السفر في سورية مرهون بالدخل والحكومة تشجع على السياحة الداخلية

23-06-2008

السفر في سورية مرهون بالدخل والحكومة تشجع على السياحة الداخلية

اكتشاف مناطق جديدة داخل سورية متنفس للشباب السوريتستهل مجلة محلية سورية صفحتها الأولى برسم كاريكاتيري تظهر فيه عائلة من أربعة أشخاص، تزدحم بهم عربة صغيرة يجرها حمار نحيل مرهق. توشك العربة على الوصول إلى شاطئ البحر وهي مكتنزة بأمتعة كثيرة لعائلة لم تنس أن تحمل أيضاً اسطوانة الغاز وجهاز التلفزيون. وفي لافتة تتوسط اللوحة كتب «سياحة داخلية».

يحاول ذلك الرسم الكاريكاتيري الساخر أن يقدم الوجه الآخر لأحاديث شائعة اليوم تستبشر خيراً بالسياحة الداخلية في سورية. فعلى رغم أن العاملين في قطاع السياحة يؤكدون أن المشاريع التي أطلقتها وزارة السياحة السورية لغرض دعم السياحة الداخلية ستكون متنفساً لذوي الدخل المحدود والمتوسط، إلا أن من غير المتوقع أن تعطي تلك المشاريع ثمارها في المدى القريب.

وكانت وزارة السياحة السورية عرضت أخيراً مجموعة برامج تشجع السياحة الداخلية، وتتراوح مدتها بين يوم واحد إلى ثلاثة أيام وبأسعار تتراوح بين 500 وأربعة آلاف ليرة سورية، أي بين 11 و80 دولاراً للفرد الواحد وتشمل تلك البرامج المناطق الجبلية والساحلية وبعض المواقع الأثرية.

ووعد وزير السياحة السوري هذا العام بتأمين رحلة سياحية داخلية لكل أسرة سورية لمرة واحدة على الأقل سنوياً وبأسعار مقبولة، واعتبر في مؤتمر صحافي أن عام 2008 هو عام إطلاق السياحة الداخلية.

إلا أن شباباً كثيرين في سورية لم يسمعوا بهذه البرامج، وإن سمعوا بها فمن طريق الصدفة ولم يجربوها بعد. قلة فقط التي جذبها الموضوع ومنها يامن (28 سنة موظف في مؤسسة حكومية) الذي اعتبر أن مثل هذه البرامج ستحفز الناس على التمتع بإجازة وإن كانت قصيرة، وأنه ينوي وأصدقاءه المشاركة في أحد هذه البرامج السياحية المتوجهة نحو جزيرة أرواد القريبة من مدينة طرطوس التي تبعد 258 كلم عن دمشق.

- وفي شكل عام يتوقف نصيب الشباب السوري من السياحة على أوضاعهم المعيشية، فالإجازة كمفهوم ارتبط منذ عقود طويلة بمستوى الدخل، وطريقة تعامل الشباب في سورية مع مفهوم الإجازة أمر مكتسب من بيئاتهم الاجتماعية. فتجد أبناء الطبقة الغنية يحرصون على الترفيه بإجازة سنوية وإن تغيرت حالياً عما كانت عليه سابقاً، حيث انقلبت الوجهة من دول أوروبا نحو تركيا ومصر، بينما بقي الشاطئ السوري ملاذ أبناء الطبقة المتوسطة في إجازة تنحسر مدتها يوماً بعد آخر.

أما الشباب من ذوي الدخل المنخفض وهم الشريحة الأكبر فيجدون الحديث عن إجازة سنوية والتمتع بها نوعاً من الترف الذي لا مكان له في حياتهم، بل على العكس يحاول هؤلاء استغلال الموسم السياحي بحثاً عن فرصة عمل كنادل في مطعم أو عامل نظافة أو استقبال في أحد الفنادق، أو دليل سياحي إن توافر لديه نصيب من لغة أجنبية.

وبذلك يكتفي السواد الأعظم من مواطني سورية بمتابعة إعلانات المكاتب السياحية التي راحت تغريهم بجولة سياحية في اسطنبول «إقامة في أفخم الفنادق وزيارة مميزة وخاصة للقصر الذي صور فيه المسلسل التركي نور» بتلك العبارات يروج أحد مكاتب السياحة في دمشق عروضه الخاصة بتركيا.

