فوضى الفتاوى:من سرق الجامع وأين ذهب يوم الجمعة

13-07-2007

فوضى الفتاوى:من سرق الجامع وأين ذهب يوم الجمعة

مرة, كل اسبوع, يجتمع جميع العرب في يوم اسمه يوم «الجمعة», داخل مكان اسمه «الجامع», في اجتماع دوري عام, على مستوى الأمة, لكن المواضيع التي تطرح اسبوعياً امام هذا المؤتمر, تبدو دائماً جانبية جداً, ومفتعلة وجوفاء, وغير ضرورية. ولا تحتاج الى عناء الاجتماع اصلاً.
مصدر هذه المفارقة, ان المواطن المسلم يتنازل عن صوته في لقاء الجمعة, من قبل ان يولد, ويتعلم ان يجلس صامتاً, ومطأطئ الرأس, في حضرة واعظ, يقرعه على ذنوبه من فوق المنبر. وفي مشهد مقلوب الى هذا الحد, يكون من البديهي, ان يقف كل شيء على رأسه, حتى يتكلم اهل السماء, ويسكت اهل الارض. في كتابه «الاسلام في الاسر. من سرق الجامع وأين ذهب يوم الجمعة», يحدثنا الصادق البنهوم عن لغة الموتى معتبراً ان كلمة (العالم الآخر) التي نحتها الكهنة من لغة الناس, لم تكن كلمة, بل كانت «عالماً آخر مجهولاً بأكمله», له ثلاث صفات جديدة, مجهزة عمداً على مقاس السحرة.
الصفة الاولى, انه عالم غائب عن عيون الناس, لا يعرف اسراره احد سوى الكاهن الذي يتكهن بأسرار الغيب, وهي مغالطة شفوية بحتة, لكنها ضمنت للكهنة ان يحتقروا تفسير الشرائع حتى الآن.
الصفة الثانية, انه عالم حي, لكن بوابته الوحيدة, تقع ما وراء الموت, مما يعني عملياً ان مستقبل الناس الاحياء­ يبدأ فقط­ بعد ان يموتوا.
الصفة الثالثة, انه عالم خارج على سنن الطبيعة, تنطق فيه الاصنام, وترتاده التنانين المجنحة, لكنه هو العالم الحقيقي, لأنه ازلي وخالد, وهي صياغة تريد ان تقول­ فقط­ ان عالم الناس الاحياء ليس عالماً حقيقياً.
والسؤال: ما الذي كان سوف يقوله الصادق البنهوم, لو قدر له ان يعيش في عصر الفتاوى؟
ان الدعوة التي ترتفع حالياً, تحت شعار «الصحوة الاسلامية», دعوة لا تتكلم لغة الاسلام, لانها لا تنادي بمسؤولية الاحياء عن حاضرهم ومستقبلهم, بل تنادي بمسؤولية الائمة ورجال الدين.
وفي ظل هذه «الصحوة الاسلامية», يولد الآن مجتمع اسلامي مغيب, علامة غيابه انه ينكر ما تراه عيناه, وينكر ما يقوله عقله.
في هذا المجتمع الغائب, تقضي المرأة المسلمة عقوبة السجن المؤبد, في زنزانة متنقلة اسمها «الحجاب». في هذا المجتع الغائب, يعادي رجال الدين الوقورون جسد الانسان, ويسمون وجه المرأة «عورة».
ان هذه «الصحوة الاسلامية» التي تريد ان يستيقظ الاسلام وينام المسلمون, صحوة لا تكتمل فصولها الا مع سلسلة الفتاوى التي تطاول شهيقنا وزفيرنا والجانب الذي ننام عليه, والطريقة التي نقيم فيها داخل منازلنا, واي جهة نستقبل فيها وجه الصباح... الخ.
