سعدي يوسف يلتقي جمهور الرقة

22-01-2007

سعدي يوسف يلتقي جمهور الرقة

في هذا الزمن الوحشي يقف الشاعر العربي أمام أحد خيارين: (إن سكت مت، وان قلت مت، وقد اختار شاعرنا موته في القصيدة فكانت القصيدة وطنه والمنفى مفتوحا، لذا ظل سعدي يوسف رجلاً لاضمانة لأفراحه سوى قهوة القصيدة وكرسيها الذي تجلس عليه.

ومثل ايلخان عاشق أراد أن يصنع مجداً لوطنه فجعل من قلبه قبة على شكل مقام يأوي إليه كل المنفيين، مؤكداً أن الصحراء تحيض وتحبل، وسيلد الرمل نخلا وعراقا جديداً ومواويل لاتموت). 
 نستعير الكلمات السابقة من تقديم الروائي ابراهيم الخليل للشاعر العربي الكبير سعدي يوسف لجمهور الرقة عندما حلق بملكوت الشعر في احدى أماسيه حيث أجرينا الحوار الآتي معه إثر تلك الأمسية: ‏

. كيف تقوّم زيارتك لمدينة الرقة، وهل تطابقت صورتها الحاضرة مع ماهو موجود عنها في ذاكرتك؟ ‏

.. هي أول زيارة لي إلى الرقة، وتأتي تأكيداً لعلاقة دائمة، لأن اسمها مستمر في الذاكرة وفي الذاكرة الإبداعية يأتي اسم الأديب الكبير الدكتور عبد السلام العجيلي مقترناً باسم الرقة وصورتها كما أن الاسم امتداد للعصر العباسي وماقبله وهذا الامتداد مستمر في ضمير الناس في العراق، وفي جزء من حياتهم اليومية، فالصابون الرقّي مستعمل في العراق منذ القدم، والبطيخ الأحمر يسميه العراقيون (الرقي) نسبة للرقة مصدر نتاجه الأول وأنا سعيد جداً لأنني في بلد هارون الرشيد، ولأنني ولأول مرة في حياتي سبحت اليوم في نهر الفرات غمرتني مياهه، واعتبره نوعاً من التطهير مارسته بحرية. ‏

. يتردد في الأوساط النقدية الأدبية بأن الشعر في أزمة فهل يعيش الشعر العربي في أزمة أم هناك شيء آخر؟ ‏

.. أنا لاأعتقد أن الشعر يعيش في أزمة على الإطلاق، ولكن إن كان هناك من أزمة فهي الأزمة العامة التي تكتسح كل شيء وتلقي بظلالها هنا وهناك على الشعر والفن التشكيلي والمسرح والسينما وحتى تجارة الكتب.. لكن ليس هناك أزمة خاصة بالشعر.. هناك أزمة سياسية عامة خطيرة، وخطيرة على منطقتنا العربية.. والسؤال يظل قائماً وهذا طبيعي. ‏

. كيف تنظر كشاعر عراقي وطنه محتل الى الوضع العربي العام والخطر الأمريكي؟ ‏

.. أنا قبل أن آتي إلى هنا بيومين كنت في (روما)، وهناك تحدثت الى صحيفة (الميساديرور) الإيطالية، وذكرت فيه: ان الناس في أوروبا أنفسهم بدؤوا يشعرون بالقلق على القيم التي ناضلوا طويلا من أجلها مثل قيم الحرية والتكافل الاجتماعي...الخ، العالم في وضع يدفع الى عملية نكوص خطيرة. ‏

. أين أنت مما يحدث في العراق، وماذا تقول عن الاحتلال؟ ‏

.. لقد جرى التمهيد لاحتلال العراق منذ وقت مبكر منذ عام 1992 م بدأت عمليات شراء ضخمة للمثقفين العراقيين طالت الداخل، وتوزعت على عواصم عدة في العالم، لهذا عندما احتل العراق كان المثقفون مغتبطين على قوائم المحتلين.. فالعراق يحرره أبناؤه وأنا مواطن أريد أن أرى وطني حراً، ووسيلتي الوحيدة هي الكلمات فلماذا لا أستثمرها؟ ‏

. كيف ينظر الشاعر سعدي يوسف الى الحرية؟ وهل أعطى المنفى للشاعر حريته؟ ‏

.. الحرية لاتتجزأ، ولكل بلد مسعاه نحو الحرية بأشكالها... وأنا كشاعر أحب التعلق بحرية التعبير، وبطلاقة اللسان وليس خيارك أن يقطع لسانك وتعيش بلا لسان وعندما تهدد بقطع لسانك يتحتم عليك أن تبحث عن حريتك.. أربعون عاماً وأنا أطوف بين البلاد العربية مطارداً شريداً، معلماً زائراً، نعيش مأزقاً» ويراد لنا أن ننتبذ خارج التاريخ، وهذه القوى الطاردة هائلة، والإنسان يجب أن يقاوم.. أنا ومحمود درويش كنا في باريس قال محمود: (تأتي الدولة لكي نعود شعراء) وأقول اليوم: فليرحل الأمريكيون عن البلد لنكون شعراء. أما المنفى فإن له خاصية عالية في تأويل الفنان لواقعه وذاته، والفنان مختلف عما حوله وأحياناً لا تتحمله الأرض التي تعيش عليها هذه المخالفة، فيضطر لحمل هذا الاختلاف الى المنفى البعيد، والمنفى قيمة مطلقة ليس لها علاقة بموطن محدد. ‏

. هل كتب الشاعر سعدي يوسف عن العراق؟ ‏

.. نشرت نصاً مبكراً بعنوان (رؤيا) في مجلة نزوى العمانية استشرافاً للأفق المفقود الذي سيصل إليه العراق، كما أظن أن أحداً لايجهل ديواني الأخير الذي صدر في دمشق عن دار نينوى بعنوان (صلاة وثنية) وهو عن العراق.. وسينشر لي الآن في دمشق ديوان آخر، وكتاب يضم مجموعة من المقالات. ‏

محمود البعلاو

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...