يوم دبلوماسي كثيف في ميونيخ محوره الأزمة السورية

03-02-2013

يوم دبلوماسي كثيف في ميونيخ محوره الأزمة السورية

شهدت مدينة ميونيخ الألمانية أمس يوماً دبلوماسياً مكثفاً بشأن الأزمة السورية، وبينما أكد رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف على ثبات موقف بلاده من حل الأزمة عبر اتفاق جنيف دون إدخال تعديلات عليه، ورأى أن عدم تطبيق الاتفاق هو ما أدى إلى المأساة التي تشهدها سورية، ضغط نائب الرئيس الأميركي جو بايدن مجدداً لتحقيق هدف بلاده المتمثل في رحيل الرئيس بشار الأسد.
 
وعلى هامش أعمال المؤتمر الدولي الـ49 للأمن المنعقد في ميونيخ، جرت سلسلة لقاءات ثنائية جمعت الوزير الروسي بكل من بايدن والمبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي ورئيس ائتلاف الدوحة معاذ الخطيب، هدفت إلى استكشاف آفاق حل الأزمة في سورية وتجاوز الخلافات الروسية الأميركية بشأنه.
ووسط أنباء عن لقاء يعقد بين وزير الخارجية الإيرانية علي أكبر صالحي والخطيب، تلقى الأخير دعوة لزيارة روسيا التي كان رفض زيارتها سابقاً.
وفي ثاني يوم من أيام المؤتمر، حمل لافروف شركاء بلاده في «مجموعة العمل الدولية بشأن سورية» مسؤولية استمرار الأزمة السورية، وقال: «إنني على قناعة تامة بأنه لو التزم كافة المشاركين في لقاء «مجموعة العمل» بجنيف، جماعياً، وعن حسن النية، بتطبيق البنود التي تمت صياغتها وقتذاك، لما نشأ الوضع المأساوي المخيف الذي نشاهده في سورية اليوم»، وأضاف: «من أجل ذلك، كان من الضروري تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها بصدق، دون حذف أو إضافة أي شيء، ولهذا الغرض بالذات اقترحنا منذ فترة ولا نزال نقترح عقد لقاء جديد لـ«مجموعة العمل»، معرباً عن أمله في أن يحرك الإبراهيمي هذه الفكرة، واعتبر أنه يمكن «تحقيق تقدم».
وتضم مجموعة العمل الدولية، التي اجتمعت في جنيف أواخر حزيران الماضي، وزراء خارجية الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودولاً تمثل الجامعة العربية وكذلك تركيا إضافة إلى الأمينين العامين للأمم المتحدة والجامعة العربية ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي.
ودعا لافروف جميع الأطراف الدولية إلى الالتزام بالمواقف المسؤولة والتخلي عن الهياكل والشعارات المبسطة فيما يتعلق بعمليات «الربيع العربي» وتقييم أوضاعها وسيناريوهات تطورها من موقع المسؤولية، وأضاف: «إذا كنا مهتمين بالعمل المشترك للمصلحة العامة، فعلينا نزع «النظارات الإيديولوجية»، ورؤية العالم كما هو عليه.
ورداً على سؤال صحفي، أشار لافروف إلى أن «هدف إسقاط (الرئيس) الأسد هو السبب الوحيد لاستمرار المأساة في سورية»، موضحاً «أن جميع الأحاديث عن تفسيرات إعلان جنيف غير جدية، كل شيء واضح لا يوجد شيء يتطلب التفسير».
ولفت إلى معارضة إقامة ممرات إنسانية في سورية، التي ستؤازرها قوات عسكرية جوية، وقال: إن «أي استعمال للقوة (في سورية) غير مقبول»، لكنه أكد أن «الممرات الإنسانية ممكنة فقط في حال وقف النار».
من جهة أخرى، أكد لافروف أن بلاده تتوفر لديها معلومات مؤكدة تشير إلى أن الحكومة السورية مازالت تسيطر على مخزون أسلحتها الكيماوية، مشيراً إلى أن روسيا على اتصال دائم مع شركائها الغربيين حول هذا الموضوع، ولفت إلى أنهم موافقون على أن الخطر الفعلي قد يأتي في حال حصول المعارضة المسلحة في سورية على هذه الأسلحة.
ورداً على الضجة التي افتعلتها الدول الغربية حول «الأسلحة الكيمائية السورية» خلال الأشهر الماضية، أكدت دمشق أنها لن تستخدم تلك الأسلحة، إن وجدت، ضد شعبها.