وقد وصل الامر ببعض «المسلمين» الى الجهر بأن القرآن الكريم يحض على الارهاب بصورة مباشرة, واستشهد بالآية رقم «60» من سورة الانفال والتي تقول: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم» وتساءل هذا «المسلم»: لماذا نخاف من الارهاب او التحريض عليه فهو ليس تهمة يتنصل منها خصوصاً ان القرآن يأمرنا به. ولم يكتف فقهاء الارهاب في هذه الدعوات بل دعونا نسترجع الحادثة التالية:
عندما سأل رئيس المحكمة المصرية الشيخ محمد الغزالي اثناء المحاكمة (العضو القيادي في جماعة الاخوان المسلمين) عن رأيه في قاتل المفكر العلماني المصري فرج فوده اجابه: (لقد نفذ حكم الردة الذي تقاعس )الامام / (الدولة) عن تنفيذه, عندئذ صرخ القاتل: الآن اموت وضميري مرتاح.
اما الشيخ السعودي سفر بن عبد الرحمن الحوالي اعتبر كارثة 11 ايلول انها مجرد «معاملة بالمثل», اي ان هذا الفعل رد على الهجوم الصاروخي على القاعدة, بعد ان فجرت هذه الاخيرة السفارة الاميركية في نيروبي. كما افتى الشيخ السعودي بشرعية ضرب البنتاغون وبرج التجارة العالمي, وقال عن البنتاغون, انه «عش الشياطين» وانه «وكر الجاسوسية» وايضاً «عش المافيا». وان مركز التجارة العالمي ليس الا «مركز الربا وغسل الاموال», اي انه للأسباب السابقة وطبقاً لعقيدة الاسلام يجب تدميره.
اما الشيخ يوسف القرضاوي فقد افتى بقتل الأجنة اليهود في بطون امهاتهم, لانهم عندما يولدون ويكبرون سيصبحون جنوداً في الجيش الاسرائيلي, كما افتى في نقابة الصحافة في القاهرة, بقتل كافة الاميركيين المدنيين في العراق. وأفتى في اسبوعية «الاهرام العربي» بقتل المفكرين المسلمين العلمانيين (المرتدين) قائلاً: «لقد اجمع فقهاء الاسلام على عقوبة المرتد, وان اختلفوا في تحديدها». الى هنا بامكاننا فهم الجانب السياسي الذي يحرض هؤلاء المفتين على الدعوة الى محاربة اعداء الأمة, رغم ما تحمله هذه الدعوات من اساءة الى الاسلام والمسلمين. لكن كيف بامكاننا فهم هذه الفتاوى التي يشيب لسماعها رأس الطفل. وقد اثارت الفتوى الصادرة عن دار الافتاء المصرية بشأن حق زوجة المدخن في طلب الطلاق العديد من المناقشات والجدال الساخن بين افراد الأسر المصرية وبين الاوساط الطبية والقانونية والاجتماعية.
وكان الدكتور نصر فريد واصل­ مفتي جمهورية مصر العربية­ قد اصدر فتوى بحق الزوجة في ان تطلب الطلاق من زوجها اذا كان مدمناً الخمر او المخدرات او التدخين, لانه في هذه الحالة يضر بزوجته واولاده وأمواله بتعاطيه تلك الاشياء المحرمة شرعاً, مع مراعاة الا يترتب على الطلاق ضرر اشد او مثله سواء تعلق ذلك بالزوج ام بالزوجة ام بالاولاد ام بالجميع, لأن الضرر لا يزال بالضرر. واستندت الفتوى الى ما ذهب اليه المالكية من قولهم: «ان الزوج اذا كان يضر زوجته بالضرب ونحوه, كان لها ان ترفع امرها الى القاضي, وكان لها ان تطلب التطليق منه, الى هنا بامكاننا فهم اوجه المصلحة الشخصية والاجتماعية من وراء هذه الفتوى. لكن في جانب آخر تضمنت الفتوى ايضاً انه يحق للزوج اذا ادمنت زوجته الخمور والتدخين واصرت على ذلك بعد نصحها ووعظها وهجرها في المضاجع, وضربها, ولم تفلح معها كل وسائل الاصلاح والتهذيب, وكانت سبباً في وقوع الضرر على زوجها واولادها, جاز له طلاقها والانفصال عنها لقوله تعالى: «لا تطلقوا النساء الا من ريبة».
