الكوميديا السورية السوداء على مسرح البيت الأبيض

21-02-2012

الكوميديا السورية السوداء على مسرح البيت الأبيض

الجمل ـ *بيب ايسكوبارـ ترجمة رندة القاسم:   جوقة من "الغضب" و "الاشمئزاز" كانت في استقبال الفيتو الصيني الروسي المزدوح ضد قرار مجلس الأمن المتعلق بتغيير الحكومة السورية. و نال القرار تأييد "ملاذ الديمقراطية" المتمثل ب "جامعة مجلس التعاون الخليجي" تحت سيطرة ستة ملوك و أمراء ، و التي كانت تعرف سابقا بالجامعة العربية.
استهزأت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من الفيتو المزدوج . و من ثم عملت على تحفيز (أصدقاء سورية الديمقراطية) للاستمرار بالعمل على تغيير النظام الذي كان هدف القرار.و امتلك حقوق نشر هذه الفكرة محررو ليبيا و الرئيس النابوليوني الجديد نيكولاس ساركوزي، الذي قال بأن باريس تعمل على خلق (مجموعة أصدقاء الشعب السوري ) من الناتو و مجلس التعاون الخليجي ، مهمتها تطبيق خطة الجامعة العربية المتعلقة بتغيير النظام.
و ضمن الجوقة أيضا، برهان غليون دمية باريس و رئيس المجلس الوطني السوري ، فقد استدعى تلك الدول التي تسمي نفسها صديقة الشعب السوري.  و الكل يعلم بأن الدول هي الولايات المتحدة و بريطانيا و فرنسا و إسرائيل و قطر و السعودية عضوا مجلس التعاون الخليجي.و مع هكذا (أصدقاء) بالتأكيد ما عاد الشعب السوري بحاجة إلى أعداء.
سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سوزان رايس وصفت الفيتو المزدوج بالمثير للاشمئزاز.
و حتى الحجارة المهيبة  للجامع الأموي في دمشق تعلم بأنها واشنطن وحدها من يمتلك الحق في استخدام قوة الفيتو في الأمم المتحدة بشكل ساحق لأجل حماية حق دولة إسرائيل في قتل الرجال و النساء و الأطفال الفلسطينيين بالدبابات و القذائف دون أدنى اهتمام بقرارات الأمم المتحدة المزعجة.
و على مدار أسابيع عبرت روسيا علنا و الصين بصمت عن موقفهما الصلب من قرار مجلس الأمن حول التغيير الحكومي في سوريه بل و حتى ، و هذا الأسوأ، فتح المجال لقصف ناتو وفق النموذج الليبي.
و لروسيا أسبابها الجيوسياسية لاعتبار سورية خطا أحمرا، فسورية تستضيف القاعدة البحرية الوحيدة لروسيا في البحر المتوسط،في مرفأ طرطوس. كما أنها تشتري أسلحة روسية.و لكن في الواقع كل دول البريكس (إضافة إلى أغلبية ساحقة من العالم النامي) في نفس الصف،  بغض النظر عن  قرارات الأمم المتحدة التي تؤدي إلى تغيير النظام، بدعم من الثلاثي الغربي التقليدي المشتبه به (الولايات المتحدة و فرنسا و بريطانيا) و مؤتمر النفاق الذي رعاه البيت "الديمقراطي" السعودي القطري.
و بهدوء شرح رئيس الخارجية الروسي سيرجيه لافروف أسباب الفيتو الروسي،و قام بشكل مباشر بإرسال التعديلات الروسية على مسودة القرار إلى كلينتون ، غير أن القرار  بقي أحادي الجانب و لم يطالب المجموعات المسلحة المعادية للحكومة السورية بأي شيء، و أكد لافروف  : ( لا يمكن لرئيس يحترم نفسه أن يوافق على تسليم السكان المحليين إلى متطرفين مسلحين من دون مقاومة).
و لا يزال المجلس الوطني السوري يحمل موسكو و بكين مسؤولية تصاعد أعمال القتل و الإبادة و بأنهما منحتا الإذن بالقتل. و برباطة جأش يجيب لافروف: ( طالما قلنا و كررنا بأننا لا نحمي الأسد بل القانون الدولي. فمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لا يجيز التدخل في الشؤون الداخلية).
