قصة التسوية الدولية حول سورياوهل نجح المحور الايراني – السوري في تعديل قواعد الاشتباك والملفات الإقليمية من القيادة القطرية إلى السعودية

11-05-2013

قصة التسوية الدولية حول سورياوهل نجح المحور الايراني – السوري في تعديل قواعد الاشتباك والملفات الإقليمية من القيادة القطرية إلى السعودية

قصة التسوية الدولية حول سوريا

حركة دبلوماسية دولية مكثفة حول سوريا، دشنها اللقاء الروسي–الأميركي في موسكو.
ورصدت الإجتماع معظم العواصم الغربية، قبل أن تتدرج بالإشادة به.
رئيس حكومة بريطانيا ديفيد كاميرون توجه إلى موسكو قبل واشنطن، وباريس أجرت إتصالات بالجملة بكل اتجاه.
في الشرق الأوسط ثمة حراك سري وعلني. فجأة حط وزير خارجية عُمان يوسف بن علوي في طهران، وطلب رئيس الحكومة القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني موعداً مع الإيرانيين تقرر الإثنين، وتوجه وزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو إلى الأردن.
راقبت المعارضة السورية حركة لم تتبلغ بجوهر تفاصيلها، رغم لقاء السفير الأميركي روبرت فورد معارضين في تركيا، لكن ما زاد توجس المعارضة ترحيب دمشق "بالتقارب الروسي-الأميركي المستند إلى ثوابت موسكو".
وقد أدركت شخصيات في "الإئتلاف السوري المعارض" أن ملامح تسوية تحبكها واشنطن وموسكو بمعزل عن حسابات الدول العربية والأوروبية الداعمة للمعارضة السورية، خصوصاً أن الأخبار الميدانية توالت في الأسابيع القليلة الماضية عن تقدم الجيش السوري وتراجع المجموعات المسلّحة من ريف دمشق إلى ريف القصير وحلب وريف اللاذقية. ورصد المعارضون إشارة بالغة الدلالة بعد خسائر المسلحين في خربة غزالة في درعا. فالمعارضة لم تكن تتوقع تخلياً عن "جبهة الجنوب السوري"، بعد وعود عربية قُدّمت بإقامة منطقة عازلة في درعا وصولاً الى الجولان، وتزاحمت الأسئلة: ماذا جرى؟ ولماذا منع الأردن وصول السلاح إلى المجموعات في درعا؟ هل تلاشت الوعود بإقامة المناطق العازلة؟
ومن هنا جاء تحرك تركيا باتجاه عمّان، فيما سربت المصادر الأردنية كلاماً أن ما حصل يأتي ترجمة لنتائج زيارة وزير خارجية إيران علي أكبر صالحي إلى المملكة الهاشمية.
الى ذلك، ازدادت أزمة الميدان أيضاً عند المعارضة بعد حديث الصحافة الغربية عن تفكك متدرج "للجيش الحر" وإلتحاق العناصر "بجبهة النصرة" والتي هي جزء من تنظيم القاعدة ومصنفة على لائحة الإرهاب أميركياً، وتسعى فرنسا لتصنيفها أيضاً في خانة الإرهاب أممياً.
وفي هذا الإطار، ثمة معلومات تتحدث عن توجه دولي لوضع معادلة سورية بعد التسوية: الجيش يحارب "جبهة النصرة الإرهابية".
تلك الحقائق حضرت في حسابات المعنيين بالأزمة السورية، لكن مطلعين يتحدثون عن عقبات قد تؤخر إعلان نتائج التقارب بين موسكو وواشنطن حول سوريا.
ويشير هؤلاء إلى معادلة صمود الجيش السوري بعد أكثر من سنتين، وإنتصار دمشق على "حملة إسقاط النظام"، وهم يستندون أساساً إلى وقائع الميدان والتطورات الإقليمية والدولية، ويتحدثون عن الترابط الحاصل مع ملفات النووي الإيراني وكوريا الشمالية والدرع الصاروخي والتسوية المطلوبة اميركياً بين اسرائيل والفلسطينيين.
