«مطاردة الأشباح» وظيفة حقيقية
عندما اقتنع العاملون في مطعم «نيدوز» الإيطالي في الولايات المتحدة أن لديهم شبحًا يحوم في أرجاء المكان على نحو خارج عن السيطرة، هاتف العاملون فريق صائدي أشباح حقيقي. وبعد بضعة أيام، حضر فريق من خمسة أفراد تابع لشركة «ديد أوف نايت» لتقصي الظواهر الخارقة للطبيعة، إلى المطعم في ولاية مريلاند، للاضطلاع بمهام البحث والتحقيق.
وبعد أن تحدث الفريق إلى العاملين في المطعم من النُدل والطهاة الذين قالوا إن هناك شيئًا غير مرئي يضرب الدرج برجليه صعودًا ونزولًا، بدأ الفريق في ممارسة مهامه. وضع الفريق جهاز فيديو وكاميرات للتصوير الحراري في أرجاء المطعم لالتقاط أي حركة للأشباح. ثم شغلوا أحد الأجهزة الأساسية من بين مجموعة المعدات التي يحملونها، ويسمى «جهاز الصوت».
ويرصد هذا الجهاز الإلكتروني، الذي لا يتجاوز حجمه كف اليد، الترددات اللاسلكية العديدة سريعًا، ومن شأن هذه الترددات، على حد قولهم، أن تحدث مصدرًا للطاقة تستعين به الأرواح لكي تتحدث بشكل واضح يمكن سماعه.
التعامل بجديّة مع الأشباح
تقول ليان بور، إحدى أعضاء فريق «ديد أوف نايت»: «تظهر خوارق الطبيعة إلى العلن في صور شتى». وسواء كنت تؤمن بوجود الأشباح أم لا، فمع صدور فيلم «صائدو الأشباح» الجديد في الأيام الأخيرة، وما صاحبه من حملة ترويجية مكثفة، أعاد الاهتمام بفكرة مطاردة الأشباح.
وعلى الرغم من أن أحداث فيلم «صائدو الأشباح» (جوست باسترز) الأخير كانت محض خيال، فإن هناك الآلاف من مطاردي الأشباح الحقيقيين حول العالم، مثل فريق «ديد أوف نايت».
يوضح موقع «بارانورمال سوسايتيز دوت كوم»، الذي يزعم أنه أكبر دليل يُسترشد به عن أسماء الجماعات المعنية بالظواهر الخارقة للطبيعة، أن الولايات المتحدة تتصدر هذا المجال بلا منازع، إذ يضم الدليل 3 آلاف و600 جماعة أميركية معنية بالتعامل مع الظواهر الخارقة للطبيعة. كما يدرج الدليل في الوقت الحالي 53 مؤسسة من هذا النوع في كندا، و57 مؤسسة في المملكة المتحدة.
وبما أن فيلم «صائدو الأشباح» قد نال استحسان غالبية من شاهدوه، فمن المرجح أن يحقق إيرادات كبيرة في شباك التذاكر في الولايات المتحدة الأميركية. وقد يزداد على إثر ذلك نشاط المؤسسات المعنية بتقصي الظواهر الخارقة للطبيعة. وتقول بور، البالغة من العمر 36 سنة، والتي تعمل مُدرّسة في الصباح: «إن صدور هذا الفيلم أمر مثير، وإذا ما أضفنا إلى ذلك عدد البرامج التي تعنى بالظواهر الخارقة للطبيعة على شاشة التلفاز، فسنستدل على مدى تنامي اهتمام الناس بهذا الأمر».
لكن بور تحذر من أن مطاردة الأشباح الحقيقية أقل إثارة ومتعة من تلك التي صورها فيلم «صائدو الأشباح». وتضيف: «ما نفعله في الحقيقة يختلف قليلًا عن الفيلم، لأن لمهنتنا جانبا جادًا، فنحن لا نستخدم سلاح الطاقة الذي يستخدمه صائدو الأشباح في الفيلم لإضعاف الأشباح والإمساك بهم. نحن نريد أن نعيش في سلام مع الأرواح».
خدمات مجانيّة
إن المحقق في مجال الظواهر الخارقة للطبيعة لا يحتاج إلى مؤهلات رسمية، ولا استصدار تراخيص، كما لا يشترط أن يؤمن بالأشباح. لكنّ غالبيّة مطاردي الأشباح لا يتقاضون أجرًا مقابل عمليات البحث والتحري.
