الشيخ مسكين تحت سيطرة الجيش
ربَّما هي مصادفة أن يكون تاريخ استعادة الجيش السوري السيطرة على مدينة الشيخ مسكين الاستراتيجيّة في ريف درعا الشمالي، هو نفسه الذي دخلت فيه الفصائل الإسلامية، خصوصاً «جبهة النصرة»، إلى المدينة الحورانية قبل عام. ويأتي ذلك في ظلّ احتدام الصراع بين الفصائل و «حركة المثنى» التي باتت تتبع تنظيم «داعش».
فبعد حوالي شهر على بدء العمليّة العسكريَّة، نجح الجيش السوري في بسط سيطرته على كامل المدينة الواقعة في الريف الشمالي للمحافظة. وبثَّ التلفزيون الرسمي لقطات لدخول الوحدات العسكرية وزيارة العماد علي أيوب للتشكيلات المقاتلة في المنطقة، فيما أقرَّت «تنسيقيات» وفصائل مسلحة بخسارتها أحد أهم مواقعها في حوران، متحدّثةً، كالعادة، عن بدء هجوم جديد لاسترجاعها، وهو ما قلّل من أهميّته عدد من مصادر المعارضة في الجنوب، معتبرين أنَّ الكفّة في المنطقة باتت تميل لمصلحة قوّات الجيش.
وكان الجيش قد ثبّت، بدايةً، مواقعه ضمن النقاط الشماليّة والشرقيّة، لا سيما «اللواء 82» وكتيبة النيران والمدفعية، مؤمّناً، في الوقت ذاته، خطوط إمداد نحو ازرع التي يسيطر عليها، بالإضافة إلى الطريق الدولي مع دمشق، لا سيما قرفا القريبة جداً من الشيخ مسكين.
وضاعف من خسائر المسلحين، التصعيد ضدّ «حركة المثنى الإسلامية» التي قطع عناصرها طرق الإمداد لغرب حوران ونوى. ولم تفلح غرف العمليّات التي تشكلّت في صدّ الهجوم المترافق مع غارات مشتركة لسلاح الجوّ السوري والروسي في المنطقة، ما أسفر في النتيجة عن خسارة أحد أبرز معاقل المسلحين في الجنوب السوري، حيث شارك في المواجهة حوالي ثلاثة عشر فصيلاً منهم «أحرار الشام»، و«جيش الإسلام»، و «لواء نصر الإسلام»، و «فرقة شباب السنة».
ويشير مصدر ميداني إلى أهميّة الشيخ مسكين بمساحتها واتصالها بدرعا المدينة جنوباً والسويداء شرقاً، بالإضافة إلى إطلالتها على الطريق الدولي مع دمشق. كما يسمح تأمينها بتحصين مواقع الجيش في كل من المدينة وازرع والصنمين. وتعني استعادتها تصاعد الخطر كثيرا على مواقع سيطرة الفصائل المقاتلة، لا سيما في نوى، بالإضافة إلى احتمال التوسّع في مناطق جديدة مع استغلال حالة الاقتتال بين «الحر» و«المثنى» التي صدّ مقاتلوها الهجوم من قبل «الحر» و«جيش الإسلام» على مواقعهم في كل من درعا البلد ونصيب، قبل أن يردّ مسلحو الحركة الموالية لـ«داعش» بهجوم على مقارّ «جيش اليرموك» في منطقة النخلة الواقعة قرب نصيب، حيث المعبر الحدودي مع الأردن.
ولعلّ الخطوة الأخيرة، تحمل دلالات كبيرة باعتبار أنَّ قرار المواجهة مع الحركة الإسلامية يعني ضوءاً أخضر أردنياً بسحق أيّ فصيل يتقرّب من «داعش». وتزداد الخطورة مع الاقتراب من الحدود الشماليّة للأردن وسط أنباء عن ضوء أخضر مماثل بشأن إضعاف «جبهة النصرة». ولكن كلتا المواجهتين تحملان الكثير من الخطورة، فبعيداً عن حالة الانتماءات العائلية والمجتمع الريفي المميز لسهل حوران، تعتبر «المثنى» ذراعاً قويّاً ضمن الفصائل المسلّحة، ولعب قادتها دوراً أساسياً في السيطرة على عشرات المواقع في ريف درعا، مثل بلدات جاسم والحارة وتل الحارة وبصرى الشام، بالإضافة إلى التمدّد نحو القنيطرة وفتح عدة مواجهات في المنطقة قرب هضبة الجولان. وبالتالي لا تعتبر معركة القضاء عليها سهلة، وتترتّب على ذلك عواقب عدّة، خصوصاً أنَّ «الجيش الحرّ» ليس في أفضل حالاته في ظلّ انقسامه وفشل كل محاولات توحيد صفوفه والعلاقة الفاترة مع الأردن وغرفة «الموك» التي أوقفت تمويل ودعم الكثير من الفصائل، لتكون النتيجة حرب استنزاف طويلة الأمد تنتظر فصائل الجبهة الجنوبية في الأشهر المقبلة.
طارق العبد
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد