البحث في اللوحة الحديثة و المعاصرة، كانت أعمال الفنانين التي قدمت في البدء تكتسب صفة «الحديثة» بامتياز، ولكن ربما لن تستطيع أن تضع عليها ختم المعاصرة، ثم جاءت دفعة بعد أخرى من لوحات الفنانين الشباب، وكانت أعمالهم تنوس بين الحديث و المعاصر. و ظللت أنتظر أن يأتي فنان ما بذلك العمل المعاصر الذي أريد، ولا أخفي أنني رحت أتشكك وأسأل مرة تلو الأخرى، ما الفرق بين الحديث والمعاصر ؟وهل لدينا في الأساس في سورية فن معاصر؟».

- مع بروز دبي كمركز للمشهد الفني في الشرق الأوسط، كان افتتاح غاليري آخر في دبي بعد سنتين من افتتاح الغاليري في سورية، هو الخطوة المنطقية التالية. وحول هذا الموضوع يقول هشام سماوي، وهو شريك خالد سماوي في دبي: «شعرنا بأنه من الأهمية بمكان بالنسبة إلينا أن نكون موجودين هنا وسط الأحداث الجارية. حيث كنا نزور العروض والمزادات منذ افتتاحنا للغاليري لذلك كنا دوماً نتطلّع إلى افتتاح الغاليري حين يأتي الوقت المناسب».

يقول خالد سماوي: «لطالما حظي الفن السوري بقبول كبير في هذا الجزء من العالم. كما أن الكثير من زبائن أيام غاليري الذين يرتادون دمشق بصورة دائمة لشراء الأعمال الفنية، هم من هذه المنطقة. وقد بدا افتتاح أيام غاليري – دبي بمثابة الطريقة الطبيعية الوحيدة للمضي قدماً. وأعتقد أن الفن سيظل يحظى بالقبول الكبير، وسيحصل على تقدير أكبر هنا في دبي».

- بدأ التسويق لأيام غاليري عن طريق وضع إعلانات بالمجلات السورية والأجنبية كفرنسا، أميركا والصين وتطورت الأمور ليصبح البيع عن طريق الإنترنت عن طريق إنشاء موقع الكتروني خاص بها، بالإضافة إلى معارف الغاليري الواسعة في كل الأماكن في العالم، والزيارات المتكررة للصالة من قبل أشخاص عرب وأجانب يعيشون في الخارج لاقتناء لوحات الغاليري، وكانت هذه بداية شهرة الغاليري الواسعة في خارج سورية. و تعتبر المطبوعات التي تصدر عنها جزءا مهما من الخطة التسويقية التي تتبعها، التي تستطيع من خلالها الصالة تعريف أكبر عدد ممكن من المهتمين بأخبار الحركة التشكيلية الموجودة في المنطقة، ويتم توزيع هذه المطبوعات على عدد كبير من الأشخاص المقيمين في سورية وفي أنحاء العالم كافة.

ويقيم الغاليري معارض للفنانين المتعاقدين معه، وتصل أعدادهم إلى 25 فنانا كما يقيم الغاليري معارض تكريمية لفنانين من غير المتعاقدين معه.

تقول جاكيش: «في البداية ركزت الصالة على عرض لوحات للفنانين الراحلين، مثل: فاتح المدرس ولؤي كيالي، الا أنه في ما بعد أدركنا انه علينا أن نهتم أكثر بالفنانين الذين هم على قيد الحياة»

- كانت اللوحة التشكيلية في سورية تعاني جهلا بأسعار اللوحات من قبل الفنانين بسبب عدم وجود مؤسسات ترعى الفنانين، وتسير لهم أعمالهم، إلى أن جاء غاليري «أيام»، وذلك على حد قول جاكيش. «قبل أيام غاليري كان وضع الفنان مستغلا في سورية، ونحن حسنّا الوضع، وبالأصل لم تكن أسعار اللوحات السورية منطقية، ففي حين تباع لوحات الفنانين خارج سورية بآلاف الدولارات تباع اللوحات السورية بآلاف الليرات السورية، وحتى بالنسبة إلى المقاييس العالمية فإننا لا نستطيع وضع ثمن لوحات فنان سوري مهم ألف دولار مقابل 30 ألف دولار للفنان الصيني أو الأوروبي».

وتضيف: «نحن نعمل بطريقة حرفية للغاية، فمهمتنا ليست أن نقيم معرضا للفنان وكفى، نحن نعمل كمؤسسة ونعمل بشكل مستمر مع الفنان وفي الوقت نفسه نعمل مع مؤسسات في الخارج لينطلق الفنان ويعرف أكثر».

وتتراوح أسعار اللوحات في غاليري أيام بين 3000 و 120ألف دولار تختلف بالنسبة إلى عمر وقمة العمل الفني للفنان التشكيلين وتحتل لوحات الفنان التشكيلي السوري صفوان داحول أعلى ثمن وهو 120 ألف دولار.

