هل تنجح دراما الأجزاء السورية بالخروج من هوة التكرار والسقوط؟

06-07-2010

هل تنجح دراما الأجزاء السورية بالخروج من هوة التكرار والسقوط؟

يقول المثل المصري الشهير «من يلسع بالشوربة ينفخ في الزبادي (اللبن)» وتلك المقولة بدت غائبة إلى حد ما في عدد من التجارب التي خاضتها الدراما السورية، ومنها تجربة دراما الأجزاء، فجاءت النهايات الدراماتيكية البائسة لعدد من المسلسلات التي دخلت لعبة الأجزاء، لتشي بفشل التجربة، حتى اليوم على الأقل، وقد أرست منهج التكرار ومن ثم السقوط إذا ما قيس مستوى الأجزاء اللاحقة بالأجزاء الأولى.
لم تكن لعبة الأجزاء في الدراما السورية، وفق ما جاءت عليه عموماً، ذات منشأ فني بقدر ما كانت هاجساً إنتاجياً أراد أن يستثمر نجاح الأجزاء الأولى، في أجزاء أخرى»بيّاعة»، ستجد من يتلقفها سريعاً تحت تأثير ذلك النجاح، وهو الأمر اللقطة من مسلسل «اهل الراية» في جزئه الثانيذي سيبدو جلياً في نصوص صيغت على عجل، سقطت في هوة تكرار الأفكار أو رداءتها وربما سذاجتها أحيانا.
في موسم رمضان الدرامي 2010 يدخل السوريون المنافسة بخمسة أعمال هي جزء ثان أو أكثر لمسلسلات سبق وقدموها في مواسم سابقة، وهي هذا العام: الجزء الخامس من مسلسل «باب الحارة» والجزء السابع من «بقعة ضوء» والجزء الثاني من مسلسلات «ضيعة ضايعة» و«صبايا» و«أهل الراية».. وإنتاج الأجزاء الجديدة تأتي جميعها بقوة دفع نجاح الأجزاء الأولى، وربما بقوة ضغط من هذا النجاح، كما كانت الحال مع مسلسل «ضيعة ضايعة» الذي أعلن صانعوه بداية أن ما من جزء ثان للعمل، قبل أن ينفذوا جزءاً جديداً منه. وبالعودة إلى المثل المصري أعلاه، يبدو ما أنتج في الأجزاء الجديدة من المسلسلات الخمسة السابقة، نظرياً، قد وضع مبدأ النفخ بالزبادي نصب عيونه، في محاولة للخروج بالأجزاء الجديدة من هوة الاستنساخ والتكرار وتالياً السقوط.
ونظرياً نرى أن معظم ما أنتج هذا العام من دراما الأجزاء انطلق في جديده من تجاوز أخطاء المسلسلات الأم أو تطوير نقاط القوة فيها. ففي الجزء الخامس من «باب الحارة»، أدرك صانعو المسلسل أن حكاية العمل باتت نقطة ضعفه ولا سيما بعد أن بالغت في عملية الإسقاط الرمزي وبالغت في التعدي على التاريخ على أن تلك حكاية مفترضة. ويعد صانعو الجزء الخامس بحكاية مشوقة جديدة تعيد «باب الحارة» إلى تشويق حكاية الأجزاء الأولى التي صنعت للعمل جماهيرته.
في الجزء الثاني من مسلسل «أهل الراية» تتطور الحكاية التي كتبها أحمد حامد، ولكن هذه المرة تأتي مدعمة بخبرة اثنين من الماركات المسجلة في الدراما الشامية هما النجم عباس النوري والمخرج سيف الدين سبيعي وقد شكّل الثلاثة ورشة عمل لإعادة صياغة السيناريو الجديد، بما يضمن، نظرياً، تجاوز بعض هفوات الجزء الأول من العمل.
ويدخل مسلسل «صبايا» السباق الرمضاني في جزء ثان منه وقد أجرى تعديلاً جذرياً في صانعيه الأساسيين فتولى كل من كاتبي السيناريو مازن طه وزوجته نور الشيشكلي كتابة حلقات الجزء الجديد من العمل، وتولى إخراجه صاحب مسلسل «شتاء ساخن» المخرج فراس دهني الذي يعمل وفق رؤية إخراجية جديدة عما قدمه زميله ناجي طعمي في الجزء الأول من المسلسل. وينتظر من المخرج دهني تجاوز ما أخذناه على الإخراج وحالات الارتجال الكثيرة التي حصلت في الجزء الأول.
