غضب في النمسا من نصائح إمام مسجد كبير حول "نكاح الكتابيات"

04-01-2007

غضب في النمسا من نصائح إمام مسجد كبير حول "نكاح الكتابيات"

أثار بحث لشيخ بارز وإمام مسجد كبير في العاصمة النمساوية "فيينا" عن زواج المسلم من مسيحية أو يهودية جدلا شديدا وغضبا في بعض الأوساط الاعلامية والحقوقية بالنمسا التي طالبت بمحاكمته بتهمة التحريض على الكراهية والتمييز الديني، وابعاده من منصبه كمستشار للحكومة النمساوية للدراسات الاسلامية.

وقالت صحافية نمساوية سنستمر في تحريك دعوى قضائية ضده، لأنه يصف "الكتابيات" بأنهن في مرتبة "الزانيات، ناصحا بعدم الزواج منهن". ومعروف أن الخطاب الاسلامي يطلق لفظ "الكتابي" على المنتسب للديانة اليهودية أوالمسيحية، باعتبار أن لكل منهما كتابا سماويا، وقد وصف القرآن الكريم المنتسبين لهما بأهل الكتاب.

وأضافت: لا يجوز هذا من استاذ بالاكاديمية الاسلامية، المفروض أنه يعلم الشباب المسلم قيم التسامح والاندماج داخل مجتمعهم النمساوي، ومن الخطير أن تتسرب أفكاره التكفيرية والسياسية إليهم، خاصة أن الحكومة تدعم هذه الاكاديمية بثمانية عشر مليون يورو سنويا".

وكان الشيخ عدنان ابراهيم وهو نمساوي من أصل فلسطيني، ويعمل إماما وخطيبا لمسجد الشورى في الحي الثاني بفيينا ويرأس أيضا جمعية لقاء الحضارات، نشر بحثا على موقعه الشخصي على الانترنت ينصح فيه المسلمين بعدم الاقتران من كتابيات خصوصا في دار الحرب، وهي الدول غير الاسلامية.

- ولم يتسن الحصول على تعليق من الشيخ ابراهيم وهو نمساوي من أصل فلسطيني ويشغل موقعا رفيعا داخل الجالية المسلمة البالغ عددها 400 ألف نسمة، لكن صحيفة "كرونن" النمساوية المستقلة نشرت الجمعة 29-12- 2006 نفيه للتهم المنسوبة إليه جملة وتفصيلا، لكنه أستدرك قائلا – حسب الصحيفة - "لقد تناولت مسألة الزواج من كتابيات قبل عشر سنوات، وحتى العالم والفقيه يستطيع أن يتعلم" في دلالة على أنه أخطأ في بحثه.

- وقالت الصحيفة أن النيابة العامة النمساوية تلقت بلاغا من مجهول ضد الشيخ عدنان ابراهيم، بأنه "يحرض على الارهاب والعصيان ضد المؤسسات الحكومية" وأن المكتب الاتحادى الخاص بحماية الدستور ومكافحة الارهاب يقوم بدراسة هذا البلاغ.

وأصدرت منظمة "أقباط متحدون" ومقرها زيورخ في سويسرا، والتي يرأسها المصري المهندس عدلي أبادير، بيانا موقعا باسمه، تعلن استياءها الشديد من بحث الشيخ ابراهيم، قائلا إنه مليئ بالقدح والذم وروح الاحتقار والاستعلاء على أصحاب الديانتين السماويتين "المسيحية واليهودية" وأنه وصفهم بالمشركين والزناة.

وقالت الصحفية النمساوية من أصل فلسطيني نادية عيلابوني  إن "الشيخ عدنان ابراهيم من الأئمة المتطرفين في فيينا، وكل محاضراته سياسية وتكفيرية للآخرين، وله بحث كامل على موقعه بالانترنت عن حكم نكاح الكتابيات، استعرض فيه الأراء الفقهية حول الزواج من كتابية، ووصل إلى نتيجة بأنه لا يفضل هذا الزواج مستعينا بكلام شيخ مصري معاصر، يعبتره دسا للسم في عروق الأبناء وخزيا للأجداد الفاتحين الذين كانوا يتخذوهن سبايا وليس زوجات".

