عالم توماس فريدمان المستوي

06-12-2006

عالم توماس فريدمان المستوي

منذ أكثر من عقدين كتب توماس فريدمان الصحفي الأميركي واصفاً الشرق بأنه يختزل بالقول: إن الماضي فيه يدفن الحاضر والمستقبل عكس الغرب الذي يلد فيه الحاضر والمستقبل من قلب الماضي..

ولكنه اليوم وربما بعد ربع قرن يعود ليغير رأيه وعلى خطا كولومبوس يعيد الاكتشاف ولكن من وجهة نظره هو, وبعد ثورة المعلوماتية ونهوض العملاق الآسيوي ودخوله عالم المنافسة وتحوله تدريجياً إلى منافس حقيقي حتى للولايات المتحدة.‏

- في كتابه الصادر حديثاً وهو بعنوان: العالم مستوٍ- موجز تاريخ القرن الحادي والعشرين, والصادر عن دار الرأي في دمشق وترجمة حسام الدين خضور, يقول توماس فريدمان: أبلغ كولومبوس مليكه ومليكته أن العالم كروي, ودخل التاريخ كأول رجل يقوم بهذا الاكتشاف. أما أنا فعدت إلى الوطن وشاركت زوجتي فقط باكتشافي هامساً لها: عزيزتي أظن أن العالم مستوٍ!!‏

أما كيف توصل إلى هذه النظرية? بالتأكيد لم يقم بجولة استكشافية كتلك التي قام بها كولومبوس, إنما هي جولة أخرى ومن نوع آخر وشكلت تحدياً لتوماس فريدمان وللولايات المتحدة, الشرق يركب موجة ثورة المعلوماتية, الهند بلاد الأساطير والتوابل والبخور تجعل فريدمان يظن أن العالم مستوٍ, حدث ذلك في شركة (إنفو سيس) عندما كان ذاهباً للقاء مديرها في الطريق رأى فريدمان أبقاراً مقدسة, عربات تجرها الأحصنة, عربات آلية ذات ثلاث عجلات, تتدافع بموازاة عرباتنا, ومع ذلك حالما تدخل بوابات شرك إنفو سيس تجد أنك في عالم مختلف, بعد الجلوس إلى مدير الشركة قال عبارة أجملت مضامين كل اللقاء يقول فريدمان: رنت في أذني جملته: توم حقل اللعب يسوّى.‏

وقد عنى بذلك أن تلك البلدان مثل الهند قادرة الآن على المنافسة من أجل العمل الفكري العالمي كما لم تكن أبداً في الماضي - وأن الأفضل لأميركا أن تستعد لذلك, كانت أميركا تغدو موضع تحدٍ, بل, أصر على أن التحدي سيكون جيداً لأميركا لأننا دائماً نكون في أحسن أحوالنا عندما نكون في مواجهة التحدي.‏

- عشر قوى جعلت من العالم مستوياً, عامل التسوية الأول كان في 9/11/1989 عندما تصدع جدار برلين, وسقوط الجدار وحسب فريدمان ضرب توازن القوى عبر العالم.‏

العامل الثاني هو إشهار شركة نتسكاب بتاريخ 9/8/1995 وكانت دعوتها العالم لأن ينهض إلى الانترنت بعد أن ابتكرتها شركة صغيرة مبتدئة في منطقة ماونتن فيو في كاليفورنيا سميت ب /نتسكاب/.‏

العامل الثالث وهو بعنوان: (برامج تدفق العمل) وقد جاء تحت عنوان: دع برنامجك يتحدث إلى برنامجي - وإذا ما قفزنا من العامل الثالث إلى التاسع متجاوزين العوامل الأخرى لأنها متداخلة من خلال تداخل المصالح والاستثمارات, فإننا نقف عند العامل التاسع وهو التشكيل الذاتي أو برامج بحث غوغول, أما العامل العاشر فهو المنشطات (رقمية, جوالة, شخصية, افتراضية).‏

-  يرى فريدمان أن عمال المعرفة الأميركيين يشعرون كأنهم في منافسة أكبر, وهم يفعلون ذلك ولكن إذا نظرت إلى الجائزة التي يسعون إليها, التي هي الآن سوق أكثر سعة وتعقيداً, بالتالي قد يكون على بعض عمال المعرفة الأميركيين أن ينتقلوا أفقياً إلى أعمال معرفية جديدة بسبب المنافسة الصينية, ولكن في سوق بهذا الحجم والتعقيد, تستطيع أن تكون متأكداً من أن أعمال المعرفة الجديدة سوف تفتح الباب لأجور لائقة لكل من لديه مؤهلات, وهكذا لا تقلقوا على عمال المعرفة عندنا أو عمال المعرفة الصينيين. كلهم سيكونون في وضع جيد في هذا السوق الأكبر.‏

- العالم المستوي سيكون شطيرة للأميركيين ويرى فريدمان أن قوانين الاقتصاد تخبره أنه إذا ربطنا كل مصادر المعرفة في العالم وشجعنا التجارة والاندماج أكثر فالشطيرة العالمية ستنمو وتغتني أكثر وستأخذ الولايات المتحدة حصتها من تلك الشطيرة المتنامية.‏

ويخلص إلى القول: علينا نحن الأميركيين أن نعمل بجهد أكبر ونركض أسرع ونغدو أبرع لنتأكد من أننا سنحصل على حصتنا, ولكن دعونا لا نقلل من قوتنا أو الابتكار الذي قد ينفجر من العالم المستوي عندما نربط حقاً كل مراكز المعرفة معاً, لا أستطيع أن أقول لأي مجتمع آخر أو ثقافة ما عليها أن تقول لأطفالها, ولكنني أستطيع أن أقول لك ما أقوله لأطفالي: العالم يسوى ليس أنا من بدأه ولا أنت تستطيع أن توقفه إلا بكلفة كبيرة على التطور الإنساني وعلى مستقبلك أنت بالذات.‏

الكتاب: العالم مستوٍ - توماس فريدمان‏

الناشر: دار الرأي - دمشق 2006‏

ديب علي حسن

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...