محافظة دمشق تحظر الدراجات الكهربائية في شوارعها

13-01-2011

محافظة دمشق تحظر الدراجات الكهربائية في شوارعها

وافق مجلس محافظة مدينة دمشق في ختام اجتماعه الدوري على منع الدراجات الكهربائية من السير في شوارع وأزقة المدينة حفاظا على السلامة وفقاً لوكالة سانا. واعتبر أبو علي صاحب بقالية في الصالحية أن القرار خاطئ لكونه يأتي في وقت تعاني منه العاصمة من ازدحام و اختناقات مرورية لا يمكن حلها إلا بانتشار وسائل النقل الخفيفة مثل الدراجة الهوائية والدراجة الكهربائية. وهو ما يؤيده فيه أبو محمد العامل في وزارة التربية والذي يرى أن وجود هذا النوع من وسائل النقل الفردية أعطى أريحية تنقل داخل العاصمة وخصوصاً في ظل أزمة النقل التي تعيشها ، فوجود الدراجة الكهربائية لديه سهل عملية انتقاله بين مسكنه في ركن الدين وبين مقر عمله.
 
البيئة تصمت
 اتصلنا بمدير سلامة الغلاف الجوي في وزارة البيئة هيثم نشواتي الذي رفض التصريح حول هذا الموضوع إلا بعد أن يصرح له المكتب الصحفي بالوزارة بذلك.

مطلوب نواظم
المحامي عامر حسين خالف الآراء السابقة فقد رأى في القرار حالة إيجابية تمنع التجاوزات والإشكالات التي أدى إليها بعض مستخدمي الدراجات نتيجة طيش أو عدم تقدير لسوء القيادة في الطرقات . لكن حسين بيّن أن وجود الدراجات الكهربائية مع وجود نواظم تنظم سيرها ووجود مسارات خاصة بها على طرف الشارع كان ليردع مثل هذه التجاوزات وخصوصاً أن الكثير من العواصم ومنها بكين تشجع على اقتناء هذه الدراجات لأنها تساهم في حل أزمة النقل فيها في هذا القرار.

بيئة دمشق: صديقة للبيئة
وبين مدير البيئة في محافظة دمشق ماهر بوظو أن الدراجة الكهربائية صديقة للبيئة فهي لا تستعمل الوقود لكن نجم عنها الكثير من الحوادث بسبب عدم وجود الصوت لذا فإن المجلس اتخذ قراره من هذا الجانب فهي كدراجة مؤذية وقد تؤدي إلى حوادث.
وأكد بوظو أن مديرية البيئة تشجع وسائل النقل الحديثة النظيفة والصديقة للبيئة والتي لا تستعمل الوقود مثل الدراجة الهوائية، كما نشجع أيضاً السيارة الكهربائية والسيارات الهجينة.

رخصوها أسوة بحمص
بدوره بين الخبير البيئي سمير الصفدي أن القرار جيد لكن الأفضل كان ترخيصها أسوة بمحافظة حمص التي سمحت باستخدامها بعد الترخيص لها، أما المنع الكامل فهو قرار غير عادل للناس وللمستوردين وللمصنع الذي رخص له في سورية فالدراجة الكهربائية هي شبه صديقة للبيئة (لوجود محرك كهربائي يعمل على البطارية) ولا يوجد أدوات تنبيه بالصوت وتقاد من المراهقين والصغار وسرعتها غير محدودة وخصوصاً في الأزقة الضيقة. وأعاد الصفدي تأكيد أن الأمر كان بحاجة إلى تنظيم وإدارة وترخيص فالمجلس في قراره هذا ساوى بين الدراجة النارية والدراجة الكهربائية.


صدمة لرواد البيئة
فوجئ رئيس جمعية رواد البيئة حكمت أبو حمدان بالخبر مبيناً أن الدراجة هي صديقة للبيئة فلا دخان ولا صوت يزعج ولا طاقة تهدر فهي تشحن كهربائياً إضافة إلى ذلك فهي لا تأخذ حيزاً مكانياً كبيراً في الطرقات كما أن استخدامها يعتبر الحل الأمثل بين الدراجة النارية التي تمنعها محافظة دمشق والدراجة الهوائية التي تحتاج إلى جهد وطاقة قد لا يستطيعهم رجل مسن وجد الحل في الدراجة الكهربائية. ورأى أبو حمدان أن ليس لها أي مساوئ بالمجمل تؤدي إلى منعها كما أنها تساعد السكان على قضاء حوائجهم داخل المدينة المكتظة وكان الأجدى بمحافظة دمشق إيجاد حل قانوني للمسألة عبر ترخيصها مثلاً، أما مصادرتها فهو أمر مستهجن فالمواطن عندما يستخدمها يبحث عن أقل الحلول ضرراً وأكثرها ملاءمة لوضعه.

أمنو لها بنية تحتية
أما مدرس مادة التلوث أيضاً في كلية الزراعة بجامعة دمشق فتحي البغدادي ففضل إجراء مقارنة بين الدراجة الكهربائية والعاملة على الوقود الأحفوري «النارية» وهو بالطبع كما أكد مع الأولى لعدة أسباب أولها عدم إصدارها لأي من الملوثات الهوائية والأثر السلبي لها بحسب رأيه صفر، وأما دراجات الوقود الأحفوري ومنها البنزين فهي أولاً سريعة وملوثة وتسبب خطراً مباشراً بالحوادث وخطراً طويل الأجل بالغازات السامة التي تنفثها بالهواء. وأكد البغدادي أنه مع إيجاد بنية تحتية تمكن من استيعاب هذه الدراجات كأن نشكل مسارب خاصة بهذه الدراجات الهوائية كهربائية أو نارية وهذه مسؤولية الحكومة ومؤسساتها حيث يجب سن قوانين تنظم هذه الدراجات وعملها وبالطبع يجب ألا ننسى إيجاد مسارب خاصة للمشاة أولاً والكلام للبغدادي.

