دريد لحام: رمضان مذبحة الدراما

18-11-2006

دريد لحام: رمضان مذبحة الدراما

بمناسبة العرض الافتتاحي لفيلمه الجديد (الآباء الصغار) يوم أمس الجمعة، ضمتني دردشة إلى الفنان الكبير دريد لحام، سرعان ما تحولت إلى حوار ساخن حول شؤون السينما والدراما التلفزيونية السورية.

وكان فناننا خلالها صريحاً وواضحاً وساخراً كعادته، لكنه وضع النقاط على حروف مشكلات الدراما والسينما في البلد. ‏

بداية يركز دريد لحام على اهتمامه بسينما العائلة لأنها تعبر عن الفيلم الوطني، ولأن الأطفال هم مستقبلنا، ثم يرى بصراحة أن المصالحة بين القطاعين العام والخاص كانت السر في نجاح شركات الإنتاج الدرامي السورية، وأننا نحتاج إلى مثل هذه المصالحة والتعاون بين القطاعين لإعادة إطلاق السينما السورية، معلناً عن فيلم جديد له تبنته مؤسسة السينما. ‏

وحول الدراما التلفزيونية السورية رأى أن (مذبحة) دراما حصلت على الشاشات التلفزيونية في رمضان، وأن عدداً كبيراً من الممثلين تكرر ظهورهم في أكثر من مسلسل، بحيث صعب على المشاهد أن يعرف أي عمل يتابع!. وللمناسبة فقد نفى أن يكون مسؤولاً عن مسلسل (أيام الولدنة) مشيراً إلى أنه شارك فيه كضيف شرف نتيجة ضغط (الصحبة). ‏

كما تطرق الحوار إلى شؤون وشجون مسيرته الإبداعية مخرجاً وممثلاً ومقدماً للبرامج التلفزيونية. ‏

- ہ لم يكن الفنان دريد لحام بعيداً عن الأطفال في مسيرته الفنية، فلماذا هذا التركيز المستمر على العائلة والأطفال؟ ‏

ہہ هناك تعبير جميل لتربوي مصري يقول: (الأطفال الذين يشكلون نصف الحاضر هم كل المستقبل). وأنا أعتقد أن مستقبلي هو مستقبل أطفالي، وحين أعدهم إعداداً صحيحاً أضمن مستقبلي. أما العائلة فهي الخلية الأساسية لبناء وطن سليم، وعندما تكون العائلة السورية متماسكة، وعائلة حقيقية يقوى بها الوطن، لأنني أعتقد أن الوطن السليم يبدأ بالعائلة السليمة، ولهذا اتجهت إلى سينما (العائلة)، وأنا أعتبرها سينما (وطنية) بامتياز، لأن الوطنية لا تتجلى فقط في الحرب وحمل السلاح، بل وأيضاً عندما يخلص كل منا في عمله الذي يمارسه. ‏

ہ وما هي الرسالة التي يوجهها فيلم (الآباء الصغار) من وجهة نظرك كصانع وقائد لهذا الفيلم؟ ‏

ہہ أردت أن أقول: إن الحلم مهما بدا مستحيلاً، يصبح ممكناً بالإرادة، لأن الإرادة هي سيدة المستحيل على الإطلاق، ولأن كل ما تعتبره مستحيلاً يصبح بالإرادة ممكناً، وعلى العكس من ذلك فإن الهدف السهل دون إرادة يصبح مستحيلاً، وهنا يبرز عامل الإرادة، وعامل التعاون والتكاتف، فالبحصة تسند الجرة، أي إن الإنسان مهما كان حجمه وعمره يستطيع أن يقوم بفعل يضاف إلى أفعال الآخرين، فينتج عن مجموع هذه الأفعال فعلاً كبيراً، على قاعدة أن مجموعة من الجداول تشكل نهراً. ‏