وفي الحديث عن الجديد في العمل تبدو واضحة حتى الآن كثرة مشاهد التصوير الخارجي عما كانت عليه الحال في الجزء الأول، وقد تم استقطاب عدد كبير من الممثلين كضيوف شرف مع الحرص على عدم ظهور أي ممثل منهم بدورين مختلفين في حلقات العمل المتصلة - المنفصلة خلافاً لما حدث في الجزء الأول. كما أدخلت بنت جديدة إلى الصبايا هي الفنانة قمر خلف التي ستؤدي دور الصحافية «نسمة» وتحل ضيفة على الصبايا مكان الفنانة نسرين طافش، دون أن يخسر المسلسل شعبية الفنانة طافش التي ستعود لتظهر في الحلقة الأخيرة من المسلسل.
ويسعى صانعو الجزء السابع من مسلسل «بقعة ضوء» بالعودة إلى مسلسلهم الشهير إلى قواعد جماهيرية أجزائه الأولى، فيعود المخرج ناجي طعمي ليتولى إخراج الجزء الجديد بعد أن أخرج الجزء الثالث من العمل، بينما يتولى الفنان أيمن رضا، وهو واحد من ثلاثة أسسوا للمسلسل بصيغته الشهيرة إلى المخرج الليث حجو والفنان باسم ياخور. ويتولى الفنان رضا مهمة الإشراف على الجزء الجديد، وهو الذي لطالما انتقد ترهل الأجزاء الأخيرة، وبالتالي هو اليوم أمام امتحان تجاوز ما كان يعتبره مشاكل في الأجزاء الأخيرة. مبدئياً، فشل رضا بتحقيق حلمه باستقدام أكثر من مخرج للعمل، فاكتفى بمخرج واحد، ويبقى مضمون النصوص وجديدها وطريقة تقديمها إخراجياً نقطة الرهان الأخيرة له وللمخرج طعمي في إعادة أمجاد «بقعة الضوء».
ويبدو الجزء الثاني من «ضيعة ضايعة»، الخطوة الأكثر ثقة وفق ما أنتجه في الجزء الجديد. فالنص الجيد كان شرط كل صانعي العمل لإنجاز هذا الجزء، ويصر هؤلاء على القول إنهم لا يصنعون جزءا ثانيا من العمل بقدر ما يواصلون حلقات الجزء الأول وبطريقة العمل الجماعية ذاتها التي اعتمدوها في الجزء الأول، لناحية إعادة بناء النص أثناء التنفيذ.. لا تغيير في صانعي «ضيعة ضايعة» في جزئه الجديد، بل ثمة إضافة لشخصية جديدة يؤديها الفنان محمد حداقي وهي شخصية مهرب يتردد على الضيعة من حين إلى آخر. والمثير أن المخرج حجو فضل أن يضع نهاية للجزء الثاني من العمل لا يجدي معها إجراء جزء ثالث من العمل في إشارة منه إلى أن العمل في جزئه الثاني قد استنفد أغراضه.. الأمر الذي يبعث مبدئياً إشارات اطمئنان أن مخرجاً يعرف وزن عمله وحجم ما يمكن أن ينجزه فيه من جديد ومبتكر بلا شك سيقدم مستوى جيّداً في الجزء الثاني من العمل.
يعد الجديد في المسلسلات الخمسة بمنافسة لا تركن لنجاح الأجزاء الأولى، وهو الأمر الذي يبدو نظرياً ومبدئياً باعثاً للاطمئنان، وحتى الساعة التي تعرض فيها الأعمال الخمسة وتكشف عن جديدها المتطور وما تجاوزته من أخطائها القديمة.. سنبقى نتحدث عنها ونحن نستبق أي حديث بكلمتي «نظرياً» و«مبدئياً».. عملاً بالمثل المصري أعلاه فنحن أيضاً سبق ولسعنا بمسلسلات استبشرنا بها خيراً، فما تركت لنا سوى الخيبة.

ماهر منصور

المصدر: السفير

التعليقات

أغبى عنوان وقت يكون سؤال.. ويمكن هادا الشي طبيعي وقت يكون المقال بتوقيع ***********.. لأنو هيك صحفي بدو هيك عنوان.. مين قلك أنو الدراما ناطرة أنو واحد (فهيم( متلك ينتقدا.. خليك بملحقك ************* بتشرين وحاجة تنطلنا كل شوي ع الانترنت.. ويمكن الحق مو عليك الحق على إدارة هالموقع اللي بتنشر للي متلك..

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...