تقاطعت المعلومات عن رغبة روسية-صينية-اميركية لإنجاح مفاوضات كازاخستان حول الملف الايراني، وحل معضلة الدرع الصاروخي بين واشنطن وموسكو، والإتفاق على توزيع الحصص والنفوذ في شأن الثروات الطبيعية في الشرق وإفريقيا، غير أن الأميركيين يشترطون توسيع التسوية لتشمل حل النزاع حول القضية الفلسطينية، من خلال قيام دولتين والإعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية.
عملياً لا يعترض الروس والصينيون على مسألة توسيع التسوية، لكن العقبات موجودة عند "محور المقاومة"، ولا يمكن إقناعه بهذا الطرح.
من هنا رصدت تل أبيب توجهاً للذهاب إلى التسوية خطوة خلف خطوة، وفق الرؤية الروسية-الإيرانية من دون أولوية قضيتها، فسارعت الى توجيه ضربة مدروسة ضد دمشق، للقول أساساً انها جزء من اللعبة ولا يمكن تحييدها.
بالمقابل، كان رد "محور المقاومة" من طهران إلى دمشق إلى كلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بفتح جبهة الجولان، لخلق توازن إستراتيجي جديد.
يُدرج المطلعون إقدام دول عربية على تقديم حل الدولتين وتبادل الأراضي بين الإسرائيليين والفلسطينيين ضمن مسارعة "عواصم الإعتدال العربي" لتقديم الضمانات العملية لإسرائيل والأميركيين بأن الحل في ثورات الربيع العربي "وليس عند محور المقاومة".
يقول المطّلعون إن المقاييس تبدلت عند الأميركيين واقتنعوا بالطرح الروسي الداعي إلى حل سوري متدرج يبدأ بمؤتمر دولي بمشاركة النظام والمعارضة وصولاً إلى تشكيل حكومة تصنف في خانة "الإنتقالية" وتُعطى صلاحيات سياسية اقتصادية وليست عسكرية أو أمنية، وصولاً إلى عام 2014 لترجمة مقولة "السوريون يقررون مصير الرئيس بشار الأسد". يجزم هؤلاء المطلعون أن الأسد سيشارك بالإنتخابات الرئاسية في ظل مراقبة دولية واسعة لا تعترض عليها دمشق ولا حلفاؤها في موسكو وطهران.
أدركت الدولُ الإقليمية التي حاربت النظام السوري أن لا قدرة على تغيير المعادلة، فكانت مصر أول من يُعطي عملياً إشارة الموافقة، وسربت أنباء متتالية عن إلقاء القبض في مطار القاهرة على سوريين يحملان لوائح حول دعم "الجيش السوري الحر"، وتكررت المواقف الرئاسية المصرية حول ضرورة وقف النزاع السوري.
ويدرج المطّلعون ايضاً الزيارة القطرية إلى طهران في خانة الإستعداد لمواكبة التغييرات.
وفي تركيا تجدد حراك في لواء الإسكندرون تحت راية تحريره ما يشكل إرباكاً لأنقرة وسيكون له تداعيات مستقبلية كما يقول هؤلاء.
هذه التطورات لن توقف الحملة على سوريا قبل الوصول إلى نتائج ملموسة متدرجة، ومن هنا تتواصل الحرب الدبلوماسية-السياسية على دمشق، في ظل تحضير قطري-فرنسي-بريطاني لمشروع قرار أممي لتسليم المقعد السوري إلى "الائتلاف المعارض".
واقعة الأمم المتحدة عملياً تخدم واشنطن في استمرار محاكاة المعارضة السورية مرحلياً، وتؤكد من جهة ثانية أن الأوروبيين يريدون المشاركة في صناعة التسوية الدولية حول سوريا، ويعترضون على إبعادهم عن صياغة التفاصيل، علماً أن دولاً أوروبية شذّت باكراً عن الحملة الغربية على دمشق، كألمانيا التي تتواصل مع سوريا سراً وعلناً عبر استخباراتها للعب دور الوسيط كما كانت برلين تفعل على خط التفاوض حول الأسرى بين "حزب الله" وتل أبيب.
يجزم المطّلعون أنفسهم أن عنوان المرحلة المقبلة عند الأطراف هو الجواب على أسئلة بحجم: ما هو موقعنا؟ وعلى ماذا حصلنا؟ وما هو سيناريو المخرج؟

