واشنطن ودمشق تتسلّحان بـ«ضمانات روسيا»

13-09-2013

واشنطن ودمشق تتسلّحان بـ«ضمانات روسيا»

كادت كلمة «الحرب» تغيب تماماً عن الخطاب الاميركي امس. أجواء جنيف في اليوم الاول للتفاوض الأميركي - الروسي، لم تعد تسمح بلغة التصعيد. الكلام عن التسوية كان غالباً. الوزير الاميركي جون كيري اضطر بلباقة ديبلوماسية الى مسايرة «صديقه» الروسي سيرغي لافروف لكثرة ما أحرجه بالحديث عن الخيار السلمي، قائلا بمزاح في ختام مؤتمرهما الصحافي الاول: «تريد مني أن أثق بكل كلمة تقولها؟ إن الوقت مبكر جداً لذلك».
وفي الوقت ذاته، كان الرئيس الاميركي باراك اوباما يخاطب وزراء حكومته خلال اجتماع في واشنطن قائلا إنه سيعود الآن الى التركيز على الاولويات الداخلية للمواطنين الاميركيين. الخطاب الحربي الذي استمر أسبوعين، كاد يتلاشى. الرئيس السوري بشار الاسد في المقابل، منح الضوء الاخضر لديبلوماسييه لتسليم الامم المتحدة «رسمياً» اوراق انضمام سوريا الى معاهدة حظر الاسلحة الكيميائية. لافروف وكيري خلال مؤتمرهما الصحافي المشترك في جنيف امس (ا ف ب)
كيري في هذه الاثناء، لم يعد يرى عائقا أمام المسيرة التي انطلقت في جنيف وتستمر حتى الغد. المشكلة بنظره قابلة للحل من خلال امرين: التزام النظام السوري بالحل الكيميائي، ونجاح الخبراء الروس والاميركيين في صياغة البنود التقنية لتطبيق التفاهم الاميركي - الروسي بشأن الترسانة الكيميائية السورية.
وكلما كان الوزير الاميركي يلمح الى ان الخيار العسكري لم يُرفع عن الطاولة، كان نظيره الروسي يسارع الى تذكيره بأن تفاهمهما الكيميائي يقضي بانتهاج طريق المفاوضات الذي لا طريق غيره، وان اوباما نفسه يقول ذلك. لافروف رأى ان الاولوية هي «لتنظيم مؤتمر جنيف 2، لإخراج التطورات من مجرى المواجهة العسكرية، والقضاء على الخطر الإرهابي الذي لا يزال يتصاعد. هذا هو هدفنا المشترك».
واكتمل المشهد: لافروف ارتدى عباءة الوساطة بين الاميركيين والسوريين. كان كيري يقول إنه لا يثق بتعهدات الاسد ويريد «ضمانات روسية». وكان الاسد يقول في مقابلة تلفزيونية إنه لا يثق بالاميركيين، وإنه لولا «الضمانات الروسية»، ما كانت مبادرة الحل الديبلوماسي لتولد.
لافروف وكيري اتفقا على أن الحل السياسي للمشكلة أفضل من استخدام القوة. وقال الوزير الروسي «نعتقد أن تطور الوضع يمنحنا فرصة جديدة كي نحاول تنظيم مؤتمر جنيف 2، هذا هو هدفنا المشترك».
ويبدو أن اجتماع المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي مع كيري، ومن ثم مع لافروف، يهدف لإعادة الزخم للطريق الى مؤتمر جنيف، اذ أعرب الإبراهيمي عن أمله في استئناف المحادثات حول تنظيم «جنيف 2»، مشدداً «على التزامه بتنظيم المؤتمر»، مضيفا أنه سيلتقي لافروف اليوم.
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع كيري قبيل انطلاق اجتماعاتهما المكثفة والتي ينضم إليها خبراء في الأسلحة الكيميائية من البلدين، قال لافروف «ننطلق من مبدأ أن تسوية هذه المشكلة تجعل من غير المجدي توجيه أي ضربة ضد سوريا. نحن مقتنعون بأن شركاءنا الأميركيين، وكما قال أوباما، يفضلون بقوة حلاً سلمياً لهذه المشكلة»، وفي هذا الإطار «سنعمل للتوصل إلى اتفاق مبدئي بهدف حل كل مشكلة الأسلحة الكيميائية في سوريا مرة واحدة عبر انضمام سوريا إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية»، مشددا على أن العملية يجب «ألا تطول».
وأضاف لافروف «نعتقد أن تطور الوضع يمنحنا فرصة جديدة كي نحاول تنظيم مؤتمر جنيف 2، لإخراج التطورات من مجرى المواجهة العسكرية، والقضاء على الخطر الإرهابي الذي لا يزال يتصاعد. هذا هو هدفنا المشترك». وشدد على أن موسكو تسعى إلى تحقيق موقف مشترك مع واشنطن حول سوريا وتتوقع أن تسعى واشنطن إلى ذلك أيضا. وقال «إذا كنا نتمسك بهذه القاعدة، فسنحقق نجاحاً».
وأعلن كيري أن الولايات المتحدة وروسيا «مصممتان» على إجراء «محادثات مهمة» في جنيف حول وسائل توفير امن ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية، ولن تكتفي واشنطن بتصريحات سوريا حول هذا الموضوع.
وقال كيري إن «تصريحات النظام السوري غير كافية في نظرنا، ولهذا السبب نحن هنا للعمل مع الروس وسيرغي لافروف للتأكد من أن بالإمكان تحقيق ذلك». وأضاف إن «التوقعات كبيرة. الأمر ليس لعبة، وقلت ذلك لصديقي عندما بدأنا الحديث. يجب أن يكون ذلك واقعيا، يجب أن يكون كاملا، يجب أن يكون قابلا للتحقق منه، يجب أن يكون ذا مصداقية»، مشيرا إلى انه لا «يوجد شيء محضر مسبقاً» في هذه العملية لان هذه الأسلحة الكيميائية استخدمت.
