المعهد النقابي للمحاسبة والتمويل نموذج سيء لواقع أسوأ

21-11-2007

المعهد النقابي للمحاسبة والتمويل نموذج سيء لواقع أسوأ

يبدو أن التعليم الموازي في بلادنا تحول إلى سلعة تجارية وإلى أوهام يطرحها المسؤولون عن واقع مستقبل زاهر يحمل في ثناياه مستقبل آخر يلوح في الأفق بعيداً,فلقد بدأ التعليم الموازي في العام 2002-2003 وتم تخصيص 20% من المقاعد الجامعية له.

فحمل معه الشعارات البراقة والآمال المزعومة وسرعان ما ذهبت أدراج الرياح, ويبدو أن الواقع اليوم غير ما كان يأمل منه المسؤولون بالأمس, وأصبح التعليم الموازي يشكل عبئاً على الطلاب النظاميين وإدارة الجامعة, ولابد أن تتوافر أرضية مناسبة يحسب حسابها سواء في المخابر والمقاعد أو الخدمات الأخرى, ومن خلال زيارتنا للمعهد التقاني للمحاسبة والتمويل- الذي يشهد حالة من الأهوال ونقصاً في الخدمات والذي يعطي نموذجاً سيئاً لواقع التدريس فيه- تجمهرت جموع الطلبة إلينا وبدأت تشكي عن وضعها في المعهد ولسان حالهم يقول: عدم وجود ندوة داخل الحرم يجعلنا نتهافت إلى السيارات ذات الثلاثة دواليب (طرطيرة) لشراء السندويش, تصوروا حتى الماء نشتريه, أما الحمامات حدث ولا حرج, حمام واحد لكل طابق وعددنا 5600 طالب, فلم نعد نحتمل هذا الوضع, ونتمنى إيجاد حل لهذه المشكلة.‏

لسان حال طالبة أخرى يقول: نشتري المحاضرات والنوتات من خارج سور المعهد بنفس الوسيلة المذكورة (طرطيرة) نظراً لعدم وجود مكتبة متخصصة تعنى بشؤوننا, فنضطر لشرائها من هذه الأكشاك المتحركة, أيضاً مشكلات تتعلق بالمواصلات وأنتم تشاهدون بأم أعينكم أننا في منطقة شبه مقطوعة ومحاضراتنا تستمر للساعة الثامنة مساء.‏

فكيف لفتاة مثلي أن تخرج متأخرة ولا تجد طريقة سهلة للخروج من المعهد ونتمنى من الجهات المسؤولة أن تنظر بعين الاعتبار لتلك المسألة,كما تحدث قسم كبير من الطلبة عن معاناتهم من البرنامج غير المثبت ومشكلة القاعات,حيث قالوا: عددنا يفوق المطلوب بكثير وكلها على مستوى واحد فيحصل تضارب بالرؤى وتفتقر المشاهدة على الصفوف الأولى وتغيب الصفوف الأخرى عن المتابعة والرؤية, كنا نتمنى أن تشاهدوننا كيف نقف على الأبواب وأحياناً خارج القاعة.‏

مشكلة أخرى تتعلق بالبناء المصمم على شكل زجاجة مغلقة معتمداً على نظام التبريد والتكييف إلا أنه من شروط البناء تم شطب هذا البند على أن يعمل بشروط أخرى, فتخيل نحن قابعون في زجاجة تعتمد على منفذ واحد للهواء تم فتحه مؤخراً وعلى باب المعهد الرئيسي, ومشكلات أخرى كثيرة نقلناها إلى مدير المعهد الدكتور مأمون حمدان الذي فاجئنا بوجود مشكلات إضافية زادت من أعباء المعهد والذي برأينا لم يعد يطاق, وأجاب حمدان:‏

بالنسبة لموضوع المكتبة والملخصات فتوجد لدينا مكتبة أكاديمية للمطالعة وأخرى يستعين بها الطلاب في دراستهم وثقافتهم, أما بخصوص الملخصات التي تباع خارج سور المعهد عن طريق عربات ذات ثلاثة دواليب, إضافة إلى بيعها مستلزمات الطلاب من أكل وشرب نحن نظرنا إلى هذا الموضوع واتصلنا بعدة جهات والشرطة يومياً تتكفل بهؤلاء ونحن موعودون بكافتيريا في الأيام المقبلة, أما الملخصات ونظراً لأن المعهد افتتح جديداً لم يكن مجهزاً بكشف للتصوير على غرار الكليات الجامعية وهذا ليس من اختصاصنا ولاعلاقة لنابه لا من قريب ولا من بعيد ولا يحق لنا ضمن الأنظمة النافذة أن نبيع ملخصات ونصور المحاضرات وهذا كله من اختصاص الاتحاد الوطني لطلبة سورية, ونقتصر على بيع الكتب فقط والنوتات التي يجتهد على كتابتها الأساتذة وهذه النوتة تعرض على مجلس المعهد مطبوعة وبشكل رسمي والمعهد يدرسها من الناحية العملية ويقرها, ويكلف الاتحاد الوطني بتسعيرها وتصويرها وبيعها سواء في المعهد الجديد أو في المبنى القديم في معهد السكرتارية, مع العلم أننا أعلنا في بداية الفصل على أن كل مقرر له كتاب أو أملية وغير ذلك لا علاقة لنابه.ومعروف لدى الطالب اعتماده على كتابة زميله في المحاضرة دون استشارة الدكتور على مدى صحتها.‏