- ہ أستاذ دريد.. أنت تحمل نفسك عبئاً كبيراً فتقوم بالكتابة والإخراج والتمثيل في وقت واحد، ألا يحملك ذلك مسؤولية أكبر عن نتائج العمل؟ ‏

ہہ هذا صحيح وأكيد، لكني كدريد أعرف نفسي أكثر مما يعرفني الآخرون، ولهذا السبب أكون أكثر قدرة في التعبير عن فكرتي بشكل أفضل من أن أنقل الفكرة لشخص آخر ليقوم بتقديمها، ويجب أن تلاحظ معي أن ما بين السطور يكون أهم بكثير من السطور في بعض الأحيان. كما أن ما لم يكتب على الورق يكون أهم مما يكتب، ولأنني أتعامل مع أفكاري فأنا أعرف ما لم يكتب، وما هو بين السطور. ‏

ہ ألهذا السبب رفضت إخراج فيلم مصري؟ ‏

ہہ صحيح، فعندما كنا نعرض فيلم (الحدود) في مصر، جاءني كاتب سيناريو هو عبد الحي أديب، مصطحباً معه سيناريو فيلم، وطلب مني أن أقرأه، لأخرجه لأحمد زكي، فقلت له: دون أن أقرأه، أنا لا أعرف أن أخرج! فاستغرب وقال: معقول!. فقلت: نعم، لأنني لا أعرف ما بين السطور، ولا أعرف الذي لم يكتب، ولهذا السبب فأنا قد أكون مخرجاً معقولاً لأعمالي، لكني لست مخرجاً جيداً لأعمال الآخرين. ‏

ہ إذاً، أنت مصرٌّ أن تتحمل كل العبء عن نجاح أو فشل العمل لا سمح الله؟ ‏

ہہ بالتأكيد، فمادمت تصديت لهذه المسألة برمتها، يجب أن أتحمل وأقبل النتائج، وذلك أفضل لي كفنان، من أن أجد نفسي في (لقطة غلط) مع مخرج آخر دون أن أستطيع الاحتجاج، لأنني عندما أقبل بمخرج أصبح مطيعاً كطفل، أفعل ما يقول دون اعتراض، لأنني لست ممثلاً مشاكساً. ‏

ہ وهل ينطبق ذلك على الكوميديا أيضاً؟ ‏

ہہ حتماً. أنا كممثل عندما أرى خطأ من المخرج لا أتدخل، لذا يبدو الأمر خطيراً خاصة في الكوميديا، لأنها مسألة صعبة جداً، وهي أكثر صعوبة من التراجيديا، لأن الموقف المبتسم له ميكانيك خاص، مثل ميكانيك الصياد، فالصياد يحمل البندقية، ويتربص ساكناً منتظراً العصفور ربع ساعة، لكنه عندما يطلق، يفعل ذلك في جزء من عشر من الثانية، ولذلك يقال لك: إن من يروي نكتة مثلاً، عليه ألا يترك المستمع يسبقه إلى النهاية، لذا فهو يسردها ببطء، لكنه يطلق النهاية بسرعة متناهية. ‏

- ہ ما سبب عدم وجود شركات إنتاج سينمائي في سورية، بينما يوجد عدد جيد من شركات الإنتاج التلفزيوني الدرامي؟ ‏

ہہ إن سر نجاح شركات الإنتاج الدرامي التلفزيوني يكمن في المصالحة التي تمت بين القطاعين العام والخاص، وقد بدأ ذلك عندما لاحظ وزير الإعلام الأسبق الدكتور محمد سلمان أن التلفزيون السوري ينتج ما بين خمسين إلى ستين ساعة درامية في السنة الواحدة، فدعا الفنانين والمنتجين إلى استخدام استديوهات التلفزيون مجاناً بكل ديكوراتها وفنييها، قائلاً: سجلوا أعمالكم مجاناً وأعطوا التلفزيون نسخة مجانية منها، ووزعوا النسخ الأخرى. وهذا ما فتح الباب لبدء تكون شركات الإنتاج كنتيجة طبيعية لهذا التصالح والتعاون. ‏