الدكتور نصر فريد, ونشدد هنا على مفردة دكتور, لم يسمع بالطب ولا بالمؤسسات التي بإمكانها ان تعالج هذا النوع من الادمان, كذلك لم يخطر في باله اللجوء الى اي نوع من علاج ادمان الزوجة سوى الضرب وهجرها في المضاجع؟! لكن في سابقة هي الاولى من نوعها بدأ علماء الدين في جهات الاسلام الاربع بنشر ارقام هواتفهم معلنين عن استعدادهم للاجابة عن الاستفسارات الدينية والشخصية والحياتية عن طريق الهاتف المحمول مقابل اجر محدد, مع ما يعنيه ذلك من تحويل المسائل الفقهية والشرعية الى نشاط تجاري. وفي هذا الصدد يقول الشيخ احمد عبد العال وهو امام في مسجد: «نحن موجودون في المساجد ليل نهار وارقام هواتفنا متاحة للجميع, ولا ينقطع طلاب العلم عن التردد علينا في كل وقت ملمحاً في هذا السياق الى ان الصدقة تطفئ غضب الرب. مؤكداً عدم وجود مانع شرعي يمنع الحصول على اجر مقابل الفتوى مشيراً الى جواز العلماء اخذ اجر مقابل الاعمال مثل تحفيظ القرآن وإلقاء المحاضرات وسواهما. لافتاً الى ان رجل الدين مثله مثل الطبيب والمهندس والمدرس يأخذ اجراً مقابل عمله فقوته وعلمه لهما ثمن مشيراً الى الامام ابا حنيفة الذي كان يقول: «عندما اشتهي شيئاً اشتريه حتى لا افتي الناس وفي قلبي شيء منه».
لكن الفتاوى لم تتوقف عند ما بلغت ايمانكم, بل اصبح لها سحرها الخاص, وهكذا اصبح المسلم في الالفية الثالثة جاهزاً لان يستفتي في كل شيء, فهو يسأل ان كان تطهير الاذن يبطل الصيام ام لا, وهل يحق للمسلم ان يرسل اموالاً لشقيقه المقيم في بلاد الكفار, وكذلك هل يحق لرجل يقيم مع والدته بمفردهما ان يعود في وقت متأخر وهي نائمة: وهناك مسلم يسأل: هل اصلاح الاجهزة الكهربائية التي صنعها الكفار يعتبر حلالاً ام حراماً؟ وآخر يستفسر اذا كان المسلم يتعرض للأمراض النفسية كما يتعرض لها الكافرون.
نعم تجارة الفتوى اصبحت اكثر انتشاراً من البغاء ومن تجارة المخدرات ومن تبييض الأموال, واصبحت هي بوصلة الوهم التي تحرك شريحة واسعة من الناس وتتحكم في سلوكهم وعاداتهم ومعتقداتهم ومشاربهم. وتجعل منهم مجرد قطيع تابع ومقيد الى ما يصدر عن هذا الشيخ, وذاك الامام. بهذه الطريقة الغيبية تم وأد العقل واستقال الوعي من مهامه, ليسير هذا المسلم او ذاك على هدى الغيب وبقوة الظلام. فهناك من يريد ان يعرف رأي الاسلام في قرض الاظافر, وآخر يسأل انه استقبل مسيحياً في غرفته عندما كان مريضاً وجلس صديقه المسيحي الى طرف الفراش, فهل اصبح الفراش نجساً؟
ومسلم «متنور» يجبر زوجته ان لا تخلع النقاب في الحمام لئلاً يشاهدها عفريت من الجن.
وها هو مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة يعلن ان نفراً من الصحابة الاجلاء كانوا يتبركون بشرب بول النبي. وقبل هذا الرأي الغريب والذي لا ندري في اي سلم للقيم او للعبادة نضعه, كان الدكتور عزت عطية, الاستاذ بجامعة الازهر, اصدر فتوى بجواز رضاعة الاجنبي من صدر المرأة غير المحرمة عليه, فتصبح بارضاعها اياه خمس رضعات مكتملات محرمة عليه, مستنداً في ذلك الى حديث نبوي مشكوك في صحة اسناده.
