ماما مات

07-08-2009

ماما مات

صعق المدعو عمار باتصال مفاجىء من خادمته الأندونيسية إلى مكتبه تصرخ فيه وهي بحالة هيستيرية ماما مات «مات مات» فركب سيارته واتجه مسرعاً إلى البيت ليجد زوجته ملقاة على الأرض، وملطخة بالدماء، وقد تم تقييدها برباط من يديها وقدميها، ففقد توازنه وقارب على الانهيار واستغاث بجاره الذي اتصل بقسم شرطة الميدان التي باشرت التحقيق مع الخادمة التي راحت تدعي ابتداء أن شخصاً دخل المنزل ورشها بمادة مخدرة، فغابت عن الوعي، وحينما صحت بعد حوالي ساعة ونصف الساعة، شهدت سيدتها ملقاة على الأرض وهي مضرجة بدمائها فأخذت تصرخ وتستغيث بالجوار بعدما اتصلت بزوج المغدورة وهي تصرخ« ماما مات»..‏

لم تقتنع الشرطة برواية الخادمة ، ولاسيما بعد تحري الشقة وتفتيشها، حيث عثر على مصاغ المغدورة ونقدها وجوالها داخل حقيبة الخادمة التي كانت معدة على ما يبدو للسفر، إذ قارب عقدها على الانتهاء وعندما أعاد المحقق استجوابها بعد العثور على النقود والمصاغ والجوال داخل حقيبتها، غيرت الخادمة روايتها وأفادت في ضبط قسم الميدان رقم 2926 أن شخصاً تعرفه حضر إليها، وأمسكها وربطها ، ثم دخل إلى غرفة المغدورة التي سمعتها تستغيث، ثم خرج وفك رباطها، ووضع المصاغ والنقود بحقيبة سفرها ثم غادر ،تولى فرع الأمن الجنائي بدمشق التحقيق في هذه الحادثة وأعد تقريراً مصوراً بحادث مقتل المغدورة .‏

حيث ثبت من خلال الكشف القضائي والطبي الشرعي الجاري على جثة المغدورة تعرضها لعدة طعنات وسحجات وكدمات إضافة لجروح متنوعة تسعة منها على البطن والخاصرة اليسرى تترواح أطوالها بين 1و5و2سم وتخرج من إحداها عروة معوية وما تبقى انتشر على الظهر والأطراف والابهام ، وخلصت هذه الخبرة إلى أن سبب الوفاة يعود إلى الصدمة النزفية الناجمة عن الأذيات الطعنية المتعددة وبإعادة استجواب الخادمة للمرة الثالثة اعترفت في ضبط فرع الأمن الجنائي بدمشق رقم 4023 أنها قتلت المغدورة لوحدها بقصد السرقة وبدافع الانتقام منها بسبب معاملتها القاسية وأضافت الخادمة أمام السيد قاضي التحقيق بعد أن اعترفت بالجرم المسند إليها، أنها تعمل عند المغدورة منذ عامين ونصف ، وأنها كانت تعاملها معاملة سيئة وتشتمها وتمنعها من الاتصال بأهلها ومن ارتداء الملابس الجديدة كما تمنعها من الطعام المحبب إليها، وتحقرها أمام الضيوف، وعندما شارف عقد عملها على الانتهاء قررت الانتقام، وقامت بالتخطيط لقتلها منذ شهر وإنما لم يرق التخطيط في ذهنها لإزهاق الروح، بل كانت فقط تود الانتقام منها، وأحياناً كانت تتراجع عن فكرة الانتقام، إلى أن شاهدت المغدورة نائمة وحدها في غرفتها، والمنزل قد خلا من زوجها الذي ذهبت للعمل وأولادها الذين ذهبوا إلى المدرسة، وعندئذ تحرك بداخلها حقدها وألمها وشعرت بمهانتها، ما دفعها لإحضار سكين مطبخ طعنت فيه المغدورة ببطنها وصدرها عدة طعنات ، وعندما استيقظت على طعناتها، حصل بينهما عراك بالأيدي، حاولت فيه المغدورة تخليصها السكين وهي تصرخ وتستغيث وكان العراك بينهما عنيفاً لدرجة تمكنت فيها منها وأسقطت السكين من يدها، وعندئذ رمت الخادمة المغدورة أرضاً ووضعت الوسادة على وجهها وضغطت لتمنع الهواء ، ومع ذلك كانت المغدورة تقاومها وقد كادت تفقد بسبب نزفها الحراك، فقامت بحمل السكين ثانية من على الأرض وراحت تطعنها فيها عدة طعنات، ومن ثم أوثقت يديها وقدميها بحبل برادي كونها ما زالت تتحرك، وانتظرت حتى لفظت أنفاسها الأخيرة ، لتجمع مصاغها ونقودها وجوالها.‏

وللمفارقة اعترفت الخادمة أمام هيئة المحكمة أن زوج المغدورة كان يتحرش بها، وأن المغدورة تهجمت لهذا السبب عليها، وحاولت خنقها بيديها وهي تصرخ بوجهها يا حيوانة إنك تحبين زوجي وسوف أقتلك فلجأت إلى مقاومتها والدفاع عن نفسها عندما تناولت سكيناً حاولت طعنها بها ولكنها تصدت لها وتمكنت منها فظلت تطعنها حتى فقدت الوعي...‏

هيئة المحكمة ردت أقوال الخادمة التي لم تقتنع بها مطلقاً بسبب أنه لو كان صحيحاً لكانت ذكرته منذ اللحظة الأولى في التحقيق، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن المغدورة ليست مضطرة لقتلها لو كان ذلك صحيحاً وإنما بإمكانها إنهاء عقد الخادمة وبأيسر السبل...‏

من جهته أنكر زوج المغدورة ادعاء الخادمة، وأضاف: إن زوجته وأولاده كانوا يعاملون الخادمة أجمل وأروع معاملة. فهي تأكل مما يأكلون وتلبس مما يلبسون وهم يسمحون لها بالاتصال مع أهلها دورياً، وإن أقوالها المنافية لذلك جاءت لتبرير فعلتها النكراء بالقتل وإخفاء الدافع الأساسي الذي دفعها إليه وهو السرقة بحكم أن عقدها قد شارف على الانتهاء وطالب زوج المغدورة كمدع شخصي بإنزال أقسى العقوبات بالمتهمة ولم يرغب بأي تعويض مادي نظراً لفقر حالها كما قال...‏

يذكر أخيراً أن هيئة محكمة الجنايات الأولى بدمشق قد أصدرت مؤخراً القرار رقم 349 في الدعوى أساس 494 لعام 2009 المتضمن بالاتفاق: تجريم المتهمة تولد 1980 بجناية القتل عمداً وتمهيداً وتسهيلاً للسرقة ومعاقبتها بالاعدام وللأسباب المخففة التقديرية المستمدة من ملابسات القضية وظروف المتهمة وطلبها الشفقة والرحمة تخفيض عقوبتها إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.‏

ملك خدام

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...