بدوره، أشار نائب الرئيس الأميركي إلى وجود فرص للتعامل مع روسيا كشريك لما يصب في مصلحة أمن البلدين، على الرغم من «اختلافات كبرى» لا تزال موجودة بينهما حول سورية من بين ملفات دولية كبرى.
ودعا بايدن في كلمته أمام مؤتمر ميونيخ إلى دعم المعارضة السورية، قائلاً «إننا نعمل معاً، مع شركائنا، لكي تصبح (المعارضة السورية) أكثر وحدة وأكثر تضامناً»، وكرر إسطوانة بلاده المشروخة حول رحيل الرئيس بشار الأسد، ودعا الجميع إلى الموافقة على ضرورة ذلك، في إشارة إلى روسيا.
وتابع: «يمكن أن نتفق حول أن الشعب السوري يعاني»، داعياً المجتمع الدولي إلى تعزيز المساعدة الإنسانية للسوريين.
وعلى هامش مشاركتهما في أعمال مؤتمر ميونيخ، عقد بايدن ولافروف لقاء على انفراد، وراء الأبواب الموصدة، في أول حدث من نوعه بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة وتشكيل فريق حكومي جديد للرئيس باراك أوباما.
وقبيل الاجتماع أوضح بن رودز أحد مستشاري الأمن القومي في البيت الأبيض أن ما تريده بلاده من روسيا «هو إقرار بوجوب أن يرحل (الرئيس) الأسد وأن تجري عملية انتقال إلى حكومة جديدة في سورية».
كما ناقش رئيس الدبلوماسية الروسية مع الإبراهيمي على هامش المؤتمر الوضع في سورية وآفاق التسوية السياسية الدبلوماسية له، وأكد للمبعوث الدولي دعمه جهوده، بما في ذلك فيما يخص الدبلوماسية المكوكية التي يقوم بها، والرامية إلى إيجاد حلول مقبولة بالنسبة إلى كل الأطراف لتسوية الأزمة السورية بأسرع ما يمكن، حسبما ذكرت وزارة الخارجية الروسية.
وشهد المؤتمر أيضاً اجتماعاً ضم لافروف بالخطيب، الذي رفض في السابق دعوة لزيارة روسيا وطالبها بالاعتذار عما وصفه تدخلها في سورية ودعمها للرئيس الأسد.
وبعد الاجتماع، قال الخطيب إنه تلقى «دعوة واضحة» من لافروف لزيارة موسكو، لافتاً إلى وجود رؤية روسية لحل الأزمة، واستدرك «لكننا نرحب بالمفاوضات لتخفيف الأزمة ويجب مناقشة الكثير من التفاصيل».
جاء ذلك بعدما، أثارت المعارضة السورية الآمال بأن تكون هناك اجتماعات ثلاثية أو رباعية في مؤتمر الأمن في ميونيخ مع الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة يوم أمس غير أن مسؤولين من المنظمة الدولية وروسيا قللوا من هذا الاحتمال.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أول من أمس: «التقارير الإعلامية التي تتحدث عن اجتماع في ميونيخ يضم لافروف وبايدن والإبراهيمي والخطيب ممثل المعارضة السورية لا تتفق مع الواقع».
وبدا أن اجتماع لافروف الخطيب ما كان ليتم لولا تجديد الأخير في كلمته أمام مؤتمر ميونيخ أول من أمس، موقفه المفاجئ باستعداده لحوار مع السلطات، وقال «في بادرة حسن نية... نحن مستعدون للاجتماع مع هذا النظام حول طاولة مفاوضات».
وأتى تصريح الخطيب غداة إعلانه الأربعاء الماضي بأنه «مستعد للجلوس مباشرة مع ممثلين عن النظام السوري في القاهرة أو تونس أو اسطنبول»، بشرط إطلاق 160 ألف معتقل وتمديد أو تجديد جوازات السفر للسوريين الموجودين في الخارج.
في غضون ذلك نقلت تقارير إعلامية عن مصادر دبلوماسية لم تسمه قولها: إن «اجتماعاً سيعقد على هامش مؤتمر ميونيخ بين صالحي والخطيب (أمس) السبت»، الأمر الذي لم يحصل حتى ساعة إعداد هذا التقرير.
وكان الإبراهيمي الذي التقى أيضاً بايدن والخطيب، أكد أول من أمس أن الحل للأزمة يجب أن يأتي عبر قرار واضح من مجلس الأمن الدولي يحدد جدولاً زمنياً لحل سلمي، داعياً إلى تشكيل حكومة انتقالية تتمتع «بكامل الصلاحيات التنفيذية»، لكنه أبدى تشاؤماً بشأن فرص إيجاد حل سريع.

المصدر: الوطن+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...