ہ ألا يوجد مثل هذا التصالح في السينما السورية؟ ‏

ہہ في السينما لا يوجد مثل هذا التصالح، فالقطاع العام لا يؤمن بالخاص، والخاص لا يؤمن بالعام، ونتيجة للسياسة السابقة في حصر استيراد الأفلام بالمؤسسة تراجعت الصالات، وبدأت تغلق أبوابها، وبدأ الجمهور يبتعد، لأن الأفلام لم تكن جديرة بأن يراها الناس، فقل جمهور السينما وتراجع!. ‏

ہ ولكن مؤسسة السينما تنتج بعض الأفلام؟ ‏

ہہ قل لي أين هي هذه الأفلام؟ متى عرضت؟ وأين؟. إن صالة الكندي في دمشق لا تزال مغلقة منذ سنة بحجة الإصلاح والترميم، وهنا يجب أن أذكر أن سورية أنتجت (21) فيلماً ما بين عام وخاص، ولن أقول إنها كلها أفلام جيدة، بل يمكن أن يكون نصفها أو ثلاثة أرباعها أفلام مقاولات، لكن بمجرد أن تنتج كماً، فلا بد من أن يوجد فيه نوع. ‏

ہ ما هي حدود العلاقة بين القطاعين العام والخاص السينمائيين حالياً، وكيف السبيل لإعادة إطلاق السينما السورية؟ ‏

ہہ القطاع العام يتهم القطاع الخاص بالتجاري، والخاص يتهم العام بأن أفلامه للمهرجانات، ولا بد أن يحصل تصالح وتعاون، أو جلسة حوار وتشاور حول مشكلة السينما في بلدنا، ويجب أن يجتمع العام مع الخاص، لندرس معاً كيف يمكن إعادة الألق إلى صناعة السينما السورية. ‏

وفي رأيي أن مشكلة السينما في بلدنا تبدأ بنظافة (التواليت)، وتنتهي بنوعية الفيلم، فلو جئت بأفضل فيلم في العالم، وعرضته في سينما غير مريحة، فلن يحضر الجمهور، لأن السينما تحتاج إلى جو اجتماعي مريح وراق. والمشكلة مشكلة إنتاج غير موجود، وصالات غير لائقة. ‏ ہ تردد مؤخراً أن هناك مشروع فيلم جديد لدريد لحام وعادل إمام، ما صحة ذلك؟ ‏

ہہ نعم. هناك فيلم، وهو باكورة تعاون بين القطاع العام والخاص، لأن هذا المشروع تبنته مؤسسة السينما، لكني لا أجزم بأن الفنان عادل إمام سيشارك فيه أم لا. ‏

ہ ومتى سيبدأ تصوير هذا الفيلم؟ ‏

ہہ مؤسسة السينما وضعته في خطة العام القادم، والمسألة الآن رهن بقيامي بكتابة سيناريو هذا الفيلم، لكن الحرب العدوانية على لبنان شغلتني عن كتابته. ‏

- ہ سر المشاهدون العرب والسوريون بخاصة لظهور دريد لحام (مقاوماً) على شاشة المنار المقاومة أثناء شهر رمضان، ما هي الرسالة التي أردت توجيهها من خلال ذلك؟ ‏

ہہ كانت الرسالة واضحة جداً بالنسبة لي ولإدارة المحطة، وهي تسليط الضوء على المفاعيل الإيجابية لصمود المقاومة وشعبنا اللبناني في وجه الحرب العدوانية. وأهم هذه المفاعيل ذوبان الطوائف والمذاهب في طائفة واحدة موحدة اسمها (طائفة الكرامة)، ولقد رفع العرب من المحيط إلى الخليج هذه الراية، فالمسيحيون والمسلمون رفعوا الراية نفسها. ‏

ہ في المقابل فإن ظهورك قبل ذلك على شاشة إحدى المحطات الخاصة جعل البعض يقول: إن هذه المحطة تستهلك نجومية دريد لحام، فكيف ترد على ذلك؟ ‏