ولم تقتصر فتاوى رجال الدين على الارضاع وشرب بول النبي, بل تعدتها الى ما هو ابعد في العلم واكثر مدعاة الى عمل العقل, وها هي فتوى على الانترنت لاحد الشيوخ المصريين, سأل فيها احد الناس, هل تحويل رصيد من محمول الى محمول يجوز شرعاً؟ فأفتاه الشيخ بأن هذا نوع من الربا الفاحش.
هذا هو الجسر الذي يتم تدعيمه في ايامنا هذه بين المسلمين والاسلام, جسر فيه من الكذب والنفاق والتدجيل واستباحة القيم. انها ثقافة التلقين في مجتمع لا يؤمن بالاجتهاد ولا يقيم وزناً للحوار.
والدعوات التي ترتفع حالياً في ارجاء الوطن العربي, مطالبة بـ«احياء الاسلام»,دعوة لا تطالب باحياء صوت المواطن المسلم, بل تهدف الى تكريس إلغاء الحوار باسم الاسلام نفسه, انها ليست صوت الناس المجتمعين في الجامع, بل صوت الواعظ, الذي يتكلم نيابة عن الناس انفسهم. ولهذا السبب فقد اصبح «احياء الاسلام» هو احياء شخصية الواعظ بسبحته ونصاحته وولعه بالفتاوى, وليس احياء المواطن الحاضر, بمشاكله الحاضرة في ارض الواقع.
ورغم يقيننا من ان الجامع اكثر قدرة وفاعلية من جميع الفضائيات, الا ان هذه الملحمة الفقهية لا تكتمل الا بتحويل هؤلاء المفتين الى نجوم تتربع امام الشاشات, بل باتوا حاضرين اكثر بكثير من حضور هيفاء وهبي ونجوى كرم. ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل طاول التصنيف الديني الهواتف, على غرار «الهاتف الاسلامي» في مصر. ووفق بعض الاحصاءات فقد سجل هذا الهاتف في الشهور القليلة الماضية متوسط اتصالات بلغت شهريا عشرة آلاف اتصال, وبالطبع كان المفتي على الجانب الآخر من الخط حاضرا للبت في جميع القضايا التي تطاول المسلم في حياته وعبادته ونومه ويقظته.
وهناك بعض الدراسات تشير الى ان الفتاوى الصادرة عن دار الافتاء المصرية سجلت ارقاماً يندى لها الجنبي, ولا يمكن للعقل ان يستوعبها, ففي عهد محمد سيد طنطاوي (كان المفتي قبل توليه مشيخة الازهر) اصدرت دار الافتاء 7890 فتوى, وفي عهد خلفه نصر فريد واصل, صدرت 7433 فتوى,و في عهد خلفه احمد الطبيب صدرت 2600 فتوى (علينا التحري عن الاسباب التي ادت الى هذا التراجع في نشاط فقهاء الفتاوى) وصولا الى عهد المفتي الحالي علي جمعة الذي اصدرت دار الافتاء على يديه 5300 فتوى. وفي لغة الحساب فإنه خلال 21 عاماً فقط, صدرت عن دار الافتاء اكثر من الف فتوى سنوياً. لكن ما الذي يحرك اهتمامات هؤلاء الناس ويجعلهم يتهافتون على طلب المشورة. المتابع للمواضيع التي تطغى على ظاهرة الفتاوى هذه, يأتي الجنس في الطليعة. ولعل ابرز هذه الفتاوى تلك الفتوى التي صدرت في العام الماضي حول اشتراط وجود غشاء البكارة لدى المرأة لصحة الزواج شرعياً, وفتوى محمد رأفت عثمان التي حسم فيها قوامة الرجل على المرأة, وفتوى سيد طنطاوي حول ايجابية وحسنات تعدد الزوجات, اما اغرب الفتاوى الجنسية فهي فتوى الدكتور رشاد خليل حول عدم جواز تعري الزوجين اثناء المعاشرة الجنسية, وفتوى يوسف القرضاوي حول جواز استمتاع الزوجين بملامسة كل منهما عورة الآخر بالفم. وصولاً الى فتوى المفكر الاسلامي جمال البنا, القائلة بأن التدخين لا يبطل الصيام في شهر رمضان, او في غيره من الايام التي يصومها المسلم طوعاً, وكذلك فتواه بأن الحجاب ليس من الشريعة الاسلامية في شيء, وانه افضل للمرأة المسلمة ان تكشف شعرها وترتدي البنطال الجينز.