وتابع «نحن مصممون، بقدر ما انتم مصممون، على أن نبدأ محادثات مهمة وذات مغزى، حتى ولو أن عسكريينا يحافظون على مواقعهم الحالية لإبقاء الضغط على نظام الأسد». وقال «على الرغم من ان الأمر صعب للغاية، فإننا نعتقد ان هناك وسيلة للقيام بذلك، مع تعاون خبرائنا والتزام نظام الاسد فقط».
وأعلن كيري انه يرفض اقتراح الرئيس بشار الأسد تقديم معلومات حول الأسلحة الكيميائية بعد 30 يوماً من توقيع معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية. وقال «لا يوجد معيار بشأن هذه العملية» لان الأسد استخدم أسلحة كيميائية. واضاف «كلمات النظام السوري، برأينا، لا تكفي»، مضيفا أن «أمام سوريا 10 أيام فقط لتقديم مقترحاتها حول وضع سلاحها الكيميائي تحت رقابة دولية».
وذكر بأن بين واشنطن وموسكو اختلافات كثيرة حيال الوضع في سوريا، بما في ذلك حول المسؤولين عن الهجوم الكيميائي في غوطة دمشق في 21 آب الماضي. وتابع «الرئيس (باراك) أوباما أوضح انه إذا فشلت الديبلوماسية فقد تكون القوة ضرورية لردع الأسد والحد من قدرته على استخدام هذه الأسلحة»، لكنه أشار إلى أن «حلا سلميا يبقى أفضل من العمل العسكري، على غرار ما أعلن مرارا وتكرارا» أوباما.
وقال لافروف لكيري «أنا على ثقة من ان شركاءنا الأميركيين يؤيدون طريقا سلميا لمراقبة الاسلحة الكيميائية في سوريا». وأضاف «آمل أننا سننجح». فرد عليه كيري وهو يصافحه «تريد مني ان اثق بكل كلمة تقولها. إن الوقت مبكر جدا لذلك».
واعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أن وثيقة الانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية التي قدمتها سوريا إلى الأمم المتحدة لا يمكن أن تكون بديلا عن نزع الأسلحة أو وسيلة للمماطلة. وقالت نائب المتحدث باسم الوزارة ماري هارف إن «خيار الولايات المتحدة استخدام القوة العسكرية ما زال مطروحا على الطاولة».
وقال أوباما، خلال اجتماع للحكومة الأميركية، «آمل أن تؤدي المناقشات بين وزير الخارجية كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف إلى نتائج ملموسة»، مشيرا إلى أن تركيزه سيتحول الآن إلى الأمور الداخلية.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق «قبل بضع ساعات، تسلمنا وثيقة انضمام من جانب الحكومة السورية تتعلق بالاتفاقية حول الأسلحة الكيميائية ونقوم بدرسها. وهي قيد الترجمة». وأعلن أن الانضمام إلى معاهدة موقعة من دول أخرى يتطلب «بعض الإجراءات» التي تستلزم «بضعة أيام»، موضحا انه «يستدعي الأمر مهلة من بضعة أيام قبل أن تتمكن دولة ما من الانضمام رسميا» إلى اتفاقية. والانضمام «هو مرحلة أولى».
وقالت البعثة السورية في نيويورك «بعثنا برسالة رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعلمناه فيها بانضمام سوريا إلى اتفاقية الحظر والتزامنا بجميع ما ورد في أحكام الاتفاقية».
وكان الرئيس السوري بشار الأسد قال، في مقابلة مع قناة «روسيا 24»، إن دمشق سترسل رسالة إلى الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وستتضمن الوثائق التقنية الضرورية لتوقيع الاتفاق.
لكن الأسد حذر من أن بلاده لن تنفذ شروط المبادرة الروسية حول الأسلحة الكيميائية إلا إذا أوقفت الولايات المتحدة دعمها «للإرهابيين» وتوقفت عن «تهديد» سوريا. وقال «أريد أن يكون ذلك واضحاً للجميع بان هذه الالتزامات لن ننفذها بشكل منفرد، هذا لا يعني أن سوريا ستوقع على الوثائق وتلتزم بالشروط ونتوقف هنا». وأوضح «انها عملية ثنائية» مؤكدا انه «حين نرى ان الولايات المتحدة تريد فعلا استقرار المنطقة وتتوقف عن التهديد والسعي للهجوم وتسليم اسلحة للارهابيين، حينها سنعتبر انه بامكاننا المضي في العملية حتى النهاية وانها مقبولة بالنسبة الى سوريا». وأعلن أن «الدور الأساسي في هذه العملية سيكون لروسيا، لأنه لا يوجد أي ثقة أو اتصالات بيننا وبين الأميركيين».
من جهة أخرى، أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس فرنسوا هولاند سيستقبل في باريس اليوم وزراء خارجية السعودية والأردن ودولة الإمارات.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...