ويقول سبنسر تشامبرلين، مؤسس شركة «إيست كوست» للأبحاث والتقصي عن الظواهر الخارقة للطبيعة: «عادة ما يتصل بنا لأنهم يريدوننا أن نقول إن هناك شيئًا ما خارقًا للطبيعة، وقد لا يحصلون على الإجابة التي يريدونها». مضيفًا: «ولكن إذا كنت تدفع لشخص ما أجرًا ليأتي ويقول لك إنه يوجد شبح، فسيؤكد لك أن هناك شبحًا بالفعل».
وتقول فرق العمل المهتمة بالتقصي عن الظواهر الخارقة للطبيعة، مثل «ديد أوف نايت» و «إيست كوست للأبحاث» إنها من خلال عدم تقاضي أجر مقابل ما تقوم به من مهام، يمكنها أن تتحرى الدقة وتلتزم بالأسلوب العلمي قدر الإمكان.
ويجني طاردو الأشباح الأموال في المقابل من خلال تنظيم حفلات ورحلات عامة، كزيارات للمنازل أو الشوارع التي يقال إنها مسكونة بالأرواح أو الأشباح. وينظم فريق «ديد أوف نايت» جولات برفقة أحد مطاردي الأشباح إلى الأماكن المهجورة في مدينة إليكوت التاريخية بولاية ميريلاند، منذ نحو 18 شهرًا.
يتقاضى الفريق 15 دولارًا أمريكيًا عن الفرد الواحد، وتستقطب الرحلة في المعتاد 10 أشخاص أو أكثر. كما تنظم مجموعة أخرى معنية بالظواهر الخارقة للطبيعة تسمى «داسك تيل دون» في المملكة المتحدة، رحلات إلى الأماكن المسكونة في عطلة نهاية الأسبوع.
وتقول جيسيكا غلادوين، مؤسسة تلك المجموعة، والمالكة لها: «يشارك في هذه الرحلات أناس من شتى التوجهات. ويواظب على حضورها من لديهم شغف بمطاردة الأشباح، أما باقي المشاركين، فمنهم من يرغمهم أصدقاؤهم على الحضور معهم، على الرغم من أنهم لا يؤمنون بوجود أشباح في الحقيقة، ومنهم من يتمنى من كل قلبه أن يرى أي شيء».
وبالعودة إلى الولايات المتحدة، حيث توجد طريقة أخرى يستطيع المحقق في مجال الظواهر الخارقة للطبيعة أن يجني المال من خلالها، وهي أن يقدم أحد برامج تلفزيون الواقع، مثل إليزابيث سينت، التي تقول إنها كثيرًا ما كانت ترى أشباحًا وهي طفلة.
الطرد بـ150 دولارًا
وفي حين يهدف المحققون في مجال الظواهر الخارقة للطبيعة إلى مساعدة الشخص أو الشركة في تأكيد المزاعم بوجود شبح في المكان أو نفيها، فإنهم لا يطهرون المكان من الأشباح الموجودة فيه. فهذه المهمة توكل عادة للوسطاء، أي الأشخاص الذين يزعمون أن لديهم القدرة على التواصل مع الموتى، وهؤلاء يتقاضون عادةً أجرًا مقابل القيام بمهامهم.
مريوري ريفييرا، البالغة من العمر 47 سنة، من مدينة بيتسبرغ، تنحدر من عائلة ممتدة من الوسطاء والمعالحين الروحانيين. وتقول ريفييرا: «نحن نستأجر كهربائيا لإصلاح الأسلاك، لأننا لا نريد أن نعبث بأشياء نجهلها، وأنا أتعامل مع الطاقة، كما يتعامل الكهربائي مع الأسلاك». وأردفت قائلة: «توصلت إلى أن طرد الأرواح يتطلب مهارة يجب أن أتدرب من أجل ممارستها، كما يتدرب السباك والكهربائي على ممارسة مهنتيهما، ولذا قررت أن أتقاضى أجرًا مثلهما، وعلى هذا الأساس حددت قيمة أتعابي». وتتقاضى ريفييرا 150 دولارًا مقابل طرد الأرواح، بغض النظر عن عدد المرات التي تزور فيها المكان.
(بي بي سي)
إضافة تعليق جديد