وشهدت السياحة نحو تركيا اقبالاً متزايداً في الآونة الأخيرة. ويقول عمار جمعة مدير المبيعات في الخطوط الجوية التركية في دمشق: «لعبت الدراما التركية التي ظهرت أخيراً على الشاشات العربية دوراً مهماً في الترويج لهذا البلد، إلا ان العامل الأساس يرجع إلى العلاقات السياسية المتينة مع تركيا». ويستغرب جمعة من طبيعة المواطن السوري الذي لا يعرف كيف يستمتع بإجازته، ويقول: «تجده يتابع أعماله وانشغالاته حتى إن سنحت له الفرصة بالحصول على إجازة سنوية، فالهاتف النقال لا يفارقه أبداً، فينقل همومه معه حيثما ذهب».

لينا الجودي

المصدر: الحياة

التعليقات

ي أي مقهى سوري اليوم تدفع ثمن فنجان القهوة السوداء نفس السعر الذي يدفعه المواطن الأميريكي في سياتل عاصمة القهوة في العالم. لاأدري إن كانت سوريا تعيش هذه الفوضى في الهوية طيلة عمرها. و لكن يمكن الجزم أنها تعيشها طيلة عمري . يدخل المواطن المقهى في الزمن الضائع بين موعدين. يدخل المقهى لأن عيادة الطبيب لم تفتح بعد, يدخل المقهى لأن زوجته تردي التبضع مع الصبايا و هو ما لا يحتمله. المقهى في العموم ليس مشروع المواطن بل بيئة لجعل نهاره سهل و يسير. و لكن عندما تبلغ فاتورة فنجان القهوة مع زجاجة الماء و التيب حوالي ال 170 ليرة فإن هذا لا يجعل من المواطن سيداً بل رهينة . و مواطن يدفع مقدار يوم عمل كامل ثمن فنجان قهوته سوف لن يصنع مجداً لا لنفسه و لا لأمته مهما بلغت حدة خطابات الساسة عن سوريا العظيمة المهيبة و مهما كتب الشعراء و غنى المغنون. إن عظمة الدولة و الشعب تبدأ من شعوره بالإمتلاك الحقيقي. بقدرته على الإمتلاك. و عندما يكون فنجان القهوة في دولة أهلها مدمني قهوة أكبر من متوسط دخل الفرد فإن المجتمع ليس و الدولة ليسا بخير. عندما تسافر أو تدخل مطعماً أو استراحة أو محطة فإن التبول يعني إنفاق 10 ليرات على الفرد و هي قيمة هائلة مقارنة مع دورة انتاج أي سلعة. فقطعة بسكويت بقيمة خمس ليرات سورية تتضمن عمل فلاح و عمل مدجنة و عمل مستورد الشوكلا و عمل المصنع و عمل الناقلين و عمل تجار المفرق . إنها قيمة مادية تعادل قيمة اقتصادية- قيمة عمل- حقيقية و غاية في الأهمية . في حين أن دفع المال في تواليت المطاعم و الإستراحات و المحطات يعد أقبح أشكال انحطاط هوية الدولة الإقتصادية. أليس من واجب 50 شركة نقل مجتمعة تأمين تواليت مجاني لمسافريها؟ إن النظر الى رجال الأعمال هؤلاء و مدى وضاعة شأنهم و صغر أفقهم و بخلهم و انتهازيتهم تجعلنا كمواطنين غير معنيين بدعم الرساميل الوطنية . أم أن رجالات الإقتصاد العظيمين يعتبرون في الولد أو الرجل الواقف في باب المرحاض فائز آخر بفرصة عمل في زمن انتهاز الفرص؟ لا تنضج الهوية الوطنية لشعب ما دون ادراكه بجغرافية وطنه و برغم أن زمن الرئيس الراحل حافظ الأسد شهد مشروعاً واضحاً في هذا التوجه من شواهده سبكة نقل أهم مما يوجد حتى في أميريكا: على اعتبار أن الأميريكي لا يقيم شبكة نقل بدون قيمة اقتصادية يدفعها المستفيدون. في سوريا مدت شبكاتالطرق و الكهرباء لتربط المواطنين بغض النظر عن الجدوى الإقتصادية. التبادل الجامعي, معسكرات الطلائع, مطارات. اليوم نعيش حالة انتقام من ذلك النموذج؟ من اسياسيين أنفسهم تحت شعار اللبرالية. يبدو أن المواطن السوري الذي قاسى التأثيرات غير السعيدة للإشتراكية سيعود ليقاسي الجوانب غير السعيدة للإنفتاح الإقتصادي. و لكن ثمة فرق. اليوم لا يكاد المواطن يشعر بأهل بيته. فكيف يشعر ببلده كبيت كبير؟ السياحةالحقيقية هي سياحة الطبقات الوسطى و كل أشكال الإستثمار السياحي لا تضع هذ الفئة في حسبانها. السياحة اليوم تستقطب رجال الأعمال الذين يفدون الى البلاد لعقد الصفقات. و لكن على المدى البعيد ليس هؤلاء هم السياح. في الحقيقة هؤلاء يقيمون مشاريع استغلالية في البلاد مثل مشاريع العقارات التي سيبقى المواطن السوري يدفع ثمنها طيلة عمره. هؤلاء ليسوا السياح. و بالتالي فإن فنادق الخمس نجوم لا تحقق حجر أساس في صناعة السياحة. لا يجب الخلط بين رجل أعمال يقيم في البلد لرعاية مصالحه و بين الساحة كثقافة أنتجها المجتمع البشري المعاصر. لا يجب احتكار شواطئ البحر و لا الجبال لصالح مجموعة من المتنفذين. يجب أن تكون السياحة أكثر أفقية و امتداداً و ليس شديدة التمركز. هناك فرق كبير بين أن تبني فندقاً يليق بمستثمر و بين أن تضع خطة لبناء ثقافة و صناعة سياحية. السياحة بدون إشراك المواطن هي ضرب من التجحيش و الغباء . لأن السائح لا يأتي الى البلد ليجلس في فندق بل لينزل الى الشارع. ليشتري من فلان و يشرب القهوة في مقهى فلان و يشرب البيرة في بار فلان ... هؤلاء الفلان يجب أن يكونوا المواطنين و ليس ستاربكس أو مكدونالد. على الدولة أن تفكر بدراسة كيفية جعل الخدمة السياحية في سوريا شعبية حتى يتم المعنى الفعلي للسياحة و حتى يتم تحويلها الى مصدر دخل وطني. يجب أن يتم دراستها حتى لا نتحول الى أردن و مصر في السياحة: أي أن يأتي السياح في مجاميع تنام في فندق و تنزل الى المواقع الساحية- المقننة- و من ثم تعود الى بلادها دون أن تلمس الشارع. الشعب السوري أكثر انفتاحاً من كثير من الشعوب المحيطة و من الخطأ عزل البيئة الإجتماعية عن مشروع بناء السياحة. تقنين السياحة أي تحويلها الى سياحة قلاع و آثار هو فهم تبسيطي و جاهل لما يمكن للسياحة أن تكون عليه.

أنا من الساحل.. ياجماعة عن أنو سياحة داخلية عم تحكو؟؟ من فترة قريبة جدا تم بيع معظم الشواطئ اللي تعودنا نسبح فيها لشركات روسية وقطرية واماراراتية للاسثمار.. يعني بعد ماكان فينا نسبح بمكان مناسب لحد ما اجتماعيا وبسعر كتير معقول طارت الفرصة !! جول جمال الشاطئ الأكثر مناسبة لنا ماديا واجتماعيا تم بيعه ..وعلى صفو كمان طار كم شط وانباع.. يعني حاسس بعد سنتين ثلاثة بيكون ماعاد فينا (نحنا طلاب الجامعات) نروح على البحر بمبلغ معقول!