وأضافت "وينصح في بحثه المضطر للزواج من كتابية ألا ينجب منها" وتابعت "هذا منطق متطرف ويحرض على كراهية الآخرين في المجتمع، خاصة أن هناك زيجات كثيرة مختلطة هنا".

وقالت نادية "لا يكتفي بهذا، بل يسمي البلاد غير الاسلامية التي نعيش فيها (دار حرب) ومنها "النمسا" التي يحمل جنسيتها وبها حوالي 400 ألف مسلم من جملة عدد السكان (8 ملايين نسمة) وهذا يحمل تحريضا صريحا على العنف، فهو يسمي بلادنا دار حرب لتمييزها عن دار الايمان".

- واستطردت "بدأنا قبل عامين لفت نظره لهذه الأقوال الخاطئة المثيرة للكراهية داخل المجتمع النمساوي، وتحدثنا معه وبعثنا له أكثر من رسالة لتنبيهه وطالبناه بالكف عن ذلك، ورغم ذلك لم يحذف هذا البحث من موقعه، فتحدثنا مع عدة منظمات حقوقية ضد التمييز للتدخل، لكنه لم يستجب ولم يرد على مناشداتنا له".

وقالت نادية  عيلابوني "نحن حركنا الموضوع لكننا لسنا أصحاب الدعوى القضائية ضده بتهمة التحريض على العنف والتمييز العنصري، فهناك آخرون قاموا بترجمة الفتوى إلى اللغة الآلمانية، وهي موجودة عند السلطات النمساوية منذ فترة".

وأوضحت أن بحث الشيخ ابراهيم "يضع الكتابيات في مرتبة الزانيات، وهو أمر مقزز للغاية. لا نعرف على أساس أفتى بذلك وهو ما يتعارض مع الاسلام والقرآن الكريم. إن هذا لا ينسجم مع وضعه المتميز كواحد من 35 عضوا بمجلس شورى الجالية الاسلامية المعترف بها رسميا في النمسا، وهو أحد كبار العلماء القائمين بتدريس الدين الاسلامي هنا، مما يعطي انطباعا سيئا للنمساويين عن التسامح في الاسلام".

وتابعت "في محاضراته يحرض على القتال في العراق والوقوف بجانب حزب الله في لبنان والذهاب للشيشان، وهذا ليس دوره كامام مسجد ومدرس للدين وعضو في مجلس شورى الجالية، بل هو تحريض سياسي".

وأشارت نادية إلى أن "الصحف النمساوية تشن حملة ضده لا تزال مستمرة حتى الأربعاء 3-1- 2007 وكل يوم تقدم الصحافة أدلة جديدة عن تطرفه".

- وقال المهندس عدلي أبادير رئيس منظمة "أقباط متحدون إن الشيخ عدنان ابراهيم "يعمل مستشارا للحكومة النمساوية للدراسات الاسلامية ويقبض سنويا 18 مليون يورو مقابل هذا، فهل نكاح الكتابيات من ضمن الدراسات الاسلامية، أم أنه خرج عن مهمته التي يتقاضى عليها هذا المبلغ ليطعن في الديانات الأخرى. فهل يجوز التعالي على دين آخر بهذا الموضوع؟".
 وعن سبب اثارة هذه الحملة الآن رغم أن البحث كتب عام 1997 أوضح أبادير أن "مؤتمر الكنائس المسيحية في سويسرا والأقباط الذين يعيشون فيها بعثوا إلى منظمة "أقباط متحدون" هذه الشكوى باعتبار أن الشيخ ابراهيم يحرض على التمييز الديني والهجوم على الديانة المسيحية".