عباس ضاهر

هل نجح المحور الايراني – السوري في تعديل قواعد الاشتباك؟

هل نجح المحور المعروف بـ"محور الممانعة" في امتصاص الصدمة التي خلفها الهجوم الغربي المنظم منذ اكثر من سنتين على واحدة من ابرز حلقاته، اي سوريا؟ وهل تخطى نظامها فعلا لا تقديرا مرحلة السقوط واستراح الى وضعه الجديد فرفع من سقف تحركه الميداني بعد ان اوكل عملية التفاوض لحليفيه الروسي والايراني اللذين نجحا بدورهما في تغيير شروط اللعبة وصولا الى كسر الستاتيكو القائم منذ اربعة عقود مرورا بفرض شروط جديدة لقواعد الاشتباك؟
أسئلة يرد عليها دبلوماسي شرقي بالاقرار بأنّ موسكو نجحت إلى حد بعيد في كسر شوكة المحور الغربي – العربي، كما أفلحت في تغيير قواعد اللعبة لمصلحتها بعدما دفعت بواشنطن إلى الرمال السورية المتحركة وأغرقتها بحرب عبثية مع ما وصفته إدارتها الرسمية بالارهاب في ظل مشهد جديد لم تألفه المنطقة منذ سقوط الاتحاد السوفياتي. بيد أنّ هذا السقوط أنهى الحروب الباردة بعدما تحولت أميركا بأحادية قرارها إلى الآمر والناهي.
غير أنّ المشهد الذي يراه الدبلوماسي انقلب رأسا على عقب بعد أن تبدّلت الادوار بشكل معكوس، فبعدما كانت واشنطن تحارب الاتحاد السوفياتي وتحديدا روسيا بحلفائها وتجلس هي في مقاعد المتفرجين، انعكست الصورة تماما بحيث غرقت واشنطن في رمال سياساتها الخارجية وأغرقت نفسها في وحول العراق وافغانستان ومن بعدهما الربيع العربي فيما واجهتها موسكو بحلفائها اي ايران وسوريا وحجزت لها مقعدا ثابتا على اي طاولة حوار وعادت بعدها الى الشرق الاوسط من بابه العريض. وبالتالي فانه من الجائز الكلام عن نجاح الرئيس فلاديمير بوتين في دفع واشنطن والغرب الى اجراء عملية اعادة توضع واسعة النطاق.
وما يعزز هذا الاعتقاد هو سرعة التطورات والاحداث من جهة وكثافة الحراك الدبلوماسي، حتى يصح القول ان صوت الدبلوماسية بدأ يعلو على صوت الميدان السوري المشتعل بالرغم من صخبه، بدليل ان اخبار المعارك على اهميتها في تحديد المسارات التفاوضية تدنت الى الدرجة الثانية مفسحة في المجال امام الحدث الدبلوماسي والموقف السياسي للتقدم من جديد، بحيث لا تمر ساعة من دون ان تسجل بورصة اللقاءات جديدا، وآخره لقاء بريطاني روسي رفيع المستوى لتسويق فكرة الحل السياسي وترتيب الاوراق قبل انعقاد المؤتمر الدولي نهاية الشهر الجاري.
ويبدو ان المحور الروسي الايراني السوري لم يكتف بهذا القدر، بل استفاد حتى آخر دقيقة من الواقع الميداني من خلال السماح بتغيير قواعد اللعبة وتوسيع الجبهة مع اسرائيل لتشمل الجولان. بيد أنّ الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ما كان ليعلن مثل هذا الامر الخطير من دون موافقة حليفيه الاستراتيجيين سوريا وايران، وما كان اعلن عن البدء بالتحضيرات الميدانية لفتح الجبهة الراكدة منذ اربعة عقود على الاحتمالات كافة، بحيث حقق اكثر من نتيجة مباشرة اولها دعوة اسرائيل الى اعادة حساباتها وعدم الركون الى الستاتيكو السابق، وهذا ما حصل بالفعل من خلال السجالات المندلعة داخل اسرائيل نفسها، وثانيها احياء العقيدة القتالية للجيش السوري وتفريغه للداخل، مرورا بتوسيع رقعة الجبهة مع اسرائيل واستنزافها في تكرار للمشهد الجنوبي، فضلا عن اعطاء المفاوض الروسي المزيد من الاوراق.

أنطوان الحايك

الملفات الإقليمية من القيادة القطرية إلى السعودية باستثناء غزة!
على الرغم من الدور الكبير الذي لعبته القيادة القطرية في الكثير من الملفات الإقليمية العالقة خلال الفترة السابقة، تدور في بعض الأروقة أحاديث عن سحب معظم هذه الملفات إلى الإدارة السعودية بسبب فشلها في المعالجة، والذي كان واضحاً في الأزمة السورية.
الحديث عن هذا الأمر ليس مصدره أخصام الدولة القطرية، بل على العكس من ذلك مصدره حلفاء لها كانت هي الراعية الأساسية لهم في الفترة الأخيرة، إلا أن التحولات التي طرأت على الصعيد السوري دفعتهم إلى تأكيد هذه المعلومات.

