مهن سوريّة اندثرت وأخرى ولدت من رحم الأزمة

14-02-2014

مهن سوريّة اندثرت وأخرى ولدت من رحم الأزمة

انتعشت العديد من الصناعات التقليدية نتيجة الأزمة التي تمر بها سورية، وذلك في سبيل بحث المواطن عن بدائل أخرى لتلبية احتياجاته اليومية، فعادت صناعة "بابور الكاز و"بيع الحطب و"لمبة الكاز"، حيث أصبحت هذه المهن أرزاقاً لحرفيين ما كانوا يظنون يوماً أنها ستعود في ظل "عصر التكنولوجيا"، لكن هذه المنتجات سرعان ما ينخفض الإقبال عليها حيناً ويرتفع حينا آخر مع كل إنفراج لأزمات الغاز والمازوت، وذلك بحسب عدد من الحرفيين الذين التقيناهم في سوق النحاسين بدمشق.

وتحتل سورية ترتيباً من بين المراتب الثلاث الأولى، على مستوى العالم، في حرف صياغة الذهب وصناعة الرخام والشرقيات والحلويات والأطعمة وغيرها.

وبسبب الأحداث الراهنة، توقفت الأغلبية العظمى من المناطق الصناعية الخاصة بالحرفيين في سورية، إضافة إلى صعوبات عمل أخرى تواجه المنشآت تتمثل بانقطاع التيار الكهربائي المستمر، وتوقف العمل جراء ذلك.

وكشف "اتحاد حرفيي دمشق" مؤخراً، أنّه بصدد تأسيس "مشروع المنطقة الصناعية في منطقة دير علي"، على أوتوستراد الكسوة، مبيناً أنّ هدف المشروع تشغيل ما يقارب 10 آلاف عامل، إضافة إلى نقل ما يقارب 7 آلاف سيارة لخارج مدينة دمشق لتصليحها في المنطقة الصناعية المزمع تأسيسه.

بابور الكاز

عاد "بابور الكاز" إلى مطابخ السوريين كبديل – في بعض الأحيان- عن الغاز المنزلي، بعد أزمة الغاز التي مرت بها البلاد، وصعوبة الحصول على اسطوانة الغاز، وارتفاع ثمنها، فبات "البابور" أحد العناصر الأساسية في معظم المنازل كنوع من التراث المعاد إحياؤه، والمساعد في أعمال الطبخ بعد توفر مادة الكاز التي حددت "وزارة النفط" في نهاية العام الماضي سعر الليتر منه بـ90 ليرة، لكنه يباع في الأسواق بشكل حر يصل سعر الليتر منه ما يقارب 250 ليرة.

الصابون على حافة الانهيار

وتعاني معظم معامل الصابون في حلب من صعوبة توافر وتأمين المواد اللازمة لصناعة الصابون، وبالأخص صابون الغار الذي تشتهر به حلب، ما أدى إلى إغلاق عدد كبير من المعامل، وتهديد ما تبقى منها بالإغلاق.

ويعدّ الصابون الحلبي أحد أقدم أنواع الصابون على الإطلاق، وينتشر بشكل واسع في منطقة الشرق الأوسط، حيث يُصنع من مزيج زيت أشجار الغار وزيت الزيتون والصودا، ولا يحتوي على أية مواد كيمياوية أو مواد إضافية، وكانت تجني سورية من تجارته الخارجية مايعادل 10 ملايين دولار أميركي، وتصدّر منتجاتها إلى الولايات المتحدة وأوروبا واليابان والصين.

الزجاج اليدوي غير مرغوب

وتراجعت صناعة الزجاج اليدوي الذي كانت تفخر به المحال في الأسواق الشعبية القديمة، نتيجة انخفاض الطلب عليه من قبل المواطنين، وتراجع نسبة السيّاح نظراً للأوضاع الراهنة، والذين كانوا يشكّلون الزبون الأول لشراء الزجاج العربي التقليدي، والذي يصنعه حرفيون ورثوا المهنة عن أبائهم وأجدادهم.

لكن ورغم الصعاب التي تخلّفها الأزمات، والتي تشكل عائقاً يومياً للمواطنين، يبقى السوريون محفوفين بالأمل، وباحثين عن موارد وسبل جديدة للحياة قادرة على مواجهة أعتى الظروف، وأكثرها قساوة.