إدارة وقت الفراغ ليس المقصود بها فقط أن تقراكتابا هذا المساء أو أن تخرج بصحبة بعض الأصدقاء. بل تعد من أكثر التحديات إلحاحا في التنظير لفكرة الدولة و بناء المجتمع. فالفراغ ليس فضاء زمني إلا بمقدار فشل المجتمع في اكتشاف صورته الإنسانية و التي تنضج فقط عند فهم الدولة/المجتمع لآليات ملئ هذا الفراغ. طبعا يبدأ الانسان التمدد في وقت الفراغ عندما تفيض القدرة المادية عن الحاجات الأساسية للحياة . فما يحصل من قيمة اقتصادية في وقت العمل ,يتم صرفه في ملئ الفراغ بعد العمل. و حتى في أشد الأزمات التي قد تعصف بمجتمع ما و التي قد تؤدي الى ضعف الإدخار فإن استراتيجيات ملئ الفراغ قد تساعد على تجاوز أزمة مجتمع ما و تسهم في نهوضه بل إنها تقف كصمام أمان دون انحدار المجتمع الى الجريمة و العنف و الإنحلال. و هذا كله رهن بتبلور فلسفة اجتماعية ناظمة لهذا الشعب أو المجتمع. حتى لا يكون الكلام مجردا نسوق أمثلة سريعة لتثبيت الصورة و المفهوم: إن الفرجة الإجتماعية: مباراة رياضية, سينما, مسرح, رحلات. هي أنساق تسلية أو ملء فراغ بالمعنى الدارج. إن الاستثمارات-كعمل- في بناء أندية رياضية و العمل المبذول من قبل الرياضيين و مثله العمل المبذول في انشاء سينمات و مسارح و العمل المبذول من قبل الفنانين و التقنيين و من يقوم على هذه المنشآت يهدف الى خلق وعاء لاستيعاب وقت الفراغ الإجتماعي و مع الوقت تعمل هذه البنى الاجتماعية على تطوير و تنمية قيم مجتمعية و وجودية هي ما يمكن الاشارة له على أنه ثقافة مجتمع . إنه لمن الملح اليوم أن تكون الدولة قادرة على استيعاب فضاء الوقت , و يجب أن يتطور فهمها للفضاء الجغرافي , فليس كل مساحة عقارية متاحة يجب أن تستثمر في بناء شقق سكنية و من ثم شقق سكنية و من ثم شقق سكنية على اعتبار ريعها سريع و عالي و سهل. فتتحول المدينة الى ما يشبه الحظائر أو البرادات يجلس المواطن فيها في المنزل ريثما يأتي وقت العمل. و هكذا يتم تقسيم العمر بين العمل و المنزل حتى يأخذ الخالق وديعته!! بدون وعي الدولة الى ان وقت الفراغ ليس تفاهة أو رفاهية - أيا كانت نظرة الحكومة- بل إنه فضاء امتداد الدولة. وفي حال انعدمت القدرة على تخيل ما يمكن ان يفعله انسان في عطلته الاسبوعية أو في أمسياته أو في العطل الدورية, نكون عندها أمام حالة موت سريري حيث يتنفس جسد الأمة و يضخ الدم في العروق و تتنفس الرئتين و لكن لا حياة في الجسد و لا هوية للمجتمع. السفر و الرحلات و الرياضة و الهوايات.... كل هذه القيم يتحتاج الى احترام حيزها عندما يتم التخطيط للمدينة و للإقتصاد و لسياسة الدولة.

لعل قصد المسؤولين بعبارة ( السياحة الداخلية )هي السياحة في الشوارع على الطريقة ( الصوفية )، أي على مبدأ البهاليل، فلنُحسن الظن بالحكومة يا إخوتي، أليس كذلك !

لينا المبدعة برافو للجمل دايما في مواضيع حلوة مقالتك حلوة يالينا برافو

الأخ المحترم أيهم: كتبت واستفضت فأصبت. لافض فوك ياأخي العزيز. أتفق معك في كل كلمة وفكرة أدرجتها في تعليقك الرائع هذا. لقد آن لنا حقاً أن نفكر ونخطط للسياحة الشعبية التي نمتلك جل أدواتها ، دعونا نستفيق قبل فوات الأوان. ولنهب جميعاً لدعم سياحتنا من واقع إمكاناتنا الأصيلة بدلاً عن المستوردة.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...