الفقر للناس ... الأرباح للتجار والسوق ... والتصريحات للـ... للحكومة

14-09-2008

الفقر للناس ... الأرباح للتجار والسوق ... والتصريحات للـ... للحكومة

عام يمر ويمضي، ويطل عام آخر، وتبقى حكاية هذا الشهر الفضيل، شهر رمضان الأمة العربية و الإسلامية كما هي في سابقاتها، وهي ذاتها بالنسبة للجشعين والناهبين والغشاشين، الذين يمشون كما يحلو لهم دون أن يجدوا من يحاسبهم على فعلتهم أو يوقفهم عند حدودهم الهدامة،  وبالمقابل وفي الضفة الأخرى ترى المواطنين المفلسين الذين ليس لهم من يحميهم أو من يدافع عنهم وعن لقمة عيشهم وهكذا ليبقى هذا الشهر المبارك الذي يفترض أن يكون كما سمي شهر الرحمة والتكافل والمساواة , ليتحول وللأسف شهر المحتكرين والمتلاعبين بالأسعار الذين يثرون ويتضخم كروشهم على حساب المؤمنين الحقيقيين، فيما تغفل عيون الرقابة عن أولئك الانتهازيين الخبثاء منهم، أو تتقاسم الإرباح معهم تحت وضح النهار، وأمام الناس دون أي خجل أو استحقار على فعلته التي تمرر على حساب الملايين من البشر الفقراء في هذا الوطن الحبيب.

الحكاية المتوارثة

هذا العام لم يشذ عن القاعدة كما كان متوقعا، فالحكاية التي أشبعت كتابة ونقاش وانتقادا في الصحافة المرئية والمكتوبة وحتى المسموعة، بقيت نفسها الحكاية المتوارثة منذ عقود على حالها، وأكثر ما يميزها على طول هذه السنين الأسعار الجنونية، التي قفزت معظمها عن /50/ بالمائة أو أكثر عما كانت عليه قبل حلول شهر رمضان، وهي طبعا وبحكم العادة مرشحة للارتفاع أكثر وأكثر مع اقتراب أي مناسبة، والمعيب أن مواد وسلع مفقودة، ونادرة الوجود تصبح وبغمضة عين وبين ليلة وضحاها معروضة في كل البقاليات والسوبر ماركتات، فيصبح كل شيء في هذا الشهر غير طبيعي، أزمة مواصلات خانقة عند الصباح الباكر، وقبيل آذان المغرب، حوادث هنا ومناوشات وضرب وعراك هناك ولسبب يعرفه الجميع إنما يغض النظر، المسئولون وبكل وقاحة يكتفون بالنظر وبعض إشارات التعجب والاستغراب وإلقاء اللوم في النهاية على المواطنين وتحميلهم المسؤولية، إن البصمة الوحيدة التي تركها العام الحالي منذ بدايته قبل قرار رفع الدعم بخمسة أشهر وبعد إقراره أيضا بخمسة أشهر على حياة الناس في سوريا هي بصمة ارتفاع الأسعار وبجدارة لا مثيل لها، ذلك الارتفاع الذي ترك أثرا كبيرا على مستواهم المعيشي وجعلهم في حالة استدانة دائمة أو كالذي تلقى جراح قوية جدا قد يحتاج إلى الشفاء منه أعواما كثيرة في السنوات القادمة، فالأسعار حلقت عاليا دون أدنى ضوابط من قبل من تقع على عاتقه المسؤولية ذلك الجرح المختفي، الذي عمق حقده بالتردي والفقر والتدهور المادي للناس دون أدنى حد للمبادئ والقيم الإنسانية التي تعود عليه المواطن، ليحقق بذلك معادلة النظام الرأسمالي والأنظمة الليبرالية فيزداد الأغنياء غنى و الفقراء فقرا، ويتضخم جيوب التجار والمضاربين والمستوردين الراكضين وراء الربح، وتتسع ثقوب جيوب الموظفين والمتقاعدين وذوي الأعمال الحرة ومن لا عمل له في هذا البلد، وفي ظل غياب أي دور اقتصادي فعال ومقنع للحكومة السورية الموقرة تجاه مسألة الأسعار، وفي ظل غياب أي إستراتيجية اجتماعية اقتصادية متماسكة من الوزارات المعنية.