آراء الخبراء
وجاءت آراء الخبراء البيئيين وخبراء الزراعة والصحة متوافقة ومنهم مدرس مادة التلوث في كلية الهندسة الزراعية «وسيم الحكيم» الذي أكد أن المعالجة لا تكون بهذا الشكل المجتزأ وهذه الدراجة مشكلتها الأساسية أنها من دون صوت وبعض الناس الذين لا يملكون مكاناً للسير بسبب السيارات المتوقفة على الأرصفة يعانون من عدم سماعهم لها ولا مشكلة أخرى نهائياً.
وتابع الحكيم: إن الدراجة التي منعت في دمشق جيدة ولكن المنع لا علاقة له بالبيئة أو غيرها بل بمسألة واحدة هي أنها دخلت البلاد دون المرور على الرسوم والدفع وهم منعوها كي تعود السيطرة المالية لهم من خلال فرض رسوم مالية عليها والمشكلة الحقيقية ليست الدراجات الكهربائية بقدر ما هي في الباصات العاملة على الديزل والسرافيس التي تنفث الدخان بسماء المدينة التي يغسلها المطر ومن ثم تعود سوداء كما كانت، والسؤال لماذا المنع اليوم وإن كان السبب الرسوم فلماذا لم تفرض من البداية فهذا النوع من الدراجات مفيد جداً ويساعد على تخفيف التلوث؟

أرقام التلوث في دمشق
صنفت دراسة بيئية لجامعة دمشق ضمن أكثر المدن تلوثاً هوائياً وبينت القياسات في دمشق تدني نوعية الهواء، الذي أصبح ملوثاً، بأكاسيد الكبريت (SO2)، وأكاسيد الآزوت (NOx)، والعوالق وغيرها، كما يعاني الهواء من ظاهرة الضباب الدخاني، التي تنجم عن تفاعل الملوثات الأولية مع بعضها بعضاً تحت تأثير الأشعة فوق البنفسجية.
وبدأت الدراسة من تدني نوعية الهواء، الذي أصبح محملاً في بعض المناطق، بتركيز مرتفع من أكاسيد الكبريت والنتروجين وغيرها وأهم هذه الملوثات، ثاني أكسيد الكبريت SO2.
ويضاف لأكسيد الكبريت أول أكسيد الكربون CO، الصادر عن إنتاج الطاقة ومن احتراق الوقود في وسائط النقل وخاصة العاملة منها على البنزين، وتشير نتائج القياسات التي جرت في بعض المدن السورية إلى أن متوسط تركيز CO (متوسط 8 ساعات) تراوح بين (2 و20 ppm)، وأن عدد تجاوزات الحد المسموح به (ppm 9) من منظمة الصحة العالمية ومقترح المعايير السورية، قد تراوح بين 2-30% من مجمل فترات القياس في المراكز التجارية في دمشق.
كما تشير نتائج القياسات في مدينة دمشق، إلى وجود تركيز مرتفع من أكاسيد الآزوت في الهواء، ووصل عدد التجاوزات للمتوسط الساعي إلى 96 مرة، وهذا يفوق كثيراً عدد التجاوزات المسموح بها في العام (18 مرة) تبعاً لمواصفة الاتحاد الأوروبي.
وبينت نتائج القياس ارتفاع مستويات تركيز هذا الغاز حيث وصل متوسطه أحياناً (متوسط 8 ساعات) إلى (ppm 0.1) وهي أعلى بـ2.5 مرة من المعيار المسموح به من منظمة الصحة العالمية (ppm 0.061)، كما بلغ عدد المرات التي تجاوز فيها متوسط التركيز الحدود المسموح بها 128 مرة (أي بنسبة 20% من مجمل فترة القياس)، وعدد التجاوزات هذه أعلى بكثير من مواصفة الاتحاد الأوروبي، التي حددت عدد التجاوزات بنحو 20 مرة في السنة. وكان تركيز الأوزون أعلى في الفترة الصيفية مقارنة بالفترة الشتوية. ويضاف لجميع ما سبق الهيدروكربونات الحلقية العطرية الناتجة عن الاحتراق غير الكامل للوقود، وتصل إلى عدة مئات، معظمها ذات خصائص مسرطنة وسامة، وبينت القياسات أن تركيز البنزبيرين يفوق معايير منظمة الصحة العالمية بأكثر من مرتين.

مخاطر صحية مميتة
التلوث السابق يرتبط أثره على الصحة بحسب نوع الملوث فأول أكسيد الكربون CO، يرتبط بالهيموغلوبين، ويؤدي إلى نقص أكسجة الجسم، ذلك أن ألفته للهيموغلوبين تفوق ألفة الأكسجين بـ200 -250 مرة، أما ثاني أكسيد الكبريت SO2، فيسبب تخريش الأغشية المخاطية والسعال والتهاب القصبات وضيق التنفس وآلاماً صدرية، أما أكاسيد الآزوت Nox، فتؤدي إلى التهاب الشعب التنفسية، خفض وظيفة الرئتين، زيادة تواتر الأمراض الصدرية، في حين يؤدي الأوزون O3، إلى تحسس الأغشية المخاطية لجهاز التنفس والعيون، والسعال، واشتداد نوبات الربو، وخفض وظيفة الرئتين، ويعتقد الدارسون أن للأوزون علاقة بالولادات المبكرة وانخفاض وزن الأطفال عند الولادة، والعيوب القلبية.


عبد المنعم مسعود - جابر بكر 

المصدر: الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...