تجار وعطارون امتهنوا الشعوذة والطب!!

27-11-2008

تجار وعطارون امتهنوا الشعوذة والطب!!

في كل المدن والقرى السورية دكاكين ومحلات ومخازن وبسطات تعرض كافة أنواع الأعشاب وهي بالآلاف وكتب على كل نوع المرض الذي يشفيه هذا النوع أو ذاك... عيادات بكل معنى الكلمة لأن في بعضها زاوية أشبه بالمخبر يضم غاز صغير وأباريق وفخاريات ومصافي ويقوم العطار بالغلي والوزن والتصفية لتركيب ما يسميه العلاج المناسب.

دور الإعلام:
عشرات الفضائيات العربية تروج لطب الأعشاب من خلال جعل هؤلاء نجوماً على شاشاتنا مدعون امتهنوا بكل تهاون أقدس مهنة (الطب).
ويعمون أحاديثهم بلقاءات مع المستشفين وبكل جرأة حتى مع أصحاب العلل المزمنة كالسرطانات والإيدز والضعف الجنسي وكل ما من شأنه أن يجعل أفضل الأطباء يقف وقفة حذر ومن المفارقات تلك الهواتف التي لا تعد تستجدي من هؤلاء السحرة نتاج أفعالهم السحرية والأكثر غرابة هذا النشاط السياحي بين سورية ولبنان والأردن سعياً وراء هؤلاء العظماء ضغينة الإعلام والدعاية على كل المستويات.

شعوذة أم علاج:
تتسع دائرة المحتاجين ليصير المرضى النفسيين رواداً من نوع آخر وتنتشر أعاصيب طرد الجن والكتابة (الحجاب) من أجل الحبيب والتفريق والغنى والحظ ليصبح لدينا فئة من المستهلكين من نوع آخر يتهافتون على هؤلاء المدعومين بكل وسائل الترويج والدعاية.

آراء ومواقف:
دخلت سوق البزورية ورحت أسأل عن أدوية لما شئت من الأمراض وفوجئت بالإجتهادات  الجاهزة وبالأدوية لكافة العلل وسألت نفسي إذا كان هذا الواقع صحيحاً فأين منظمة الصحة العالمية الغافلة عن تكريم هؤلاء المتقذين للبشرية واستضافتهم لتقديم روعة نجاحاتهم المزعومة...
المدهش هو إقبال الناس على هذا النوع من التداوي رغم أن الأسعار مرتفعة ومكلفة أكثر من الذهاب أحياناً إلى أفضل المختصين هل مرد ذلك إلى اليأس أو عدم الثقة بالعلم ورفض التقدم العلمي بسبب موروثاتنا الداخلية أو بسبب براعة الدعاية وسبرها للبعد النفسي لنفوس البشر في مجتمعاتنا الغارقة في جهلها وليكون حديثنا هذا أبلغ طلبنا شهادة أحد المعروفين في هذا المجال ليكون:
الأمر كما يقال: شهد شاهد من أهلها.
لقد عرفنا عن نفسه محاورنا قائلاً أنه صيدلاني مجاز من جامعة دمشق تأثير أدوية pharmcolcgy اسمه د:منصور الخطيب وأنه كان مدرساً في جامعة دمشق قبل أن يصبح بائعاً للأعشاب في سوق البزورية.

شهد شاهد:
* نريد أن نسألك عن أدوية التنحيف باعتبارها من أكثر المسائل التي استخدمت الأعشاب في مواجهتها؟
** معظم الموجود بالبلد خليط من مواد تؤثر على الجملة العصبية وتسبب النحافة أو تؤثر على الكبد أو على الجهاز المعزز أو على الاستقلاب العام مع الأسف يضاف مادتان إحداهما ثمار الحنظل الشديدة الإسهال والتي ينصح مكتشفوها بعدم استعمالها بفاصل أقل من خمسة عشر يوماً لأن استعمالها يومياً مدة ثلاثة أشهر يتسبب في تشمع الكبد.
أما المادة الثانية فهي: خلاصة الصبر التي يوصي بعدم استخدامها بفاصل زمني أقل من ثلاثة أيام لأن استعمالها اليومي يسبب كشط الزغابات المعوية وبالتالي حصول تقرحات معوية شديدة مع سوء هضم وهذه التقرحات ستلبس على أطباء بداء كراون أو تتحول أمراض خبيثة.
يمكن أن تضاف نباتات نهرية على أساس أنها الفوقص الحويصلي وهي لا تمت إليه بصلة.
بعضهم يضيف (أي صانعوا الوصفات) ما يسمى بالأرقطيوم ولكن المادة التي تضاف شبيهة به وهي من المنظومة النباتية
كرانتيوم السامة للكبد والكلية.
* ما رأيك بما يشاع عن أدوية نباتية لضعف الإنجاب وفعاليتها؟
** يعتمد بعض الناس لابتزاز صاحب الحاجة بإيهامه بأن الأدوية سحرية ويتقاضون مبالغ باهظة جداً فأحدهم يبيع دواءً من أجل ضعف الإنجاب بسعر خمساً وثلاثون ألف ليرة سورية للكيلو غرام الواحد أول مرة وسبع عشرة ألفاً للمرة الثانية أما المرة الثالثة فيصبح السعر بين ثلاثة أو أربعة آلاف للكيلو غرام وهذا البائع صاحب الوصفات العجيبة يحتفظ بصور وأرقام هواتف للمستفيدين من وصفاته علماً أن لديه أبناء متزوجون منذ خمسة عشر عاماً ولم يتمكنوا من الإنجاب حتى الآن.