الحكومة وشحذ الهمم

وقعت الواقعة على كاهل الشعب السوري وارتفعت الأسعار كما كان متوقعا من أصغر مواطن في هذا البلد إلى أكبرهم، وارتفعت وزادت  معها التصريحات الحكومية بأكثر منها، وكعادتها لمّا ترجع حليمة لعادتها، شحذت الحكومة الهمم وعلت نداءات التسويف الجاهزة والمعطرة بالكلمات البراقة والطنانة، وأطلقت الوعود كصورايخ أرض ـ أرض حتى بحت حناجر الوزراء والمدراء، وتطير معها دوريات الرقابة وحماية المستهلك، وتحط رحالها في كل مكان وليسبقهم بذلك وزارة التجارة والاقتصاد بجولة إعلامية على بعض أسواق دمشق الشعبية برفقة السيد عبد الخالق العاني معاون وزير الاقتصاد والتجارة لشؤون التجارة الداخلية وبعض عناصر مديرية حماية المستهلك في الوزارة ومديرية تجارة دمشق ومديرية الأسعار في الوزارة ليعيشوا الفاجعة بأم أعينهم فالأسعار مرتفعة جدا لا تناسب اسم السوق على أنه شعبي أبدا بل سوق خمس نجوم واخواتها العشرة، ولم لا فكيلو التفاح وصل إلى ستين ليرة والدراق إلى ثمانين ليرة و البامياء إلى مائة وعشرة ليرات والليمون الحامض إلى خمس وسبعون ليرة والفاصولياء إلى ستين والبندورة إلى خمس عشرة والخيار إلى خمس وعشرين والبطاطا إلى ثمانية عشر و جرزة البقدونس بخمسة عشر والنعنع بعشرة واللحوم في  تصاعد وما حدا أحسن من حد ا فالفروج ب 140 ليرة وصحن البيض /165/ ليرة وهذا يؤكد أن كل الدلائل تشير أن  الاقتصاد السوري يمر بحالة مستمرة من أرتفاع الأسعار منذ رفع الدعم وقبله بشهور حتى وصل إلى حد الذروة بقدوم شهر رمضان الفضيل
ان ارتفاع الأسعار كشف الغطاء عن عجز السياسات الاقتصادية عن السيطرة أو التحكم بسياسة الأسعار
أو بالأحرى قد كشف النقاب عن عدم وجود سياسة واضحة لضبط الأسعار أو لأية مواجهة في الحالات الطارئة لارتفاع الأسعار وكانت النتائج أن ارتفاع الأسعار قد تراوحت بين 35 بالمائة إلى 80 بالمائة للعديد من السلع الاستهلاكية الأساسية كما بيناها آنفا .
إن على الحكومة أن تقيم أدائها وتنظر إلى مشاكل الناس التي بدأت بالتدهور في السنوات الأخيرة أليس من واجبها أن تؤمن للمواطن ماكفله الدستور له، ولكن عما يبدو الرياح تجري عكس ما تشتهي السفن، أن الشعارات شيء والواقع الذي نعيشه شيء آخر تماما ولو أن الفريق الاقتصادي أخذ بعشرة بالمائة فقط بما أثاره الإعلام والاقتصاديين في هذا البلد من مقترحات، لما وصل الاقتصاد السوري إلى هذه المرحلة الحرجة التي أصبحت فيها كل شيء يمشي بالمقلوب فالأسعار تزداد يوما بعد آخر والفساد لا يزال منتشرا في معظم الإدارات وطرق مكافحته دون المستوى المطلوب، نعم إن من واجب الحكومة أن تفكر أولا بحل مشاكل المواطنين اليومية التي لم تعد تحتمل، والتي يجب أن تكون في سام الأولويات، لكن للأسف على ما يبدو أن الحكومة لا تملك رؤيا واضحة وصريحة لإصلاح ما يجري،فالجولات الموالية للجولة الأولى لم تختلف كثيرا عن سابقاتها ولعل الجولة التي سيقوم بها وزير الاقتصاد نفسه والمقررة في 13/9/2008/،أي ليلة إخراج هذا العدد لبعض الأسواق ستؤكد للسيد الوزير كل ما قيل وأثير في الارتفاع المتزايد للأسعار في هذا الشهر الفضيل وبعد مرور أسبوعين من اتخاذ إجراءات من الوزارة التي لم تغير شئ في الأسعار بل ازدادت أكثر من ذي قبل.