الحطب بديل للمازوت

وبعد أن أصبح الحصول على ليتر المازوت من الصعوبات التي تواجه المواطنين، وتؤدي إلى ضياع وقتهم في طابور الانتظار في محطات الوقود، حلّ الحطب بديلاً عن المازوت في تدفئة البيوت، وتزويد المواقد المنزلية منه، حيث وصل سعر الكيلو إلى 55 ليرة.
وبات من غير المستغرب أثناء فترات انقطاع التيار الكهربائي، أن تنتشر في الحارات والشوارع أصوات المولدات الكهربائية والبطاريات التي لجأ إليها المواطنون لإنارة منازلهم، ما أدى إلى تنشيط سوق الكهرباء وحركة البيع فيه بين المولدات والبطاريات التي تعمل على مادتي البنزين أو المازوت أو تعتمد على الشحن بالكهرباء، وتختلف استطاعتها حسب سعتها التخزينية، حيث تبدأ أسعارها من 10 آلاف ليرة لتصل إلى 160 ألف ليرة.

مصباح الكاز والشموع

وفي ظل انقطاع الكهرباء المستمر لساعات طويلة بين التقنين والأعطال الطارئة على محطات التوليد، تأتي مصابيح "الكاز" لتنير بيوت السوريين الذي تعذّر عليهم شراء المولدات الكهربائية لغلاء أسعارها، وتوفر مادة الكاز بسعر مقبول.

أما الشموع التي كانت إحدى المستلزمات الثانوية في بعض المنازل، وتستخدم فيما نَدر، أصبحت من الأساسيات لكل عائلة، فازداد الطلب عليها في الآونة الأخيرة، وارتفعت أسعارها ليصل سعر الكيلو بين 300 و 400 ليرة لكل كيس، وسعر الشمعة الواحدة مايقارب 20 ليرة.

السخانات للطبخ والتدفئة

وفي طريق بحث السوريون عن موارد تدفئة جديدة، عادوا إلى استخدام السخان الكهربائي ذو الرأس الدائري الذي يستخدم للتدفئة، أو لاستخدامات الطبخ المحدودة، حيث بلغ سعر السخان الكهربائي التقليدي ذو الرأس المدور الفخاري من 200 إلى 600 ليرة، إضافة إلى تنامي الطلب على السخانات الكهربائية الحديثة "الليزرية والهيدروجينية" التي تعمل على الأرقام وبطاقة عالية وتراوح سعرها بين 2300 إلى 6000 ليرة.

بيع الخبز مهنة للأطفال

وانتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة بيع الخبز في الطرقات والشوارع من خلال أطفال يتواجدون بشكل مستمر إما على إشارات المرور أو على الأرصفة، حيث تباع ربطة الخبز بسعر أعلى مما تباع في المخابز الحكومية، وذلك بعد أزمة الخبز التي مرت بها البلاد، وصعوبة الحصول عليه، والانتظار في طوابير لساعات طويلة، حيث أصبح الأطفال يبيعون المارة وأصحاب السيارات ثلاث أو أربع ربطات خبز بسعر 100 ليرة كحد أدنى، بينما يبلغ سعر ربطة الخبز العادية من المخبز 15 ليرة.

وكان رئيس "اتحاد الحرفيين بدمشق" مروان دباس حذّر من خطورة هجرة نخبة الحرفيين السوريين إلى الخارج، في ظل تقديم التسهيلات من بعض الدول، بهدف إنشاء ورشات العمل وتدريب العمالة، ما يقلل احتمالات عودتهم إلى سورية.

 وقال: "إنّ سعي الدول المجاورة لاستقطاب الحرفيين السوريين سابق للأزمة، حيث تسعى على المدى المتوسط والبعيد لتدريب المواطنين والعمالة في تلك الدول على أيدي الحرفيين السوريين".

ووافقت الحكومة الأردنية مؤخراً على السماح باستقدام الحرفيين والفنيين السوريين، وذلك بنسبة 30% في المدن الصناعية، و60% للمناطق النائية والأطراف خارج مراكز المحافظات.

نور الدبسي

المصدر: الاقتصادي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...