وللإيدز علاج
* ما رأيك بما يشاع عن أدوية لعلاج الإيدز وشقيقه مات بالمرض بعد سبعة أشهر
** الناس تستخدم الأعشاب معتبرةً أنها إذا لم تنتفع فهي أعشاب بالنهاية ولن تضر.
* قال الله تعالى: وجعلنا من الماء كل شيء حي
ولكن هناك بشر يموتون بالماء
لا يوجد ما هو غير ضار تماماً فمثلاً إذا أعطينا الإنسان عشرة ليتر من الماء يومياً حرارته بين 4 – 6 درجات بعد ثلاثة أيام يصاب بالقرحة
وهذا بالنسبة للماء فما شأن المواد الأخرى وقد أوردت أمثلة سابقاً.
* ما رأيك بالمواد التي تباع على أنها منشطات جنسية؟ فياغرا العسل
** أحد المحلات يبيع العسل على أنه منشط جنسي فيقوم بفرط حبوب الفياغرا السورية (السيلدنيافيل) سعر العلبة حوالي تسعين ليرة مع العسل ويبيعها ليصبح سعر الكيلوغرام ما يقارب ألفاً وثمانمائة ليرة سورية.
* الناس الذين يلجؤون لعملية التداوي بالأعشاب يدعون أنهم أخذوا الوصفات من كتب هامة.
** جميع الكتب المتحدثة عن النبات هي كتب للتعريف بالطب النباتي ولا تتطرق للتركيب الكيميائي للنبات ونادراً ما يشار إلى السمية وإذا حصل فبدون تحديد آلية التسمم أو آلية الإسعاف.
* أريد أن تخبرني بالضبط وبدقة هل يستطيع من يعتمد على كتاب لابن في الطب أن يقوم بوصف علاج؟
** هناك خلاف بين مفهومي المرض القديم والحديث فالمفهوم القديم يعتمد على الأخلاط الأربعة والطبائع الأربعة والدرجات الأربعة.
الأخلاط الأربعة: الأسود والأحمر والأصفر والفلغموني وبالمقارنة نجدها الدم الوريدي – الدم الشرياني – المصل – البلغم – أما الطبائع الأربعة فهي الحار – البارد – الرطب – الجاف
الدرجات الأربعة هي بارد من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة ولكل درجة مرض مختلف
هذه المفاهيم غير موجودة في الطب حالياً.
الطب الحديث يعتمد على البنى النسيجية والتشريحية والمعطيات الدموية وأنواع الصور المختلفة ودرجة الحرارة والألم.
فعندما نقرأ في الوصفات القديمة للكتب الموثوقة دواء (كتب الرازي – ابن سينا) يوصف لمرض رطب من الدرجة الثالثة لن نفهم المغزى لأنها مصطلحات ذلك العصر ويجب المطابقة بين وصف الحالة المرضية وما يقابلها في معطيات الطب الحالي لذلك أي حالة يجب أن تبدأ من الطب الحديث لتشخيصها بشكل سليم لأن هناك أمراض تلتبس حتى على أفضل الأطباء.
* إذا كانت الأمور الشائكة لهذا الحد وتحتاج لأهل الاختصاص فهل تعتقد أن العلاج النباتي قد يفيد وفي أي الحالات؟
وللسرطان علاج
** بعد التشخيص الصحيح والدقيق يمكن أن يقرر أخذ العلاج المناسب والعلاج النباتي في حالة التهاب المفاصل يعطي نتيجة أفضل وكذلك في حالة ترقق العظام.
* هل صحيح أن هناك أعشاب تداوي مرض السرطان؟
** هناك أعشاب تحد من انتشار السرطان ولن أكشف عن اسمها.
* إذا كانت هذه الأعشاب موجودة فلماذا لم تعلنها أبحاث العالم المتطور والغرب الفارق في عمليات البحث والتجارب.
** الغرب يصل لنتائج ويرفض الاعتراف بها حول النباتات.
كل الاحترام لوجهات النظر التي قدمها محاورنا وهي خاصة به ولكني وبدافع الفضول دخلت بعض المحلات كأي زبون وسألت أحد الباعة عن مصدر علمه فقال تعلم المهنة بالوراثة ودرسها في بيروت فيما سماه الجامعة الأوربية وادعى أن 90% من الأعشاب غير مضرة ولكنها تفيد وقال أن هناك عشبة تسمى عشبة الأمل توقف مرض السرطان وأن هناك أدوية للإنجاب وتعطي نتائجها خلال شهر وفي سؤال عن آلية وصفها قال إنه يطلب تحليلاً يقرر إثره نوعية الدواء.
وأنه يركب أدوية لحب الشباب من عشبات مختلفة.
(الهند الشعيري – العناب...) والنسبة في الخلط غير مهمة.