الوعد... وعد
دون أية مقدمات أو مطولات فإن الكلام بقي كلاما والوعد وعدا، مجلس الوزراء وعد المواطن بأن أسعار بعض المواد سترجع إلى وضعها الطبيعي وخاصة الرز والسكر والعدس والبرغل لكن على ما يبدو أن الأسعار لن تعود إلى وضعها أبدأ وكل ما قيل من وعود يأتي بمثابة الإبر المخدرة للمواطن المغلوب على أمره والدليل ن عام 2008 لم يشهد أي انخفاض في الأسعار،  أي من السلع الأساسية، والشيء الوحيد الذي نجحت فيه الحكومة واستحق عليه الثناء التصريحات الإعلامية التي لم تقدم ولم تؤخر من شيء مما هو قائم.
رمضان مونة ومدارس وعيد
بات من شبه المؤكد أن ارتفاع الأسعار المستمر سيدفع بالناس إلى المصير المجهول، دون أية رحمة من أصحاب القرار بقدوم هذا الرباعي دفعة واحدة، وبشهر واحد، فجاءت المناسبات الأربعة معاً ومقص الأسعار، يلتهم الطموحات الاقتصادية الاجتماعية للأكثرية الساحقة من الشعب السوري، الذين أكدوا حين التقينا معهم إن شهر رمضان أصبح شهرا للغش والاحتيال والنصب، و الأسعار مرتفعة جداً، دون أي مبرر، وأنه آن الأوان لتوقف هذه المهزلة، لأنهم اضطروا طوال العقود لتحمل الكثير، ولم يعد في جيوبهم ما يصرفون به على حالهم وعيالهم، ولم يعد في نفوسهم طاقة واسعة للصبر والتحمل فيما يجري. هكذا ضاعت الطاسة بين المسؤولين، والتجار ولم تعد لحماية المستهلك أية وصاية على الأسعار،والأرقام التي وضعتها الوزارة صامتة ونائمة كنومة أهل الكهف، والتاجر أصبح حرا بالإعلان عن السعر الذي يريده أما م مرأى الجميع،دون خوفا أو حساب لأحد ولسان حاله يقول كل شي ماشي بالبلد، إن الفرصة الوحيدة للحكومة في البقاء على ماء الوجه أن تتخذ خطوات جدية بالاعتماد على أشخاص أكفاء ومخلصين.


علي نمر- بورصات وأسواق

التعليقات

يا سيدي الم تسمع بيت الشعر اذا ناديت فنادي حيا ولكن لا حياة لمن تنادي ونار اذا نفخت فيها انارت ولكن انت تنفخ في رمادي لا تظن ولا تعتقد ان الشبعان يشعر بالجائع فنحن بهذه البلد والحمد لله على كل الاحوال وحتلى المصائب لمجرد ما ان يصبح اي موظف مسؤول شوي ما كتير يأتيه ارث من اين لا احد يعلم والانسان الذي يشتري ما يشتهي هو واولاده لن يشعر بالذي يريد فقط ان يستر نفسه والذي استغربه انه عندما تستضيف اي جهة اعلامية مسؤول ما فترى الامور جميعها محلولة وهذا المواطن نقاق كتيييير والاغرب ان الاعلامي الذي يستقبل هذا المسؤل تشعر انه يغازله والحل والله بالاعلام الجريئ والجريئ كتيير ليفضح فضيحة كل الذي يحرف لا يغازله هل من الممكن هذاواكبر مثال مشكلة النقل فوالله لو ان هذا المسؤول يقف لينتظرواسطة النقل مثل باقي الشعب لمى رايت هذه الازمة ولكن عيب نحن نعطيه سيارة فخمة ومفيمة ايضا الا يمكن ان نقول لمن هو مسؤول عن الاسعار خذ هذا الراتب وعلى هذه الاسعار وعيشني به بابسط عيشة على الورقة والقلم لعشرة ايام فقط قد يجد حل

غريب فعلا ما يحدث و كأن الاذان صامة و الافواه صامتة و لا احد عالم بما يجري و لا تقدير لعواقب هذه التطورات التي و بالفعل قد ترتب عليها خربان بيوت و تفكك عائلات و ازياد نسبة الجريمة و تشرد و ضياع مستقبل فئات ليست بالقليلة. اين هو الحل المنتظر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...