وضمن هذه المعاناة أشار حمدان إلى عدم وجود الخدمات الضرورية للمعهد كالهاتف والفاكس والإيميل والانترنت والمواصلات, وأنه عند استلامه للإدارة لم تكن الكهرباء موصلة, إضافة إلى توجيه كتب رسمية إلى المسؤولين والجهات المختصة الذي يقابله التأخير والتأجيل. والمأساة الأكبر يوجد في المعهد التقاني 5600 طالب على الرغم من أن الطاقة الاستيعابية بين 1000-1200 فقط.‏

وعن اعتراض الطلاب على المحاضرين أضاف حمدان أنه في معاهد القطر لا يوجد إلا القلة القليلة من الأساتذة, ولدينا في المعهد اثنان فقط من حملة شهادة الدكتوراه والبقية بعضهم من حملة الماجستير والبعض الآخر بكالوريوس ولديهم خبرات لا تقل عن عشر سنوات, من ناحية ثانية ليس الشرط الأساس في التعليم بالمعاهد أن يكون مقتصراً على حملة الشهادة العليا ليس في سورية وحسب وإنما في جامعات العالم, وكما هو معروف المدرس هو موظف وهذا ليس من اختصاصنا ويتم ذلك عبر المسابقات وإجراءات تقوم بها الدولة ووزارة التعليم العالي, ولكن لا أخفي سراً لدينا نقص بل فجوة كبيرة في عدد المدرسين ونستدرك هذه الفجوة بالاتصال بجامعة دمشق ولدينا الآن في معهدنا ممن يمارسون التدريس سبعة عشر مدرساً فقط أمام 5600 طالب ووفقاً للمعاير الصحيحة يتوجب أن يتواجد عندي 100 مدرس وليس .17‏

فيما يتعلق بالبرنامج, قال مدير المعهد: أتاني هذا العام 3600 طالب مستجد إلى المعهد هذه طاقة تفوق قدرة المبنى والتي يجب ألا تتجاوز 800 كحد أقصى للطلاب المستجدين وبالطبع هذا الفرق الهائل أحدث عبئاً كبيراً على الإدارة وعلى المدرسين القلائل وهذه سياسة دولة والسياسة الاستيعابية التي تقرر ذلك, أما البرنامج فهناك أشياء كثيرة تلعب دوراً في هذا الإطار, فلما رأينا معاناة الطلاب وضعنا برنامجاً من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثامنة مساء, أي استغلال تام لكل شبر في المعهد فلا تجد قاعة فارغة, حتى نقدر على استيعاب الطلبة ولكن في حد معين لم يعد المبنى يتحمل.‏

شيء آخر بالنسبة لعملية المواصلات, وبما أنها غير مؤمنة, أصبح الطالب المداوم حتى الساعة الثامنة مساء يعاني من هذه المشكلة فعدلنا بعضاً من مواد البرنامج واضطررنا لإلغاء المحاضرات المسائية على اعتبار عدم وجود آليات للنقل وهذا ما شكل إرباكاً كبيراً في تغيير البرنامج وإلى الآن لم يصلنا أي شيء من الجهات المختصة حول تأمين المواصلات.‏

أما مشكلة وجود حمام واحد فقط لكل طابق ول 5600 طالب أضاف حمدان طلبت من الوزارة بإنشاء حمامات, وبعثوا لجنة هندسية لدراسة الوضع ويومياً أتابع هذا الموضوع, وعندما أتت اللجنة وعملت الدراسات تم الاتفاق على إنشاء حمامات مركزية ضمن السور ولكن خارج البناء. ونعاني أيضاً من مشكلة النظافة حيث لا يوجد سوى مستخدمين اثنين فقط وبصراحة أنزل يومياً وبيدي سلة القمامة وأقوم بحمل أوساخ الطلاب علهم يدركون أهمية النظافة ويقللون من رمي النفايات في المعهد, ولا ننسى هنا مشكلة الدرج الذي لا يسمح بعبور طالبين معاً فما بالك بالأعداد الهائلة من الطلاب ونخاف من حدوث أشياء لا تحمد عقباها.‏

وأشار حمدان أخيراً إلى أن البناء صحيح هو صرح حضاري وبناء ممتاز بالدرجة الأولى وكلف أموالاً طائلة على الدولة ولكن من المفروض النظر إلى بعض القضايا وتكون على محمل الجد خصوصاً أن هذا البناء سيتكرر بنفس الشكل والتصميم في العديد من المحافظات واتصلت بالجهة المنفذة واللجنة التي أشرفت على البناء وأصبحت على علم بهذه النواقص لاستدراكها في المرحلة المقبلة, وأيضاً سيكون هناك حل يستأصل مشكلة العدد الهائل للطلاب ونحن بدورنا اقترحنا أن يصبح المعهد مقتصراً على حملة الشهادة الثانوية العلمية ولكن لجنة الاستيعاب قررت بقبول الطلاب من حملة الشهادتين العلمية والأدبية وهذا ما أحدث الضغط والزيادة.‏

بشار الفاعوري- محمد عكروش

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...