أين المراقبة
وبدافع الفضول سألت عن بعض مواد التجميل الذائعة الشهرة وعن ركيبها فالسليماني مثلاً تستخدمه النساء لتبييض البشرة يحتوي على ما يسمى حجر السليماني + زئبق + نخاع خاروف ويتم طحنه بطرق ونسب معينة.
إضافة إلى مادة كريمية تباع من أجل نفخ الوجه والغريب أن بعض ما شاهدت مخلوط ومطحون ومعبأ بكبسولات ويباع علناً مما دعاني للتساؤل أين هي وزارة الصحة من هذا الانجاز العلني بعلل الناس واستنزافهم وهل يمكن لأي شخص أن يصف ما يشاء من أدوية دون حسيب أو رقيب خاصة وأن لدينا العلم الأكيد عن سمية كثير من النباتات السريعة أو بعد حين.
ثم إن الأمور تعدت مسألة البيع في أسواق العطارة وصار الكثير من هؤلاء المدعين ضيوفاً أوائل على شاشات الفضائيات وإذا كانت وزارة الصحة غير مسؤولة عن من هم خارج سورية فعليها أن تراقب من هم بالداخل إننا نحاسب الصيدلي الذي يعطي إبرة لمريض أكثر من هؤلاء المنتشرين في كل مكان يثيرون على حساب أمراض الناس واحتياجاتهم بل إن لبعضهم عيادات أكثر شهرة من أهم الأطباء لذلك نرجو الاهتمام والتوقف عند الأمر وقفةً حقيقية مع الاستعانة بكل الجهات الوصائية لوقف هذه الظواهر الشاذة التي أصبحت عامةًَ تقريباً وتشغل كثيراً من الناس وبعضهم يدعي الثقافة والتنور وذلك لأن حياة الإنسان تستحق فعلاً أن نعرضها لمغامرات المهووسين.

