نازحون ينشطون الفنادق الرخيصة 30% وشبح الإغلاق يزج فنادق دمشق في حلبات كسر الأسعار

04-12-2012

نازحون ينشطون الفنادق الرخيصة 30% وشبح الإغلاق يزج فنادق دمشق في حلبات كسر الأسعار

لم يجد المتسولون القادمون لدمشق من المحافظات الشمالية والشمالية الشرقية، طريقة يتهربون منها من كادر محافظة دمشق الذي أراد إخراجهم بالقوة من الحدائق إلى مراكز الإيواء، إلا القول إنهم ليسوا مقطوعين من شجرة وهم يؤون إلى فنادق النجمة والنجمتين مساء كل يوم ولا ينامون بالشوارع.
وليس المتسولون فحسب، حيث علمت «الوطن» بعد جولة قامت بها على هذه الفنادق أن النازحين السوريين يملؤون هذه الفنادق التي تبخس أسعارها مخالفة تسعيرة وزارة السياحة في سعي لتنشيط الحركة بعد فترة ركود عانتها على مدار عام ونصف العام، ورغم أن ارتفاعات الأسعار خلال الأزمة طالت كل متطلبات المواطن السوري الأساسية وغير الأساسية، فإن الفنادق بقيت استثناءً من هذه الارتفاعات فهي الوحيدة التي شهدت انخفاضاً بأجور المبيت فيها رغم حركة النزوح الكبيرة داخلياً، وذلك بسبب كسر بعض الفنادق لأسعار السوق من ناحية وجود بدائل أخرى أمام النازحين مثمثلة بالشقق السكنية أو مراكز الإيواء وربما الحدائق بأسوأ الحالات.

فنادق تنشط التسول
تحولت فنادق النجمة والنجمتين المنتشرة غالباً في منطقة المرجة وسط العاصمة دمشق إلى أداة ضرورية يحتاج إليها المتسولون المنتشرون في منتصف البلد وعلى أطراف العاصمة، فهذه الفنادق رغم الأجر الذي تقتطعه منهم تعتبر بنظرهم أفضل من مراكز الإيواء المجانية التي تمنع على النازحين إخراج أولادهم معهم صباح كل يوم للتسول، كما أن تلك الفنادق تؤويهم ليلاً بعد رحلة تسول يجمعون فيه ما يزيد على أجرة الفندق مستخدمين أبناءهم وأبناء أبنائهم.
واحد من القاطنين في حديقة المرجة تنتشر بناته التسعة في أرجاء المكان في رحلة التسول، يقول: إنه مضطر للتسول لسداد دين بقيمة 80 ألف ليرة، وقد سدد القسم الأكبر منه من الصنعة التي ورثها عن أبيه وورثها لأبنائه، مؤكداً أن ذهابه لمركز إيواء يعني أن لن يستطيع تجميع المال الكافي لوفاء بقية دينه، حيث إن المركز يمنع عليه تشغيل أولاده في التسول علماً بأنهم «عدة العمل» ولا يستطيع الخروج دونهم صباح كل يوم. ولنسمع فيما بعد من أقرانه النازحين أن الرجل يملك فندقاً هو قيد الاستثمار ولا تقل يوميته عن 50 ألف ليرة.
وفي الطرف المقابل من الصورة، تشهد الفنادق أيضاً حركة عمرها شهرين منذ قدوم نازحين حقيقين إليها من حلب وريف دمشق، بعضهم يقضي أياماً معدودة إلى أن يجد بيوتاً يستأجرها وآخرون يفضلون البقاء في هذه الفنادق وخصوصاً أن أجورها قريبة إلى حد ما من أجور الشقق السكنية في المناطق الآمنة. حيث أفادنا مدير فندق التل بتصنيف نجمتين في منطقة المرجة بدمشق: إن الوافدين لفندقه هم نازحون من المخيم والحجر الأسود، والأغلبية منهم يأتون من محافظات أخرى، مشيراً إلى أن بداية الحركة في فنادق النجمتين تعود لستة أشهر مع قدوم النازحين من حمص، وهي نشطت بنسبة أكبر منذ شهرين بعد نزوح أهالي حلب، لترتفع نسبة النازحين في الفنادق الرخيصة إلى 100 %، لكن الأشغال الكثيف لا يعني الكثير من المال حسبما قال، فالنازحون لا يستطيعون دفع 1000 ليرة يومياً للفندق، وبعضهم يأخذ الأجرة من الجمعيات الخيرية وآخرون يدفعونها من التسول، أضف إلى ذلك فإن القليل من الفنادق تقبل بإنزال النازحين دون أجر لكنها حالات استثنائية جداً.

