هشام المالح: تداخل الاختصاصات وراء تدهور الدراما

13-12-2007

هشام المالح: تداخل الاختصاصات وراء تدهور الدراما

معروف أن التلفزيون هو، بالدرجة الأولى، أداة بصرية، إذ يعتمد على الصورة الموجهة إلى «حاسة البصر». استناداً إلى هذه البديهية، يمكن القول ان التصوير، وما يتفرع منه من قواعد وشروط وضوابط، يعد الأساس في إنتاج المادة التلفزيونية، ومن هنا فإن عمل مدير التصوير هو من الأهمية بحيث «يتعذر تقديم مادة بصرية جذابة من دون أن يكون وراءها مدير تصوير قادر على تسجيل لقطات مدهشة جمالياً، ومتقنة فنياً»، كما يقول مدير التصوير السوري هشام المالح الذي حقق حضورا واسعاً من خلال إدارته لتصوير عدد من الأفلام السينمائية مثل «الحدود» و «الكفرون»، و «آباء صغار»، و «الشمس في يوم غائم» و «الرسالة الأخيرة». أما في مجال الدراما فعمل مديراً للتصوير في سلسلة ياسر العظمة الساخرة: «مرايا» و «حكايا» و «عشنا وشفنا»، وفي سلسلة «عيلة خمس نجوم»، وفي «يوميات مدير عام» و «جميل وهناء» و «أيام الغضب» و «الطويبي»، و «هوى بحري» و «أسرار المدينة» وسواها.

ويشير المالح، في دردشة إلى «الحياة»، الى ان على مدير التصوير والمصور ومدير الإضاءة «أن يكونوا ملمين بتقنية الأجهزة التي يستخدمونها، وأن يعرفوا معاني المصطلحات المهنية والأساليب الفنية التي يجب اتباعها، والتعامل مع المخرج على نحو يفضي إلى تحقيق رؤيته الفنية». غير أن واقع الحال ليس كذلك، كما يرى المالح، «فغالبية المصورين غير أكاديميين وليس لديهم إطلاع ولا متابعة لتطورات الأجهزة والأنظمة، ولا يملكون ثقافة فنية ولا معلومات عن مدارس الفن التشكيلي، وعن الفنون بصورة عامة. والمتابع المختص بالدراما السورية، والعربية عموماً، يجد أخطاء وثغرات، إلا أن المشاهد العادي لا يكتشفها لأنه منهمك بحكاية العمل اكثر من اهتمامه بجودة الصورة».

ويقول المالح، الحائز على بكالوريوس التصوير السينمائي من القاهرة منتصف السبعينات، ان مدير التصوير «يجب أن يكون مدركاً لتقنية الإضاءة، فهذه الأخيرة مرتبطة بعملية التصوير ارتباطاً لا يمكن معه الفصل بينهما، ويجب أن يكون كذلك ملماً بمسائل الماكياج. فالمستحضرات التي توضع على وجوه الممثلين، مثلاً، يجب أن تكون ملائمة للتصوير، وأن يكون كذلك متمتعاً بحس فني إزاء الديكور».

ويمتلك المالح خبرة واسعة في مجال التصوير الرقمي (الديجيتال)، فهو يتابع كل جديد في هذا الإطار، ومن النادر أن يقدم أحدهم على مشروع تصوير بتقنية (الديجيتال) من دون أن يستعين بخبرة المالح، وهو من المدافعين عن هذه التقنية ذلك «إنها تحقق جودة عالية بأقل التكاليف وفي فترة زمنية اقصر»، وهو يعتبر نفسه هاوياً لأن هذه الصفة تدفعه دائماً إلى مزيد من الاطلاع واكتساب المعارف. وقد انتهى أخيراً من تصوير فيلم «سبع دقائق إلى منتصف الليل» لوليد حريب بتقنية الديجيتال، وكذلك فيلم «امرأة» لزياد حمزة، كما عمل مع المخرج الكردي العراقي هفال أمين في إنجاز فيلم عن الجولان قبل نحو عام.

ويرى المالح ان «وضوح الصورة السينمائية يفوق وضوح الصورة التلفزيونية، ذلك أن الصورة السينمائية تتعامل مع العجينة الفوتوغرافية فتنتج صورة ذات دقة عالية من ناحية الألوان والإضاءة، وفيها عمق اكبر على عكس الصورة التلفزيونية»، مستدركاً ان «جودة الصورة تتوقف على إبداع مدير التصوير من ناحية أسلوب الإضاءة، وبرمجة الكاميرا، وتصحيح الألوان، وزوايا التصوير، وحجم اللقطة... وسواها من الجوانب التي تمنح الصورة الجمالية المطلوبة».

وينتقد المالح الأسلوب المتبع في الدراما السورية، إذ «تتداخل الاختصاصات، فيتحول المصور أو الماكيير أو مصمم الأزياء إلى مخرج، بين ليلة وضحاها، بعدما اكتسب القليل من الخبرة لدى عمله في الوسط الدرامي. كما أن شركات الإنتاج، تتوجه إلى المبتدئين والى غير المختصين كي لا تدفع أجوراً عالية، ذلك أن المخرج الأكاديمي يطلب أجراً يعادل تجربته وخبرته الطويلة». وينصح شركات الإنتاج بضرورة «توزيع المهمات في شكل صحيح من دون الالتفات كثيراً إلى النفقات المالية، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى تحقيق التعبير البصري الناجح وهذا يصب، في النهاية، في مصلحتها».

ولم يقلل المالح من أهمية مختلف الاختصاصات في إنجاز العمل الفني، إذ يعتبر أن النجاح جماعي، شرط «أن يتقن كل فني مهنته، وان يلتزم باختصاصه، ويعرف حدود إمكاناته، ولا يتعدى على اختصاص غيره. عندئذ، لا يمكن الاستغناء عن أي طرف، من مصمم الأزياء إلى المخرج إلى مصمم الديكور إلى فنيي الإضاءة والتصوير إلى المونتاج وصولاً إلى «الريجيسير»، وصانع القهوة والشاي».

إبراهيم حاج عبدي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...