ماذا يقول الطبيب المختص؟
ولتعزيز كلامنا استشرنا الطبيب المختص في أمراض الغدد الصم ومرض السكري الطبيب السيد وائل حنا حيث أكد لنا الامر قائلاً:
* أحب التنويه إلى ظاهرة الدجالين عبر بعض مراكز التجميل والعلاج بالأعشاب وضرورة منع الممارسات والوسائل التشخيصية التي لا تمت للعلم بصلة وذلك بالتنسيق مع نقابة الاطباء ووزارة الصحة واتباع مبدأ المحاسبة حرصاً على سلامة ومصلحة المواطنين وعدم التعزيز بهم وتضليلهم وحجب فرصة الشفاء عنهم وما يمكن أن يحدث من اختلاطات ضارة بالصحة والذي يمكن أن ينتهي بأمراض مختلفة بسبب الاستخدام غير المدروس للأعشاب وتأثيرها على الجهاز القلبي والكلوي ولذلك يجب عدم نشر أي إعلان في الصحف الرسمية ووسائل التلفزة إلا بالتنسيق مع الجهات المعنية والمختصة والعمل على إجراء ما يلزم لضبط هذه الاعمال باعتبارها غير قانونية لعدم التأكد من نتائجها علمياً مثلاً ممارسة الطب بجهاز كوانتي.
* على اعتبارك متخصص بعلاج مرض السكري فما رأيك بالتداوي بالأعشاب في هذه الحالة.
** هناك مرضى يراجعوننا وقد قيل لهم هذه العشبة تشفي تماماً ونحن نعلم أن لا شفاء من السكري إلا بالمحافظة على نسب منخفضة.
فالتجارب تبدأ في المخابر وتنتهي مباشرةً أي أن الأعشاب لم تجرب لا في المخابر ولا على الحيوانات للخروج بشيء علمي مثبت وبخصائص دوائية معروفة النتائج على البشر علماً أن الملايين تصرف على تجارب لإنتاج دواء شاف من السكري وفي النهاية تنتهي هذه التجارب في المخبر ولا جدوى لها على الإنسان مثلاً في الفترة الأخيرة تم الإعلان عن دواء لمرض السكري من إفرازات جلد الضفدع ولكن هذا نجح في المخبر فقط على الحيوانات ولم يكن مجدياً بالنسبة للإنسان.
مثال آخر: لا صدف بعد اليوم
وهذا للأسف غير مقبول لأن الصدف لا شفاء منه
* ماذا تقول بالنسبة لمرض السرطان؟
** السرطان يعالج في بدايات المرض ويشفى أما عن التجارب الشخصية المفردة يمكن أن يكون ذلك بالصدفة ولا أساس له ولا يمكن تعميم ذلك.
* بالنسبة لمرض الإيدز وإشاعات علاجه عند المعالج فلان أو فلان
** المعروف أن لا علاج للإيدز في الوقت الحاضر فمن أين أتاهم هذا الإبداع المقابل لكل الإنفاق الذي قدمته الأمم منذ ظهور أول حالة إيدز عام 1979 في هاتين.
* ما رأيك بالطب البديل والعلاج بالغذاء؟
** هذه افتراضات لا صحة لها فعملياً يجب أن يتناول الإنسان كافة الأغذية وبتوازن.
* هناك إشاعات كثيرة عن قدرة البعض على شفاء ليف الرحم وسرطان الرحم عند المرأة؟
** هذه أمراض عضوية  مستديمة ولا يمكن حلها إلا جراحياً وبالنسبة للسرطان يجب أن يليه علاج كيميائي وشعاعي أما اللجوء إلى العلاجات الأخرى فقد يتسبب بكوارث فمن عملي صادفني أحد الآباء رفض إعطاء ابنه المصاب بالسكري الأنسولين واتجه لعلاج الاعشاب فانتهى الامر بالإبن بحالة سبات أدت إلى وفاته ناهيك عن حالة القصور الكلوي الناتجة عن تداوي الأعشاب.
* لا تنسى أن في تاريخنا علماء أطباء ولهم كتب يعتمد البعض عليها (ابن سينا) مثلاً
** نحن نستفيد من كل العلوم والطب القديم ونأخذ كل ما يمكن تفعيله في الوقت الحاضر تحت أسس علمية.
* ماذا عن علاج الضعف الجنسي أو العجز بالأعشاب؟
** هذه الحالات عائدة لأسباب هرمونية بنسبة 20-30% أما الباقي فالسبب عائد لعوامل نفسية وحالات اكتئاب وقلق وتوتر كما أن اختلاطات السكري قد تؤدي لهذا الضعف وبعض أنواع أمراض الغدة النخامية والدرقية وذلك عند الجنسين لذلك لا جدوى لعلاجها بالأعشاب وإنما علاج هرموني وتحت إشراف طبيب مختص أما بالنسبة لحالات سن اليأس فالعلاج هرموني ونفسي وقد تفيد في بعض الحالات خلطات مهدئة للأعصاب.
* كيف يتم تمرير هذا النوع من الأدوية؟
** ندعو كل الجهات الرسمية المسؤولة والمعنية بالدواء وبصحة المواطن أن تعمل جاهدةً على منع انتشار وتمرير هذه الأدوية لما لها من أضرار جسيمة ممكن أن تظهر مباشرةً أو في المستقبل.
أما ما يشاع عن علاج لعدم الإنجاب وحالات الصرع و...و... فهذه حالا لا يمكن علاجها بالأعشاب وإنما جراحياً أو دوائياً.
ونحن بدورنا نضم صوتنا إلى صوت الطبيب السيد وائل حنا ونطالب بالمراقبة الشديدة والانتباه لهذه الظاهرة لأن المجتمعات تمشي قدماً نحو الامام ولا تنظر إلى الخلف إلا لأخذ العبر والتعلم من دورس الماضي وذلك نحو بناء جميل أكثر وعياً وصحةً محمياً من كل أنواع الخزعبلات وآثارها الضارة على الأفراد والمجتمعات.

 

ميس نايف الكريدي
بورصات وأسواق 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...