كسر السوق
وفي الجانب الآخر ينفي مديرو فنادق آخرون فكرة أن ما جنوه من النازحين عوضهم عن خسائرهم طوال الأشهر اللاحقة للأزمة، حيث يقول مدير فندق بسمان بمنطقة المرجة: كان الإشغال يصل في بداية الأزمة إلى 100% حيث تستفيد أغلب الفنادق من عقود سنوية تبرمها مع سياح إيرانيين إذ لم يكن هناك أماكن شاغرة أبداً، واليوم انخفض الإشغال من 40 إلى 50%، ما يضطر الفنادق لخفض التسعيرة للغرفة المفردة من 600 ليرة حسب تسعيرة وزارة السياحة لفنادق النجمتين إلى 500 ليرة لأن حالة الوافدين لا تسمح، كما يشكل المتسولون ما نسبته 10 % من نزلاء الفندق الذي لا يمانع من استقبالهم ما داموا يدفعون الأجرة.
وأفادنا مدير فندق «رامي» في منطقة المرجة أن النازحين وفدوا لفندقه خلال الشهرين الماضيين من مناطق البوكمال ودير الزور، أضف إلى ذلك فإن الفندق يستقبل عائلات العاملين فيه دون أجر والقادمين من ريف دمشق، على حين يشكل المتسولون نحو 5% من نزلاء الفندق. وبسبب الحالة المادية السيئة لأغلب النازحين الوافدين للفندق فإنه يبخس أسعاره، فالإقامة في الغرفة المزدوجة المسعرة رسمياً بـ1040 ليرة صارت بـ900 ليرة، والإقامة في غرفة بثلاث أسرة بسعر 1280 ليرة رسمياً انخفضت إلى 1000 ليرة، وكذلك انخفضت أجرة الغرفة الواحدة من 780 ليرة رسمياً إلى 500 ليرة.
أضف إلى ذلك فإن رغبة مستثمري المنشآت السياحية بعدم الإغلاق يدفعهم للاستمرار رغم صعوبات العمل المتمثل أهمها حسب مدير فندق «رامي» بنقص المازوت وارتفاع سعره، إضافة لفواتير الكهرباء المرتفعة التي تصل إلى 50 ألف ليرة بالدورة للفنادق الصغيرة، هذا إضافة إلى رسوم الاشتراك بالتأمينات التي تنصلت معظم الفنادق من تسديدها، وكذلك يصل بدل استثمار فنادق النجمتين إلى مليون ليرة سنوياً، ما يعني أنه ينبغي على المستثمر أن يجني نحو مليوني ليرة سورية كحد أدنى سنوياً ليغطي المصاريف فقط وهذا الواقع حدا بأغلب الفنادق الصغيرة لإغلاق أبوابها.
ويعزو مدير فندق التل وجود غرف شاغرة في بعض الفنادق رغم كثرة النازحين، لتهافت الزبائن على الفندق الذي يكسر السوق بسعره ويقبل بخسائر أكثر من غيره، لدرجة أن بعض الفنادق تستقبل عائلة بـ4 أشخاص مقابل 1000 ليرة فقط وتصل خسائر بعض فنادق النجمتين منذ بداية العام إلى نحو 700 ألف ليرة وهذا رقم كبير قياساً بحجم عمل هذه الفنادق.

بين الفندق والشقة
لا ينفي محمد رامي مارديني رئيس اتحاد غرف السياحة السورية  أن النازحين رفعوا نسبة الإشغال الفندقي في دمشق بشكل خاص بنسبة 25 إلى 30%، لكن يؤكد من جهة ثانية أن الأجور بقيت مخفضة في تلك الفنادق وهي دون التكلفة وخاصة إذا ما أخذنا ارتفاع أسعار المحروقات والوقود بالحسبان وعدم قدرة المنشآت السياحية على تأمين مولدات كهربائية أيضاً، مشيراً إلى أن تلك المنشآت لا تستطيع تأمين الحد الأدنى لتشغيلها وحينما تؤوي نازحين فإن ذلك يكون بمنزلة تقديم العون والمساعدة لا تحقيق الربح لأن تلك المنشآت خاسرة حكماً بالشتاء. وأشار إلى أن حركة النزوح للمواطنين ذوي الدخل المحدود اتجهت نحو دمشق والرقة والساحل السوري، بينما اتجه ميسوري الحال لدول مجاورة مثل مصر ولبنان ورغم لجوء بعض رجال الأعمال والصناعيين الحلبيين لفنادق الأربع والخمس نجوم في دمشق، إلا أن قدومهم كان مؤقتاً وقصيراً لحين تأمين شقق سكنية لذا بقيت الحركة دون مستوياتها الدنيا في فنادق الأربع والخمس نجوم، ما اضطر المنشآت السياحية لتخفيض أسعارها لدرجة أن المبيت في فندق بمستوى 4 نجوم في دمشق بات أرخص من استئجار بيت بمنطقة راقية لمدة شهر، حيث إن أجرة الغرفة في فندق 4 نجوم تصل إلى نحو 2400 ليرة بكامل الخدمات من إطعام وكهرباء وتدفئة وغيرها فيما يكلف استجار شقة بمنطقة المزة مثلاً 60 ألف ليرة شهرياً ولكن من دون كل الخدمات السابقة. كما أن الشاليهات والفنادق على الساحل السوري لا تتقاضى أكثر من 1000 ليرة على الليلة لعائلة مؤلفة من 6 أفراد.
وشدّد مارتيني على ضرورة تنفيذ مااقترحه المجلس الأعلى للسياحة مؤخراً على الحكومة بخصوص تحويل المشاريع السياحية المتعثرة لشركات مساهمة، ثم شراء حصص سهمية من هذه الشركات بعد تقييم المصارف العامة والخاصة لقيمة قروضها بحيث يتم تمويل العجز المطلوب لاستمرار المشاريع وبما يضمن حماية حق البنك.

رغد البني

المصدر: الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...