و بقوة أنكر بشار الجعفري ، سفير سوريه في الأمم المتحدة، اتهامات المعارضة بقيام القوات الحكومية بقصف حي الخالدية في حمص بالدبابات و المدفعية ما سبب موت مائتي شخص، و قال بأنه ما من شخص عاقل يشن هكذا هجوم في الليلة السابقة لمناقشة قرار مجلس الأمن. و دون أية تحقيقات تمهيدية اعتبرت فرنسا الأمر مذبحة و جريمة ضد الإنسانية . و لكن ألا يشبه ما قامت به فرنسا في حرب الجزائر؟
و لفهم ما يحدث ، من المهم أن نعرف من الذي ينشق عن الجيش السوري. معظم القادة العسكريين السوريين أعضاء من حزب البعث ، و هؤلاء لا ينشقون، أما المنشقون  فمعظمهم جنود ، و هؤلاء يشكلون ميليشيات ، وفق الطراز الليبي، و يتسرب إليهم الكثير من المرتزقة المسلحين من قبل المجلس الوطني السوري و يقاتلون جنود الحكومة.
و لكن ما الذي يحدث فعلا على أرض حمص؟ فيما يلي مقطع من رسالة الكترونية من قبل مصدر مسيحي سوري موثوق:
(انتشى الكثير من السوريين للفيتو المزدوج غير أن حمص قلقة جدا. و نشرت المعارضة أخبارا حول المذبحة قبل الفيتو و ذكروا أرقاما بالمئات، و بشكل لا يصدق تم الاستشهاد بها من قبل كل القنوات الإخبارية( كلها تعتمد على ناشطين) دون التحقق منها، لتنخفض هذه الأرقام فيما بعد إلى ثلاثة و ثلاثين. و لم يعرضوا أية تفجيرات أو انتشال لناس من تحت الأنقاض أو أي أشخاص جرحى. فقط رجال بأجساد نظيفة  أيديهم و أرجلهم مقيدة و في ملابسهم الداخلية . و مهما كانت ترسانة الحكومة السورية فيبدو أنها تملك قنابلا ذكية جدا بحيث تعري الأشخاص و تقيدهم و تصيبهم في رؤوسهم.
الشيء الذي نعرفه جيدا بأنه لم يكن هناك تواجد للجيش في حمص. لقد غادرت أسرتي المدينة و عادت إليها صباح السبت يوم المذبحة المزعومة و لم يكن هناك شيء. و عادة تتصل بالخط الساخن (115) للسؤال عما إذا كانت الطرقات آمنة و عندها سيخبرك المعني بالأمن إن كان بإمكانك القدوم إلى حمص أو لا. و في ذاك اليوم أخبروهم أن يأتوا و بالتأكيد لم يسمعوا أو يروا أي شيء.
ما يعتقده الكثيرون الآن هو أن تلك الأجساد التي عرضت  في الخالدية والتي زعم بأنها رجال و نساء و أطفال قتلوا في تفجيرات الجيش السوري ليسوا سوى جنود سوريين مخطوفين،إضافة إلى علويين تم اختطافهم و لم يطلق سراحهم  أو يستردوا بعمليات تبادل. فعندما بدأ الجيش السوري الحر باختطاف بعض الناس، بدأ العلويون بالمقابل بعمليات خطف لأجل مبادلة الأسرى. و هذا لم ينجح دائما و بعض الناس لم يتم استبدالهم و ظهروا ميتين في الخالدية).
تخيل عصيان مسلح في مدينة وسط الولايات المتحدة. لقد رأى العالم كله كيف تعامل المحافظ الملياردير مايكل بلومبيرغ  مع الاحتلال السلمي لوول ستريت.  لقد عبر البريكس (المثيرون للاشمئزاز)  بوضوح عن رأيهم، إذ لن يكون هناك قصف (إنساني) على سوريه من قبل الناتو و مجلس التعاون الخليجي. غير أن الأخيرين قد يفلحوا في خطتهم الثانية و هي دفع سوريه إلى حرب أهليه.


 *الصحفي البرازيلي بيب ايسكوبار مؤلف كتاب ( العولمة: كيف يتحول العالم المعولم الى حرب المياه)
عن Asia Times

الجمل: قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...