ما هي التعديلات الأمريكية على مبادرة السلام السعودية

21-02-2007

ما هي التعديلات الأمريكية على مبادرة السلام السعودية

الجمل:   قدم اليهودي ديفيد ماكوفيسكي (مدير مشروع عملية سلام الشرق الأوسط بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى التابع للإيباك) تقريراً إلى اللجنة الفرعية المسؤولة عن الشرق الأوسط، التابعة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي.
تقرير ديفيد ماكوفيسكي، عبارة عن تقييم لمبادرة السلام العربية التي أجازتها القمة العربية في بيروت عام 2002م. ولما كان ديفيد ماكوفيسكي هو المسؤول عن البحوث والدراسات السياسية والاستراتيجية المتعلقة بعملية سلام الشرق الأوسط، فإن تقريره يكتسب أهمية فائقة، وذلك لأنه تقرير يوضح (منظور اللوبي الإسرائيلي) إزاء مبادرة السلام العربية. كذلك تكشف آراء ديفيد ماكوفيسكي المسار المتعاكس الذي تمضي فيه وتنتهجه إسرائيل، فالقيادة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية تتحدثان عن السلام والتطبيع والتعاون مع المعتدلين العرب، من جهة، ومن الجهة الأخرى يعمل خبراء إسرائيل والإيباك على ذبح مبارة السلام العربية.
يقول ديفيد ماكوفيسكي: لقد أصبح المشهد السياسي الإسرائيلي- الفلسطيني محبطاً، غير مشجع ومعتماً، خلال السنوات الأخير، فبين عامي 2000-2004م جلبت الانتفاضة الثانية إرهاباً وعنفاً لا يقبل التسامح، وبرغم انسحاب إسرائيل نم قطاع غزة في صيف عام 2005م فإن انتصار حماس في انتخابات كانون الثاني 2006م، قد أسهم بقدر كبير في التراجع الذي نشهده الآن.
المشكلة المزدوجة التي تواجهها اليوم عملية صنع السلام، هي مشكلة تتعلق بعدم كفاية وفعالية قدرات محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية وإيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي، ويتضح ذلك على النحو الآتي:
• ضعف محمود عباس: في الوقت الذي كان يتوجب أن يواصل انقلابه على حماس، وبرغم الدعم الأمريكي والغربي له، فإنه انقلب على نفسه، وقام بدلاً عن ذلك بعقد اتفاقية مكة مع حركة حماس.
• ضعف إيهود أولمرت: أصبح في موقف دفاعي، بسبب عدم خبرة وزير دفاعه عامير بيريتس، وكارثة حرب لبنان، التي أدت إلى تدني شعبية أولمرت.
يقول ديفيد ماكوفيسكي: إن اتفاقية مكة  أدت إلى تعقيد عملية سلام الشرق الأوسط، إضافة إلى أنها أربكت تحركات كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية، أما ضعف أولمرت، فقد أدى إلى زعزعة استقرار الموقف السياسي الإسرائيلي، وهو أمر سوف تظهر نتائجه بواسطة التقرير النهائي الذي تنهمك في إعداده حالياً لجنة وينوغراد، المسؤولة عن التحقيق في ملابسات حرب صيف 2006 بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
إن مهمة كوندوليزا رايس تهدف إلى خلق (الفرصة السياسية) للفلسطينيين، عن طريق النقاش فقط وليس التفاوض، وفتح قناة للحوار بين محمود عباس وإيهود أولمرت. وترى الإدارة الأمريكية أن نقاش رايس وحوارها مع الفلسطينيين، يحاول التوصل إلى إذا ما كان الفلسطينيون موافقون ومقتنعون بالمبادئ والأسس التي يمكن أن تمثل أساساً لصفقة سياسية.
أما على الجانب الإسرائيلي، فهناك موقفين:
• موقف تسيبي ليفي (وزيرة الخارجية الإسرائيلية): ويتفق مع توجهات كوندوليزا رايس، ويقوم موقف تسيبي ليفني على أساس أن الحوارات والنقاشات هي وحدها القادرة على تجديد حيوية محمود عباس ودفعه إلى التركيز من أجل المفاوضات باعتبارها البديل المناسب للعنف.
• موقف ايهود أولمرت (رئيس الوزراء الإسرائيلي): ويرى بأن المحادثات والنقاشات، مع محمود عباس، يجب أن تصاحبها المزيد  من الضغوط والعقوبات، وذلك لدفع محمود عباس بحيث إما أن يبتعد عن حماس، أو أن يقنع حماس ويجعلها تقبل بشروط إسرائيل.
اتفاقية مكة التي نصت على صيغة حكومة الوحدة الوطنية بين فتح وحماس، تعتبر بمثابة انتصار لحماس من جهة، وتعتبرها فتح تعزيزاً لموقفها من الجهة الأخرى، أما بالنسبة لإسرائيل فإن هذه الاتفاقية هي بمثابة إعلان لتحالف فتح- حماس.
كذلك ترى الحكومة الإسرائيلية أن التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية لن يتم مطلقاً، إلا إذا اعترفت هذه الحكومة والأطراف المكونة لها بالمبادئ والشروط التي حددتها اللجنة الرباعية، وهذه المبادئ تتمثل في:
- الاعتراف بإسرائيل وحقها في الوجود.
- التخلي النهائي عن العنف.
- الاعتراف والالتزام بكل الاتفاقيات التي وقعتها السلطة الفلسطينية السابقة.
لقد تغيرت وتبدلت الظروف كثيراً عما كانت عليه لحظة إعلان القمة العربية لمبادرة السلام في بيروت، عام 2002م، وحالياً قلّ اهتمامهم بتحقيق السلام وحل الصراع العربي- الإسرائيلي، وبدلاً عن ذلك أصبح اهتمام السعوديين يركز على:
- الحرب ضد الإرهاب.
- تفادي النزاعات الأهلية والحروب الداخلية في المنقطة.
- مواجهة الحظر الإيراني.
ومن ثم، فمن المفيد أن نفهم أن هناك ضرورة ملحة لكي تفكر وتقوم الإدارة الأمريكية بفتح الحوار والنقاش مع السعوديين، وذلك بهدف استطلاع آرائهم وأهدافهم وغاياتهم حول السلام مع إسرائيل، وذلك على أساس اعتبارات أن المستجدات التي حدثت في المنطقة مثل (تحرير العراق) يتوجب أن تكون بالضرورة قد غيرت من منظور السعوديين للسلام الذي كان سائداً في عام 2002.
إذا لم يكن السعوديون واعين ومدركين لهذه المستجدات، فإنه يتوجب على الأمريكيين إفهامهم بأن مبادرة السلام العربية لعام 2002م، لم تعد تشكل السياق السليم الذي يتمتع بالكفاءة والفعالية، وذلك بسبب وجود ثلاثة مشكلات يتوجب على المبادرة أن تتصدى لمعالجتها، والمشكلات هي:
• مشكلة اللاجئين، وضرورة تقديم التنازلات من جانب العرب حول حق العودة.
• مشكلة الترتيبات المتعلقة بالأرض، وضرورة أن يوافق العرب على ترتيبات تتميز بالمرونة.
• مشكلة الـ(فيتو) السوري، وضرورة أن لا يتم الربط بين التطبيع مع إسرائيل والانسحاب من كامل الأراضي العربية، بحيث يتوجب على العرب التطبيع دون تقيد بالانسحاب من كامل الأراضي العربية.
وعموماً نقول مرة أخرى، وربما ثالثة ورابعة تتجسد سخرية القدر والتاريخ، ففي الوقت الذي تجتهد فيه السعودية والأردن ومصر، وتحالف (المعتدلين العرب) في تلبية شروط إسرائيل والإدارة الأمريكية من أجل دفعهم إلى القبول النهائي بمبادرة سلام قمة بيروت 2002م، نجد في الجانب المقابل التحركات الإسرائيلية- الأمريكية الهادفة إلى القضاء على هيكل وقوام المبادرة، وذلك بحيث يجد تحالف المعتدلين العرب أن التنازلات التي قدمتها إسرائيل، والإدارة الأمريكية، كانت تنازلات مجانية، وبلا مقابل.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...