وكانت المنظمة قد انتقدت في بيانها الحكومة النمساوية ووصفت موقفها "بالمائع والمتراخي أمام أمثال هؤلاء الذين يخرقون قوانين الحريات التي نص عليها الدستور النمساوي، والذين يحرضون علانية على العنف وعلى  احتقار حضارة النمسا والغرب عموما".

واستهجن أن يكون الشيخ عدنان إبراهيم "عضوا في هيئة إعداد المدرسين لدى الهيئة الإسلامية المدعومة ماليا وإداريا من السلطات النمساوية. وإننا إذ نتضامن تضامنا مطلقا مع الذين  أثاروا هذه القضية، نطالب بوصفنا مؤسسة مسيحية تعتبر ما كتبه الشيخ عدنان اعتداء عليها وعلى حرمتها الدينية، بتقديم الشيخ المذكور للمحاكمة بتهمة القذف والحض على العنف  وتغذية النزعات الدينية العنصرية والكراهية بين أصحاب الديانات".

وطالب البيان السلطات النمساوية "بإيقاف الشيخ ابراهيم عن الاستمرار في عمله في الهيئة التدريسية وفي مسجد الشورى الذي يعمل فيه إماما للمسلمين لما يشكله من خطر على عقول النشىء المسلم ريثما تبت المحكمة بوضعه".

ودعا السلطات في النمسا إلى "أخذ االحيطة والحذر لما يشكله هذا التحريض من خطر على مستقبل النمسا، وإلى ممارسة رقابة أكبر على كل الذين يحاولون بث التفكير العنفي والعنصري وتسميم أجواء التعايش بين أصحاب الديانات المختلفة".

-  وأفردت صحيفة "كرونن" النمساوية المستقلة صفحتين للحديث عن فتويين للشيخ ابراهيم، الأولى "نصح فيها مستندا الى جمهور العلماء ، بعدم نكاح الكتابيات لاسيما فى دار الحرب أى الدولة غير الاسلامية ، وعلى كل من يجد نفسه مضطرا للاقتران بمسيحية أو يهودية ، يجدر به توخى الحيطة وعدم انجاب أطفال ان أمكن لأن العواقب كارثية".

أما الفتوى الثانية حسب الصحيفة نفسها "صدرت ابان حرب يوليو تموز اللبنانية-الاسرائيلية، وتحمل التطرف بين طياتها، وقد وصف فيها أعضاء وأتباع حزب الله بالأبطال, ودعا فيها لثورة وانتفاضة ضد الحكام والزعماء العرب، وأن كل من يقتل بنيران جند الحاكم يعتبر شهيدا".

ونقلت الصحيفة عن النائب عمر الراوي العضو ببرلمان فيينا دفاعه عن الشيخ عدنان ابراهيم قائلا "إنه ليبرالى ومعتدل، وأفتى فى العام المنصرم ضد الارهاب وليس فى جعبته مايخفيه وبوسعكم الحضور الى مسجد الشورى يوم الجمعة والاستماع اليه أثناء خطبته".

والشيخ عدنان إبراهيم أبو محمد من مواليد معسكر النصيرات  مدينة غزّة سنة 1966 حيث حصل فيه على تعليمه الإبتدائي و الإعدادي و الثانوي ثم درس الطب في يوغسلافيا، وانتقل إلى فيينا  أوائل التسعينيات مواصلا دراسة الطب بجامعتها، والدراسات الشرعية في كلية الإمام الأوزاعي بلبنان و التي تخرّج منها بدرجة مشرّف جدّا. وأسس جمعية "لقاء الحضارات" سنة 2000 التي انبثق عنها مسجد الشوري ويقوم بالامامة والخطابة والتدريس فيه.

وهو متزوّج من فلسطينية وأب لستة أطفال ـ أربع بنات و إبنين ـ و عضو هيئة التدريس بالأكاديمية الإسلامية بفيينا و التي يعمل أستاذا فيها.

المصدر: العربية نت

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...