ہہ مادمت مقتنعاً بهذه البرامج، فسأقدمها مهما قال النقاد!. فهؤلاء يطرحون الآراء القاطعة، ويتجاهلون أنه لا توجد قرارات في الفن، وأنا مقتنع بهذه البرامج التي أقدمها، وإذا كان بعض النقاد لا يحبونها، فهناك جمهور كبير أحبها وتعلق بها. ‏

‏ - ہ كيف تقوم حصيلة ما أنتجته الدراما السورية هذا العام؟ وإلى أين تسير برأيك؟. ‏

ہہ للأسف لا أستطيع أن أجيبك عن هذا السؤال، لأنني لم أشاهد شيئاً، ففي رمضان كنت مشغولاً ببرنامجي على قناة (المنار)، كما أنني غير مشارك في أعمال رمضان الدرامية، لكني أحس أن هناك (مذبحة) دراما على الشاشات، تجعل المشاهد غير قادر على المتابعة، ولاسيما أن هناك ممثلين تكرر ظهورهم في أكثر من عمل، فكان المشاهد يسأل نفسه: هذا المشهد من أي عمل يا ترى!. ‏

ہ ألن تشاهد هذه الأعمال؟ ‏

ہہ أنا أفضل أن أشاهد إعادة عرض هذه الأعمال، لأتمكن من مشاهدتها مسلسلاً مسلسلاً، بروية بعد أن انتهت (المذبحة)!. ‏

ہ قلة الأعمال الكوميدية ألا تشير إلى أزمة ما في هذا النوع من الدراما؟ ‏

ہہ بالتأكيد، وخاصة أنه كانت لدينا (مرايا) الأستاذ ياسر و(بقعة ضوء)، وكلتاهما من الكوميديا الراقية والممتعة التي يمكن أن يتابعها المشاهد، لكن الخلافات أدت لتوقف (بقعة ضوء). ‏

ہ أين تتركز هذه الأزمة في رأيك؟ ‏

ہہ إنها أزمة نص قبل كل شيء، لأن أي عمل جدير يبدأ على الورق. ‏

ہ كيف ترى الممثلين الكوميديين السوريين، وهل يقنعك حضورهم؟ ‏

ہہ في (بقعة ضوء) أنا مقتنع بهم جميعاً، خاصة أنه في هذا العصر لم يعد هناك ممثل كوميدي وآخر تراجيدي. لم يعد هناك (لوريل وهاردي)، فالآن النص هو الذي يفرض نفسه، ويفرض الموقف، ويمكن لأي ممثل أن يعبر عنه بشكل كوميدي. ‏

‏- ہ شاركت في مسلسل (أيام الولدنة) لكنه لم يعرض، فما مصير هذا العمل؟ وهل تدافع عنه؟. ‏

ہہ أنا لست في خضم العمل، بل كنت ضيف شرف فيه، كنت مجرد ضيف، وقد عرض علي ولم أحب أن أكون فيه، ثم عرض علي إخراجه فرفضت. بعد ذلك ونتيجة ضغط (الصحبة) قبلت أن أكون مجرد ضيف فيه، لكنني لست مسؤولاً عنه. ‏

ہ برأيك، لماذا لم يعرض؟. ‏

ہہ ليس لدي فكرة، لكن يجوز أنه ينطوي على مبالغة من قبل بعض الممثلين، ما أساء للعمل. ‏

ہ قلت مرة: إن النهوض العربي حتمية فيزيائية، فهل هذا تفاؤل أم تشاؤم؟. ‏

ہہ (ضحك بعمق) ثم قال: هو نوع من التفاؤل، لأن الأمور وصلت إلى الصفر! إلى القاع! ولن يكون هناك ما هو أسوأ من ذلك. وبالتالي فلا بد من أن يأتي الأحسن على طريقة (بكرا أحلى!). ‏

عمار أبو عابد

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...