بعد العفو العام السوري: هل من «خطوة صادمة» من تركيا؟

04-06-2011

بعد العفو العام السوري: هل من «خطوة صادمة» من تركيا؟

من المستغرب فعلا أن تركز معظم وسائل الإعلام التركية، ولا سيما الإسلامية منها، على مؤتمر المعارضة السورية في انتاليا، وأن تتجاهل العفو العام الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد عن المعتقلين السياسيين.
وكان اللافت أكثر عند الإشارة إلى العفو لدى هذه الصحف، أنها تركز على انه سيشمل المعتقلين من حزب العمال الكردستاني. وفي الوقت ذاته، تبرز هذه الصحف مواقف المعارضة السورية ورفضها قانون العفو ودعوتها لإسقاط النظام.
وتبدو مواقف هذه الصحف كما لو أنها لا تريد من دمشق أي خطوة تساعد في خروج سوريا من أزمتها تحت مظلة الثوابت الوطنية.
لكن أحدا لا يمكن إلا أن يفترض أن يكون وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الأكثر ارتياحا لخطوة الأسد على اعتبار أنها تأتي ترجمة لما كان يطالب به المسؤولون الأتراك الرئيس السوري باتخاذ خطوة بمثابة «العلاج بالصدمة».
ومع أن الإصلاح مسيرة مفتوحة، لكن لا يمكن لداود اوغلو إلا أن ينظر إلى خطوة العفو العام كونها «صادمة» وتتيح لأنقرة أن تنتقل إلى تطوير مقاربتها لحل الوضع في سوريا في اتجاهات تعكس واقع أن الكرة الآن أيضا في الملعب التركي، ذلك أن أنقرة التي تنحاز إلى خيار التغيير بقيادة الأسد لكونه الأقل كلفة على المصالح التركية والأمن القومي التركي ليست بعيدة عن تحركات المعارضة السورية في الخارج، بل بدت تركيا على أنها الملاذ الوحيد والحصري بل «الشرعي» أيضا لهذه المعارضة، بل لكل المعارضات العربية ومنها المعارضة الليبية.
لذلك، تبدو مسؤولية تركيا في هذه اللحظة كبيرة بل حاسمة لجهة أن تستكمل مع القيادة السورية ملامح الخروج من الأزمة بما يحفظ وحدة الأراضي السورية والاستقرار الأمني، ووأد النزاع المذهبي الذي يركز عليه المسؤولون الأتراك، بحيث يمكن تفادي السيناريو الأسوأ بالنسبة لأنقرة، وهو سيناريو الفوضى الذي ستكون تركيا أول المتضررين منه خصوصا مع تواصل التصعيد في الملف الكردي داخل تركيا.
إن خطوة العفو العام، مهما قيل عنها وفيها، هي ترجمة مباشرة لـ«النقّ» التركي على الأسد لاتخاذ خطوة نوعية. إن الامتحان الجدي لتركيا هو الآن في اتجاه أن تكون عاملا في تسهيل الحوار الوطني في سوريا عبر تأثيرها على المعارضة السورية التي اجتمعت في انتاليا، ولا سيما الأخوان المسلمين الذين لا يجدون متنفسا لهم، إلا في تركيا.
وبقدر ما هي مهمة خطوة الأسد، التي يجب أن تتبعها خطوات أخرى، لأن الإصلاح مسار مفتوح لا ينتهي إلا بانتهاء العالم، فإن تركيا مطالبة قبل أي وقت آخر بأن تلعب دورا بنّاء في نزع فتائل السيناريوهات ذات «المخاطر العالية»، كما يصفها احمد داود اوغلو نفسه.
لا يمكن لتركيا أن تتجاهل خطوة العفو العام، وان تعتبر أن الكرة بكاملها لا تزال في ملعب الأسد، ولا بد من «خطوة صادمة» مقابلة من جانب أنقرة تجاه المعارضة السورية بالذات للوصول إلى قواسم مشتركة وبناء صيغة جديدة في سوريا تجمع بين الخط الوطني وإقرار الديموقراطية والحريات. وكما كان الأتراك يطالبون النظام السوري بخطوة «اليوم قبل الغد» فالأنظار تتجه الآن إلى تركيا لتقوم بدورها بخطوة صادمة اليوم أيضا قبل الغد.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...