قرار أميركي
بعد التوافق الذي حصل بين القيادتين الأميركية والروسية على ضرورة السعي إلى حل سياسي للأزمة السورية، تتحدث مصادر قوى المعارضة السورية عن إنتقال الرعاية القطرية لها إلى القيادة السعودية، وتؤكد أن هذا الأمر تم بضغط من قبل الولايات المتحدة الأميركية، التي لا تريد المزيد من التأزم على الصعيد الإقليمي، لا سيما أنها أبدت الكثير من التردد بالنسبة إلى التدخل المباشر في أكثر من ساحة.
وتشير هذه المصادر إلى زيارة قام بها رئيس الإئتلاف الوطني السوري المعارض المؤقت جورج صبرا في الفترة الأخيرة على رأس وفد إلى السعودية، من أجل التنسيق في المواقف، حيث إجتمع الوفد مع بعض المسؤولين السعوديين، أبرزهم رئيس الإستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز.
وتوضح هذه المصادر أن القرار الأميركي يعود إلى التخبط الذي شعرت به واشنطن في الفترة الأخيرة على أكثر من صعيد، حيث بدأت تلوح في الأفق أكثر من أزمة على صعيد المنطقة، ويلفت إلى أنها حملت المسؤولية إلى طريقة معالجة حلفائها لهذه الملفات، خصوصاً أنهم لجأوا إلى دعم المجموعات الإسلامية المتشددة التي لم تستطع تأمين الحماية للمصالح الأميركية، لا بل أنها قد لا تستطيع تأمين الحماية لنفسها، لا سيما في ظل تزايد المعارضات الشعبية لها، خصوصاً على الصعيدين المصري والتونسي، حيث تعيش حركة "الإخوان المسلمين" حالة من التخبط في إدارة البلاد، إضافة إلى الأزمات المتعاقبة في ليبيا.
وتعتبر المصادر أن أولى ملامح هذا التطور هو الإتفاق الروسي-الأميركي حول سوريا، وتؤكد أن هذا القرار سوف يسهّل من فرص الوصول إلى حل سياسي يقوم على أسس "إتفاق جنيف".

استثناء غزة؟!
على صعيد متصل، توضح المصادر أن السبب الرئيسي في الذهاب نحو القيادة السعودية من أجل إعادة ترتيب الأوضاع هو النجاح الذي حققته في معالجة الأزمة اليمنية، إضافة إلى قدرتها على السيطرة على الأوضاع في البحرين، وتشير إلى أن هناك قناعة بأن الملفات الكبيرة تحتاج إلى لاعبين كبار من أجل المعالجة، لا سيما أن خطر إنزلاق المنطقة نحو صراع مذهبي ضخم بات كبيراً، وتلفت إلى أن هناك ثقة بالدور السعودي المخضرم على الصعيد الإقليمي أكثر من الدور القطري.
وتؤكد المصادر أن هذا الدور السعودي سيتطلب إنفتاحاً على الدور الإيراني بسبب الرغبة في الحلول السلمية، وتشير إلى ما ظهر في الفترة الأخيرة من مؤشرات سعودية إيجابية باتجاه "حزب الله" على صعيد الملف اللبناني، على الرغم من إعتبار المملكة أن الحزب تابع بشكل كامل إلى القيادة الإيرانية، ما يعني أن هدفها الأساسي هو الإنفتاح على طهران.
وتشدد المصادر على أن هذا هو الدور على صعيد مختلف ملفات المنطقة، باستثناء ملف قطاع غزة، حيث تلفت إلى أن هناك تناغماً قطرياً إسرائيلياً ساهم في التهدئة على هذه الجبهة، وتعتبر أن هذا الأمر يرضي الولايات المتحدة، وبالتالي ليس هناك من مانع من إستمرار الدور القطري طالما أنه يؤمن المطلوب منه.
ومن جهة ثانية، تربط المصادر بين هذا الواقع المستجد والموقف الروسي الذي أعرب عنه وزير الخارجية سيرغي لافروف قبل مدة، عندما تحدث عن الدور القطري في المنطقة، ورفضه له، لا سيما بعد التحدي الذي أبدته على الصعيد الإقتصادي من خلال المنافسة في تصدير الغاز الطبيعي إلى الأسواق الأوروبية.
وبالنسبة إلى إحتمالات "خربطة" هذا التوجه، توضح المصادر أن هناك مصالح مشتركة بعدم القيام بهذا الأمر، وتؤكد أن واشنطن قادرة على لجم أي حليف لها قد يسعى إلى هكذا "تمرد" على رغبتها.

ماهر الخطيب

المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...