وبالنسبة إلى مبيعات الغاليري فإن أغلب اللوحات تباع للخارج ولا يقتنيها السوريون كثيرا، ربما لأسعارها المرتفعة، وتقول: «للأسف السوريون لم يدركوا بعد أهمية الفن التشكيلي، فهم على استعداد أن يقتنوا أشياء أخرى سيارات،سجادا إلا اللوحات. إلا أن هذه الفكرة بدأت بالتراجع، لأن كل الأشياء الجديدة في البداية تقلق الناس ومن بعد تصبح أموراً عادية».

وعن احتكار الفنان تقول: « أنا لا اعتبر الأمر احتكاراً، فنحن نعمل على المقاييس العالمية، فالفنان لا يستطيع أن يرسم أعماله ويسوّق لها في الوقت نفسه، ونحن هنا لنفعل ذلك. وإذا شعر الفنان بذلك فله الخيار في العمل معنا أو لا».

إضافة إلى المشاركة في المعارض الفنية حول العالم «نيويورك، بازل، أبوظبي». تنوي أيام غاليري أن تكون مكاناً للفعاليات المختلفة ذات صلة بالفن في أرجاء المنطقة.

- ازداد في الفترة الأخيرة عدد الصالات في سورية نتيجة ازدياد الاهتمام بالفن التشكيلي في المنطقة والوعي من قبل الناس بأهميته كذلك ازدياد عدد الفنانين التشكيليين، ويبلغ عدد الصالات في سورية الآن ثمان، وفيما إذا ما كانت هذه الصالات تشكل منافسة لصالة «أيام» أم لا، تقول جاكيش: «لا تشكل الصالات الأخرى أية منافسة لنا، لأن طريقة العمل مختلفة فهي لا تعمل على أساس العقود مع الفنانين، ولا يقومون بالتسويق للفنان في الخارج كما نفعل ولا يبيعون عن طريق الإنترنت. أي طريقة التسويق ليست واحدة».

وتضيف جاكيش: «بالعكس نحن نتمنى أن تكون هناك صالات تعمل مثلنا، فثمّة فرصة كبيرة في هذه المنطقة للصالات الفنية نظراً إلى نقص المتاحف والأماكن الأخرى المخصّصة للفعاليات الفنية التي تنظم نشاطات فنية متعددة».

- أقامت غاليري أيام في العام 2007 مسابقة للشباب «مسابقة الأيام الأولى» التي اعتبرت إحدى أهم المحطات في تاريخ الصالة، حيث تم اختيار 22 فنانا شابا من أصل 150 مشاركا للمسابقة، شرط ألا يزيد عمرهم على37، وطلب من هؤلاء الفنانين تصوير لوحة بقياس محدد وتقديمها إلى الغاليري.

وقال سماوي في هذه المسابقة: «إنّ هذه المسابقة من أهم مسابقات الفن التشكيلي في العالم العربي، والغاية الأساسية منها تحفيز وتشجيع روح الإبداع عند الفنانين الشباب، وفرصة لمحبي الفن لاستشراف مستقبل الفن السوري، واكتشاف نجوم المستقبل منذ بداية حياتهم المهنية».

وعرضت اللوحات ضمن معرض مشترك، وقامت لجنة تحكيم مؤلفة من 40 شخصا (فنانين وناقدين فنيين ومقتني أعمال فنية) بالتصويت على هذه اللوحات المشاركة، وتم من خلال هذا التصويت اختيار الفائزين الثلاثة الأوائل وتكريمهم،

وقامت الصالة باختيار مجموعة من الفنانين الذين اشتركوا في المسابقة لينضموا إلى مجموعة الفنانين الذين تتعامل معهم «أيام غاليري»، وبذلك أدخلت الصالة إلى إستراتيجية عملها سياسة العمل مع فنانين من فئات عمرية شابة.

وتنوي الصالة إقامة مسابقة أخرى للفنانين الشباب، ولكن في النحت هذه المرة، كما تنوي أن تفتح لها «غاليري» في بيروت العام المقبل وفي أوروبا.

في النهاية يجدر القول إن خالد سماوي، رجل المصارف السويسرية السابق كان ذا جرأة كبيرة لمحاولته ضخ رأس مال كبيرا في مشروع ليس يعنى بالأبراج والجسور و إنما بجانب إنساني يكرس حضارات الأمم والشعوب ألا وهو الفن والنحت. و لكن ماذا عن الفنون التي لا تحظى برعاية خاصة من أشخاص أو من قبل الدور الرسمي.هل ستبقى رهينة النسيان أو الاستغلال و عدم الاكتراث؟

علياء تركي الربيعو

المصدر: أوان الكويتية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...