كذلك اثارت فتوى الدكتور عبد المعطي بيومي الاستاذ بجامعة الازهر جدالاً كبيرا خصوصا لجهة اباحة تأجير الارحام, وهي الفتوى التي اصدرها اثر اعلان سيدة مصرية عن رغبتها في تأجير رحمها لمن ترغب في الانجاب مقابل 2500 دولار, واعتبر بيومي ان هذا الامر يحل مشكلات لكثير من الامهات اللواتي يعانين عدم الانجاب.
هذه هي المشكلات التي يتصدى لها بعض رجال المسلمين اليوم, مشكلات لا تمت بصلة لما يدور في عالمنا العربي من انكسارات وتراجع على الصعد السياسية والاجتماعية والثقافية.
والسؤال هل نحن ازاء فتاوى دينية؟ مغالطة ان نقول ذلك, بل نحن ازاء تخلف يتوسل لغة الدين, وهو ليس خطاب تخلف وحسب, بل فتاوى ارهابية تفرض على مجتمعاتنا ان تعيش في اوكار الظلام وفي عالم ثقافته تحريك الشهوات والغرائز. كأن نقرأ: جسد المرأة: هل هو عورة؟ وهذا ما اجاب عنه الدكتور محي الدين الصافي, عميد كلية اصول الدين في جامعة الازهر, حين رأى ان الفتوى تخالف القول السائد بأن عورة المرأة هي جسمها كله ما عدا الوجه والكفين اذا كانت «حرة» اما الجارية «اي المملوكة» فعورتها مثل الرجل من فوق الركبة الى تحت السرة» ولاحظوا في اي عصر يتردد هذا الكلام.
اما الدكتور علي مرعي, عميد كلية الشريعة والقانون في جامعة الازهر فله رأي آخر: «السوأة لا تعني العورة في الآيات التي استند اليها ابن عربي». فمعيار فرض الحجاب هو انوثة المرأة وضرورة منع مفاتن الانثى عن اثارة شهوات الرجال». ومفهوم العورة يقترن بالحجاب الذي يختلط في اذهان الكثيرين بغطاء الرأس او النقاب, وان كان يعني «الفصل» التام بين الرجال والنساء, وهو الفصل الذي يبلغ الحرص عليه حد المطالبة بحبس المرأة حبساً تاماً بين الجدران المغلقة, فتتحدد حركتها في الحياة من «رحم» الأم الى «بيت الزوج», و من هذا الاخير الى القبر.
لقد شكل انتزاع «الحجاب» بداية الفزع الجماعي والخوف الاكبر لدى شريحة واصعة من المعممين, واذا كان الخوف الفردي يفضي الى الانتحار­ وهو مسألة شخصية­ فإن الخوف الجماعي يفضي الى الفتنة, الى انتشار العنف وتمزيق اواصر العلاقات الاجتماعية. من هنا بامكاننا الاهتداء الى الاسباب الكامنة وراء تنامي العنف الاصولي الذي يستخدم الدين اداة لحماية الذات. اللجوء الى الدين­ في اشد تفسيراته عداء لكل ما هو جميل وحق وخير. انه مؤشر خوف وعلامة علة في الجسد والروح. انه الجاهلية المستعادة بأكثر لبوسها تجريحاً للذات وطعناً لها.
العالم يعيش عصر الثورات المعلوماتية والتقنية, مثلما يعيش في عصر ما بعد الحداثة. لكننا نحن العرب والمسلمين نعيش التسليم والاذعان ونغتال كل صحوة للعقول, ليسود عالم يتحكم به السحرة والمشعوذون والمعممون بثقافة الغيب.


حسان نصر

المصدر: الكفاح العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...